الانتخابات المصرية بين "العسكري" و "المعارض"
محمود الشمايلة - في مرحلة مهمة وشديدة الحساسية في تاريخ مصر الحاضر بدأت الانتخابات الرئاسية لاختيار مرشح مصر القادم والتي برز على ساحتها المرشح عبد الفتاح السيسي صاحب التاريخ العسكري والمعارض السياسي حمدين صباحي.
وكان التصويت للانتخابات الرئاسية قد بدأ في الساعة التاسعة من صباح الاثنين، بمراقبة ضخمة من منظمات المجتمع المدني، ومنظمات دولية عديدة كالاتحادين الأوروبي والأفريقي والجامعة العربية، ووسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، بمشاركة قرابة النصف مليون ضابط وجندي من قوات الجيش والشرطة، وتحليق مكثف لمروحيات عسكرية.
ومنذ فتح باب الاقتراع بدأ التوافد الى مراكز الاقتراع في عملية عالية الوتيرة لتعاود الانخفاض بعدها بصورة مخيفة اجبرت السلطات الى اللجوء لتمديد الاقتراع ليوم ثالث بحادثه تعتبر الاولى من نوعها في تاريخ انتخابات مصر.
و على الرغم من الشعبية الجارفة التي حظي بها السيسي والتأييد المطلق الا ان نسب الاقتراع حسب التقارير الواردة من مراكز العمليات كانت متدنية كما هو الحال عند منافسه حمدين ايضا .
*غياب العنصر الشبابي والمقاطعين
وغاب الشباب - العنصر الأكثر أهمية - عن المشهد الانتخابي بشكل ملحوظ، بمن فيهم من أعلنوا تأييدهم لصباحي، إضافة الى الغياب المعلن سلفاً، لتيارات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ومن تحالف معها، والمعارضة من الأصل لكل ما ترتب على إقالة الرئيس السابق محمد مرسي، كما غاب أنصار حزب مصر القوية الذي يترأسه عبدالمنعم أبو الفتوح، والائتلافات التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات، وعلى رأسها حركة 6 أبريل.
*وسائل الاعلام وتغطيتها
والمتابع لوسائل الاعلام المرئية و المسموعة والمقروءة يكاد يجزم بأن النصر الكاسح للمرشح السيسي لا محاله. و ربما ذلك دعا العديد من فئة الشباب خاصة و المواطن المصري بشكل عام بعد تحمل عناء الادلاء بصوته في انتخابات تكاد محسومة قبل ان تبدأ بالأصل حيث أبرزت وسائل الاعلام الامريكية الانتخابات المصرية والتي وصفتها بأنها تفتقر الى التشويق متوقعة فوزا ساحقا للمشير "عبد الفتاح السيسي" متوقعة افاق افضل لمصر في أسواق رأس المال العالمية، وإلى وسائل الاعلام البريطانية التي رأت أن "السيسي" يقترب من الرئاسة فيما يستعد الغرب لتهنئته بالفوز برغم الاقبال المحدود للناخبين، بحسب وصفهم.
اما فيما يخص وسائل الاعلام العربية فأنها انقسمت في تغطيتها للانتخابات و تقاريرها حسب رأيها وقناعاتها المسبقة ، من حيث التأييد للرئيس المعزول محمد مرسي ما دفعها لتكون في صف الشق الاخواني المقاطع، والشق الاخر المؤيد للسيسي و وصفه بأنه الرئيس القادم بجداره.
*مخالفات
كما العادة في اي انتخابات وخاصة المصرية لا يغيب عن المشهد مخالفات وانتهاكات في بعض مراكز الاقتراع وتوزعت هذه المخالفات كما افادت التقارير الواردة من حالات منع دخول المراقبين او حتى مندوبي المرشحين وكذلك عمليات التوجيه مستمرة داخل بعض محطات الاقتراع سواء كانت اعمال توجيه وتأثير على الناخبين للتصويت لمرشح بعينة او المقاطعة او بإبطال الصوت، كذلك حالات عدم وجود حاجز السرية في عدد من اللجان وفى البعض الاخر موجود ولكنة لم تستخدم بشكل صحيح.
*قنابل وتشديد امني
ولم تغب القنابل عن المشهد، حيث عثر على أكثر من قنبلة في مناطق متفرقة، وأبطلت الأجهزة المختصة مفعولها، فيما نفت وزارة الداخلية المصرية في بيان رسمي انفجار أو إلقاء أي قنابل على لجان التصويت، مناشدة المواطنين المصريين عدم الانسياق وراء الإشاعات التي تهدف الى ترويعهم للحيلولة دون الإدلاء بأصواتهم. كما لم تغب عن المشهد مسيرات محدودة لجماعة الإخوان، سرعان ما فرقتها قوات الأمن، وألقت القبض على بعض المشاركين فيها.
*اليوم الثالث تساؤلات وشكوك
فتحت لجان الانتخابات في تمام التاسعة أبوابها أمام الناخبين لاستقبالهم لليوم الثالث للتصويت على الانتخابات الرئاسية واختيار رئيس مصر الجديد وتوافد عدد من المواطنين للإدلاء بأصواتهم منذ الصباح الباكر وسط تواجد مكثف من قوات الجيش والشرطة التي انتشرت أمام اللجان لحماية الناخبين والقضاة والمشرفين على الانتخابات.
واعترضت حملتا المرشحين الرئاسيين على قرار تمديد التصويت ليوم إضافي،وجاء في بيان لحملة صباحي أن القرار صدر على نحو "مفاجئ وبعد ما بدا أنه ضغوط واضحة من أطراف متعددة لمنح مزيد من الوقت لسيناريو لم ينجح أحد فى فرضه على المصريين".
ويرى مراقبون في مصر وخارجها أن نسبة المشاركة في التصويت مؤشر مهم يظهر مدى التأييد الشعبي لعزل المؤسسة العسكرية الرئيس الإسلامي محمد مرسي في يوليو/ تموز.
*انباء عن غرامات
بين الأمين العام للجنة العليا للانتخابات، المستشار عبدالعزيز سلمان، لبي بي سي، على أن اللجنة ستتخذ خطوات جادة لتوقيع العقوبة على المتخلفين عن المشاركة في الانتخابات الحالية وفقا للقانون.
وقال إنه "من المقرر توقيع العقوبة على من تخلف عن المشاركة في الانتخابات، وهذه الغرامة 500 جنيه، وفقا لقانون الانتخابات، بعد إحالتهم للنيابة العامة والمحكمة أيضا".
وأوضح أن المحكمة هي صاحبة القرار النهائي في كيفية تحصيل الغرامة.
وأفادت وكالة رويترز للأنباء بأن وسائل إعلام محلية مؤيدة للحكومة انتقدت الناخبين لعدم إقبالهم على التصويت بأعداد كبيرة،وتلقى مصريون - بحسب رويترز - رسائل نصية على هواتفهم المحمولة تذكرهم بغرامة التخلف عن الإدلاء بأصواتهم.
ويبدو الإقبال على انتخابات الرئاسة 2014 أقل من الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك في 2011، عندما وقف الناخبون في صفوف بالمئات امتدت عبر الشوارع المؤدية لمراكز الاقتراع.
وأفادت تقارير بأنه عند فتح مراكز الاقتراع في الساعة التاسعة صباح الثلاثاء لم يكن هناك أي ناخب في بعض اللجان الانتخابية بالعاصمة القاهرة.
*انتخابات الخارج
أشار مراقبون الى أن نتائج تصويت المغتربين، التي أتت لمصلحة السيسي باكتساح كبير، قد أثرت سلباً على غياب قوة تصويتية ضخمة من المواطنين، استشرفت فوزاً مؤكداً للسيسي، ما لا يستدعي معه عناء الذهاب الى مقار التصويت، إضافة الى شعور عام بحسم نتيجة الانتخابات لمصلحة السيسي، رغم مناشدة كلا المرشحين وكل أجهزة الدولة الرسمية وأجهزة الإعلام للمواطنين ضرورة المشاركة في التصويت، لما له من آثار محلية وخارجية على مستقبل «خارطة المستقبل»، إضافة الى الجدل الذي أثارته فتوى الداعية يوسف القرضاوي بتحريم التصويت في الانتخابات.
ويحق لأكثر من 53 مليون ناخب مسجلة أسماؤهم الإدلاء بأصواتهم،ومن المقرر إعلان الفائز في الانتخابات رسميا في موعد أقصاه الخامس من يونيو/ حزيران.