هل يتاجرُ الصحفيونَ بـ «البشر» ؟ / فيديو
خالد القضاة * - رفضت استلام جائزة تقديرية في حفل مهيب، فقد تنازعتها المشاعر، وعلا صوت الضمير وطغى، وتمنت ان تكون نسيا منسيا، وقالت عيناها «يا ليتني مت قبل هذا التكريم»، فنجاح مهمتها الصحفية كان ملطخا بدم طفلة فاقتها شجاعة باصرارها على انقاذ دمية اصم من صليات القذائف وازيز المدافع، بينما تقاعست هي عن انقاذ الطفلة رغم نظرات التوسل الصامتة التي رمتها بها، فهل تاجرت هذه الصحفية بـ «البشر»؟.
هذه مقتطفات للفيلم القصير One Hundredth of a Second والذي عرض عام 2007 بالولايات المتحدة الامريكية وكتبه اليكس بودن، اثبتت فيه المخرجة سوزن جاكبسون ان لهف الصحفيين وراء السبق قد يجردهم من انسانيتهم وجلال رسالتهم فيقعوا بقصد او بغير قصد بجرم الاتجار بالبشر الذي حرمته المواثيق الدولية وعاقب عليه القانون.
فقد دخلت الصحفية «بطلة الفيلم» غمار معركة ورهنت حياتها بصورة تلتقطها قد تدخلها التاريخ، وهي تزج بنفسها وبتمايل بين الرصاص في مشاهد تحبس الانفاس وتفوح منها رائحة الموت ليدفعها حسها الصحفي للحاق بطفلة، فتبعتها لعل عدستها تحقق رغبتها بصيد ثمين فوجدت لحظة الموت لهذه الطفلة قد دنت فوثقت قتلها بدم بارد، ولكنها عند التكريم وجني الغنائم رفضت استلام جائزة افضل مصور صحفي لادراكها لحظة اعلان فوزها انها تاجرت بدم طفلة لتفوز بها.
«الإنسانية أولا هذا ما لم يعرفه الكثير من الصحفيين» كان عنوان الفيلم على شبكات التواصل الاجتماعي، وعلق احدهم وجرد الصحفيين من «انسانيتهم» بالقول «هذا حال بعض المصورين الميدانيين .. يبحثون عن السبق الصحفي واقوى الصور وينسون الانسان والانسانية تبا لهذا النوع من المحسوبين علينا كبشر»، فيما استغرب ثالث قدرة الصحفيين على لعب هذا الدور وقال «يا الله كيف بقدروا يكونوا هيك».
هذه التعليقات العفوية المباشرة على الفيلم اشارت دون ان يدرك اصحابها الى ان الصحفيين في مكان ما وفي موقف ما قد «يتاجرون» بالبشر في ظل البحث المحموم عن المعلومة اوالتقاط صورة، والتي بدورها وبعد نشرها تصبح دليلا قد يتم الاستناد اليه لاتهامهم وعلى اقل تقدير اتهامهم انفسهم بـ «الاتجار بالبشر»، وان هدفهم من تلك المادة الصحفية كان مكسبا ماديا مباشرا او طمعا بشهرة تعود عليهم بمكاسب مادية اوعلى اقل تقدير الحفاظ على رواتبهم ومكتسباتهم الحالية بغض النظر عن الثمن.(صحيفة الرأي )
* عضو لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الاردنيين
لمتابعة الفيلم القصير:
