jo24_banner
jo24_banner

ندوة حول المفاوضات "الإسرائيلية-الفلسطينية" ومخاطرها على الوحدة الوطنية الأردنية

ندوة حول المفاوضات الإسرائيليةالفلسطينية ومخاطرها على الوحدة الوطنية الأردنية
جو 24 : عقد مركز دراسات الشرق الأوسط، السبت، ندوة متخصصة بعنوان "المفاوضات الإسرائيلية-الفلسـطينية ومخاطرها على الوحدة الوطنية الأردنية"، وشارك فيها نحو 50 شخصية أردنية مثلت النخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأكاديمية في البلاد، وعقدت في قاعة المؤتمرات الخاصة بالمركز.

وهدفت الندوة إلى تحقيق جملة من الأهداف، ومن أبرزها: أولاً: توضيح حقيقة "المخاوف" الأردنية فيما يتصل بالمفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، وثانياً: توضيح ما يمكن أن يشكله إثارة موضوع الوطن البديل والتوطين من تهديد للنسيج الاجتماعي الأردني وعلى المركز القانوني للمواطنة الأردنية! وترحيله من كونه أزمة إسرائيلية خالصة إلى أزمة فلسطينية- أردنية، أو أزمة بين مكونات المجتمع الأردني الواحد بما يؤثر على بنية الدولة وعلى الوحدة الوطنية الأردنية.

الافتتاح

افتُتحت الندوة بكلمة لمدير مركز دراسات الشرق الأوسط الأستاذ جواد الحمد، أكد فيها على أن المملكة الأردنية الهاشمية شكلت دولة محورية منذ تأسيسها، وبرغم العواصف التي أحاطت بها، وبرغم بعض الإشكالات الداخلية غير أنها تمكنت من اجتياز هذه التحديات الحرجة لتحافظ على الدولة وتماسك المجتمع ووحدته الوطنية التي تشكل أساس قوة الدولة ونمائها.

ورأى الحمد بأن الصهونية سعت طويلاً لإيجاد وطن بديل آخر للفلسطينيين، غير فلسطين، للاستحواذ الكلي عليها، ويمثلها اليوم فكرة "يهودية الدولة" والتي يُراد للعرب الاعتراف بها والتعامل معها رغم مخاطرها على قضية فلسطيين وشعبها، وبالتالي على المصالح العليا للأمة العربية، غير أن الشعب الفلسطيني جماعياً وفردياً ظل يعلن أن الفكرة مرفوضة، غير أن الحمد استدرك بأن بعض الأفكار والتوجهات تحاول أن تجعل الأمر معركة بين الأردنيين من شرق الأردن وغربه، بكل ما يحمله الأمر من تداعيات على التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية، ويصل الحد ببعضهم لطرح إعادة النظر بالمركز القانوني للمواطنة الأردنية المقرة منذ دستور العام 1952.

وختم الحمد كلمته بدعوته إلى التمسك بروح الميثاق الوطني الأردني للعام 1990، والذي اعتبر الهوية النضالة الفلسطينية غير متناقضة مع أي هوية عربية أو أردنية، وأنها تتمكامل معها، وأن حقوق الأردنيين متساوية بغض النظر عن منابتهم، وأن بحث موضوع العلاقة السياسية بين دولتي فلسطين والأردن متروك إلى حين تحقق تحرير فلسطين، وإقامة الدولة المستقلة عليها، وليعيش الأردنيون والفلسطينيون في المملكة بحقوق متساوية بلا تهديد ولا تهميش ولا إقصاء، وأن يسهم الجميع في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي انطلاقاً من المصلحة الوطنية الجامعة، ومن المصالح القومية للأمة بعيداً عن الفئوية أو الجهوية أو الحزبية.

الجلسة الأولى

ترأس الجلسة الأولى الأستاذ الدكتور صالح الخصاونة- وزير العمل الأسبق وأستاذ الاقتصاد، وتحدث فيها كل من الأستاذ عدنان أبو عودة- رئيس الديون الملكي الأردني الأسبق، والممثل الأسبق للأردن في الأمم المتحدة، والأستاذ زكي بني إرشيد- نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، والأمين العام السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن.

أوضح الأستاذ عدنان أبو عودة في كلمته بأن نقاشاً ونشاطاً شعبياً يجري في الأردن حيال جهود وزير الخارجية الأمريكية للوصول إلى اتفاق إطار فيما يتعلق بالمفاوطات الإسرائيلية- الفلسطينية أساسها ما يمكن أن تتوصل إليه المفاوضات من حلول بشأن اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما يمكن أن يشكل خطراً على الوحدة الوطنية في الأردن.

واستعرض أبو عودة المحطات التي مرت بها العلاقة الأردنية- الفلسطينية والتي كان فيها ضمن دائرة الحكم الضيقة في الأردن ومستشاراً للملك الراحل الحسين بن طلال، ابتداءً من العام 1967 واحتلال الضفة الغربية، مروراً بأيلول 1970، وإعلان مشروع المملكة المتحدة العربية العام 1972، وحرب رمضان 1973. وإعلان الرباط 1974 باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني، ومشروع ريغين 1982، واتفاقية شباط/ فبراير 1985 بين الأردن ومنظمة التحرير التي لم يوقعها الراحل ياسر عرفات، وصولاً إلى فك الارتباط مع الضفة الغربية في العام 1988.

وأضاف أبو عودة بأن الحركة الصهيونية هي المحرك أو القاطرة لدولة إسرائيل، وهي بذلك لن تتخلى عن الضفة الغربية في إطار أي اتفاق سلام، وقد أخطأ العرب في تعاملهم مع إسرائيل كدولة بمعزل عن المحرِّك الصهيوني. وإن الإدراك الأردني لهذه الحقيقة دفعه إلى فك الارتباط مع الضفة الغربية لحل عقدة السلام مع إسرائيل من قبل الأردن الذي كان مطالباً غربياً بعقد اتفاقية سلام مع إسرائيل، وهو ما تحقق لاحقاً باتفاقية وادي عربة لعام 1994، وأكدّ أبو عودة أن فك الارتباط لم يُقصد به "فك الارتباط مع الأردنيين من أصل فلسطيني داخل المملكة"، وهو ما عبّر عنه خطاب الملك الراحل في خطابه الذي أعلن فيه هذه الخطوة، والذي كشف أبو عودة بأنه هو من كتب نصه بالكامل.

وختم أبو عودة كلمته بأن المخاوف من فك الارتباط مع الفلسطينيين داخل المملكة بدأت تتحقق وبشكل واسع، وهو ما كشف عنه في كتاب ألفه بالإنجليزية، وأوضح بأن هذا النهج يهدد الوحدة الوطنية الأردنية ويدفع بأكبر كتلتين في البلاد إلى النزاع والصراع بدلاً من الاصطفاف أمام مشروع الوطن البديل الذي يعدّ في الأساس مشروعاً إسرائيلياً.

ومن جانبه نوّه الأستاذ زكي بني إرشيد إلى أن طرح هذا الموضوع للنقاش العام يعدّ خطوةً مقدرةً؛ حيث يغيب الحوار الجاد حول هذا الموضوع في الأردن، وهو ما يدفع المواطنين إلى تناوله في الجلسات المغلقة بما يُعدّ ظاهرة غير صحية، فضلاً عن أن ما نشهده من "نقاش عام" يتصدر المشهد الأردني هو أقرب إلى "القصف" منه إلى الحوار أو النقاش.

واعتبر بني إرشيد أن موضوع العلاقات الأردنية الفلسطينية متشابك ومعقد وتكتنفه مخاوف وتوجسات من الطرفين، داعياً إلى الاعتماد على الدستور الأردني بوصفه مرجعية للحوار في هذا الشأن، وهو الذي يصف الأردن بأنه دولة عربية إسلامية، فبالنظر إلى إسلامية الدولة فهي تدعو إلى التآلف والوحدة، وبالنظر إلى عربيتها فهي تدعو إلى الشيء ذاته، وباعتبار الأردن دولة قانون ومؤسسات فإن الحديث يصب في نفس السياق.

وحذّر بني إرشيد من التوسع في الحديث عن الخصوصية الأردنية وتوظيفها في تعطيل مسار الإصلاح الديمقراطي، ورأى أن الجميع يمكنه الوصول إلى أسس قانون انتخابات نيابية يعطي التطمينات للجميع ويكسر قانون الصوت الواحد الذي يشكل أداة تمزيق للمجتمع الأردني لهويات وانتماءات فرعية على حساب الهوية الوطنية الجامعة.

وأكّد بني إرشيد في ختام كلمته على أهمية اعتبار أن التناقض الوحيد هو مع إسرائيل والصهيونية، داعياً إلى تعزيز العلاقات الأردنية- الفلسطينية والوحدة الوطنية الأردنية على أساس الدفاع عن الحقوق والحفاظ عليها.


الجلسة الثانية

ترأس الجلسة الثانية الأستاذ الدكتور إبراهيم بدران- وزير التربية والتعليم الأسبق، ومستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية، وتحدث فيها كل من اللواء المتقاعد الدكتور محمد إرديسات- مدير مؤسسة المتقاعدين العسكرين، والمدير السابق لمعهد الدراسات الاستراتيجية في كلية الملك عبد الله الثاني للدفاع الوطني، والأستاذ الدكتور أنيس قاسم- خبير وأستاذ القانون الدولي، وعضو المجلس الوطني الفلسطيني السابق.

أكّد اللواء المتقاعد محمود إرديسات بأن المفاوضات بحدّ ذاتها لا تشكل خطراً على الوحدة الوطنية الأردنية، وإنما ما يمكن أن يتمخص عنها من نتائج، منوّهاً إلى أن إجراء المفاوضات في ظل الاختلال الكبير في ميزان القوى لصالح إسرائيل يمكن أن يُسْفر عنه مخاطر ليس على الأردن وحده، وإنما على كافة الدول العربية بما يوازي مخاطر نكبة عام 1948.

وشدّد إرديسات على أن وثيقة المبادىء أو اتفاق الإطار الذي يجري الحديث عنه يعتبر الحفاظ على أمن إسرائيل أساس أي تسوية مستقبلية، وعليه تندرج بقية النقاط من الاحتفاظ بالمستوطنات الإسرائيلية، وتعديل حدود الرابع من حزيران 1967، والإبقاء على قوات الجيس الإسرائيلي في غور الأردن.

غير أن إرديسات نوّه إلى أن الخطر الأكبر الذي يمكن أن ينتج عن هذه المفاوضات يتمثل بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وهو أمر من شأنه أن يلغي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، ولا يُستبعد، حسب إرديسات، أن تطالب إسرائيل بتعويضات مقابل استيطان الفلسطينيين لأراضي الدولة اليهودية! وهو ما يعدّ في المحصلة تصفية للقضية الفلسطينية.

ومن جانبه أشار الدكتور أنيس قاسم إلى أن العرب الذين فاوضوا إسرائيل لم يدركوا بأنها دولة غير عادية تقوم على فكرة الاستيطان الإحلالي، وهو ما عبّر عنه زعيم الحركة الصهيونية حاييم وايزمان العام 1919 عندما سُئِل عن حدود إسرائيل الشرقية، فأجاب بأن حدودها تصل إلى سكة الحجاز، وهو ما يعني أن الصهيونية تشكل خطراً على كل الدول العربية.

كما أشار قاسم إلى وثيقة رفعها شيوخ العشائر الأردنية في العام 1921 إلى الأمير عبد الله بن الحسين ينوهون فيها إلى خطورة الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، وهو ما عدّه قاسم فكراً متقدماً على المفاوضين العرب الذين ارتضوا التفاوض مع الإسرائيليين في ظل وجود واستمرار المستوطنات على الأراضي الفلسطينية.

وأكّد قاسم على أن المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية القائمة وأي تسوية سياسية مستقبلية برعاية أمريكية تستند إلى أمرين أساسيين، أولهما أمن إسرائيل، وثانيهما يهودية الدولة.

الكلمة الختامية

وفي نهاية الندوة أجمل الأستاذ جواد الحمد في كلمة الختام عدداً من الأفكار والقواسم المشتركة التي أوردها المشاركون، وكان من أبرزها:
· إن الحركة الصهيونية هي المحرك أو القاطرة لدولة إسرائيل، وهي بهذا المعنى تُعدّ خطراً على فلسطين والأردن وكافة الدول العربية لأنها تتبنى النظرية التوسعية، وإن التناقض الرئيسي هو بين الأردن وفلسطين والدول العربية من جهة، والمشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تفتيت المجتمعات العربية، وخاصة دول الطوق من جهة ثانية.

· ضرورة الحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه ووحدته الوطنية لحماية الأردن ومواجهة المشروع الصهيوني لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.

· ضرورة الالتزام بالأولويات الكبيرة للوطن وبالتحديات الجوهرية التي تتهدده، وعدم السعي وراء إثارة أمور تفصيلية ربما تؤدي إلى خلق الفتنة وتُفضي إلى نزاعات داخلية في الوطن، وأن تكون مواجهة التهديدات الصهيونية مشروعاً مشتركاً.
· التمسك بالحقوق الفلسطينية والحقوق الأردنية، وإدانة أي اتفاقات تنتقص من هذه الحقوق تحت أي ظرف، والدعوة لتكون الوحدة الوطنية الأردنية والوحدة الوطنية الفلسطينية أساساً للعمل الأردني الفلسطيني المشترك ضد المشروع الصهيوني.
· دعوة مكونات المجتمع والدولة لقيادة حوار وطني مسؤول بين كل المكونات السياسية والاجتماعية للأردن للوصول إلى تصورات مشتركة لحفظ الوحدة الوطنية الأردنية، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.
· إن الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية لا تُعرَّف إلاّ بعروبتها وانتمائها للأمة والحضارة الإسلامية، ولذلك فهي هوية واحدة لا ينبغي الصراع والخلاف حولها، وهي هوية عربية إسلامية جامعة لكل الأردنيين وكل الفلسطينيين، وكل الأمة بالمفهوم الوحدوي والفكري.
· إن المعلومات المسربة من قاعات التفاوض تشير إلى أن إسرائيل غير جاهزة لتقديم أي شيء أساسي للفلسطينيين أو العرب وتطرح قضايا أخرى.
· إن مسار المفاوضات بمكوناته الحالية وفي ظل الموقف الأمريكي والإسرائيلي، وفي ظل الاستفراد بالفلسطينيين، فإن مخرجاته التي قد تساهم في تصفية القضية الفلسطينية تشكل حُكْماً خطراً على الوحدة الوطنية الأردنية، بل وعلى الدولة الأردنية ومصالحها ودورها الإقليمي والدولي.
· الدعوة للتنسيق بين القوى الفلسطينية والأردنية السياسية للعمل معاً على منع تنفيذ مخططات الصهيونية التوسعية بما في ذلك إلغاءه حق العودة وترحيل الفلسطينيين خارج وطنهم وتأمين إسرائيل استراتيجياً، وكذلك الدعوة إلى التراجع عن عملية السلام التي خدمت إسرائيل ووفرت لها أمناً نسبياً لعقود، وهي تستمر في عدوانها ومخططاتها.
· التمسك بمرجعية الدولة الأردنية الدستورية والقانونية كأساس في تشكيل الوحدة الوطنية ودولة المواطنة، ووقف إثارة الزوابع والغبار حول قوة الدولة وتماسكها بما في ذلك احترام حقوق ممارسة المواطنة لكل الأردنيين.
تابعو الأردن 24 على google news