3 سنوات على الأزمة السورية.. ولا آفاق للحل
جو 24 : في مواجهة عدو يفوقهم عددا وعدة وتحت وطأة الجوع امتثل مقاتلو المعارضة السورية في حي برزة على مشارف دمشق للمحتوم ووافقوا على وقف إطلاق النار مع قوات الرئيس بشار الاسد التي تحاصرهم.
كان هذا واحدا من عدة اتفاقات مماثلة أبرمت في ريف دمشق وسمحت بعودة شيء من الحياة العادية إلى بعض الاحياء كما سمحت للحكومة أن تعلن عن عملية مصالحة نبتت من الداخل مع هؤلاء المقاتلين المحليين وحدهم دون الجهاديين الوافدين من الخارج.
لكن في برزة أصبح للهدنة التي تم الاتفاق عليها في كانون الثاني ( يناير) طعم الهزيمة للمقاتلين الذين كانوا يأملون اجتياح العاصمة والإطاحة بالأسد وتحقيق النصر في الحرب التي تدخل هذا الشهر عامها الرابع.
وفي إطار حملة على معاقل المعارضة في مختلف أنحاء البلاد يشير لها بعض المسؤولين بأنها حملة "الجوع حتى الركوع" حاصر الجيش برزة واستنزف الحصار قوى المقاومة.
وقال أبو يحيى المتحدث باسم المقاتلين "عرفوا بالضبط متى يتصلون بنا لعرض اتفاق وقف إطلاق النار".
وقال لصحفي من "رويترز" زار برزة الأسبوع الماضي "تعبنا.. ولم يكن لدينا قرب النهاية ما يكفي من الرجال". وأصاب الشباب الارهاق للقيام بالحراسة 24 ساعة بالإضافة الى القتال. "كنا جوعى ورغم أننا ظللنا صامدين.. انهزمنا في النهاية نفسيا".
وأصاب الدمار شوارع برزة التي تقع على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من وسط دمشق في القصف الجوي والقتال الذي خلف في ذروة العنف على حد قول السكان جثثا ظلت ملقاة في العراء أياما.
أما الآن فالغذاء والدواء يدخل الحي بحرية نسبيا، وعادت بعض العائلات التي فرت من القتال رغم أن كثيرا منها وجدت بيوتها حطاما.
وتم أيضا التوصل لوقف إطلاق النار في ضاحية المعضمية في غرب دمشق وقدسيا إلى الشمال ويلدا وبيت سحم واليرموك وببيلا إلى الجنوب.
ويقول مسؤولون حكوميون إن المقاتلين السوريين في هذه الأحياء قد ينالون عفوا، بل وربما يتقرر ضمهم إلى قوات الاسد. ورسالتهم المقصودة، وإن لم تكن منطوقة، هي أن السوريين سيحلون مشكلة الحرب الأهلية بأنفسهم متجاهلين الوساطة الدولية وأي مطالب بأن يقدم الأسد تنازلات لخصومه.
وتعزز ذلك شواهد بأن الأسد سيخوض انتخابات الرئاسة هذا الصيف وكذلك زيارته هذا الأسبوع لملجأ للنازحين خارج دمشق قال خلالها إن الدولة لكل السوريين.
هدنة هشة
وقال أبو يحيى إن "كثيرين من المقاتلين أصيبوا بجروح بليغة قرب النهاية عندما ساء الحصار جدا ولم نستطع تهريب أي معدات طبية أو غذاء لهم".
وأضاف أن نحو 120 مقاتلا لقوا مصرعهم من أصل قوة المقاتلين المؤلفة من 700 مقاتل في الحرب التي استمرت عامين للسيطرة على الحي.
وفي كثير من المناطق التي اتفق فيها على هدنة ظل الجيش خارجها مقابل خطوات رمزية مثل رفع العلم السوري بدلا من علم مقاتلي المعارضة.
واتفاقات الهدنة هشة؛ ففي قدسيا أعاد الجيش فرض حصاره عليها. ويبقى الكثير من المسائل المعلقة مثل مصير المسلحين داخل المناطق الخاضعة لسيطرة المقاتلين ومطالب الإفراج عن المعتقلين.
لكن الفوائد واضحة للقوات الحكومية حول برزة. فبامكانها إعادة الانتشار في أماكن قتال أخرى كما أنها استعادت منفذا يؤدي إلى حي عش الوروار المؤيد للأسد، حيث تقيم أسر العسكريين التي انقطعت الصلة بينها وبين وسط دمشق بسبب القتال.
وقال ضابط استخبارات وهو يتحدث إلى سائق سيارة أجرة في دمشق "قيادتنا عبقرية في طرح فكرة وقف إطلاق النار في برزة. فقد حولنا المتمردين من مقاتلين الى أرانب بين أيدينا".
وفي برزة شوهد الأسبوع الماضي بعض مقاتلي المعارضة وهم يسيرون أو يحرسون نقطة تفتيش في حالة استرخاء، وإن ظلوا على حذرهم من الغرباء. وفي بعض الأحيان كانوا مسلحين يرتدون ملابس القتال المموهة. وكان البعض منهم يسير متكئا على عكاز.
لكن الشكوك تراود الكثيرين في الاتفاق لأن مطلبهم الرئيسي لم يتحقق. وقال شيخ من كبراء الحي معروف باسم الحاج ويحظى باحترام المقاتلين الشبان "مازلنا نريد معتقلينا الذين لم يفرج النظام عنهم. وقف إطلاق النار شيء طيب، لكن يجب تنفيذه بالكامل. المعتقلون أبناؤنا واحتجازهم ظلم".
وسئل عما يتوقعه الآن بعد كل الشواهد على أن حكومة الأسد باقية في السلطة فهز كتفيه وقال "نحن لا نخشى إلا الله ونؤمن أن الله سيمحق الطغاة".
شارع الموت
سمحت الهدنة لعائلات بالعودة الى برزة ومنها أسرة عادت الى البيت الذي هجرته قبل عام.
وأشارت الأم التي طلبت تعريفها باسم رنا إلى شارع رئيسي وقالت "هذا ما اعتدنا أن نسميه شارع الموت. ظلت الجثث لايام في الشارع ولم يستطع أحد رفعها وجاءت الكلاب من التلال لتنهشها".
وأشارت إلى وجوه مألوفة لها وقالت "هذا والد شاب أجهز على قناص في غاية الخطورة قبل ان يستشهد. وهذا الرجل ابنه استشهد ولهذا ترك بيته وسمح للمقاتلين بالإقامة فيه. وهذا الرجل هناك كان ممثلا قبل ان يصبح مقاتلا".
وتوقفت المرأة أمام أنقاض بيت على الطراز العربي التقليدي بينما كانت قطة ضالة تسير فوق قطع الخرسانة المتناثرة. كان هذا بيت شقيقة زوجها قبل أن تبدأ الغارات الجوية والقصف من بطاريات القوات الحكومية على التلال المشرفة على المدينة.. صاحت رنا "يا ربي بيتها راح".
وفي مناطق أخرى من برزة ظهرت مؤشرات على عودة الحياة.
وجلس بعض الناس يأكلون شاورما الدجاج والثومية عند منصة أعيد افتتاحها الشهر الماضي. وقال القصاب في المحل المجاور والذي عاد لمزاولة نشاطه في الاونة الاخيرة انه بعد تخفيف الحصار استطاع جلب اللحوم رغم أن بعض الاشياء لا تمر عبر الحصار.
وقال وهو يقهقه "أطلب شخصا وأشتري رأس شاه فيأخذها هو الى المذبح ثم يرسل اللحم الى هنا. لكن في الطريق توجد نقاط تفتيش حكومية كثيرة وفي بعض الاحيان يأخذون جزءا من اللحم. اليوم أخذوا اللسان.
نريد أن نعيش
وقف إطلاق النار يختلف شكلا وموضوعا من حي لاخر. ففي الشهر الماضي رأى صحفيون زاروا ببيلا مسلحين بدا أنهم من مقاتلي المعارضة وقوات موالية للاسد وهم يتعاون في الشوارع.
لكن نشطاء في المعضمية التي عانت واحدا من أشرس الحصارات قبل الاتفاق على وقف اطلاق النار يقولون ان قوات الامن تكثف ضغوطها على المقاتلين الباقين هناك للاستسلام.
وفي اليرموك حيث كان يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين قبل تفجر الانتفاضة السورية، انهار اتفاق يسمح بدخول الغذاء والمساعدات الانسانية في أوائل اذار (مارس) عندما تجددت الاشتباكات بين الجيش ومقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة. وتقول منظمة العفو الدولية ان 128 شخصا هلكوا هناك جوعا.
وقال أحد أفراد ميليشيا موالية للأسد متحدثا عن مقاتلي المعارضة الذين مايزالون داخل قدسيا "أنت لا تصدق فعلا أننا سنتركهم يفلتون بفعلتهم.. أليس كذلك..".
وأضاف مبتسما بينما كان يتحدث الى أحد جيرانه "أنت تعرف تماما من هم وبالقطع لن نتركهم يفلتون بما فعلوه. لدينا أوامر بملاحقتهم واحدا واحدا".
وانهار وقف إطلاق النار في قدسيا بعد أن دخل ضابط من حي مجاور تغلب على سكانه الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد إلى المنطقة الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة بصحبة ابنه، منتهكا اتفاقا بعدم دخول أحد من العسكريين. وقتل الاثنان.
وردا على ذلك أغلقت الحكومة كل الطرق المؤدية الى قدسيا. وبدلا من أن تطالب بتسليم الجناة طلبت دية قدرها ستة ملايين ليرة (40 ألف دولار). ورضخ مقاتلو المعارضة وضغطوا على السكان والتجار للمشاركة في جمع الدية.
قال أحد السكان "هذه هي الطريقة التي يهدف النظام لتدميرنا بها. يضغطون ويضغطون إلى أن ننقلب على بعضنا بعضا. هل تصدق أن المقاتلين يطلبون الآن من أصحاب المحلات مالا مقابل حمايتهم.. أصبحت حياتنا أشبه بأفلام رعاة البقر.
وامتزجت مشاعر الاحباط بالتسليم بأن كل ما يريده البعض بعد هذا الصراع الطويل المؤلم لإنهاء حكم أسرة الاسد الممتد منذ أربعة عقود هو انتهاء الصراع.
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ترديد مطالبات بالاصلاح في ريف دمشق ونزول المتظاهرين إلى الشوارع مرددين "ارحل .. ارحل يا بشار" باتت تتكرر الآن عبارة جديدة كلما تطرق أحد لمسألة وقف إطلاق النار.. نريد أن نعيش.-( رويترز)
كان هذا واحدا من عدة اتفاقات مماثلة أبرمت في ريف دمشق وسمحت بعودة شيء من الحياة العادية إلى بعض الاحياء كما سمحت للحكومة أن تعلن عن عملية مصالحة نبتت من الداخل مع هؤلاء المقاتلين المحليين وحدهم دون الجهاديين الوافدين من الخارج.
لكن في برزة أصبح للهدنة التي تم الاتفاق عليها في كانون الثاني ( يناير) طعم الهزيمة للمقاتلين الذين كانوا يأملون اجتياح العاصمة والإطاحة بالأسد وتحقيق النصر في الحرب التي تدخل هذا الشهر عامها الرابع.
وفي إطار حملة على معاقل المعارضة في مختلف أنحاء البلاد يشير لها بعض المسؤولين بأنها حملة "الجوع حتى الركوع" حاصر الجيش برزة واستنزف الحصار قوى المقاومة.
وقال أبو يحيى المتحدث باسم المقاتلين "عرفوا بالضبط متى يتصلون بنا لعرض اتفاق وقف إطلاق النار".
وقال لصحفي من "رويترز" زار برزة الأسبوع الماضي "تعبنا.. ولم يكن لدينا قرب النهاية ما يكفي من الرجال". وأصاب الشباب الارهاق للقيام بالحراسة 24 ساعة بالإضافة الى القتال. "كنا جوعى ورغم أننا ظللنا صامدين.. انهزمنا في النهاية نفسيا".
وأصاب الدمار شوارع برزة التي تقع على مسافة خمسة كيلومترات إلى الشمال من وسط دمشق في القصف الجوي والقتال الذي خلف في ذروة العنف على حد قول السكان جثثا ظلت ملقاة في العراء أياما.
أما الآن فالغذاء والدواء يدخل الحي بحرية نسبيا، وعادت بعض العائلات التي فرت من القتال رغم أن كثيرا منها وجدت بيوتها حطاما.
وتم أيضا التوصل لوقف إطلاق النار في ضاحية المعضمية في غرب دمشق وقدسيا إلى الشمال ويلدا وبيت سحم واليرموك وببيلا إلى الجنوب.
ويقول مسؤولون حكوميون إن المقاتلين السوريين في هذه الأحياء قد ينالون عفوا، بل وربما يتقرر ضمهم إلى قوات الاسد. ورسالتهم المقصودة، وإن لم تكن منطوقة، هي أن السوريين سيحلون مشكلة الحرب الأهلية بأنفسهم متجاهلين الوساطة الدولية وأي مطالب بأن يقدم الأسد تنازلات لخصومه.
وتعزز ذلك شواهد بأن الأسد سيخوض انتخابات الرئاسة هذا الصيف وكذلك زيارته هذا الأسبوع لملجأ للنازحين خارج دمشق قال خلالها إن الدولة لكل السوريين.
هدنة هشة
وقال أبو يحيى إن "كثيرين من المقاتلين أصيبوا بجروح بليغة قرب النهاية عندما ساء الحصار جدا ولم نستطع تهريب أي معدات طبية أو غذاء لهم".
وأضاف أن نحو 120 مقاتلا لقوا مصرعهم من أصل قوة المقاتلين المؤلفة من 700 مقاتل في الحرب التي استمرت عامين للسيطرة على الحي.
وفي كثير من المناطق التي اتفق فيها على هدنة ظل الجيش خارجها مقابل خطوات رمزية مثل رفع العلم السوري بدلا من علم مقاتلي المعارضة.
واتفاقات الهدنة هشة؛ ففي قدسيا أعاد الجيش فرض حصاره عليها. ويبقى الكثير من المسائل المعلقة مثل مصير المسلحين داخل المناطق الخاضعة لسيطرة المقاتلين ومطالب الإفراج عن المعتقلين.
لكن الفوائد واضحة للقوات الحكومية حول برزة. فبامكانها إعادة الانتشار في أماكن قتال أخرى كما أنها استعادت منفذا يؤدي إلى حي عش الوروار المؤيد للأسد، حيث تقيم أسر العسكريين التي انقطعت الصلة بينها وبين وسط دمشق بسبب القتال.
وقال ضابط استخبارات وهو يتحدث إلى سائق سيارة أجرة في دمشق "قيادتنا عبقرية في طرح فكرة وقف إطلاق النار في برزة. فقد حولنا المتمردين من مقاتلين الى أرانب بين أيدينا".
وفي برزة شوهد الأسبوع الماضي بعض مقاتلي المعارضة وهم يسيرون أو يحرسون نقطة تفتيش في حالة استرخاء، وإن ظلوا على حذرهم من الغرباء. وفي بعض الأحيان كانوا مسلحين يرتدون ملابس القتال المموهة. وكان البعض منهم يسير متكئا على عكاز.
لكن الشكوك تراود الكثيرين في الاتفاق لأن مطلبهم الرئيسي لم يتحقق. وقال شيخ من كبراء الحي معروف باسم الحاج ويحظى باحترام المقاتلين الشبان "مازلنا نريد معتقلينا الذين لم يفرج النظام عنهم. وقف إطلاق النار شيء طيب، لكن يجب تنفيذه بالكامل. المعتقلون أبناؤنا واحتجازهم ظلم".
وسئل عما يتوقعه الآن بعد كل الشواهد على أن حكومة الأسد باقية في السلطة فهز كتفيه وقال "نحن لا نخشى إلا الله ونؤمن أن الله سيمحق الطغاة".
شارع الموت
سمحت الهدنة لعائلات بالعودة الى برزة ومنها أسرة عادت الى البيت الذي هجرته قبل عام.
وأشارت الأم التي طلبت تعريفها باسم رنا إلى شارع رئيسي وقالت "هذا ما اعتدنا أن نسميه شارع الموت. ظلت الجثث لايام في الشارع ولم يستطع أحد رفعها وجاءت الكلاب من التلال لتنهشها".
وأشارت إلى وجوه مألوفة لها وقالت "هذا والد شاب أجهز على قناص في غاية الخطورة قبل ان يستشهد. وهذا الرجل ابنه استشهد ولهذا ترك بيته وسمح للمقاتلين بالإقامة فيه. وهذا الرجل هناك كان ممثلا قبل ان يصبح مقاتلا".
وتوقفت المرأة أمام أنقاض بيت على الطراز العربي التقليدي بينما كانت قطة ضالة تسير فوق قطع الخرسانة المتناثرة. كان هذا بيت شقيقة زوجها قبل أن تبدأ الغارات الجوية والقصف من بطاريات القوات الحكومية على التلال المشرفة على المدينة.. صاحت رنا "يا ربي بيتها راح".
وفي مناطق أخرى من برزة ظهرت مؤشرات على عودة الحياة.
وجلس بعض الناس يأكلون شاورما الدجاج والثومية عند منصة أعيد افتتاحها الشهر الماضي. وقال القصاب في المحل المجاور والذي عاد لمزاولة نشاطه في الاونة الاخيرة انه بعد تخفيف الحصار استطاع جلب اللحوم رغم أن بعض الاشياء لا تمر عبر الحصار.
وقال وهو يقهقه "أطلب شخصا وأشتري رأس شاه فيأخذها هو الى المذبح ثم يرسل اللحم الى هنا. لكن في الطريق توجد نقاط تفتيش حكومية كثيرة وفي بعض الاحيان يأخذون جزءا من اللحم. اليوم أخذوا اللسان.
نريد أن نعيش
وقف إطلاق النار يختلف شكلا وموضوعا من حي لاخر. ففي الشهر الماضي رأى صحفيون زاروا ببيلا مسلحين بدا أنهم من مقاتلي المعارضة وقوات موالية للاسد وهم يتعاون في الشوارع.
لكن نشطاء في المعضمية التي عانت واحدا من أشرس الحصارات قبل الاتفاق على وقف اطلاق النار يقولون ان قوات الامن تكثف ضغوطها على المقاتلين الباقين هناك للاستسلام.
وفي اليرموك حيث كان يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين قبل تفجر الانتفاضة السورية، انهار اتفاق يسمح بدخول الغذاء والمساعدات الانسانية في أوائل اذار (مارس) عندما تجددت الاشتباكات بين الجيش ومقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة. وتقول منظمة العفو الدولية ان 128 شخصا هلكوا هناك جوعا.
وقال أحد أفراد ميليشيا موالية للأسد متحدثا عن مقاتلي المعارضة الذين مايزالون داخل قدسيا "أنت لا تصدق فعلا أننا سنتركهم يفلتون بفعلتهم.. أليس كذلك..".
وأضاف مبتسما بينما كان يتحدث الى أحد جيرانه "أنت تعرف تماما من هم وبالقطع لن نتركهم يفلتون بما فعلوه. لدينا أوامر بملاحقتهم واحدا واحدا".
وانهار وقف إطلاق النار في قدسيا بعد أن دخل ضابط من حي مجاور تغلب على سكانه الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد إلى المنطقة الواقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة بصحبة ابنه، منتهكا اتفاقا بعدم دخول أحد من العسكريين. وقتل الاثنان.
وردا على ذلك أغلقت الحكومة كل الطرق المؤدية الى قدسيا. وبدلا من أن تطالب بتسليم الجناة طلبت دية قدرها ستة ملايين ليرة (40 ألف دولار). ورضخ مقاتلو المعارضة وضغطوا على السكان والتجار للمشاركة في جمع الدية.
قال أحد السكان "هذه هي الطريقة التي يهدف النظام لتدميرنا بها. يضغطون ويضغطون إلى أن ننقلب على بعضنا بعضا. هل تصدق أن المقاتلين يطلبون الآن من أصحاب المحلات مالا مقابل حمايتهم.. أصبحت حياتنا أشبه بأفلام رعاة البقر.
وامتزجت مشاعر الاحباط بالتسليم بأن كل ما يريده البعض بعد هذا الصراع الطويل المؤلم لإنهاء حكم أسرة الاسد الممتد منذ أربعة عقود هو انتهاء الصراع.
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على ترديد مطالبات بالاصلاح في ريف دمشق ونزول المتظاهرين إلى الشوارع مرددين "ارحل .. ارحل يا بشار" باتت تتكرر الآن عبارة جديدة كلما تطرق أحد لمسألة وقف إطلاق النار.. نريد أن نعيش.-( رويترز)