jo24_banner
jo24_banner

"اسكوا" تتوقع نمو الناتج الحقيقي للأردن 3.2%

اسكوا تتوقع نمو الناتج الحقيقي للأردن 3.2
جو 24 :

أظهر مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة غربي اسيا للعام 2011/2012 الصادر مؤخرا عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «اسكوا»، تزايد القلق من انزلاق الاقتصاد العالمي مجدداً في الركود، بعد انتعاش من الركود الذي ألمّ به في عام 2009.


وتوقع التقرير أن يصل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي للأردن خلال العام 2012 حوالي 3.2%، فيما رجح أن يرتفع معدل التضخم لاسعار المستهلك من 4.4% العام الماضي الى 5.5% العام الحالي.


وبين المسح أن معدل النمو في الناتج الاجمالي للمملكة المتوقع للعام الحالي يقل عن متوسط النمو المرجح لدول غربي آسيا والبالغ 4% للعام الحالي، فيما يرتفع بنسبة مريحة مقارنة بمتوسط الاقتصاديات الاكثر تنوعا لدول المنطقة والمتوقع أن يصل 2.6%.


أما على مستوى التضخم في الاسعار فيعد معدله في المملكة قريب من متوسط التضخم المرجح لدول غربي اسيا والمقدر 5% العام الحالي، فيما يقل بنسبة كبيرة عن متوسط الاقتصاديات الاكثر تنوعا لدول المنطق والمقدر أن يبلغ العام الحالي 9.9%.


وأشارت نتائج المسح الى أن التقديرات للناتج العالمي الإجمالي في عام 2011 لم يرتفع إلا بنسبة 2.8% مقابل ارتفاع بلغ معدّله 4% في عام 2010.


أما تداعيات الأزمة العالمية على البلدان الأعضاء في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) فتتفاوت حسب مدى ارتباطها بأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية وسائر مناطق العالم.
ومن المتوقّع أن تبقى أسعار النفط مرتفعة، لكن في حال عودة الركود العالمي، يمكن أن تنخفض هذه الأسعار إلى ما دون السعر الذي يحقق التعادل بين الأرباح والتكاليف.


وشهدت المنطقة العربية في عام 2011 تحركات اجتماعية أدّت ببلدانها إلى حالة من عدم اليقين.
وقد حقّقت بلدان مجلس التعاون الخليجي نمواً بلغ معدّله 5.7% في عام 2011 مقابل 4.4 % في عام 2010، في حين حقّقت البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوّعاً نموّاً معدّله 2.3% في عام 2011، بعد أن بلغ معدّل النمو فيها 5.7% في عام 2010.


ولا تزال التوقعات لعام 2012 غير أكيدة نظراً إلى تقلّب الأوضاع في سوريا، والعملية الانتقالية في كل من مصر واليمن.


ومن المتوقّع أن تحقق بلدان مجلس التعاون الخليجي نمواً يبلغ معدّله 4.6 % في عام 2012، وأن يسجّل العراق نمواً يتجاوز معدّله 10%. وباستثناء العراق، يتوقع ألا يتجاوز معدّل النمو 0.8% في البلدان ذات الاقتصاديات الأكثر تنوعاً في عام 2012.


وقد لجأت بلدان مجلس التعاون الخليجي والبلدان ذات الاقتصاديات الأكثر تنوّعاً إلى السياسات المالية التوسّعية في عام 2012، وإلى الإنفاق الاجتماعي الاستنسابي للتخفيف من آثار الاضطرابات السياسية.


وشملت السياسات المعتمدة زيادة الرواتب وخلق فرص العمل في القطاع العام، وزيادة الدعم والمساعدات الاجتماعية. ويثير العجز الكبير في بعض البلدان المخاوف من عدم القدرة على تحمل الديون مما يدفع بهذه البلدان إلى مناقشة خطط للإصلاح المالي.
والبطالة المرتفعة في المنطقة لا تزال تتزايد، لا سيما في صفوف الشباب.


وفي ظلّ التحركات الاجتماعية أصبح خلق فرص العمل أولويةً في برامج التنمية على المستويين الوطني والإقليمي، لا سيما وأنّ سياسات الاقتصاد الكلي التي كانت المعتمدة في الماضي قد أدّت إلى الإقصاء الاقتصادي وتفاقم عدم المساواة. ولا بد من تضمين سياسات الاقتصاد الكلي رابطاً واضحاً بين الإنفاق الحكومي، والضرائب، وأسعار الصرف من جهة وخلق فرص العمل من جهة أخرى.

الاتجاهات والتطورات الاقتصادية
بعد التشاؤم الذي ساد في عامي 2008 و2009، تحسّنت الآفاق الاقتصادية لمنطقة الإسكوا في عام 2010. غير أنّ حالة عدم اليقين ما لبثت أن خيمت من جديد في عام 2011، مع انتشار التحركات الشعبية في المنطقة العربية.


وكان للتوترات السياسية آثار مباشرة على النشاط الاقتصادي في البحرين، وسوريا، ومصر، واليمن، وآثار غير مباشرة على البلدان المجاورة، لا سيما الأردن ولبنان. وساهمت التوترات السياسية في ارتفاع أسعار النفط مما عزز معدلات النمو في البلدان المصدرة للنفط. وتأثرت التنمية الاقتصادية في عام 2011 بفعل حالة عدم اليقين في مصر واليمن في ظل عملية تغيّر القيادات، وتزايد الاضطرابات في الجمهورية العربية السورية، وتفاقم التوتر بين السودان وجنوب السودان عقب الانفصال، وستستمر هذه العوامل في التأثير على مستقبل المنطقة الاقتصادي.


وتشير التقديرات إلى أن معدّل النمو في منطقة الإسكوا ارتفع من 4.7% في عام 2010 إلى 4.2% في عام 2011. وبلغ أعلى مستوياته في عدد من البلدان المصدرة للنفط، حيث ارتفع سعر برميل النفط ليبلغ متوسطه 107 دولارات أمريكية. وفي ظل التوترات السياسية ضعفت معدلات النمو في البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً، ولا سيما في الجمهورية العربية السورية واليمن، حيث تراجع معدّل النمو بنسبة 9% تقريباً في عام 2011.


وفي عام 2011، استفادت البلدان الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من ارتفاع أسعار النفط لتسجل نمواً بلغ معدّله 3.7% مقابل 4.4% في عام 2010. فقد عمدت الإمارات العربية المتحدة والكويت والمملكة العربية السعودية إلى زيادة إنتاج النفط تعويضاً عن انقطاع الإنتاج في ليبيا. ولم يتأثر الأداء الاقتصادي في هذه البلدان كثيراً بالتحركات الشعبية لأن ارتفاع سعر النفط مكنها من المحافظة على التوسع المالي ودعم مداخيل الأسر المعيشية والاستهلاك الخاص.


غير أن الوضع كان مختلفاً في البحرين، حيث تأثرت سمعة البلد كمركز مالي آمن بفعل التوترات الاجتماعية في عام 2011، وتضررت قطاعات مالية وسياحية أساسية، فانخفض النمو الاقتصادي من 4.5% في عام 2010 إلى زهاء 2.5% في عام 9011. ويعتمد النمو في بلدان مجلس التعاون الخليجي خصوصاً على القطاع النفطي، غير أن دور القطاع غير النفطي في النمو يتزايد أهمية مع الوقت. ففي المملكة العربية السعودية، بلغ معدّل النمو في القطاع غير النفطي 5% في عام 2011، وهو أحد أعلى المعدلات التي يسجلها النمو في غضون عقود. ويتوقع أن يبقى معدل نمو القطاعات غير النفطية 5% في عام 2012 مدعوماً بزيادة في الإنفاق العام والاستثمار والاستهلاك الخاص. ووجهة صادرات المملكة العربية السعودية غير النفطية تتركز في شرق آسيا، حيث يفترض أن يبقى النمو ثابتاً.


وانعكست التوترات الاجتماعية على الأداء الاقتصادي في البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً وتشير التقديرات إلى أن معدّل النمو انخفض من 5.7% في عام 2010 إلى 2.3% في عام 2011.
وقد استفاد العراق من ارتفاع أسعار النفط، فحقق نمواً بلغ معدّله 9.6% في عام 2011. وباستثناء العراق، لم يتجاوز متوسط معدل النمو في البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً 0.7% نتيجة حالة عدم الاستقرار في الجمهورية العربية السورية واليمن. وقد أثرت التوترات السياسية على البلدان المجاورة أيضاً، لا سيما لبنان الذي سجل تراجعاً حاداً في النمو من 7% في عام 2010 إلى 9% تقريباً في عام 2011. وشهدت مصر توترات سياسية في عام 2011، فتراجع النمو إلى حوالي 1%. وشهدت البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً عموماً تدهوراً في الوضع المالي، إذ تراجعت تدفقات رأس المال، فتفاقم العجز في الأردن، والجمهورية العربية السورية، ولبنان، ومصر، حيث تأثر أيضاً قطاع السياحة الذي هو قطاع أساسي في الاقتصاد.


تبدو آفاق عام 2012 لمنطقة الإسكوا على قدر كبير من عدم اليقين، بسبب توقع استمرار اضطراب الأوضاع في الجمهورية العربية السورية والعملية الانتقالية في مصر واليمن. فالمنطقة تتأثر بالركود العالمي الذي قد يؤدي إلى تراجع أسعار النفط والطلب على الصادرات غير النفطية. ويمكن أن تكون البلدان المصدرة للنفط هي المحرك للنمو لأنه من المتوقع أن يحافظ سعر برميل النفط على ارتفاعه عند حدود 100 دولار. ومن المتوقع أن تحقق بلدان مجلس التعاون الخليجي نمواً بمعدّل 4.6% في عام 2012، والبلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً، باستثناء العراق، نمواً بمعدّل 0.8%، لأن العراق يتوقع أن يحقق نمواً يتجاوز معدّله 10%.


وهذه التوقعات تبقى عرضة للتأثر بما تشهده المنطقة من تطورات على الصعيدين السياسي والأمني.
ويتوقّع أيضا أن تتراجع معدلات التضخم في بلدان مجلس التعاون الخليجي 3.2% وفي البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوّعاً 9.9% في عام 2012، بينما يتوقع أن تبقى معدلات التضخم مرتفعة في السودان ومصر واليمن، وأن تفوق 10% في سوريا.


وستؤثر الاضطرابات الاجتماعية على تدفقات رأس المال في المنطقة، لا سيما الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ومع أنّ تحديد الأثر الكلي للاضطرابات هو مهمة صعبة جداً، يقدّر انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 10 مليارات دولار أمريكي في عام 2011، لتبلغ الحد الأدنى لها في ستة أعوام.


ولا تُبدي الصورة تحسّناً حسب توقعات عام 2012، إذ لا يزال عدد من بلدان المنطقة في المرحلة الانتقالية. فحالة عدم اليقين هي عائق كبير أمام الاستثمار. ولن تكون حصّة الأردن ولبنان من الاستثمار الأجنبي المباشر بمنأى عن الانخفاض، لقرب البلدين من الجمهورية العربية السورية، وتعرضهما لآثار الصراع فيها.


ووفقاً لتقديرات الإسكوا، شهدت المنطقة في عام 2011 انخفاضاً في قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إليها بنسبة 16% على الأقل.


ومع أن بعض بلدان المنطقة لا تزال تتمتع ببيئة مشجعة للاستثمار، يتوقّع أن تؤدّي حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار السياسي إلى انخفاض في تدفقات رأس المال إليها. ومن المتوقع أيضاً أن تبقى أسعار النفط مرتفعة وأن تحافظ بلدان مجلس التعاون الخليجي على مستوى مرتفع في الإنفاق الرأسمالي، مما قد يعوّض عن تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة من خارج المنطقة.

التطورات في السياسات الاقتصادية
طرحت التطورات والتوجهات الأخيرة تحديات على مستوى الاقتصاد الكلي ينبغي لواضعي السياسات في منطقة الإسكوا مواجهتها. فمعظم بلدان المنطقة تربط عملاتها بالدولار الأمريكي أو تتحكم بسعر الصرف.


وفعالية السياسات النقدية محدودة، ومرتبطة بسياسات الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك تعتبر السياسات المالية الأداة الرئيسية لمواجهة التحديات على مستوى الاقتصاد الكلي، غير أنها محصورة في البلدان غير المصدرة للنفط. وفي ظل الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009، نجح معظم البلدان الأعضاء في الإسكوا في اعتماد السياسات المالية الواقية من التقلّبات الاقتصادية.


وأدت هذه السياسات إلى استنزاف الموارد المالية، وفي حال عاد الركود العالمي في عام 2012، فستكون قدرة البلدان الأعضاء في الإسكوا على اعتماد استراتيجيات مماثلة محدودة.
ومع ذلك، من المتوقع أن تحقق هذه البلدان فائضاً كبيراً نظراً إلى ارتفاع سعر النفط الخام. غير أنّ هذه الأرقام معرضة للتراجع السريع في حال انخفض سعر النفط. ويبلغ سعر التعادل أعلى حد له في البحرين 112 دولاراً للبرميل، ويراوح عند 80 دولاراً للبرميل في سائر بلدان المجلس..
ويتوقع أن يتباطأ الإنفاق العام في بلدان مجلس التعاون الخليجي في عام 2012 ليبلغ معدّل الزيادة 6% تقريباً، وهو أدنى معدّل منذ أعوام. وستبقى السياسات المالية توسعية في معظم البلدان.
وفي حين تتمتع بلدان مجلس التعاون الخليجي بالحيز المالي الكافي للاستمرار بالتوسّع، تعاني البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوّعاً من قيود تعوق تحرّكها في هذا الاتجاه. غير أنّ هذه البلدان سارعت إلى معالجة حالات التوتر السياسي الناجم عن التحركات الشعبية، فزادت الإنفاق على تقديم المساعدات، وزيادة الرواتب والمزايا الاجتماعية. وهذه التدابير تطرح مشاكل عديدة لأنّ الموارد المالية آخذة في النضوب في معظم هذه البلدان، ولأن زيادة الإنفاق الاجتماعي على حساب الاستثمارات المنتجة لها تداعيات ضارة على المدى الطويل.


ويمكن لتراجع الاستثمار أنّ يؤثر سلباً على مسار النمو على المدى الطويل. فمعظم البلدان تعاني من عجز مالي شديد ومستمر، مما أدى إلى زيادة الديون، لا سيما في الأردن ولبنان.
ووفقاً للتوقعات المالية ستستمر البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً في زيادة الإنفاق على المجالات الاجتماعية. وتزداد حالياً المخاوف من عدم قدرة هذه البلدان على تحمّل ديونها، ويعمد عدد منها إلى مناقشة الإصلاحات المالية اللازمة، وذلك من خلال إلغاء الإعفاءات الضريبية، والحد من الإنفاق، وإصلاح نظام الدعم. غير أنّ التخوّف من الاضطرابات الاجتماعية دفع بالحكومة إلى التخلي مؤقتاً عن خططها.


ولا تزال القطاعات المالية في المنطقة غير متقدّمة كفاية، فنسبة القروض إلى الإيداعات لا تتجاوز 1% في معظم البلدان، وفي ذلك إشارة إلى فائض السيولة. وتفتقر القطاعات المالية إلى العمق مما يطرح عدداً من التحديات أمام القطاع الخاص، لا سيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة. فالمصارف تقدم على تمويل المشاريع الكبيرة وتتردد في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة. لذلك لا بدّ من وجود آليات مالية تسهل على المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحصول على التمويل.


وتبيّن البحوث أنّ المشاريع الصغيرة والمتوسّطة تؤدي دوراً محورياً في تنمية القطاع الخاص وفي خلق فرص العمل. ولذلك من الأهميّة تسهيل حصول المشاريع الصغيرة والمتوسطة على التمويل اللازم، لأن هذه المشاريع إذا كانت قوية وفاعلة تستطيع دفع عجلة نمو القطاع الخاص وخلق فرص العمل لمكافحة مشكلة البطالة في المنطقة. وتحتاج بلدان منطقة الإسكوا إلى وضع استراتيجيات وطنية شاملة للدمج المالي وذلك لضمان حصول المؤسسات الصغيرة والمتوسّطة على التمويل.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية والركود الاقتصادي وتوارث المشاكل الاجتماعية والإقصاء السياسي عبر عقود من الزمن، كلّها عوامل أدّت إلى احتجاجات عمّت أنحاء عديدة من العالم. فقد تعالت الأصوات المنادية بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية لتؤكّد أنّ سياسات الاقتصاد التي تكرّس إقصاء فئات من المجتمع لم تعد مقبولة. وإن تشعبت طبيعة التحركات وأسبابها واختلفت مطالب بين بلد وآخر تبقى أوجه الشبه عديدة فيما بينها. ففي معظم البلدان، تمحورت المطالب حول قضايا البطالة، والفقر وعدم المساواة. وفي منطقة الإسكوا نادت الحركات الاجتماعية ببرنامج سياسي، إذ رأت في التغيير السياسي الخطوة الأولى لتحقيق التغيير الاجتماعي والاقتصادي المنشود.


وتُعتبر مشاركة الشعوب العربية بالشأن الاجتماعي والسياسي خلال السنة الفائتة مشجعة. فمشاركة شباب المنطقة في الشؤون الاجتماعية والسياسية شكّلت مصدر إلهام للشباب في مختلف أنحاء العالم، خاصة في الولايات المتحّدة الأمريكية وأوروبا. ومشاركة المرأة في الحركات الاجتماعية كانت ظاهرة وفاعلة ولا سيما في الأردن والجمهورية العربية السورية ومصر واليمن.


وهذا الدور الحاسم الذي تضطلع به المرأة في الثورات لا بد أن يستمر ما بعد الثورات، فتستفيد شعوب المنطقة من هذه الفرصة لإدماج منظور المرأة في المواقف السياسية والإجراءات العامة.
أما عن ارتفاع معدّل البطالة، لا سيما بطالة الشباب، فهو من أكبر التحديات التي تعوق التنمية الاجتماعية في منطقة الإسكوا. فوفقاً لإحصاءات منظمة العمل الدولية، تُعتبر معدلات البطالة في الشرق الأوسط من أعلى المعدلات في العالم، ومن المتوقع أن يكون متوسط هذه المعدلات قد ارتفع من 9.9% في عام 2010 إلى 10.2% في عام 2011 ، حيث بلغ معدّل بطالة الرجال 8.3 % مقابل 18.7% للنساء.


ووفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية، ارتفع معدّل بطالة الشباب من 25.4% في عام 2010 إلى 26.2% في عام 2011.


في حين سجل معدّل العمالة الهشّة انخفاضاً طفيفاً، إذ هبط تدريجياً من 32.4% في عام 2005 إلى 29.5 % في عام 2011، لا يزال 27% من الرجال مقابل 40% من النساء يعملون في ظروف عمل غير مستقرة. ومن أهم التحديات أيضاً انتشار القطاع غير النظامي في منطقة الإسكوا الذي يولّد ثلث الناتج المحلّي الإجمالي تقريباً في الأردن وسوريا ولبنان ومصر واليمن، ولا يستفيد العاملون فيه في الغالب من خطط الحماية الاجتماعية.


وتعتمد أسواق العمل في بلدان مجلس التعاون الخليجي على العمّال الأجانب، ونظراً إلى كثرة القوى العاملة الأجنبية في بلدان مجلس التعاون الخليجي وتأثيرها على الإحصاءات، لا يمكن المقارنة بين معدّلات البطالة في بلدان المجلس وسائر البلدان. ويرجح أن يكون معدّل بطالة المواطنين أعلى بكثير ممّا تظهره الإحصاءات الإجمالية، ولذلك من الضروري خلق فرص العمل للمواطنين لمواكبة الزيادة السريعة في عدد الشباب في بلدان مجلس التعاون الخليجي.


ولا تزال معدّلات بطالة الشباب ترتفع على الرغم من الجهود التي بذلتها الحكومات لخلق فرص عمل جديدة في القطاع العام، علماً بأنّ هذه الاستراتيجية غير مستدامة على المدى البعيد. وقد اعتمدت بلدان مجلس التعاون الخليجي سياسات «توطين» تهدف إلى الاستعاضة عن العمّال الأجانب بالمواطنين، إلا أن التنويع الاقتصادي يبقى الاستراتيجية الرئيسية لتأمين عدد أكبر من فرص العمل للمواطنين الشباب.


وتعاني شعوب منطقة الإسكوا في العموم من الفقر وعدم المساواة، وإن لم تعبّر معظم المؤشرات عن هذا الواقع. فوفقاً لتعريف الفقر في كل بلد، تبلغ نسبة الفقر في اليمن والسودان 30% تقريباً. ونسبة الفقر مرتفعة أيضاً وتتراوح بين 20% و40% في سائر البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً. وللفقر في بلدان مجلس التعاون الخليجي مظاهر أخرى لا بد من معالجتها. وينبغي أيضاً وضع مؤشّرات إقليمية لقياس الفقر. ووفقاً لمؤشرات عدم المساواة، ومنها مؤشّر «جيني»، لا يوجد تفاوت كبير في الدخل في معظم بلدان الإسكوا، غير أنّ هذه النتائج مثيرة للجدل إذ تتعارض مع التفاوت الواضح والمتزايد في عدد من بلدان المنطقة. وأهمّ أوجه التفاوت هي في الحصول على الخدمات العامة والكهرباء والمياه بين المناطق الريفية والحضرية، وبسبب هذا التفاوت يزداد النزوح من الأرياف إلى المدن مما يزيد من خطر التفكّك الاجتماعي.


وليست البطالة والفقر وعدم المساواة مشاكل جديدة غير أنّها ازدادت حدّة في ظل العولمة والسياسات الاجتماعية والاقتصادية المحلية غير الفعّالة. وقد وضعت التحرّكات الاجتماعية والاحتجاجات السياسية هذه المشاكل على رأس برامج عمل الحكومات، واستجابت عدّة دول فعمدت إلى زيادة الإعانات في حال البطالة والأجور ومساعدات الإسكان وأتاحت المزيد من فرص العمل في القطاع العام. غير أنّ هذه التدابير لم تكن كافية لمعالجة أسباب الاستياء الأساسية. ولذلك لا بدّ من اقتراح سياسات اجتماعية شاملة. فقد جرى التركيز في فترة التحوّل هذه على الإصلاح السياسي أكثر من التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وبيّنت التجربة في عدة بلدان في المنطقة، ولا سيما في مصر، أن التركيز على الإصلاح السياسي أثر سلباً على برنامج الإصلاح العام، وتحوّلت مناقشات الهيئات الانتقالية إلى منافسة انتخابية تقليدية وجدل أيديولوجي بدلاً من أن تركز على الحوار الموضوعي حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية. ولا بدّ من مناقشة نهج جديد للتنمية يرتكز على الشمولية والمساواة والمشاركة، فمن خلال تعزيز التنويع والمنافسة، يمكن للمنطقة أن تخرج من دائرة النمو الذي لا يخلق فرص عمل جديدة. ولا بدّ من مواءمة السياسات الاقتصادية والاجتماعية مع رؤية إنمائية طويلة الأمد.

الاقتصاد الكلّي وسوق العمل
وضعت الحركات الاجتماعية خلق فرص العمل على رأس الأولويات الإقليمية والوطنية. فقد أدّت سياسات الاقتصاد الكلّي إلى الإقصاء وعدم المساواة على الصعيد الاقتصادي.


ومن التحديات التي تواجه التنمية تحديات نوعية وأخرى كمية منها العلاقة بين سياسات الاقتصاد الكلّي وخلق فرص العمل، مع التركيز على الطلب في سوق العمل من أجل دراسة تأثير الإنفاق الحكومي والضرائب وسعر الصرف على خلق فرص العمل. بالاضافة الى الرابط بين البطالة ونمو الناتج المحلي الإجمالي كبعدا من أبعاد المشكلة.


وبينت نتائج المسح أن متوسّط النمو الاقتصادي في جنوب شرق آسيا يفوق بقليل متوسّط منطقة الإسكوا، في حين بقي معدّل البطالة أقلّ بثلثين تقريباً، إذ ركز نمط النمو في جنوب شرق آسيا على خلق فرص العمل.


وأضافت النتائج أن الأبحاث أجريت مؤخراً بينت أيضا أنّ بطء عمليّة خلق فرص العمل نسبةً إلى النمو لم يكن سوى عامل من العوامل التي تساهم في زيادة البطالة في المنطقة. وفي المجمل، أدّى كل واحد في المائة من النمو في الناتج المحلي الإجمالي في البلدان ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً إلى زيادة فرص العمل بنسبة 0.74% في حين أدّى كل 1% من النمو في الناتج المحلي الإجمالي في بلدان مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة فرص العمل بنسبة 0.66%. ووفقاً لحسابات متوسّط فرص العمل إلى النمو في العقد الأول من الألفية، تتوفر لمنطقة الإسكوا إمكانيّة أكبر لخلق فرص العمل مقارنة بسائر البلدان ذات الدخل المتوسط


ويتأثر الوصول إلى سوق العمل في عدد من بلدان المنطقة بنوع من التمييز بين المركز والأطراف (مثل التمييز بين الريف والمدن، أو الساحل والداخل). ولا بدّ من أن تكون معالجة المشاكل الهيكليّة في سوق العمل جزءاً من عملية وضع سياسات الاقتصاد الكلي. فالصناعات الاستخراجية التي تستأثر بقدر كبير من رأس المال ولا توفر الكثير من فرص العمل تشكّل حيزاً كبيراً من اقتصادات المنطقة. وقد تغيّر هذا الواقع بعض الشيء خلال العقد الأخير مع بروز قطاعات تعتمد على كثافة اليد العاملة (مثل البناء والسياحة والتجارة)، غير أنّ هذه القطاعات صغيرة نسبياً ويشغل الوظائف في القطاعات غير النفطية موظفون أجانب نظراً إلى أنّ المواطنين لا يبدون اهتماماً بهذا النوع من العمل.


وعادة ما يخصّص الإنفاق العام في المنطقة لخدمة سياسات اجتماعية إستنسابية قصيرة الأمد وتأمين المساعدات أو ما يعرف «بالإعانات من أجل السلام». وخلق فرص العمل في القطاع العام يحدّ من القدرة الإنتاجية ومن إمكانيّة خلق فرص عمل طويلة الأمد، فالإنفاق العام يرتبط ارتباطاً طردياً بالبطالة وينبغي لبلدان المنطقة إعادة النظر بالنظم الضريبية لمعالجة المشاكل المرتبطة بالحكم والفساد، فالضرائب المرتفعة تقيّد قدرة القطاع الخاص على الاستثمار وخلق فرص العمل.


واخيرا دعا التقرير الى تعزيز التنوّع الاقتصادي من أجل خلق المزيد من فرص العمل، ويمكن أن تساهم عوامل متعددة مثل سياسات الضرائب والإنفاق العام وسعر الصرف في تعزيز التنوّع وتطوير القطاع الخاص. وينبغي أيضاً وضع آليات إدارة سليمة من أجل تطوير القطاع الخاص وتمكينه من تأمين عدد أكبر من فرص العمل. وتحتاج المنطقة كذلك إلى خلق بيئة مؤسسية داعمة للخصخصة. والهدف من هذه التدابير إنما هو تحسين فعالية الأسواق المالية ورفع القيود عنها من أجل تحسين فرص الحصول على التمويل والحدّ من التبعية في ذلك للدولة.الراي

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير