في دولة "المهلهل" : العدالة على المحك .. وحادثة العبيداتي تدق ناقوس الخطر
كتب مؤرخ الحقبة المهلهلية - يحكى في قديم الزمان ان حصن العدالة الاخير في دولة المهلهل تعرض لهزات قوية اضرت بالبلاد والعباد ايما ضرر ، حيث امتد النخر الذي طال السلطات فيها واتسعت دائرته حتى وصل بيت العدل، وبات جميع حماتها ورعاتها مهددون بالعزل والطرد او النقل والتنغيص والتكدير وسوء العاقبة والمنقلب .
الحاكم بأمر السلطان فيها "رئيس السلطة المبجل" والذي وصف قبل تكليفه بالموقع ب "طباخ السم" الذي شارك في صياغة كافة النواميس التي قلبت الموازين وضربت معادلات الحق والباطل و معايير الخير والشر والجائز والمدان ، باشر في انتهاك حصانة الحماة وتدخل في اعمالهم واحكامهم وقراراتهم حتى بات بعضهم لا يملك من امره شيئا ، وتغيرت في عهده الميمون معايير التقدم الوظيفي والتطور المهني ، حيث اكدت المراجع التاريخية ان المعيار الوحيد الذي بات حاسما في عمليات الترقية والترفيع هو مقدار التبعية للرئيس و درجة الاستعداد لقبول الاوامر والقرارات التي تأتي من فوق وتنزل على الناس واصحاب الحقوق وبالا كبيرا وشرا مستطيرا .
احد الحماة المخلصين - في جلسة عامة - قام بعد ان استخدم اسما مستعارا بانتقاد سطوة "الحاكم بأمر السلطان" وجبروته وادارته ولكنها للاسف كانت المرة الاخيرة التي شوهد بها هذا الحامي في تلك القاعات فلقد كشفت هويته - بمساعدة الاعوان - وتم ايقافه عن العمل وانقطعت اخباره تماما ولم يجر توثيق ما حدث له فيما بعد .
نظن الحامي وهو من عائلة معروفة في دولة المهلهل - العبيداتي - نام بعد تلك الحادثة قرير العين و مرتاح الضمير ، في الوقت الذي لا يستطيع به الحاكم ان ينام ما لم يسقط مغشيا عليه من مفعول المسكرات بانواعها ..
ما حدث مع العبيداتي ظل طي الكتمان لان تداول الخبر جريمة بحد ذاتها ، ولكن تمكن بعض الرواة من رصد الحادثة وخاصة بعد التداعيات التي تلتها ، حيث اكد الرواة ان عددا كبيرا من الحماة فكروا بعدها بتقديم استقالات جماعية ومغادرة بيت العدالة في حال استمر هذا الكابوس الذي اطبق على صدورهم وقيد صلاحياتهم وقتل فيهم حبهم لتطبيق العدالة شاء من شاء وابى من ابى ..
حماة دولة "المهلهل" قيل انهم خضعوا - حسب الراوي- لمراقبة حثيثة وكل تحرك لهم مرصود الا انهم ورغم ذلك يجتمعون لتدارس التصعيد والوقوف بوجه كافة التلال التي تحول دون بزوغ شمس العدالة من جديد...