الغلاء يدفع الاردنيين الى وظيفة ثانية
جو 24 : أضحى الجمع بين وظيفتين سمة تميز عددا كبيرا من الاردنيين. فازدواجية العمل هي الحل الأنجع الذي وجده المواطن الأردني سواء أكان موظفا في القطاع العام أم الخاص لتأمين ما يسد احتياجاته والتزاماته جراء ارتفاع الأسعار الذي شمل معظم المواد الاستهلاكية ومن دون تسوية لرواتب الموظفين لتواكب الغلاء .
يقول عرفات -33عاما- والذي يعمل في القطاع الخاص ان ” ارتفاع الأسعار الذي نشهده في كافة نواحي الحياة وصعوبة المعيشة وتدني راتبي كلها عوامل أجبرتني الى اللجوء للبحث عن عمل أخر فتقدمت بطلب الحصول على قرض لافتح محلا لبيع الأحذية”
لكن عرفات لم يلبث بعد فترة قصيرة وأغلق المحل بسبب عدم وجود زبائن لضعف القوة الشرائية، ورغم أن خدمته تتعدى ثمانية أعوام في وظيفته إلا أن راتبه لا يتعدى الخمسمائة دينار.
يقول “أجبرت على التفكير في عمل ثان بعد الوظيفة، لأن الراتب قليل، ولا يكفي، خصوصا بعد زواجي، وفي الفترة التي عملت فيها عملا ثانيا كنت أصاب بالإرهاق الجسدي والفكري، إضافة إلى انشغالي عن العائلة بالعمل، فضلا عن تأثير عملي الآخر على حياتي الاجتماعية”.
في حين يقول سعيد -27عاما-، وهو يعمل مراسلا لإحدى الشركات الخاصة نهارا، وسائق تاكسي في الليل، إن العمل يأخذ كل وقته، وإن دخله لو اقتصر على عمل المطعم وحده لما سد حاجاته المعيشية كافة.
ويضيف أنه شاب في مقتبل العمر، متسائلا إن لم يعمل الآن في شبابه فمتى سيعمل؟، ويقول “بحثت عن عمل في القطاع العام، ولم أفلح، والفرص في القطاع الخاص لم تكن متوافرة، لذلك أضطر إلى العمل في عملين مختلفين صباحا ومساء”.
ولا يقتصر البحث عن العمل الإضافي على الذكور وحدهم، فالأربعينية أم أحمد تسعى إلى البحث المستمر عن عمل إضافي، ولو كان من المنزل، ككاتبة في إحدى المجلات، أو محررة لموقع إلكتروني، فبغير ذلك لا تستطيع أن تساعد زوجها في تدريس أبنائهما الأربعة.
وفي هذا الشأن، يقول اختصاصي علم الاجتماع ومدير مركز الدراسات، د. محمد جريبيع: “نسبة العمل في وظيفتين بدأت بالفعل تزداد أكثر فأكثر، رغم أن الكثيرين لا يصرحون بالعمل الآخر، وخصوصا من يعمل في القطاع الحكومي”.
لكن العمل الثاني بات أساسيا وليس للرفاهية، وإنما للعيش الكريم بحدوده المعقولة، ولتأمين الاحتياجات الأساسية، ليس أكثر.
ويشير إلى أنه في مقابل ارتفاع الأسعار ما تزال الرواتب على حالها، ما جعل الموظف وحتى من يشتغل في القطاع الخاص، أو العمل الحر، يفكر في الحصول على دخل إضافي.
ومن وجهة نظر اقتصادية، يبين الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن السبب الرئيسي للجوء العامل، سواء في القطاع العام أم الخاص، إلى عمل آخر، إضافة إلى عمله الأساسي، سببٌ اقتصادي بحت.
ويوضح أن مستوى دخل الموظف، أو العامل لدى القطاعين الخاص والعام صار منخفضا، ولا يتناسب مطلقا مع ارتفاع تكلفة المعيشة وجنون الأسعار الذي تشهده الأسواق.
وتحدث أيضا عن السلبيات التي يمكن أن تنعكس على المواطن نتيجة لجوئه إلى عملين أو وظيفتين، قائلا “إن أولى هذه السلبيات عدم تركيز المواطن، موظفا كان أم عاملا في القطاع الخاص، على عمل واحد ليبدع فيه، فكيف على سبيل المثال للمعلم الذي يعمل سائق تاكسي بعد الدوام المدرسي؟”، فكيف له أن يحضر الدروس التي يعطيها لتلاميذه في اليوم التالي؟ ناهيك عن الآثار السلبية على صحته وعلى اهتمامه بأولاده وأسرته.
وليس هذا وحسب بل أن الجمع بين وظيفتين له مساوءه التي تصل إلى الحياة الزوجية والاجتماعية إذ تلفت سلمى -34عاما- ان زواجهما هي وزوجها الذي يعمل بوظيفتين لم يعد يطاق إذ يعود إلى البيت بوقت متأخر منهكا من ضغط العمل المزدوج إذ يعمل في الفترة الصباحية كمدرس وفي المساء يعمل في مدرسا خصوصيا “
وتضيف أنها فكرت مليا بالانفصال لكنها تعود لتلتمس له عذرا إذ انه “يجهد نفسه لتامين قوت الحياة لها ولأطفالها الثلاثة في ظل الغلاء الذي يشهده الجميع فهو ليس مقتصرا علينا فحسب.”
ويبين أن الظرف الاقتصادي يجعل الفرد المسؤول عن عائلة في ضيق نفسي شديد، خصوصا إن لم يستطع أن يوفر احتياجاتهم مهما كانت بسيطة، ليأتي الحل الوحيد بما أن الأسعار والحياة في غلاء مستمر هو إيجاد عمل ثان، وشرح الوضع الاقتصادي بشفافية لعائلته حتى لا يلوموه على ساعات دوامه الطويلة وانشغاله عنهم.
“تم إعداد هذا التقرير من قبل فريق مشروع حوكمة، وهو برنامج اعلامي استقصائي أطلقته مؤسسة طومسون رويترز في الاردن بالشراكة مع شبكة “أريج” إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية.”
حوكمة – آية عليان -
يقول عرفات -33عاما- والذي يعمل في القطاع الخاص ان ” ارتفاع الأسعار الذي نشهده في كافة نواحي الحياة وصعوبة المعيشة وتدني راتبي كلها عوامل أجبرتني الى اللجوء للبحث عن عمل أخر فتقدمت بطلب الحصول على قرض لافتح محلا لبيع الأحذية”
لكن عرفات لم يلبث بعد فترة قصيرة وأغلق المحل بسبب عدم وجود زبائن لضعف القوة الشرائية، ورغم أن خدمته تتعدى ثمانية أعوام في وظيفته إلا أن راتبه لا يتعدى الخمسمائة دينار.
يقول “أجبرت على التفكير في عمل ثان بعد الوظيفة، لأن الراتب قليل، ولا يكفي، خصوصا بعد زواجي، وفي الفترة التي عملت فيها عملا ثانيا كنت أصاب بالإرهاق الجسدي والفكري، إضافة إلى انشغالي عن العائلة بالعمل، فضلا عن تأثير عملي الآخر على حياتي الاجتماعية”.
في حين يقول سعيد -27عاما-، وهو يعمل مراسلا لإحدى الشركات الخاصة نهارا، وسائق تاكسي في الليل، إن العمل يأخذ كل وقته، وإن دخله لو اقتصر على عمل المطعم وحده لما سد حاجاته المعيشية كافة.
ويضيف أنه شاب في مقتبل العمر، متسائلا إن لم يعمل الآن في شبابه فمتى سيعمل؟، ويقول “بحثت عن عمل في القطاع العام، ولم أفلح، والفرص في القطاع الخاص لم تكن متوافرة، لذلك أضطر إلى العمل في عملين مختلفين صباحا ومساء”.
ولا يقتصر البحث عن العمل الإضافي على الذكور وحدهم، فالأربعينية أم أحمد تسعى إلى البحث المستمر عن عمل إضافي، ولو كان من المنزل، ككاتبة في إحدى المجلات، أو محررة لموقع إلكتروني، فبغير ذلك لا تستطيع أن تساعد زوجها في تدريس أبنائهما الأربعة.
وفي هذا الشأن، يقول اختصاصي علم الاجتماع ومدير مركز الدراسات، د. محمد جريبيع: “نسبة العمل في وظيفتين بدأت بالفعل تزداد أكثر فأكثر، رغم أن الكثيرين لا يصرحون بالعمل الآخر، وخصوصا من يعمل في القطاع الحكومي”.
لكن العمل الثاني بات أساسيا وليس للرفاهية، وإنما للعيش الكريم بحدوده المعقولة، ولتأمين الاحتياجات الأساسية، ليس أكثر.
ويشير إلى أنه في مقابل ارتفاع الأسعار ما تزال الرواتب على حالها، ما جعل الموظف وحتى من يشتغل في القطاع الخاص، أو العمل الحر، يفكر في الحصول على دخل إضافي.
ومن وجهة نظر اقتصادية، يبين الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن السبب الرئيسي للجوء العامل، سواء في القطاع العام أم الخاص، إلى عمل آخر، إضافة إلى عمله الأساسي، سببٌ اقتصادي بحت.
ويوضح أن مستوى دخل الموظف، أو العامل لدى القطاعين الخاص والعام صار منخفضا، ولا يتناسب مطلقا مع ارتفاع تكلفة المعيشة وجنون الأسعار الذي تشهده الأسواق.
وتحدث أيضا عن السلبيات التي يمكن أن تنعكس على المواطن نتيجة لجوئه إلى عملين أو وظيفتين، قائلا “إن أولى هذه السلبيات عدم تركيز المواطن، موظفا كان أم عاملا في القطاع الخاص، على عمل واحد ليبدع فيه، فكيف على سبيل المثال للمعلم الذي يعمل سائق تاكسي بعد الدوام المدرسي؟”، فكيف له أن يحضر الدروس التي يعطيها لتلاميذه في اليوم التالي؟ ناهيك عن الآثار السلبية على صحته وعلى اهتمامه بأولاده وأسرته.
وليس هذا وحسب بل أن الجمع بين وظيفتين له مساوءه التي تصل إلى الحياة الزوجية والاجتماعية إذ تلفت سلمى -34عاما- ان زواجهما هي وزوجها الذي يعمل بوظيفتين لم يعد يطاق إذ يعود إلى البيت بوقت متأخر منهكا من ضغط العمل المزدوج إذ يعمل في الفترة الصباحية كمدرس وفي المساء يعمل في مدرسا خصوصيا “
وتضيف أنها فكرت مليا بالانفصال لكنها تعود لتلتمس له عذرا إذ انه “يجهد نفسه لتامين قوت الحياة لها ولأطفالها الثلاثة في ظل الغلاء الذي يشهده الجميع فهو ليس مقتصرا علينا فحسب.”
ويبين أن الظرف الاقتصادي يجعل الفرد المسؤول عن عائلة في ضيق نفسي شديد، خصوصا إن لم يستطع أن يوفر احتياجاتهم مهما كانت بسيطة، ليأتي الحل الوحيد بما أن الأسعار والحياة في غلاء مستمر هو إيجاد عمل ثان، وشرح الوضع الاقتصادي بشفافية لعائلته حتى لا يلوموه على ساعات دوامه الطويلة وانشغاله عنهم.
“تم إعداد هذا التقرير من قبل فريق مشروع حوكمة، وهو برنامج اعلامي استقصائي أطلقته مؤسسة طومسون رويترز في الاردن بالشراكة مع شبكة “أريج” إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية.”
حوكمة – آية عليان -