النفط دون الـ90 للمرة الأولى منذ 2010
بعد ستة أيام تدخل حيز التنفيذ العقوبات المالية الغربية على الدول والشركات التي لم تلتزم بالحظر على شراء النفط الإيراني، فيما أعفت الولايات المتحدة سبع دول مستوردة للنفط الإيراني من هذه العقوبات بعد أن خفضت هذه الدول مشترياتها من طهران بصورة ملموسة.
وخلال هذه الأيام الستة ستنجلي حقيقة المواجهة المحتملة بين واشنطن وبكين، فالولايات المتحدة لم تشمل الصين أكبر مشتر للنفط الخام الإيراني بالإعفاء إلى جانب سنغافورة، كما ذكرت الاقتصادية.
ووفقا لوسائل إعلام إيرانية فقد رفعت شركة "يونيبك"، وهي من أكبر شركات الاستيراد في الصين، الكميات التي تستوردها من النفط الإيراني بين 10 و20 في المائة سنوياً.
وحسب هذه التقارير فقد بلغت كمية النفط الإيراني المصدرة إلى الصين حتى آذار /مارس الماضي، 253 ألف برميل يومياً، وارتفعت إلى 355 ألف برميل يومياً في نيسان/أبريل.
ويقول محللون إن هناك شكوكا حول عدم إعفاء الصين من العقوبات، خاصة أن بكين خفضت وارداتها من النفط الإيراني بأكثر من 30 في المائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2012. ويرى مراقبون أن سبب عدم منح الإعفاء هو أن خفض واردات الصين من النفط الإيراني كان وجود خلافات تعاقدية بين "سينوبيك" وشركة النفط الوطنية الإيرانية وليس بسبب اتخاذ بكين قرارا يدعم الجهود الأمريكية للضغط على إيران.
وكشفت "سينوبيك" أخيرا أنها تستهدف خفض وارداتها من النفط الإيراني بنسبة تراوح بين 16 و20 في المائة هذا العام، وهو مستوى يعادل تقريبا النسبة التي تراوح بين 15 و22 في المائة، التي تعهدت بها اليابان في وقت سابق من العام الحالي لضمان إعفائها من العقوبات.
أزمة اليونانومن المرجح وفق مراقبين أن تلبي "سينوبيك" هذا الخفض بصورة رئيسية فقط خلال فترة الخلاف التعاقدي مع شركة النفط الوطنية الإيرانية، إلا أن ارتفاع واردات الصين من الخام الإيراني حاليا بعدما وقعت "سينوبيك" عقدا جديدا مع شركة النفط الوطنية الإيرانية أواخر آذار/مارس الماضي، سيجعل من الصعب على إدارة أوباما منح الصين إعفاء، خاصة أنها سنة انتخابية في الولايات المتحدة، مما يشكك في إمكانية حصول الصين على إعفاء بحلول موعد سريان الحظر في 28 حزيران/يونيو الحالي.
وحول المؤسسات المالية الصينية التي قد تتعرض للعقوبات الأمريكية الجديدة، تقول إريكا داونز المحللة في معهد برزكنغز، إن المصارف التجارية الصينية الكبرى تتسم بالحرج الشديد تجاه إيران وهي لا تريد المخاطرة بخططها للتوسع في السوق الأمريكية، والأمر ينطبق بشكل خاص على مصرف الصين المحدود.
وإذا كانت هناك مصارف صينية تتعامل مع المصرف المركزي الإيراني فهي على الأرجح مصارف صغيرة ذات انكشاف محدود أو معدوم على الولايات المتحدة مثل مصرف كونولون. ولكن هل يمكن لـ "سينوبيك" أن تتحمل تجاريا خفض وارداتها من إيران؟ تقول داونز إن جهود واشنطن لحث مشتري النفط الإيراني على خفض مشترياتهم من النفط الإيراني وضع "سينوبيك" في موقف صعب. ففي العام الماضي استوردت الصين أكثر من 550 ألف برميل يوميا من إيران، ومعظم هذا النفط إن لم يكن كله توجه إلى المصافي التابعة لـ "سينوبيك"، وبالتالي سيكون من الصعب على الشركة تعويض مثل هذا الحجم الضخم من الخام.
وفضلا عن ذلك تواجه "سينوبيك" مخاطر جيوسياسية تتعلق باستثماراتها في مجالات التنقيب والاستخراج في الولايات المتحدة، فإن هي عززت جهودها المتعلقة بعمليات التنقيب في إيران أو زادت مشترياتها النفطية منها، فمن شأن ذلك أن يشكل خطرا على فرص "سينوبيك" للتوسع في الولايات المتحدة التي تعتبرها وجهة جذابة خاصة في ظل تنامي قطاع الغاز الصخري، وهو القطاع الذي تخطط الشركة الصينية للتوسع فيه.
وإلى موضوع ساخن آخر في سوق النفط، حيث حذر مصرف ميريل لنش الاستثماري من مغبة خروج اليونان من منطقة اليورو، الذي سيؤدي إلى هبوط الطلب على النفط بمعدل الثلث ونزول سعر خام برنت إلى مستوى 60 دولارا للبرميل في حال خروجها بطريقة فوضوية.
وقال اقتصاديو المصرف إن وصول أسعار النفط من جهة أخرى إلى 135 دولارا للبرميل يعني أن 9 في المائة من إجمالي الناتج العالمي سيكون مخصصا للطاقة، مما يقود إلى أزمة حادة. وقال المحللون في تقرير للمصرف إن اختلالات التوازن للحساب الجاري العالمي الحالي هي في صلب المخاوف الاقتصادية المستمرة، ففي عالم مقيد بالمعروض النفطي يتعين على الدول التي تعاني عجزا في الحساب الجاري أن تعدل العجز للأقل لإتاحة المجال أمام الدول ذات الفائض، مشيرين إلى أن تحويل المعدلات الحقيقية الأمريكية التي تحبط إنتاج واستثمار قطاع النفط إلى سالب، يمكن أن تدفع أسعار "برنت" بنسبة 6 في المائة في سنة واحدة إذا كان هناك انخفاض بمعدل 100 نقطة أساس بالمعدلات الحقيقية الأمريكية.
أما مصرف كريدي سويس السويسري فقد قال إن أزمة منطقة اليورو قد تدفع باتجاه تخفيض أسعار النفط إلى مستوى 50 دولارا للبرميل. وقال المصرف في ملاحظة بحثية إن ذلك هو "أسوأ سيناريو" أن تواجه أسواق النفط والاقتصاد العالمي تكرارا للأزمة المالية العالمية عام 2008، التي يمكن أن تقع فعلا في ظل مشكلات الديون السيادية الأوروبية. وإذا وقع ذلك - يقول المصرف - فإن الانخفاض على طلب النفط سيدفع بالأسعار نزولا بسرعة إلى مستوى 50 دولارا للبرميل والبقاء دون مستوى 80 دولارا للعامين التاليين بعد ذلك. وقال المصرف إن سبب ذلك التكهن المتشائم حول الأسعار يتعلق بما حدث لأسعار العقود الآجلة لخام برنت قبل أقل من ثلاث سنوات، حيث انخفضت إلى 46 دولارا للبرميل من مستوى قياسي بلغ 123 دولارا للبرميل في أقل من سنة. العربية