المملكة شهدت 890 احتجاجا عماليا العام الماضي
أصدر المرصد العمالي بـ"الفينيق" تقريره السنوي الرابع حول الاحتجاجات العمالية، حيث أفاد التقرير بأن 890 احتجاجا عماليا خلال عام 2013 في المملكة وتحقيق مطالب 51 منها.
وتاليا نص التقريرالذي وصل Jo24 نسخة منه :
بلغ عدد الاحتجاجات العمالية التي شهدها الأردن خلال عام 2013 نحو (890) احتجاجاً، بتراجع طفيف عما كانت عليه في عام 2012، إذ بلغت آنذاك (901) احتجاجاً، وفق التقرير السنوي الرابع الصادر، اليوم الأربعاء، عن المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت.
ورأى المرصد، في مؤتمر صحافي أعلن خلاله عن نتائج التقرير، أن هذه الأرقام تعكس استمرار معاناة قطاعات واسعة من العاملين في القطاعين العام والخاص ممثلة بتراجع مستويات العمل اللائق، وضعف تمتعهم بشروط عمل مرضية وعادلة، وتشير في الوقت نفسه إلى مدى استفادة العاملين من تحسن مستويات حرية الرأي والتعبير والتجمع والتنظيم خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث مكنتهم هذه الأجواء من التعبير عن معاناتهم بشكل صريح.
ورصد التقرير عدد الاحتجاجات، التي لم يتم تحقيق مطالبها، وبلغت (839) احتجاجاً بنسبة (94.3 %)، بينما تحقق مطالب (51) احتجاجاً بشكل كامل أو بشكل جزئي بنسبة (5.7%) من مجمل الاحتجاجات، ما يلفت الانتباه إلى غياب حوار اجتماعي حقيقي بين أطراف الإنتاج، وضعف مؤسسات الدولة، وغياب واضح لغالبية النقابات التي تمثل العمال، ومحدودية تجربة العاملين في فنون التفاوض والحوار.
أكثر من نصف الاحتجاجات العمالية في القطاع العام
وبحسب التقرير، فإن الإضرابات تشكّل ما نسبته (53.9 %) من مجموع الاحتجاجات العمالية، وحلّت الاعتصامات، تالياً، بنسبة (31.7%)، كما تم إدراج عمليات التهديد بتنفيذ اضرابات عمالية باعتبارها احتجاجات لتحقيق أهداف عمالية لتشكّل ما نسبته 11.9% من مجمل الاحتجاجات، التي شملت، كذلك، بعض التحركات الفردية، وتركزت في عمليات إيذاء النفس وقتلها (الانتحار) لأغراض تندرج في إطار الاحتجاج على وضع عمالي معين وبلغت نسبتها ( 2.5%).
وتركز ما يزيد قليلا عن نصف الاحتجاجات العمالية، التي تم تنفيذها خلال عام 2013 ، في القطاع العام، إذ بلغت نسبتها (54.2%) بواقع (482) احتجاجاً، في حين بلغت نسبة الاحتجاجات العمالية التي نفذها عاملون في القطاع الخاص (40.3%) وبواقع (359( احتجاجاً، أما المتعطلون عن العمل فبلغت نسبة احتجاجاتهم (5.5%) وبواقع (49) احتجاجاً من مجمل الاحتجاجات العمالية، وطالبوا فيها بالحصول على فرص عمل.
المطالبة بتحسين الأجور تصدرت أسباب الاحتجاجات العمالية
ولفت التقرير أن أسباباً عدّة ساهمت في استمرار وتيرة الاحتجاجات العمالية عام 2013، ومن أبرزها انخفاض الأجور والرواتب، الذي دفع إلى تنظيم ما يقارب نصف الاحتجاجات العمالية (49.7%) مطالبة برفع الأجور والعلاوات، أو مجموعة من المنافع تتعلق بها.
ونوّه مدير مركز الفينيق أحمد عوض أن من الطبيعي أن يحتل تحسين الوضع المعيشي المرتبة الأولى، إذ أن أحد أهم التحديات والاختلالات التي يعاني منها سوق العمل في الأردن هو انخفاض معدلات الأجور، موضحا أن أجور ما يقارب ثلاثة أرباع العاملين في الأردن تقع تحت خطر الفقر المطلق، حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، إلى جانب تراجع مستوى شروط العمل لغالبية العاملين من حيث عدم تمتع قطاعات واسعة بالحقوق العمالية الأساسية، التي نصّت عليها تشريعات العمل الأردنية، وتشمل: ساعات العمل اليومية، والإجازات السنوية والمرضية والرسمية، وتوفر وسائل الصحة والسلامة المهنية، والاستفادة من التأمينات الاجتماعية التي توفرها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، والتأمينات الصحية وغيرها من شروط العمل.
وفي السياق نفسه، أكد عوض أن (44%) من العاملين بأجر في الأردن لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.
وجاءت في المرتبة الثانية الاحتجاجات العمالية ضد بعض القوانين والأنظمة والتعليمات بنسبة (21.8%)، وهي تشمل القرارات المتعلقة بتنظيم آليات العمل، التي اعتبرها العمال أنها تشكل اعتداءات على حقوقهم وكذلك قرارات إعادة الهيكلة، فيما بلغت نسبة عمليات الاحتجاج على عمليات الفصل الجماعي من العمل)9.8%( وبواقع (87) احتجاجاً. ثمّ حلّت الاحتجاجات المطالبة بمجموعة من المنافع مجتمعة شملت إلى جانب زيادة الأجور والعلاوات وتحديد ساعات العمل وتنظيمها والتثبيت في العمل، وصرف مكافأة نهاية الخدمة، وتغيير المسميات الوظيفية للعاملين في بعض القطاعات، والاحتجاج على غياب الأمن الوظيفي، والاحتجاج على التأخر في صرف الرواتب والمستحقات المالية بنسبة )9.3%(.
أما الاحتجاجات العمالية المطالبة بفرص عمل وقام بتنفيذها متعطلون عن العمل فبلغت نسبتها (5.5 %) بواقع (49) احتجاجاً، وتليها الاحتجاجات العمالية المطالبة بالتثبيت بالعمل (تغيير صيغة التعاقد الخاص بالعمل) فقد بلغت نسبتها (3 %) بواقع (27( احتجاجاً. وقد تراجعت نسبة الاحتجاجات العمالية التي تطالب بتأسيس نقابات جديدة وبإصلاح النقابات العمالية الحالية، إذ بلغت (8) احتجاجات فقط، ويعود هذا التراجع الى أن العاملين الراغبين بتشكيل نقابات جديدة يعملون على تشكيلها من دون الحاجة إلى تنفيذ إضرابات.
وأشار التقرير إلى أن ظاهرة إيذاء النفس والانتحار والتهديد بها لأسباب ذات علاقة بالعمل تنامت بشكل كبير خلال عام 2013، إذ رصدت 23 حالة ومحاولة انتحار وإيذاء للنفس نتج عنها وفاة شخص واحد، وإصابة البعض بإصابات بليغة.
89% من الاحتجاجات نُفذت خارج إطار النقابات العمالية القائمة
وقرأ التقرير نسبة الاحتجاجات العمالية التي تنفيذها خارج إطار النقابات العمالية القائمة في عام 2013 ووصلت إلى (89%)، فيما نفذت النقابات العمالية الرسمية والمستقلة ولجانها التحضيرية ما نسبته (5.5%) من مجمل الاحتجاجات العمالية، إضافة إلى نسبة مماثلة نفذتها مجموعات من المتعطلين عن العمل للمطالبة بفرص عمل.
أما فيما يتعلق بتوزيع الاحتجاجات العمالية حسب الأشهر، فقد ازدادت هذه الاحتجاجات خلال شهر شباط من عام 2013 وبلغت ما نسبته )15.5%( من مجموع الاحتجاجات، بينما كان شهر آب هو الأقل بنسبة (3.8%) من مجمل الاحتجاجات، والجدول رقم (8) يوضح توزيع الاحتجاجات العمالية حسب الأشهر، ويعود سبب هذا الانخفاض إلى حلول شهر رمضان خلال هذا الشهر، والشهر الذي يليه.
وحول توزيع الاحتجاجات العمالية على محافظات المملكة، فقد كان النصيب الأكبر في العاصمة عمان، حيث بلغت نسبة الاحتجاجات فيها 40.8% بواقع 363 احتجاجا، يليها محافظة إربد بنسبة 14.3%، ثم معان فالكرك فالعقبة فالطفيلة فالمفرق فالزرقاء فالبلقاء فمأدبا فعجلون، وأخيراً جرش، وبلغت نسبة الاحتجاجات العمالية التي تم تنفيذها في أكثر من محافظة، في الوقت ذاته، 7.1% بواقع 63 احتجاجا، واستغرقت غالبية الاحتجاجات يوما واحدا، إذ بلغت نسبتها 64.6% من مجمل الاحتجاجات بواقع 575 احتجاجا. تلاها الاحتجاجات التي استغرقت مدة زمنية تتراوح ما بين يومين إلى ستة أيام بنسبة 17.1% بواقع 152 احتجاجاً.
وبخلاف السنوات الماضية وللسنة الثانية على التوالي، حدث تغيير في طريقة تعامل الحكومة وبعض أصحاب العمل مع بعض الاحتجاجات العمالية، وفق التقرير، إذ تم استخدام القوة لوقفها، فقد تدخلت قوات الدرك لكسر اعتصامات العاطلين عن العمل في كل من الطفيلة ومعان، واستخدم الغاز المسيل للدموع لفض احتجاجاتهم، بالإضافة إلى إنهاء اعتصام عمال الموانئ بالقوة، واعتقال أعضاء اللجنة النقابية، وعدد من العاملين، إضافة إلى عمليات الفصل الجماعي التي قامت بها بعض إدارات منشآت القطاع الخاص ضد النشطاء النقابيين الذين يقودون الاحتجاجات العمالية، والعقوبات الادارية التي تعرّض ولا زال يتعرّض لها النشطاء والقادة النقابيين في القطاع العام.
وبرز بوضوح خلال عام 2013 العديد من الضغوط الأمنية على العديد من نشطاء وقادة بعض الاحتجاجات العمالية للتحقيق والضغط عليهم وعلى أفراد أسرهم لوقف الاحتجاج، وتدّخلت بعض الأجهزة الأمنية والحكومية لدى بعض أصحاب العمل بهدف إيقاف امتيازات العاملين المحتجين في حال استمرار باحتجاجهم، إلى جانب تسريب معلومات حول تحركات المحتجين لأصحاب العمل، حسب نشطاء نقابيين. وبلغ عدد الاحتجاجات التي تم وقفها بالقوة من قبل الحكومة وأجهزتها )50( احتجاجا وبنسبة )5.6 %( من مجموع الاحتجاجات.
ضرورة تعديل التشريعات العمالية بما يحقق العدالة لأطراف الانتاج كافة
وأكد التقرير أن استمرار الاحتجاجات العمالية وبقاءها في مستويات مرتفعة منذ ثلاث سنوات، يؤشر الى أن الاختلالات في علاقات العمل ما زالت عميقة. داعياً إلى ضرورة تطبيق مبادئ ومعايير العمل اللائق بمختلف عناصره على جميع العاملين في الأردن. وإعادة النظر في مستويات الأجور في القطاعين والعام والخاص باتجاه زيادتها لأن مستوياتها منخفضة جدا، إذا ما أخذ بعين الاعتبار خط الفقر المطلق المعلن عنه، وضرورة ربط الأجور بمعدلات التضخم، وإعادة النظر بالحد الأدنى للأجور، ووضع حد أعلى للأجور وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل جميع العاملين.
وركّز على أهمية تعديل نص المادة 31 من قانون العمل الأردني المتعلقة بإعادة هيكلة المؤسسات، والتي تسمح بعمليات الفصل الجماعي من العمل. وتعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بتشكيل النقابات العمالية والسماح لجميع العاملين بأجر بتشكيل نقاباتهم بحرية، مع ضرورة الإسراع إلى المصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، وتعديل نصوص نظام الخدمة المدنية ليسمح للعاملين في القطاع العام من تأسيس نقاباتهم بحرية.
وشدد التقرير على ضرورة تعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بمفهوم النزاع العمالي وآليات تسوية النزاعات العمالية، والتي أثبتت فشلها الذريع في إيجاد حلول عادلة للنزاعات العمالية المتفاقمة، وبات مطلوبا استخدام آليات وتقنيات جديدة لتسوية النزاعات العمالية، بما ينسجم مع نصوص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية، ووزيادة فاعلية عمليات التفتيش التي تقوم بها وزارة العمل على سوق العمل لضمان تطبيق نصوص قانون العمل.