الأردن يسمح بتصويت السوريين داخل سفارتهم
أكدت الحكومة الأردنية أنها لا تمانع في إدلاء السوريين المقيمين بالأردن بأصواتهم في انتخابات الرئاسة السورية "داخل مبنى سفارتهم فقط" وذلك بعد أيام من جدل أثارته تصريحات حكومية متضاربة عن دراسة عمان لطلب سوري بإقامة الانتخابات نهاية الشهر الجاري للسوريين المقيمين على الأراضي الأردنية.
وأكد مصدر حكومي رفيع للجزيرة نت -فضّل عدم كشف اسمه- أن السفارة السورية "أعلمت" الحكومة الأردنية نيتها إقامة الانتخابات المقررة للسوريين في الخارج في الـ28 من الشهر الجاري.
ووفق المصدر، فإن إقامة الانتخابات داخل حرم السفارة "شأن سوري" وأن دور عمان سينحصر كالعادة في تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط السفارة تزامنا مع تدفق متوقع لسوريين على سفارتهم في يوم الانتخابات.
وأوضح بأن الحكومة الأردنية كانت تنظر طلبا سوريا لإقامة الانتخابات للسوريين في الأردن بأنه طلب لفتح مراكز اقتراع خارج السفارة "وهو أمر كان يحتاج لدراسة معمقة وقرار سياسي".
وأضاف أن "السفارة أوضحت أن طلبها يتعلق فقط بإقامة الانتخابات داخل حرمها فقط، وهو ما غيّر من صورة الأمر لدى الحكومة التي لم تجد داعيا لاتخاذ أي قرار" كما قال.
تناقض
وبدا أن موقف عمان هذا يتناقض مع قرارات صدرت الخميس الماضي عن اجتماع أصدقاء سوريا الذي عقد في لندن وحضره وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، حيث وصف الاجتماع إقامة الانتخابات الرئاسية السورية بـ"المهزلة".
لكن المصدر الحكومي الأردني اعتبر أنه لا تناقض بين الموقف الرسمي ومقررات مؤتمر لندن، وتابع أن "الأردن جزء من مجموعة أصدقاء سوريا، وملتزم بمقررات مؤتمر لندن، وموقفه السياسي هو ما قام على أساسه مؤتمر جنيف الذي يتبنى حلا سياسيا للأزمة السورية".
واعتبر محللون ومراقبون هذا القرار "ارتباكا" في الموقف الرسمي الأردني، إذ صرح وزير الخارجية الثلاثاء الماضي أن الأردن تسلم طلبا من السفارة السورية بخصوص مشاركة السوريين بالأردن في الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية الشهر الجاري.
وقال جودة وقتها إن عمان تدرس الطلب، لكنه شدد على أنها تدرس الأمر مع الأخذ بعين الاعتبار أمن الأردن، وألمح إلى أن الحكومة تتجه لرفض الطلب السوري.
وبعد يومين من هذه التصريحات، أعلن وزير الشؤون السياسية والبرلمانية خالد الكلالدة أن الأردن ليس من مهمته الموافقة أو رفض السماح بإقامة الانتخابات داخل السفارة السورية.
وقال للجزيرة نت "نحن لم نتسلم طلبا بالموافقة على السماح بإقامة هذه الانتخابات للرعايا السوريين في الأردن، وإنما قامت السفارة السورية بإعلامنا نيتها فتح صناديق الاقتراع داخل حرمها".
ولفت الكلالدة إلى أن "طلب إعلام السفارة للحكومة لا ينتظر موافقة من الحكومة الأردنية، لأن الأعراف الدبلوماسية تسمح للسفارات بفتح بابها لرعاياها لمثل هذه الانتخابات".
عرقلة الانتخابات
وكان السفير السوري في عمان بهجت سليمان قد وجه انتقادات للسلطات الأردنية، واتهمها بالعمل على عرقلة إقامة الانتخابات الرئاسية السورية.
وقال في تعليق على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" الأربعاء الماضي إن هناك "جهات أردنية" لم يسمها "تشوش على الانتخابات الرئاسية في سوريا".
وأضاف أن "هذه الجهات أزعجها تدفق آلاف السوريين يوميا على مقر سفارتهم في عمان لتسجيل أسمائهم، تمهيدا لممارسة حقهم الديمقراطي في الانتخابات". مردفا بالقول إن "هؤلاء لا يريدون الخير لا للشعب السوري ولا للشعب الأردني، لذلك بدؤوا حملة التشويش".
وفي تحليله لمواقف الحكومة الأردنية في هذا الجانب، يرى المحلل السياسي عمر كلاب أن الثابت الوحيد في الموقف الأردني من الأزمة السورية هو "التخبط والارتباك المتمثل في مواقف وزير الخارجية الذي يبدو أنه لا يمتلك رؤية سياسية لأي ملف تعنى به وزارته".
وقال للجزيرة نت "موقف السماح بانتخابات رئاسية سورية في الأردن يتعارض مع كون عمان جزءا من المنظومة الدولية الخليجية التي ترى في بقاء بشار الأسد رئيسا لسوريا يعطل أي حل سياسي للأزمة هناك، خاصة وأن هذه الانتخابات ستكرس رئاسة الأسد في انتخابات معروفة النتائج سلفا".
واعتبر كلاب أن هناك من يرى أن منع الأردن إقامة الانتخابات سيظهرها بموقف العاجز عن تأمين مقر سفارة، كما سيجعلها متصادمة مع حديثها المتكرر على أنها تقف على الحياد من أطراف المعادلة المتصارعة في سوريا.
لكنه تساءل "هل يرى صانع القرار الأردني أن السماح بالانتخابات في الأردن وتكريس الأسد رئيسا نهاية للمأساة السورية، وهل سيؤدي لإعادة سبعمائة ألف لاجئ سوري من الأردن؟" قبل أن يُتبع بالقول "لا إجابة على كل ذلك، وهو ما يعني أن هذا القرار غير مفهوم".
يُشار إلى أن عدد السوريين في الأردن يبلغ نحو 1.3 مليون شخص، نصفهم تقريبا من اللاجئين، بينما يمتلك البقية إقامات في الأردن قبل عام 2011.
الجزيرة-محمد النجار