تقرير: السلفية الجهادية ليست مشكلة معان
جو 24 : شهدت مدينة معان جنوب الأردن في الأسابيع القليلة الماضية، مواجهات مسلحة بين قوات الأمن ومسلحين، قيل إنهم جهاديون، فيما تظاهر سكان هذه المدينة المضطربة، الذين يقولون "إن التهميش وقمع قوات الشرطة والسخط على الأوضاع، هي أسباب الاضطرابات وليس تصاعد قوة الجهاديين فقط".
وفي تقرير أعدته "سارة إليزابيث ويليام"، لصالح موقع "ميدل إيست آي"، قالت فيه:"إن معان لها تاريخ في الاحتجاج على المؤسسة الحاكمة، ومعتادة على القمع الذي يتلو كل محاولة احتجاج، لكن الأزمة الحالية بدأت في نيسان/ إبريل،عندما قتلت قوات الدرك الأردنية قصي الإمامي، وتبعت عملية القتل تظاهرات قام بها السكان الذين أطلقوا النار في الهواء، وأشعلوا النار في إطارات السيارات، وأقاموا الحواجز في الشوارع لتعطيل حركة الشرطة.
وتطورت التظاهرات وكبرت خاصة في يوم الجمعة 25 نيسان/ إبريل، وأصبحت أكثر صخبا، وشهدت حضورا للجهاديين وأعلامهم وشعاراتهم، ما دعا السلطات للرد بسرعة وقمع من اعتقدت أنهم مسؤولون عن الاضطرابات، وفي 28 نيسان/ إبريل، أعلنت الشرطة عن اعتقال 16 شابا قالت إنهم متورطون بأعمال مسلحة ضد مباني الحكومة.
حرمان وبطالة
وتقول ويليام: "زارت "ميدل إيست آي" معان في اليوم التالي، وكانت الشوارع هادئة، حيث كانت تحرس قاعة المحكمة أربع عربات عسكرية مدججة بالسلاح، وابتسم الضباط الذين كانوا يرتدون السترات الواقية، والزي العسكري ولوحوا باتجاه مركز الشرطة".
وأضافت: "لكن في الطرف الآخر من شارع السوق الرئيسي، كان هناك شباب غاضبون قالوا إنهم عاطلون عن العمل، وعبروا عن استعدادهم للتحدث عما يرونه سوء معاملة الدولة لهم، والقوة المفرطة التي قالوا إن الشرطة استخدمتها وأنهت حياة قريبهم وصديقهم قصي ذي الـ 19 عاما".
ونقلت عن مصعب طحان قوله "لقد رفعناها" في إشارة لراية القاعدة، وأضاف: "نحن مسلمون وهي راية إسلامية"، حيث تحدث بطريقة عادية عن الأمر، مع أن السلطات والإعلام كانا في حالة من التشوش حول رفرفتها في معان.
وترى الكاتبة ويليام أن "حظ معان العاثر سببه اقتصادي أكثر منه دينيا". ربما انقشع الغبار في الوقت الحالي، لكن التوتر باق في هذه المدينة المعزولة التي يعيش فيها 50 ألف نسمة، والتي تبعد عن العاصمة عمان أكثر من 200 كيلو متر".
وتبلغ نسبة البطالة في معان 20%، وهي المعدل العام في البلاد. كل هذا في الوقت "الذي حصل فيه شباب المدينة على تعليم جيد، ومعظمهم تخرّج من جامعة الحسين بن طلال، إلا أن قلة منهم دخلت سوق العمل" في البلاد.
ويقول مالك عبد الرحمن الدرك، وهو خريج جامعي موظف وصديق لعائلة الإمامي: "يعيش ثلث المعانيين هنا في معظم الأحيان، أما الثلثان الباقيان فهم في المدن الأخرى يبحثون عن فرص عمل"، مضيفا أن "البطالة هي السبب الرئيس وراء المشاكل".
ويعاني الأردن مثل بقية الدول العربية من أزمة بطالة مزمنة بين الشباب؛ فاقمتها سنوات من بيروقراطية الدولة وسوء إدارة الاقتصاد، كل هذا رغم محاولات الأردن القضاء على الممارسات التي تقيد الأعمال، ورغم تنويع الاقتصاد فلا يزال الأردن يعتمد على الدعم الخارجي ويعاني من آثار الانتفاضات العربية.
مشاكل ليست جديدة
ويقول شين يوم، المحاضر في جامعة تمبل – فيلادلفيا الأمريكية والخبير الذي نشر بشكل موسع عن الأردن والسياسة والقبائل فيه: "مشاكل معان ليست جديدة.. فمنذ الاستعمار البريطاني كانت القبائل المعانية وبشكل عام، منفصلة ومهمشة أكثر من بقية قبائل شرق الأردن، وقضية التهميش في معان لها بعد خاص".
ويقول: "إن علاقات معان مع السياسة المركزية في الأردن، أصبحت متوترة بشكل واضح عام 1989 عندما مرت المدينة بمرحلة من الشغب والمواجهات المسلحة ضد سياسات التقشف الحكومية، وقتل في تلك التظاهرات أعداد من المعانيين ورفع المتظاهرون الأعلام السعودية أكثر من مرة.
ويرى التقرير أن حس السخط عميق داخل المدينة، فبحسب محمد الطورة (41 عاما) الذي كان ضابطا في سلاح الجو الأردني "إننا مثل مرضى في مستشفى، فيمكننا البقاء على قيد الحياة، لكن صحتنا لا تتحسن".
ويرى الطورة أن المحسوبية والفساد هما المسؤولان عن مشاكل المدينة، حيث يقول: "ابن الوزير يصبح وزيرا، وابن ضابط الشرطة يصبح ضابط شرطة، وابن الفلاح يعمل فلاح". ويضيف: " النظام هما الجيش والقبائل، والتفكير القبلي هنا أقوى من أي تفكير، ولا مجال لولاءات أخرى".
السلفية
يظل الأردن مجتمعا قبليا حيث تتطور الخلافات القبلية أحيانا إلى حوادث عنف، ويرى "يوم" أن "الأفكار حول الهوية الجمعية والقيم تحمل وزنا بين المجتمعات الريفية الجنوبية مثل معان، أكثر من تلك المنفتحة والمتحركة في عمان".
وفي الوقت الذي تجتمع فيه السياسة الاقتصادية والقبلية وتتوحد في الجنوب، وتشكل خلفية للحرمان، تبقى القصة أكبر من ذلك.. ففي معان عناصر سلفية مهمة تثير قلق الحكومة، التي تحاول الحفاظ على استقرار البلاد وأمنها.
ويقول يوم: "تحولت معان إلى مركز تجنيد للسلفية"، حيث يقدر عددهم بحوالي 15 ألف سلفي، من بينهم ما بين 2000 و3000 سلفي جهادي، فيما يقول آخرون إن عددهم أكثر. فبحسب أيمن خليل مدير معهد الدراسات الأمنية في عمان، فإن عددهم قد يكون 15 ألف جهادي، ويقول: "العدد قد يكون أكبر إذا أخذنا بعين الاعتبار الجمهور المتعاطف، والذي يظل جمهورا صامتا".
فهذا الجمهور يحمل نفس القيم والمعتقدات مع أنها تختلف في النظرة والأساليب، وهناك منظور سلفي في الأردن، ويضم الدعوة السلفية، والسلفية العلمية، وتمتد حتى السلفية الجهادية وحتى السلفية التكفيرية.
وجاء في تقرير نشره معهد واشنطن هذا الأسبوع، أن "السلفية ذات المنظور الجهادي تجد لها قاعدة في الأردن"، مشيرا تحديدا إلى مثال لشيخ قبيلة في معان أقسم الولاء للدولة الإسلامية في العراق والشام.
وفي معان، يوافق الطورة وغيره على فكرة وجود سلفيين ناشطين لهم حضور، بل ويقترح أن قصي استهدف من الشرطة بسبب "مظهره السلفي"، لكنه يؤكد على عدم وجود عناصر جهادية تبني حضورا ذا معنى في معان.
ويقول: "لا يمكن لداعش التدخل هنا، فهو مجتمع قبلي ولا يوجد أي سبب يدعو لأن تكون هنا"، وعليه فإنه يتساءل عن السبب الذي دعا للذعر الذي بدا في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، على رفع علم القاعدة، "فهذه ليست المرة الأولى التي يرفع فيها العلم، ولكن هي المرة الأولى التي لفت فيها الانتباه".
وتعلق الكاتبة بأن الإهتمام قد يكون مؤقتا، فالأمن يأخذ مركز الاهتمام في الأردن الآن، وذلك على خلفية الحرب في سوريا، وزيادة التوتر الطائفي في المنطقة، خاصة في العراق ولبنان. ويعلق "يوم" قائلا: "يجلب الاتجاه السلفي معه حسا أمنيا وعمليات أمنية تقتل معها مواطنين أبرياء، ممن يكونون متفرجين أو أهدافا خاطئة"، ويلوم "يوم" سياسة الشرطة المفرطة في القوة التي تخرج الوضع عن السيطرة.
لماذا قتل قصي؟
وتعود الكاتبة لقصة مقتل قصي الإمامي، الذي يقول ابن عمه "إنه كان عائدا من المسجد عندما أطلقت النار عليه، معلقا على أقوال الشرطة "أنه قتل بسبب محاولته مقاومة اعتقاله".
وحتى الآن لم تؤكد الشرطة أو تنفي أسباب مقتله، ولكن دائرة الأمن أصدرت بيانا قالت فيه "إن الشرطة تبادلت إطلاق النار مع أشخاص مطلوبين كانوا يحاولون إغلاق الطريق".
فيما يقول والد قصي، "إن ابنه لم يكن مطلوبا للأمن. كان ابني متدينا، لكنه لم يكن سلفيا"، مشيرا إلى أن ابنه استهدف بسبب "مظهره".
ويضيف أن "الشرطة عادة ما تلاحق الأشخاص، ويقتل أبناء معان في كل الأحيان، وقصي ليس الأول".
وبحسب "آدم كوغل"، الباحث المقيم في عمان في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، فإن "من الصعوبة بمكان جمع تفاصيل القصة وما حدث في ذلك اليوم. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي ترد فيها الشرطة على العنف وثقافة الحصانة من العقاب، سواء أفرط في استخدام القوة أم لا، ففرص إجراء تحقيق أو التدقيق في الحادث ضئيلة".
ويرفض والد قصي أن تكون مخاوف وصول الجهاديين للأردن بسبب الحرب السورية وراء العملية، ومثله الطورة الذي يرفض فكرة دخول "القاعدة" أو "داعش" لمعان، ويقول: "لو كان للقاعدة أي علاقة بما حدث، لشاهدت التفجيرات في كل مكان".
ويضيف: "الدعاية حول التطرف موجودة منذ عام 1989. مشكلتنا هي الفقر والبطالة، والشباب عادة ما يثيرون مشاكل، ولو كانت لديهم فرص عمل لما كانت هناك مشاكل".
ويرى بعض من كان حاضرا في بيت والد قصي الإمامي، أن رفع العلم كان عبارة عن تحدٍ للسلطة ولاستفزازها، وهو ما يوافق عليه "كوغل" بقوله "إن رفعها كان تعبيرا عن موقف ضد المؤسسة".
ويعتقد أن ابنه وعائلته لديهم الأسباب التي تدعوهم للاحتجاج، فقبل مقتله كان قصي قد أكمل دورة لتعلم النجارة، وبعد 3 أشهر من تخرجه ظل و149 شخصا كانوا معه بدون عمل.
وفي تقرير أعدته "سارة إليزابيث ويليام"، لصالح موقع "ميدل إيست آي"، قالت فيه:"إن معان لها تاريخ في الاحتجاج على المؤسسة الحاكمة، ومعتادة على القمع الذي يتلو كل محاولة احتجاج، لكن الأزمة الحالية بدأت في نيسان/ إبريل،عندما قتلت قوات الدرك الأردنية قصي الإمامي، وتبعت عملية القتل تظاهرات قام بها السكان الذين أطلقوا النار في الهواء، وأشعلوا النار في إطارات السيارات، وأقاموا الحواجز في الشوارع لتعطيل حركة الشرطة.
وتطورت التظاهرات وكبرت خاصة في يوم الجمعة 25 نيسان/ إبريل، وأصبحت أكثر صخبا، وشهدت حضورا للجهاديين وأعلامهم وشعاراتهم، ما دعا السلطات للرد بسرعة وقمع من اعتقدت أنهم مسؤولون عن الاضطرابات، وفي 28 نيسان/ إبريل، أعلنت الشرطة عن اعتقال 16 شابا قالت إنهم متورطون بأعمال مسلحة ضد مباني الحكومة.
حرمان وبطالة
وتقول ويليام: "زارت "ميدل إيست آي" معان في اليوم التالي، وكانت الشوارع هادئة، حيث كانت تحرس قاعة المحكمة أربع عربات عسكرية مدججة بالسلاح، وابتسم الضباط الذين كانوا يرتدون السترات الواقية، والزي العسكري ولوحوا باتجاه مركز الشرطة".
وأضافت: "لكن في الطرف الآخر من شارع السوق الرئيسي، كان هناك شباب غاضبون قالوا إنهم عاطلون عن العمل، وعبروا عن استعدادهم للتحدث عما يرونه سوء معاملة الدولة لهم، والقوة المفرطة التي قالوا إن الشرطة استخدمتها وأنهت حياة قريبهم وصديقهم قصي ذي الـ 19 عاما".
ونقلت عن مصعب طحان قوله "لقد رفعناها" في إشارة لراية القاعدة، وأضاف: "نحن مسلمون وهي راية إسلامية"، حيث تحدث بطريقة عادية عن الأمر، مع أن السلطات والإعلام كانا في حالة من التشوش حول رفرفتها في معان.
وترى الكاتبة ويليام أن "حظ معان العاثر سببه اقتصادي أكثر منه دينيا". ربما انقشع الغبار في الوقت الحالي، لكن التوتر باق في هذه المدينة المعزولة التي يعيش فيها 50 ألف نسمة، والتي تبعد عن العاصمة عمان أكثر من 200 كيلو متر".
وتبلغ نسبة البطالة في معان 20%، وهي المعدل العام في البلاد. كل هذا في الوقت "الذي حصل فيه شباب المدينة على تعليم جيد، ومعظمهم تخرّج من جامعة الحسين بن طلال، إلا أن قلة منهم دخلت سوق العمل" في البلاد.
ويقول مالك عبد الرحمن الدرك، وهو خريج جامعي موظف وصديق لعائلة الإمامي: "يعيش ثلث المعانيين هنا في معظم الأحيان، أما الثلثان الباقيان فهم في المدن الأخرى يبحثون عن فرص عمل"، مضيفا أن "البطالة هي السبب الرئيس وراء المشاكل".
ويعاني الأردن مثل بقية الدول العربية من أزمة بطالة مزمنة بين الشباب؛ فاقمتها سنوات من بيروقراطية الدولة وسوء إدارة الاقتصاد، كل هذا رغم محاولات الأردن القضاء على الممارسات التي تقيد الأعمال، ورغم تنويع الاقتصاد فلا يزال الأردن يعتمد على الدعم الخارجي ويعاني من آثار الانتفاضات العربية.
مشاكل ليست جديدة
ويقول شين يوم، المحاضر في جامعة تمبل – فيلادلفيا الأمريكية والخبير الذي نشر بشكل موسع عن الأردن والسياسة والقبائل فيه: "مشاكل معان ليست جديدة.. فمنذ الاستعمار البريطاني كانت القبائل المعانية وبشكل عام، منفصلة ومهمشة أكثر من بقية قبائل شرق الأردن، وقضية التهميش في معان لها بعد خاص".
ويقول: "إن علاقات معان مع السياسة المركزية في الأردن، أصبحت متوترة بشكل واضح عام 1989 عندما مرت المدينة بمرحلة من الشغب والمواجهات المسلحة ضد سياسات التقشف الحكومية، وقتل في تلك التظاهرات أعداد من المعانيين ورفع المتظاهرون الأعلام السعودية أكثر من مرة.
ويرى التقرير أن حس السخط عميق داخل المدينة، فبحسب محمد الطورة (41 عاما) الذي كان ضابطا في سلاح الجو الأردني "إننا مثل مرضى في مستشفى، فيمكننا البقاء على قيد الحياة، لكن صحتنا لا تتحسن".
ويرى الطورة أن المحسوبية والفساد هما المسؤولان عن مشاكل المدينة، حيث يقول: "ابن الوزير يصبح وزيرا، وابن ضابط الشرطة يصبح ضابط شرطة، وابن الفلاح يعمل فلاح". ويضيف: " النظام هما الجيش والقبائل، والتفكير القبلي هنا أقوى من أي تفكير، ولا مجال لولاءات أخرى".
السلفية
يظل الأردن مجتمعا قبليا حيث تتطور الخلافات القبلية أحيانا إلى حوادث عنف، ويرى "يوم" أن "الأفكار حول الهوية الجمعية والقيم تحمل وزنا بين المجتمعات الريفية الجنوبية مثل معان، أكثر من تلك المنفتحة والمتحركة في عمان".
وفي الوقت الذي تجتمع فيه السياسة الاقتصادية والقبلية وتتوحد في الجنوب، وتشكل خلفية للحرمان، تبقى القصة أكبر من ذلك.. ففي معان عناصر سلفية مهمة تثير قلق الحكومة، التي تحاول الحفاظ على استقرار البلاد وأمنها.
ويقول يوم: "تحولت معان إلى مركز تجنيد للسلفية"، حيث يقدر عددهم بحوالي 15 ألف سلفي، من بينهم ما بين 2000 و3000 سلفي جهادي، فيما يقول آخرون إن عددهم أكثر. فبحسب أيمن خليل مدير معهد الدراسات الأمنية في عمان، فإن عددهم قد يكون 15 ألف جهادي، ويقول: "العدد قد يكون أكبر إذا أخذنا بعين الاعتبار الجمهور المتعاطف، والذي يظل جمهورا صامتا".
فهذا الجمهور يحمل نفس القيم والمعتقدات مع أنها تختلف في النظرة والأساليب، وهناك منظور سلفي في الأردن، ويضم الدعوة السلفية، والسلفية العلمية، وتمتد حتى السلفية الجهادية وحتى السلفية التكفيرية.
وجاء في تقرير نشره معهد واشنطن هذا الأسبوع، أن "السلفية ذات المنظور الجهادي تجد لها قاعدة في الأردن"، مشيرا تحديدا إلى مثال لشيخ قبيلة في معان أقسم الولاء للدولة الإسلامية في العراق والشام.
وفي معان، يوافق الطورة وغيره على فكرة وجود سلفيين ناشطين لهم حضور، بل ويقترح أن قصي استهدف من الشرطة بسبب "مظهره السلفي"، لكنه يؤكد على عدم وجود عناصر جهادية تبني حضورا ذا معنى في معان.
ويقول: "لا يمكن لداعش التدخل هنا، فهو مجتمع قبلي ولا يوجد أي سبب يدعو لأن تكون هنا"، وعليه فإنه يتساءل عن السبب الذي دعا للذعر الذي بدا في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، على رفع علم القاعدة، "فهذه ليست المرة الأولى التي يرفع فيها العلم، ولكن هي المرة الأولى التي لفت فيها الانتباه".
وتعلق الكاتبة بأن الإهتمام قد يكون مؤقتا، فالأمن يأخذ مركز الاهتمام في الأردن الآن، وذلك على خلفية الحرب في سوريا، وزيادة التوتر الطائفي في المنطقة، خاصة في العراق ولبنان. ويعلق "يوم" قائلا: "يجلب الاتجاه السلفي معه حسا أمنيا وعمليات أمنية تقتل معها مواطنين أبرياء، ممن يكونون متفرجين أو أهدافا خاطئة"، ويلوم "يوم" سياسة الشرطة المفرطة في القوة التي تخرج الوضع عن السيطرة.
لماذا قتل قصي؟
وتعود الكاتبة لقصة مقتل قصي الإمامي، الذي يقول ابن عمه "إنه كان عائدا من المسجد عندما أطلقت النار عليه، معلقا على أقوال الشرطة "أنه قتل بسبب محاولته مقاومة اعتقاله".
وحتى الآن لم تؤكد الشرطة أو تنفي أسباب مقتله، ولكن دائرة الأمن أصدرت بيانا قالت فيه "إن الشرطة تبادلت إطلاق النار مع أشخاص مطلوبين كانوا يحاولون إغلاق الطريق".
فيما يقول والد قصي، "إن ابنه لم يكن مطلوبا للأمن. كان ابني متدينا، لكنه لم يكن سلفيا"، مشيرا إلى أن ابنه استهدف بسبب "مظهره".
ويضيف أن "الشرطة عادة ما تلاحق الأشخاص، ويقتل أبناء معان في كل الأحيان، وقصي ليس الأول".
وبحسب "آدم كوغل"، الباحث المقيم في عمان في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، فإن "من الصعوبة بمكان جمع تفاصيل القصة وما حدث في ذلك اليوم. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الطريقة التي ترد فيها الشرطة على العنف وثقافة الحصانة من العقاب، سواء أفرط في استخدام القوة أم لا، ففرص إجراء تحقيق أو التدقيق في الحادث ضئيلة".
ويرفض والد قصي أن تكون مخاوف وصول الجهاديين للأردن بسبب الحرب السورية وراء العملية، ومثله الطورة الذي يرفض فكرة دخول "القاعدة" أو "داعش" لمعان، ويقول: "لو كان للقاعدة أي علاقة بما حدث، لشاهدت التفجيرات في كل مكان".
ويضيف: "الدعاية حول التطرف موجودة منذ عام 1989. مشكلتنا هي الفقر والبطالة، والشباب عادة ما يثيرون مشاكل، ولو كانت لديهم فرص عمل لما كانت هناك مشاكل".
ويرى بعض من كان حاضرا في بيت والد قصي الإمامي، أن رفع العلم كان عبارة عن تحدٍ للسلطة ولاستفزازها، وهو ما يوافق عليه "كوغل" بقوله "إن رفعها كان تعبيرا عن موقف ضد المؤسسة".
ويعتقد أن ابنه وعائلته لديهم الأسباب التي تدعوهم للاحتجاج، فقبل مقتله كان قصي قد أكمل دورة لتعلم النجارة، وبعد 3 أشهر من تخرجه ظل و149 شخصا كانوا معه بدون عمل.