إسرائيل تلاحق الأفراد إلكترونيا
تحركت الحكومة الإسرائيلية لتسريع وترة التشريعات والإجراءات المتعلقة بالملاحقة الأمنية للأفراد وصولا إلى مراقبتهم إلكترونيا وتوسيع دور الأجهزة الأمنية, وهو ما أثار غضبا حقوقيا متزايدا.
وقد انتقد حقوقيون وسياسيون إقدام وزارة القضاء الإسرائيلية على تقديم مذكرة قانونية للحكومة تهدف إلى إجراء تعديلات على القانون المعروف باسم "الأخ الأكبر" من عام 2007، وتقضي التعديلات التي سيتم المصادقة عليها بغضون الأسابيع المقبلة على توسيع صلاحيات الشرطة والأجهزة الأمنية والمؤسسات الخدماتية الاقتصادية والمدنية لجمع معلومات عن المواطنين.
ويأتي ذلك على الرغم من عدم بت المحكمة العليا الإسرائيلية بالالتماس الذي قدمته نقابة المحامين وجمعية حقوق المواطن عام 2008 وما زال يتداول بأروقة المحكمة والذي يطعن بشرعية القانون المذكور الذي يناهض ويتنافى مع قوانين حريات وخصوصيات الفرد والأسس الديمقراطية.
ويوظف قانون "الأخ الأكبر" لجمع المعلومات من شركات الهواتف المحمولة والبنوك والإنترنت عن اتصالات المواطن، ورصد تصفحه لمواقع الإنترنت، وبريده الإلكتروني والجهات التي اتصل بها أو راسلها دون أي رقابة قضائية، فالأمر لا يقتصر على رصد التحركات والاتصالات بل تصاعد لدرجة تسجيل المكالمات والتنصت على المحادثات التي يجريها المواطن، فهذه الصلاحيات لا تضع حدودا لما يمكن اختراقه وانتهاكه لخصوصية الفرد، حسب اعتبارات تسمى "أمنية"، أو "إجرامية".
انتهاك وتعقب
واستغرب المحامي افنير بن شوك -من جمعية حقوق المواطن- السرعة بالإجراء الذي اتخذته وزارة القضاء بتقديم مذكرة قانون للحكومة بهدف إجراء تعديلات على القانون المذكور، بغية توسيع صلاحيات مختلف مؤسسات الدولة الأمنية والاقتصادية والمدنية أيضا لجمع المعلومات عن المواطنين، حتى قبل أن تبت المحكمة العليا بالالتماس الذي يطعن بشرعية القانون الأصلي الذي يمنح الصلاحيات للشرطة وأجهزة الاستخبارات المختلفة بجمع المعلومات عن المواطن وانتهاك خصوصية الفرد.
وبين بن شوك في حديثه للجزيرة نت أن إسرائيل -كالعديد من الدول الأوروبية الديمقراطية- توظف العولمة والتكنولوجيا لتعقب المواطنين بذريعة الحفاظ على سلامة المواطن والأمن القومي ومكافحة "الإرهاب العالمي".
ويأتي القانون الإسرائيلي ليوسع صلاحيات الشرطة والمخابرات وبالمستقبل تخويل أيضا جميع المؤسسات الاقتصادية والخدماتية لجمع المعلومات عن المواطن.
وأشار إلى أن القانون والتعديلات سيمكن الأجهزة الأمنية والشرطة والمؤسسات الاقتصادية والخدماتية من الحصول على معلومات وجمعها عن أي مواطن الذي لا يعرف أصلا إذا ما تم انتهاك خصوصياته أو أنه يوجد تحت الرقابة، حيث تنعدم أي رقابة قضائية على الجهات المخولة بتتبع ورصد تحركات المواطنين، وعليه فالأجهزة الأمنية والشرطة تتجاوز القانون وتقوم بجمع المعلومات عن المواطنين دون الرجوع للمحكمة.
رائحة عنصرية
بدورها، قالت النائبة العربية بالكنيست حنين زعبي "علينا أن نضيف صفة الدولة البوليسية لصفة عنصرية الدولة، والمحكمة العليا بإسرائيل تعزز الصفتين معا". وتضيف "القانون قبل توسيعه هو أيضا خطير وهو يعطي للشرطة والمخابرات وغيرها صلاحيات واسعة لخرق خصوصية المواطنين وتتبع تحركاتهم عبر وسائل إلكترونية، دون أن يثبتوا للمحكمة ضرورة ذلك".
ويكفي أن تدعي الأجهزة الأمنية ومختلف أذرع المؤسسة الإسرائيلية للمحكمة بخطورة الشخص، كما تؤكد زعبي للجزيرة نت ليتم تتبع ورصد تحركاته وجمع المعلومات عنه، بكل ما يتعلق بجهات وأوقات اتصالاته، "ما يعني دراسة الجدول اليومي واهتمامات الفرد وأفكاره ومعتقداته، والطريق بين ذلك وبين تشكيل لائحة شبهات حوله، ومن ثم التنصت فعليا عليه هي قصيرة جدا".
ولفتت إلى أن القانون الحالي يضيف خرقا آخر، ألا وهو إعطاء صلاحية لمؤسسات لا أمنية ولا علاقة لها بفرض القانون لخرق خصوصيات الفرد وتتبع حركاته، وكل المؤسسات التي أعطيت لها هذه الصلاحية هي مؤسسات لها علاقة بالأرض وبالمعاملات الاقتصادية، ويشتم أيضا رائحة عنصرية من هذا القانون.
وخلصت بالقول "نعرف أن الملاحقات الشرطية والاستخباراتية لا تطال العناصر المهددة أمنيا، أو العناصر الإجرامية فقط، إنما تطال وربما بالأساس النشطاء السياسيين وأعضاء الكنيست العرب الذين تعدهم إسرائيل "خطرا إستراتيجيا"، فالعمل السياسي في إسرائيل إذا ما خرج عن الإجماع الصهيوني يعتبر إجراما وتهديدا أمنيا في نفس الوقت". الجزيرة