بالغون يغتالون البراءة .. يقتادون اطفالا للتدخين
جو 24 : في استعراض مسيء للطفولة وبراءتها والمتاجرة بقيم التربية والاخلاق يقود جد خمسيني حفيده الذي لا يتجاور الاربعة اعوام للتدخين امام ثلة من اصحابه طالبا منه التحكم بنفسه وحبس الدخان بصدره واعادة اخراجه ثانية من انفه وسط " اعجاب " الاصحاب " بذكاء الطفل " الذي لا يدرك بالضرورة عاقبة فعلته .
وفي التفاصيل ان الجد الذي من المفترض انه القدوة يأتي بحفيده وامام جمع من اصحابه مشيرا لهم باسلوب لا يخلو من غياب الوعي بانه انجح من اطباء الاختصاص في مجال المجاري التنفسية , ولدى سؤال الجمع عن قصده المح لحفيده البدء بالتدخين وتقديم استعراض اخراج الدخان بالتناوب بين فتحتي الانف , اذ يضغط الطفل في كل مرة على جانب من انفه مطلقا الدخان من الجانب الاخر وسط ضحك الجمع وثنائه على قدرة الطفل بالتحكم في " مجاريه التنفسية " ! .
هذا ليس مشهدا من فيلم يتناول الاساءة للاطفال بل قصة واقعية عن اقتياد الطفولة الطوعي لمسار منحرف مع سبق الاصرار وتشويه براءتها في سياق اللعب والبحث عن ضحكة ليست بريئة , بل ارتكاب جريمة بحق الطفولة وجعلها محورا للتندر ومصيدة للمرض وعرضة للادمان وربما الانحراف لاحقا , من يدري ؟؟ جالسة مع جاراتها تريد " تغيير مزاجها " تطلب من ابنتها ذات الاعوام السبعة القيام بتحضير " ارجيلة " , فيما ترى الطفلة ان مكافآتها لها بعد هذا الجهد هو القيام بسحبها " لنفس او نفسين " في سياق تجربة جودة " النفس " وسط اعجاب والدتها ب "شطارة الطفلة وسرعة بديهتها " .
وهذا نموذج اخر لاقتياد طفلة الى التدخين في ظل غياب مطلق لاثار هذا السلوك نفسيا ومعنويا عليها .
انه معيار النمذجة , لكنها النمذجة السلبية , هكذا اختصر المتخصص بعلم الاجتماع الدكتور حسين محادين تصرف " الجد " الذي يعده مهينا لبراءة الطفل واستغلال لعدم قدرته على التمييز بين الغث والسمين , وكذلك الحال فيما يتعلق بتصرف السيدة صاحبة " المزاج العالي " التي لا ترى في ابنتها اكثر من " صبي مقهى " يمتثل لاوامر معلمه .
احد مظاهر النمذجة كما يسهب هو قيام الاهل بصورة غير مباشرة في تهيئة ابنائهم لاكتساب ادوار مستقبلية تتمثل بشكل واضح في ادوار الرجولة , اذ ينحصر تفكير هذا الجد وفي عقله الباطن , ووفقا لتنشئته في ان الرجولة المبكرة تكمن في تعليم الاطفال التدخين ما يجعلهم رجالا بشخصية قوية .
وطبيعي فان هذا الفهم يأتي في سياق ملتبس وفي اطار فهم قاصر عن تعريف الرجولة باوجهها الصحيحة , ولان الادوار المكتسبة لدى الاطفال تترسخ بصورة طردية مع نموهم فان اكتسابهم للعادات سواء اكانت سيئة ام ايجابية يكبر معهم .
ويعقب الدكتور محادين على قصتي الجد والمرأة بقوله : هذا نموذج تعزيزي منحرف , هو اقتياد الى مجهول من بالغين غيّبوا عقولهم , واعتدوا على براءة لا تميز بين الاشياء , وهو كذلك دفع بالطفل الى عالم المغامرة غير المحسوبة الى الحد الذي تغدو فيه هذه الممارسات الخاطئة واحدة من معايير القبول الاجتماعي لاحقا .
دون ان ننسى كما يستدرك ان من مصاحبات التغييرات الجديدة في المجتمع الاردني عبر بعض مؤشرات العولمة هو الاهتمام المبالغ فيه في كل ما هو حسي ولذي , اي الاشياء " الماتعة " ومن ضمنها التدخين باشكاله المتعددة .
متابعا : وعليه يُنقل هذا السلوك ليغدو عدوى اجتماعية ويمضي تكراره في اماكن متعددة سواء في البيت او المدرسة او المكان العام الى رسوخ , وذلك على الرغم من مضاره المعروفة .
ولا ننسى هنا دور الاعلام العالمي الذي يسّوق عبر بعض المشاهير بصورة متممة لما ذهبنا اليه الى " لذة " التدخين المفتعلة , وعليه يتبادل التأثير والنمذجة المحلي مع العولمي ولصالح شركات التبع العابرة للجغرافيا والجنسيات والصحة وقيمة الفرد الاصلية كاساس للانتاجية والفاعلية والتطور .
ان الاصل في رعاية الاطفال يتضمن حمايتهم القصوى من الاهمال والعنف والاساءة من جميع النواحي النفسية والمعنوية والجسدية هكذا يستهل استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة حديثه لـ ( بترا) متابعا : ان غياب النية المسبقة للاساءة كما فعل " الجد مع حفيده " او " الام مع ابنتها " لا ينفي وقوع الضرر النفسي والمعنوي على الاطفال معتبرا اقتياد الاطفال للتدخين عن سابق تصميم سياقا عنفيا واضحا , وسبيلا غير مباشر للانحراف , وخلق ارباك فكري يعطل مسار التمييز بين ما هو مسل وما هو ضار وسط تغييب للمعايير الاخلاقية .
وتسهم مواقع التواصل الاجتماعي و" اليوتيوب " تحديدا برواج قبول فكرة تدخين الاطفال حتى وان كانت في سياق التحذير , لتجعل من مشهد الطفل المدخن اقرب الى الذهن وربما القبول لاحقا , فقد ادهش العالم تقريرا مصورا تم تداوله عبر " اليوتيوب " , تناول قصة طفل اندونيسي لا يتجاور العامين من عمره يدخن يوميا 40 سيجارة , مرهقا ميزانية اسرته الفقيرة التي تحتاج يوميا الى 5 دولارات لتأمين علب السجائر للطفل الذي بدأ وفقا لوالده بالتدخين منذ ان كان في الشهر الثامن من عمره ! في حين يزدحم الفضاء الالكتروني بمقاطع " فيديو " لاطفال من الجنسين يمارسون تدخين السجائر والارجيلة بشراهة , ويقوم بتصويرهم بالغون , اذ يذهب الدكتور الحباشنة في هذا السياق الى ان سلوك البالغين هنا يمثل عنفا جسديا ومعنويا من المفترض ملاحقه مرتكبيه قانونيا . مدير ادارة الرعاية الصحية الاولية في وزارة الصحة الدكتور بشير القصير يقول ان الطفل يتعلم الممارسات الصحية من الاهل لذلك فان الاعتماد عليهم مطلق في حمايته من اي الاساءة , فيما تشير رئيسة قسم الوقاية من اضرار التدخين في الوزارة الدكتورة فاطمة خليفة لنتائج دراسة مسحية اممية لعام 2007 بينت ان نسبة المدخنين للسجائر من المراهقين الذكور في المملكة من عمر 13 وحتى 15 بلغت 2ر17 بالمئة .
فيما بلغت للاناث من ذات الفئة العمرية 3ر8 بالمئة , اي ما معدله 6ر13 بالمئة للجنسين , اما فيما يتعلق بتدخين الارجيلة فقد بلغت نسبة المدخنين لها من الذكور والاناث المراهقين من ذات الاعمار السابقة 7ر22 بالمئة , مؤكدة عدم وجود مسوحات جديدة تحيط بحجم المشكلة .
وزارة الصحة اولت هذه الفئة العمرية اهتماما كبيرا عبر التوعية والتثقيف لمحاربة التدخين وتقديم العلاجات الناجعة للمدخنين من مختلف الفئات العمرية كما توضح الدكتورة خليفة وذلك عبر عيادات الاقلاع عن التدخين المنتشرة في عدد من المحافظات.
وتبين ان الاردن من افضل الدول باقرار التشريعات والقوانين ذات العلاقة لكن المشكلة تكمن في التطبيق مشيرة الى ان نسبة الاقلاع عن التدخين لكل الفئات العمرية ومنذ تأسيس العيادات في عام 2011 هي 26 بالمئة . وتذكر: ان الطفل المدخن غالبا ما يخرج من البيت بحجة انه " الخادم المطيع " لشراء حاجيات الاسرة فيما عينه على وقت مستقطع ليدخن خلاله , وهو كثير الخلوة في غرفته او في الحمام او على سطح المنزل .
وتقول الدكتورة خليفة : ولا اذكر جديدا حين اشير الى خطورة التدخين الصحية على مختلف الاعمار وتسببه بامراض مختلفة كالسرطان وتصلب الشرايين والجلطات وامراض الجهاز التنفسي فيما تزيد الاخطار هذه على الاطفال المدخنين ما يتسبب بضعف القدرة على التركيز اضافة الى امراض التحسس والتهابات الاذن الوسطى .
وتعلق على قصة الجد والحفيد قائلة : اننا نحذر من اثار التدخين السلبي على الاطفال , فكيف بمن يقود طفلا الى التهلكة بيده , هذا امر لا يجوز على الاطلاق , وعلينا توعية الاهل ليعودوا اطفالهم عادات سلوكية صحية , " لان اقتياد الطفل الى التدخين بمثابة جواز مرور لكل الممنوعات الاخرى " .
في سياق ذي صلة تحذر خليفة من دفع الطفل لطريق الانحراف والسرقة , داعية اصحاب الدكاكين الى الالتزام بالقوانين والتعليمات التي تمنع بيع الدخان للاطفال منعا باتا . استشاري الانف والاذن والحنجرة الدكتور عبد الفتاح ابو حسان ابدى استغرابه مما وصفه بالتصرف غير الاخلاقي للذين يقودون صغارا للتدخين , ذلك ان مضار التدخين لا تخفى على احد وسط تحذيرات اممية مستمرة للحفاظ على صحة الكبار والصغار معا .
واذا كان التدخين السلبي يجعل غير المدخن يتأثر بنسبة 15 بالمئة في جو يعبق بدخان السجائر او الارجيلة , كما يتابع , فكيف بطفل يستنشق الدخان ويحبسه بصدره محذرا من مغبة ما اسماه " التسلية " على حساب صحة الطفل الجسدية والنفسية , خاصة ان قابلية امتصاص الطفل لمادة " النيكوتين " الضارة اكبر منها عند البالغين ما يجعله عرضة وبشكل مبكر للامراض المعروفة الناجمة عن التدخين.
واذا ابتلي البالغون بالتدخين فمن الضروري جدا عدم التدخين بوجود الصغار وخاصة الاطفال حديثي الولادة " هكذا ختم الدكتور ابو حسان افادته الصحفية , مشددا على دور الاعلام واهميته لحشد التأييد المجتمعي لمحاربة التدخين انطلاقا من الحرص على اطفالنا والتأسيس لجيل " خال من التدخين " على حد امنيته .
المفتي العام للمملكة سماحة الشيخ عبد الكريم الخصاونة يعرب عن اسفه لما اطلق عليه " العبث بالطفولة " ويؤكد ان للتدخين حكما واضحا في الشريعة الاسلامية , فهو يدخل في سياق ما يضر بجسد الانسان وصحته , وبالتالي فهو محرم لما يسببه من استنزاف صحي ومادي .
وفي راويه اخرى ودائما وفق سماحة الشيخ الخصاونة فان علماء دين اجمعوا على ان التدخين مكروه اذا لم يكن من نتائجه تأثير على معيشة العائلة , لكن هذا لا يلغي تحريمه في الشرع .
من المفترض بالبالغين ان يكونوا القدوة الحسنة والمثل الاخلاقي كما يؤكد سماحة المفتي , فاذا كانت مجرد اماطة الاذى عن الطريق صدقة , فكيف يؤذي الشخص فلذة كبده عن سابق تصميم واصرار ويقوده الى التهكلة الصحية , وربما الى الانحراف لا قدر الله ، مشددا على ان من يقوم بذلك آثم بلا شك .
ويثمن في هذا المجال دور الاعلام وسعيه الدؤوب للتنوير على قضايا مهمة داعيا المؤسسات التربوية والتعليمية الى تعزيز شراكتها مع الجهات ذات العلاقة لحماية الاجيال وتحصينهم من كل الافات والاضرار .
--( بترا )
وفي التفاصيل ان الجد الذي من المفترض انه القدوة يأتي بحفيده وامام جمع من اصحابه مشيرا لهم باسلوب لا يخلو من غياب الوعي بانه انجح من اطباء الاختصاص في مجال المجاري التنفسية , ولدى سؤال الجمع عن قصده المح لحفيده البدء بالتدخين وتقديم استعراض اخراج الدخان بالتناوب بين فتحتي الانف , اذ يضغط الطفل في كل مرة على جانب من انفه مطلقا الدخان من الجانب الاخر وسط ضحك الجمع وثنائه على قدرة الطفل بالتحكم في " مجاريه التنفسية " ! .
هذا ليس مشهدا من فيلم يتناول الاساءة للاطفال بل قصة واقعية عن اقتياد الطفولة الطوعي لمسار منحرف مع سبق الاصرار وتشويه براءتها في سياق اللعب والبحث عن ضحكة ليست بريئة , بل ارتكاب جريمة بحق الطفولة وجعلها محورا للتندر ومصيدة للمرض وعرضة للادمان وربما الانحراف لاحقا , من يدري ؟؟ جالسة مع جاراتها تريد " تغيير مزاجها " تطلب من ابنتها ذات الاعوام السبعة القيام بتحضير " ارجيلة " , فيما ترى الطفلة ان مكافآتها لها بعد هذا الجهد هو القيام بسحبها " لنفس او نفسين " في سياق تجربة جودة " النفس " وسط اعجاب والدتها ب "شطارة الطفلة وسرعة بديهتها " .
وهذا نموذج اخر لاقتياد طفلة الى التدخين في ظل غياب مطلق لاثار هذا السلوك نفسيا ومعنويا عليها .
انه معيار النمذجة , لكنها النمذجة السلبية , هكذا اختصر المتخصص بعلم الاجتماع الدكتور حسين محادين تصرف " الجد " الذي يعده مهينا لبراءة الطفل واستغلال لعدم قدرته على التمييز بين الغث والسمين , وكذلك الحال فيما يتعلق بتصرف السيدة صاحبة " المزاج العالي " التي لا ترى في ابنتها اكثر من " صبي مقهى " يمتثل لاوامر معلمه .
احد مظاهر النمذجة كما يسهب هو قيام الاهل بصورة غير مباشرة في تهيئة ابنائهم لاكتساب ادوار مستقبلية تتمثل بشكل واضح في ادوار الرجولة , اذ ينحصر تفكير هذا الجد وفي عقله الباطن , ووفقا لتنشئته في ان الرجولة المبكرة تكمن في تعليم الاطفال التدخين ما يجعلهم رجالا بشخصية قوية .
وطبيعي فان هذا الفهم يأتي في سياق ملتبس وفي اطار فهم قاصر عن تعريف الرجولة باوجهها الصحيحة , ولان الادوار المكتسبة لدى الاطفال تترسخ بصورة طردية مع نموهم فان اكتسابهم للعادات سواء اكانت سيئة ام ايجابية يكبر معهم .
ويعقب الدكتور محادين على قصتي الجد والمرأة بقوله : هذا نموذج تعزيزي منحرف , هو اقتياد الى مجهول من بالغين غيّبوا عقولهم , واعتدوا على براءة لا تميز بين الاشياء , وهو كذلك دفع بالطفل الى عالم المغامرة غير المحسوبة الى الحد الذي تغدو فيه هذه الممارسات الخاطئة واحدة من معايير القبول الاجتماعي لاحقا .
دون ان ننسى كما يستدرك ان من مصاحبات التغييرات الجديدة في المجتمع الاردني عبر بعض مؤشرات العولمة هو الاهتمام المبالغ فيه في كل ما هو حسي ولذي , اي الاشياء " الماتعة " ومن ضمنها التدخين باشكاله المتعددة .
متابعا : وعليه يُنقل هذا السلوك ليغدو عدوى اجتماعية ويمضي تكراره في اماكن متعددة سواء في البيت او المدرسة او المكان العام الى رسوخ , وذلك على الرغم من مضاره المعروفة .
ولا ننسى هنا دور الاعلام العالمي الذي يسّوق عبر بعض المشاهير بصورة متممة لما ذهبنا اليه الى " لذة " التدخين المفتعلة , وعليه يتبادل التأثير والنمذجة المحلي مع العولمي ولصالح شركات التبع العابرة للجغرافيا والجنسيات والصحة وقيمة الفرد الاصلية كاساس للانتاجية والفاعلية والتطور .
ان الاصل في رعاية الاطفال يتضمن حمايتهم القصوى من الاهمال والعنف والاساءة من جميع النواحي النفسية والمعنوية والجسدية هكذا يستهل استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحباشنة حديثه لـ ( بترا) متابعا : ان غياب النية المسبقة للاساءة كما فعل " الجد مع حفيده " او " الام مع ابنتها " لا ينفي وقوع الضرر النفسي والمعنوي على الاطفال معتبرا اقتياد الاطفال للتدخين عن سابق تصميم سياقا عنفيا واضحا , وسبيلا غير مباشر للانحراف , وخلق ارباك فكري يعطل مسار التمييز بين ما هو مسل وما هو ضار وسط تغييب للمعايير الاخلاقية .
وتسهم مواقع التواصل الاجتماعي و" اليوتيوب " تحديدا برواج قبول فكرة تدخين الاطفال حتى وان كانت في سياق التحذير , لتجعل من مشهد الطفل المدخن اقرب الى الذهن وربما القبول لاحقا , فقد ادهش العالم تقريرا مصورا تم تداوله عبر " اليوتيوب " , تناول قصة طفل اندونيسي لا يتجاور العامين من عمره يدخن يوميا 40 سيجارة , مرهقا ميزانية اسرته الفقيرة التي تحتاج يوميا الى 5 دولارات لتأمين علب السجائر للطفل الذي بدأ وفقا لوالده بالتدخين منذ ان كان في الشهر الثامن من عمره ! في حين يزدحم الفضاء الالكتروني بمقاطع " فيديو " لاطفال من الجنسين يمارسون تدخين السجائر والارجيلة بشراهة , ويقوم بتصويرهم بالغون , اذ يذهب الدكتور الحباشنة في هذا السياق الى ان سلوك البالغين هنا يمثل عنفا جسديا ومعنويا من المفترض ملاحقه مرتكبيه قانونيا . مدير ادارة الرعاية الصحية الاولية في وزارة الصحة الدكتور بشير القصير يقول ان الطفل يتعلم الممارسات الصحية من الاهل لذلك فان الاعتماد عليهم مطلق في حمايته من اي الاساءة , فيما تشير رئيسة قسم الوقاية من اضرار التدخين في الوزارة الدكتورة فاطمة خليفة لنتائج دراسة مسحية اممية لعام 2007 بينت ان نسبة المدخنين للسجائر من المراهقين الذكور في المملكة من عمر 13 وحتى 15 بلغت 2ر17 بالمئة .
فيما بلغت للاناث من ذات الفئة العمرية 3ر8 بالمئة , اي ما معدله 6ر13 بالمئة للجنسين , اما فيما يتعلق بتدخين الارجيلة فقد بلغت نسبة المدخنين لها من الذكور والاناث المراهقين من ذات الاعمار السابقة 7ر22 بالمئة , مؤكدة عدم وجود مسوحات جديدة تحيط بحجم المشكلة .
وزارة الصحة اولت هذه الفئة العمرية اهتماما كبيرا عبر التوعية والتثقيف لمحاربة التدخين وتقديم العلاجات الناجعة للمدخنين من مختلف الفئات العمرية كما توضح الدكتورة خليفة وذلك عبر عيادات الاقلاع عن التدخين المنتشرة في عدد من المحافظات.
وتبين ان الاردن من افضل الدول باقرار التشريعات والقوانين ذات العلاقة لكن المشكلة تكمن في التطبيق مشيرة الى ان نسبة الاقلاع عن التدخين لكل الفئات العمرية ومنذ تأسيس العيادات في عام 2011 هي 26 بالمئة . وتذكر: ان الطفل المدخن غالبا ما يخرج من البيت بحجة انه " الخادم المطيع " لشراء حاجيات الاسرة فيما عينه على وقت مستقطع ليدخن خلاله , وهو كثير الخلوة في غرفته او في الحمام او على سطح المنزل .
وتقول الدكتورة خليفة : ولا اذكر جديدا حين اشير الى خطورة التدخين الصحية على مختلف الاعمار وتسببه بامراض مختلفة كالسرطان وتصلب الشرايين والجلطات وامراض الجهاز التنفسي فيما تزيد الاخطار هذه على الاطفال المدخنين ما يتسبب بضعف القدرة على التركيز اضافة الى امراض التحسس والتهابات الاذن الوسطى .
وتعلق على قصة الجد والحفيد قائلة : اننا نحذر من اثار التدخين السلبي على الاطفال , فكيف بمن يقود طفلا الى التهلكة بيده , هذا امر لا يجوز على الاطلاق , وعلينا توعية الاهل ليعودوا اطفالهم عادات سلوكية صحية , " لان اقتياد الطفل الى التدخين بمثابة جواز مرور لكل الممنوعات الاخرى " .
في سياق ذي صلة تحذر خليفة من دفع الطفل لطريق الانحراف والسرقة , داعية اصحاب الدكاكين الى الالتزام بالقوانين والتعليمات التي تمنع بيع الدخان للاطفال منعا باتا . استشاري الانف والاذن والحنجرة الدكتور عبد الفتاح ابو حسان ابدى استغرابه مما وصفه بالتصرف غير الاخلاقي للذين يقودون صغارا للتدخين , ذلك ان مضار التدخين لا تخفى على احد وسط تحذيرات اممية مستمرة للحفاظ على صحة الكبار والصغار معا .
واذا كان التدخين السلبي يجعل غير المدخن يتأثر بنسبة 15 بالمئة في جو يعبق بدخان السجائر او الارجيلة , كما يتابع , فكيف بطفل يستنشق الدخان ويحبسه بصدره محذرا من مغبة ما اسماه " التسلية " على حساب صحة الطفل الجسدية والنفسية , خاصة ان قابلية امتصاص الطفل لمادة " النيكوتين " الضارة اكبر منها عند البالغين ما يجعله عرضة وبشكل مبكر للامراض المعروفة الناجمة عن التدخين.
واذا ابتلي البالغون بالتدخين فمن الضروري جدا عدم التدخين بوجود الصغار وخاصة الاطفال حديثي الولادة " هكذا ختم الدكتور ابو حسان افادته الصحفية , مشددا على دور الاعلام واهميته لحشد التأييد المجتمعي لمحاربة التدخين انطلاقا من الحرص على اطفالنا والتأسيس لجيل " خال من التدخين " على حد امنيته .
المفتي العام للمملكة سماحة الشيخ عبد الكريم الخصاونة يعرب عن اسفه لما اطلق عليه " العبث بالطفولة " ويؤكد ان للتدخين حكما واضحا في الشريعة الاسلامية , فهو يدخل في سياق ما يضر بجسد الانسان وصحته , وبالتالي فهو محرم لما يسببه من استنزاف صحي ومادي .
وفي راويه اخرى ودائما وفق سماحة الشيخ الخصاونة فان علماء دين اجمعوا على ان التدخين مكروه اذا لم يكن من نتائجه تأثير على معيشة العائلة , لكن هذا لا يلغي تحريمه في الشرع .
من المفترض بالبالغين ان يكونوا القدوة الحسنة والمثل الاخلاقي كما يؤكد سماحة المفتي , فاذا كانت مجرد اماطة الاذى عن الطريق صدقة , فكيف يؤذي الشخص فلذة كبده عن سابق تصميم واصرار ويقوده الى التهكلة الصحية , وربما الى الانحراف لا قدر الله ، مشددا على ان من يقوم بذلك آثم بلا شك .
ويثمن في هذا المجال دور الاعلام وسعيه الدؤوب للتنوير على قضايا مهمة داعيا المؤسسات التربوية والتعليمية الى تعزيز شراكتها مع الجهات ذات العلاقة لحماية الاجيال وتحصينهم من كل الافات والاضرار .
--( بترا )