في عيدهم.. البطالة وتدني الأجور وانتهاك الحقوق ابرز ما يعانيه العمال بالاردن
اكد المرصد العمالي التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية ان سوق العمل في الاردن لا زال يعاني ذات التحديات التي يواجهها منذ سنوات والمتمثلة في ضعف فرص التشغيل واستمرار ارتفاع معدلات البطالة وضعف معدلات الاجور، اضافة الى تقييد حرية العمل النقابي والمفاوضة الجماعية ، و ضعف الحماية الاجتماعية للعاملين، واستمرار التجاوزات والانتهاكات على الحقوق العمالية الاساسية.
وفي بيان اصدره المرصد العمالي اليوم بمناسبة عيد العمال العالمي الذي يصادف الاول من ايار، بين ان السنوات الخمس الماضية شهدت تذبذبا في عدد فرص العمل المستحدثة في الاقتصاد الأردني؛ مرجعا ذلك لعدة اسباب ابرزها تراجع حجم المشاريع الصناعية التي تعتبر المشغل الرئيسي للعمالة، إضافة لوجود اختلالات هيكلية في سوق العمل، سببه عدم وجود علاقة قوية بين معدلات النمو الاقتصادي وبين تشغيل الأردنيين. إضافة لوجود فجوة واسعة بين حاجات سوق العمل ومخرجات التعليم الجامعي والمهني، فحاجات سوق العمل لا تتوائم مع المعارف والمهارات التي يحملها الداخلون الجدد لسوق العمل.
وذكر البيان ان جزءا كبيرا من فرص العمل المستحدثة يشغلها عمالة وافدة؛ ولذلك استمرت معدلات البطالة خلال السنوات الخمس الماضية عند مستويات مرتفعة خلال الأعوام الماضية وتراوحت ما بين (11.0 – 14.0%) وعند الاناث ضعفها عند الذكور، وعند الشباب ما بين سن (16-24) من غير الجالسين على مقاعد الدراسة ما بين (27.9-36.6%).
كما اكد البيان ان من التحديات الهامة التي تواجه عمال الأردن، الانخفاض الملموس والكبير في معدلات الأجور للغالبية الساحقة من العاملين بأجر، إذا أخذ بعين الاعتبار مستويات الأسعار لمختلف السلع والخدمات. الأمر الذي أدى الى اتساع رقعة العمالة الفقيرة.
واشار الى ارقام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي التي تشير الى ان متوسط الأجر الشهري للمشتركين فيها في عام 2012 بلغ (416) دينارا، والى جانب ذلك تشير العديد من الدراسات والتقارير أن أعداد كبيرة من العاملين في الأردن يحصلون على أجور شهرية تقل عن الحد الأدنى للأجور المنخفض أصلاً، الأمر الذي يشير بوضوح أن غالبية العاملين بأجر يصنفون ضمن العمالة الفقيرة.
واعتبر البيان ان من اهم التحديات التي يواجهها عمال الاردن القيود غير المبررة على حرية التنظيم النقابي. معتبرا اياه السبب الأساسي في اتساع رقعة الانتهاكات التي تتعرض لها قطاعات واسعة من العاملين في الأردن.
وفي هذا السياق اوضح ان الحكومات لا زالت ترفض اجراء تعديلات ملموسة تفك فيه الحظر على تأسيس نقابات عمالية جديدة خارج إطار النقابات العمالية الرسمية ال (17)، مشيرا الى المادة 16 من الدستور الاردني والتي تنص على "حق الاردنيين بتأليف الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية على ان تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية"، والى قرار المحكمة الدستورية التفسيري الذي صدر في شهر تموز من عام 2013 والذي أكد وبشكل مباشر على حق العمال العاملين في القطاع العام بتنظيم انفسهم في نقابات خاصة بهم.
وشدد على ان الاردن ملزم بتطبيق نصوص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم، باعتبارها واحدة من ثماني اتفاقيات مكونة لإعلان منظمة العمل الدولية للحقوق والمبادئ الاساسية للعمل الذي اقر في عام 1998، والزمت به كافة الدول الاعضاء في منظمة العمل الدولية والاردن واحدة منها.
وتابع البيان بالقول ان هناك خلل اخر يتعلق بالمفاوضة الجماعية والذي طالما أشتكى منه ممثلي العمال ونقاباتهم، والمتمثل في عدم سلاسة واستقلالية آليات المفاوضة الجماعية، واقتصارها على النقابات العمالية المعترف بها فقط، ويعطي القانون الحق للحكومة بالتدخل في أي مرحلة من مراحل التفاوض، الأمر الذي يضعف دور النقابيين ويجردهم من أدواتهم الضاغطة والتي يعد الاضراب اهمها. ولذلك فإن غالبية الاحتجاجات العمالية التي تم تنفيذها في الأردن خلال السنوات الأخيرة تم تصنيفها بأنها اضرابات غير قانونية حسب نصوص قانون العمل.
وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية اشار البيان أنه وبالرغم من التعديلات المتلاحقة على نصوص قانون الضمان الاجتماعي والتي كانت بمجملها تعديلات ذات صبغة إصلاحية، بحيث تشمل جميع القوى العاملة في الأردن قانونياً، ولا تفرق بين العمالة الوطنية والعمالة الوافدة (المهاجرة)، فإن نسبة المشمولين في الضمان الاجتماعي مازالت قليلة، فهم يشكلون في أحسن الأحوال ثلثي القوى العاملة، إذ يبلغ عدد المؤمن عليهم الفعالين (على رأس عملهم) ما يقارب (1.05) مليون عامل.
وكذلك هنالك قطاعات واسعة من العاملين في مؤسسات مشمولة في قانون الضمان الاجتماعي إلا أن مؤسساتهم لا تشركهم في الضمان الاجتماعي، وهنالك مؤسسات تشرك جزء من العاملين، والعديد من المؤسسات تشرك العاملين لديها أو جزء منهم برواتب تقل عن رواتبهم الحقيقية وذلك بهدف تخفيف الاقتطاع المترتب عليها، بحسب البيان.
وتحدث البيان عن اتساع رقعة الانتهاكات التي يتعرض لها قطاعات واسعة من العاملين بأجر في الأردن ابرزها ان غالبية العاملين يحصلون على أجور شهرية تقل عن الحد الأدنى للأجور البالغ (190) ديناراً، كما ان هنالك قطاعات واسعة من العاملين لا يحصلون على حقوقهم في الإجازات السنوية والمرضية والرسمية أو حتى الإجازات الطارئة.
واضاف ان هناك انتهاكات كبيرة تتعلق بساعات العمل، إذ أن هنالك العديد من القطاعات العمالية يعمل فيها العاملون ساعات تتجاوز الساعات الثماني التي حددها قانون العمل الأردني من دون الحصول على بدل عمل إضافي. الى جانب تغيب شروط السلامة والصحة المهنية عن قطاعات واسعة من العاملين في المؤسسات المتوسطة والصغيرة والعاملين في القطاع غير النظامي بالإضافة إلى غياب الاستقرار الوظيفي عن عشرات آلاف العاملين بحيث يستطيع صاحب العمل الاستغناء عنهم من دون أسباب مقنعة.
فيما يتعلق بتشغيل ذوي الاعاقة، قال البيان أن مستويات تشغيلهم في القطاعين العام والخاص متدنية جدا، وإن كانت معدلات تشغيل الأشخاص المعوقين في القطاع الحكومي أعلى منها في القطاع الخاص، رغم الجهود العديدة التي بذلت من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية لتأهيلهم ودمجهم في سوق العمل..
ولفت الى انتشار عمالة الأطفال بشكل كبير؛ بما يخالف قانون العمل الاردني والاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الاردن بخصوص حقوق الطفل.
ودعا البيان الحكومة وكافة اجهزة الدولة الأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات التي تواجه عمال الأردن عند رسمها وتنفيذها للسياسات المختلفة وخاصة السياسات الاقتصادية، لتصب بمجملها في زيادة فرص التشغيل اللائق، واعادة النظر بسياسات الأجور المتبعة واعطائها بعد قيمي اجتماعي وعدم الاكتفاء بالنظر اليها باعتبارها كلفة، واعادة النظر بنصوص قانون العمل المتعلق بالتنظيم النقابي لتمكين جميع العاملين في الأردن من تنظيم انفسهم في نقابات ديمقراطية وفعالة تحقق مصالحهم، وتوسيع منظومة الحماية الاجتماعية لتشمل كافة العاملين في الأردن، وتمكينهم من التمتع بحقهم الأساسي في التأمين الصحي، بالإضافة الى تطوير نظم انفاذ التشريعات العمالية لوضع حدد للتجاوزات التي تجري عليها، لتمكين العاملين من التمتع بظروف عمل لائقة.