جالود.. قرية فلسطينية ابتلعها الاستيطان
جو 24 : ليست الجدران إسمنتية، ولا الأسلاك الشائكة هي التي تحول دون وصول المواطن الفلسطيني فوزي إبراهيم (54 عاما) إلى أرضه في قرية جالود جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لكن الخوف الذي زرعه جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون بالمنطقة هو ما يحول دون ذلك.
فقبل نحو ثلاثين عاما احتلّ المستوطنون أراضي قرية جالود -التي لا يتجاوز عدد سكانها سبعمائة نسمة- وقرى مجاورة أخرى، وشيّدوا أولى مستوطناتهم مثل "شيلو" و"شيفوت راحيل" فوقها، وما لبث سرطان الاستيطان أن تفشى ليبتلع أكثر من 85% من أراضي القرية التي تفوق مساحتها عشرين ألف دونم (عشرين مليون متر مربع).
ما تبقى لفوزي هو الفتات من أرضه التي صادر الاحتلال أكثرها وحرم عليه دخولها إلا بإذن مسبق منه، وهو "يُسمى ظلما تنسيقا أمنيا لحماية المستوطنين"، بحسب ما يقول فوزي. مضيفا أنه منذ عام ألفين وهو ممنوع من دخول أرضه التي تقدر بأكثر من ثلاثمائة دونم من أصل سبعة آلاف دونم وضع الاحتلال يده عليها.
فرحة لم تكتمل
وبعد محاولات نجح فوزي وبعض أهالي قريته وبدعم من مؤسسات حقوقية في استصدار قرار من المحكمة العسكرية الإسرائيلية باسترجاع جزء من أرضه وفلاحتها بعد سنوات من الانقطاع لإفشال أي مخطط باستمرار الاستيطان.
لكن فرحة هؤلاء بالعودة لأرضهم لم تكتمل، إذ كان القرار -حسب ما يقول فوزي- معلقا بالتنسيق مع جيش الاحتلال لدخولها "حفاظا على حياة المستوطنين الذين أضحوا وكأنهم أصحاب الأرض ونحن الغزاة".
ويعني التنسيق أن للفلسطينيين موعدا محددا لدخول أراضيهم في مواسم الحرث والزراعة والحصاد، والتي لا تتجاوز بضعة أيام طوال السنة، نتيجة لذلك يضطر المزارعون للاستعانة بالآلات لحصد محاصيلهم مما يحملهم تكاليف مادية كبيرة.
ويخضع التنسيق دوما لمزاجية الضابط الإسرائيلي، حيث يُقسّم الاحتلال الأرض إلى مناطق: "بي" يسمح لأصحابها بالتواجد بها بإذن مسبق، و" سي" الخاضعة لسيطرته الأمنية والتي تُمنع عن أصحابها رغم التنسيق وتصريح المحكمة.
ومما يفاقم معاناة أصحاب الأرض الاعتداءات التي يشنها المستوطنون وجيش الاحتلال بحقهم، وفي هذا الصدد تقول المزارعة جميلة حسني "إنهم (المستوطنون) يتصيّدون الفرص لتنفيذ جرائمهم التي تتنوع بين قتل المزارعين وضربهم وحرق محاصيلهم ومصادرة مواشيهم ومعداتهم الزراعية".
وتضيف أن أطفالها "نجوا من الموت بمعجزة عندما هاجمهم مستوطنون بينما كانوا يحصدون القمح في أرضهم"، مشيرة أن معظم الاعتداءات تُنفّذ تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
أما رئيس مجلس قروي جالود عبد الله الحج محمد فيقول "إن لقمة المزارعين مغمسة بالدم والمرار، فمن جهة لم تتبق لهم أرض، ومن جهة أخرى ما يزرعونه بأرضهم يدفعون ثمن حصاده من دمهم بعد عام من الانتظار".
ويضيف أن الأمر يفوق اعتداءات المستوطنين والجيش ضد الأهالي وأرضهم إلى المصارعة ومسابقة الزمن بالبناء الاستيطاني عليها ومصادرتها بمنطق القوة، حيث شيدت إسرائيل عشر مستوطنات ومعسكرات للجيش، بينها أربع بؤر استيطانية يسكنها غلاة المستوطنين .
ولفت إلى أن أراضي قرية جالود تتميز عن القرى والمناطق الأخرى بأنها كلها مسجلة وموثقة بالسجلات (الطابو) أيام الحكمين العثماني والإنجليزي بأسماء أصحابها، وهو ما يدحض افتراءات الاحتلال بأنها من الأراضي العامة و"ملك للدولة".
ويقول زكريا السدة الناشط في "جمعية حاخامين من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية إنهم استصدروا قرارات قضائية من المحاكم الإسرائيلية خلال العام الماضي بإعادة بعض الأراضي لأصحابها بشرط التنسيق المسبق لدخولها.
وأكد أن دورهم تعدى ذلك للوقوف بجانب المزارعين ومساندتهم لضمان دخولهم أرضهم إلا أنهم اصطدموا بإجراءات الجيش وتعنته بالتنفيذ على الأرض.
ولفت إلى أنهم كانوا قد حصلوا عام 2006 على قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الدخول إلى أراضيهم القريبة من المستوطنات بتنسيق وبغير تنسيق، ولكن جيش الاحتلال يرفض التعاطي مع تلك القرارات، ويعمل وفق ما يخدم المستوطنين ويحميهم.
المصدر : الجزيرة
فقبل نحو ثلاثين عاما احتلّ المستوطنون أراضي قرية جالود -التي لا يتجاوز عدد سكانها سبعمائة نسمة- وقرى مجاورة أخرى، وشيّدوا أولى مستوطناتهم مثل "شيلو" و"شيفوت راحيل" فوقها، وما لبث سرطان الاستيطان أن تفشى ليبتلع أكثر من 85% من أراضي القرية التي تفوق مساحتها عشرين ألف دونم (عشرين مليون متر مربع).
ما تبقى لفوزي هو الفتات من أرضه التي صادر الاحتلال أكثرها وحرم عليه دخولها إلا بإذن مسبق منه، وهو "يُسمى ظلما تنسيقا أمنيا لحماية المستوطنين"، بحسب ما يقول فوزي. مضيفا أنه منذ عام ألفين وهو ممنوع من دخول أرضه التي تقدر بأكثر من ثلاثمائة دونم من أصل سبعة آلاف دونم وضع الاحتلال يده عليها.
فرحة لم تكتمل
وبعد محاولات نجح فوزي وبعض أهالي قريته وبدعم من مؤسسات حقوقية في استصدار قرار من المحكمة العسكرية الإسرائيلية باسترجاع جزء من أرضه وفلاحتها بعد سنوات من الانقطاع لإفشال أي مخطط باستمرار الاستيطان.
لكن فرحة هؤلاء بالعودة لأرضهم لم تكتمل، إذ كان القرار -حسب ما يقول فوزي- معلقا بالتنسيق مع جيش الاحتلال لدخولها "حفاظا على حياة المستوطنين الذين أضحوا وكأنهم أصحاب الأرض ونحن الغزاة".
ويعني التنسيق أن للفلسطينيين موعدا محددا لدخول أراضيهم في مواسم الحرث والزراعة والحصاد، والتي لا تتجاوز بضعة أيام طوال السنة، نتيجة لذلك يضطر المزارعون للاستعانة بالآلات لحصد محاصيلهم مما يحملهم تكاليف مادية كبيرة.
ويخضع التنسيق دوما لمزاجية الضابط الإسرائيلي، حيث يُقسّم الاحتلال الأرض إلى مناطق: "بي" يسمح لأصحابها بالتواجد بها بإذن مسبق، و" سي" الخاضعة لسيطرته الأمنية والتي تُمنع عن أصحابها رغم التنسيق وتصريح المحكمة.
ومما يفاقم معاناة أصحاب الأرض الاعتداءات التي يشنها المستوطنون وجيش الاحتلال بحقهم، وفي هذا الصدد تقول المزارعة جميلة حسني "إنهم (المستوطنون) يتصيّدون الفرص لتنفيذ جرائمهم التي تتنوع بين قتل المزارعين وضربهم وحرق محاصيلهم ومصادرة مواشيهم ومعداتهم الزراعية".
وتضيف أن أطفالها "نجوا من الموت بمعجزة عندما هاجمهم مستوطنون بينما كانوا يحصدون القمح في أرضهم"، مشيرة أن معظم الاعتداءات تُنفّذ تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
أما رئيس مجلس قروي جالود عبد الله الحج محمد فيقول "إن لقمة المزارعين مغمسة بالدم والمرار، فمن جهة لم تتبق لهم أرض، ومن جهة أخرى ما يزرعونه بأرضهم يدفعون ثمن حصاده من دمهم بعد عام من الانتظار".
ويضيف أن الأمر يفوق اعتداءات المستوطنين والجيش ضد الأهالي وأرضهم إلى المصارعة ومسابقة الزمن بالبناء الاستيطاني عليها ومصادرتها بمنطق القوة، حيث شيدت إسرائيل عشر مستوطنات ومعسكرات للجيش، بينها أربع بؤر استيطانية يسكنها غلاة المستوطنين .
ولفت إلى أن أراضي قرية جالود تتميز عن القرى والمناطق الأخرى بأنها كلها مسجلة وموثقة بالسجلات (الطابو) أيام الحكمين العثماني والإنجليزي بأسماء أصحابها، وهو ما يدحض افتراءات الاحتلال بأنها من الأراضي العامة و"ملك للدولة".
ويقول زكريا السدة الناشط في "جمعية حاخامين من أجل حقوق الإنسان" الإسرائيلية إنهم استصدروا قرارات قضائية من المحاكم الإسرائيلية خلال العام الماضي بإعادة بعض الأراضي لأصحابها بشرط التنسيق المسبق لدخولها.
وأكد أن دورهم تعدى ذلك للوقوف بجانب المزارعين ومساندتهم لضمان دخولهم أرضهم إلا أنهم اصطدموا بإجراءات الجيش وتعنته بالتنفيذ على الأرض.
ولفت إلى أنهم كانوا قد حصلوا عام 2006 على قرار من المحكمة العليا الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الدخول إلى أراضيهم القريبة من المستوطنات بتنسيق وبغير تنسيق، ولكن جيش الاحتلال يرفض التعاطي مع تلك القرارات، ويعمل وفق ما يخدم المستوطنين ويحميهم.
المصدر : الجزيرة