المناظرات العربية الجديدة.. الحرية تتقدم على المال في نظر التونسيين
غالبية التونسيين ما تزال تعلي الحرية على رأس أولوياتها بعد ثلاث سنوات على اندلاع شرارة الثورة رغم تفشي البطالة بنسبة 40 % بين الشباب، انفلات الأسعار وضعف الاستثمار الخارجي.
هذا التوجه طفا بقوة مساء الأربعاء في آخر حلقات (المناظرات العربية الجديدة)، حيث رفضت غالبية جمهور شاب الجدال المبني على فكرة آن أوان وضع الاقتصاد في المقدمة، إذ صوّت 83 % من الحضور ضد عنوان المناظرة: "الازدهار والاستقرار أكثر أهمية من الحرية".
جادل دفاعا عن عنوان الحلقة الخبير المالي سليم موسى – درس في جامعات أمريكية وساهم في تأسيس مجموعة الأعمال الأمريكية-التونسية للشباب المحترف- الذي حثّ الحضور على قياس الثمن الذي يدفع لدى تسبيق الحرية على النمو الاقتصادي. وادعّى أن هذه الحال فاقمت الصعوبات الاقتصادية في البلاد.
وبينما شدّد على أن "الحرية أداة على طريق الازدهار"، أوضح موسى أن "الأداة لا يمكن أن تكون أكثر أهمية من الهدف النهائي".
شاركه في هذا الطرح أحد المشاركين في المناظرة، إذ تساءل عن قيمة الحرية بينما يعاني الناس من البطالة والفقر؟ في المقابل قال مشارك آخر: "أنتم تقزمون المجتمع بأسره إلى مجرد تأمين طعام ومأوى.. وثورتنا اندلعت من أجل الحقوق المدنية والسياسية".
وعارض عنوان المناظرة السيدة آمنة الجلالي – باحثة في هيومن رايتس ووتش (مرصد حقوق الانسان) – التي قالت إن الثورة أظهرت إلى السطح مشاكل اقتصادية، كانت مطموسة في حقبة الدكتاتورية السابقة. لكنّها رأت أن تونس تتجه الآن صوب الطريق الصحيح.
وبينما قالت إن "المال ليس كل شيء"، حذّرت الجلالي من أن "الناس سيخسرون الاثنين، إن تخلّوا عن الحرية مقابل الاستقرار".
بعد فتح باب النقاش، تحدث عدد من الحضور عن استمرار الفوضى الاقتصادية في تونس. واقترح أحدهم تأخير أولوية الحرية إلى حين استتباب النظام والأمن.
على أن السيدة جلالي رفضت هذا الطرح بحزم: "لن نتمكن من إعادة بناء اقتصادنا إن لم نتمتع بالحرية".
أدار نسخة المناظرة الانجليزية مساء الأربعاء الإعلامي البريطاني تيم سباستيان، وذلك في فندق تونس الكبير The Tunis Grand Hotel، المعروف أيضا باسم (غراند هوتيل موناستير)، المنزه 7، آريانا/ تونس العاصمة.
وستدير الإعلامية المصرية مي الشربيني النسخة العربية مساء اليوم الخميس بمشاركة وليد حدوق - العضو البارز في (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) العلماني بقيادة رئيس الجمهورية منصف المرزوقي (دفاعا عن عنوان المناظرة)، في مواجهة القيادي في حزب النهضة منير بن هنية.
يذكر أن المناظرات العربية الجديدة تشكّل منبرا حرا لحفز المساءلة والمحاسبة في إطار الديمقراطية، بتمويل وزارتي الخارجية النرويجية والبريطانية. تواكب هذه المناظرات حملات واسعة للهدف ذاته في مدارس وجامعات عربية، ضمن مسعى تشجيع الشباب على المشاركة في تطوير الحياة السياسية من خلال ندوات ونقاشات عامة.
للموسم الثالث، تبث حلقات المناظرات – بالعربية والانكليزية- عبر شاشة تلفزيون دويتش فيلله Deutsche Welle إلى جانب شركائها في الإقليم والعالم، بما في ذلك قنوات حنبعل التونسية، أون تي في On TV المصرية، رؤيا الأردنية والوطن الفلسطينية في رام الله.