المؤشر العربي 2014 يبرز نظرة سلبية نحو الولايات المتحدة
جو 24 : ** المؤشر العربي 2014 يبرز نظرة سلبية نحو الولايات المتحدة، بشارة: "حوار العرب مع أميركا يمر عبر تحديد هويتنا ومصالحنا".
كشف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال اليوم الأول من مؤتمر "العرب والولايات المتحدة الأميركية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة (رؤية أكاديمية)" الذي يعقده المركز في الدوحة، عن بعض نتائج المؤشر العربي لعام 2014، التي قال الدكتور محمد المصري مدير برنامج الرأي العام العربي في المركز إنها تشير إلى أنّ أغلبية الرأي العام العربي تحمل موقفًا سلبيًا تجاه الولايات المتحدة، إذ أفاد نصف الرأي العام العربي أنهم يحملون وجهة نظر سلبية أو سلبية إلى حدٍ ما تجاه الولايات المتحدة، مقابل 26% أفادوا أنّ نظرتهم هي إيجابية أو إيجابية إلى حدٍ ما، مشيرا إلى أن سبب النظرة السلبية بحسب الرأي العام هو السياسة الخارجية الأميركية.
وأكد الدكتور عزمي بشارة في كلمة افتتاحية للمؤتمر على أنّ طرح علاقات العرب وأميركا للبحث يجب أن ينطلق أولا في مسعى تحديد العرب لهويتهم ومصالحهم وأمنهم القومي أولا قبل الشروع في محاورة الآخر، وشدد على أن العرب يجب أن يصنعوا الحل لمشاكلهم بأنفسهم ولا ينتظروا حلا خارجيا من أميركا أو غيرها.
علينا أن نحدد من "نحن" قبل أن نحاور "الآخر"
انطلقت أعمال المؤتمر بكلمة افتتاحية للمدير العامّ للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، وأشار في البداية إلى أن مؤتمر "العرب والولايات المتحدة" يدخل ضمن سلسلة المؤتمرات التي دأب المركز على تنظيمها في إطار فهم علاقات العرب بالقوى الكبرى والجوار الإقليمي فقد سبق أن نظّم مؤتمرات "العرب وإيران" و"العرب وتركيا" و"العرب والقرن الأفريقي".
وفي هذا الصدد شدّد الدكتور عزمي بشارة على أن الهدف الرئيس لهذه المؤتمرات المتسلسلة هو "فهم أنفسنا كعرب قبل فهم غيرنا أو علاقاتنا مع الآخر،.... من خلال حوارنا مع الآخر نبلور هويتنا ومفهومنا للمصالح القومية العربية وللأمن العربي المشترك". وأضاف قائلًا: "في الحقيقة لا يوجد شيء اسمه: العرب وأميركا، لأنه إذا كانت أميركا دولة لها مصالحها الواضحة ومفهومها لأمنها القومين فإننا لا نجد مصالح محددة للعرب ككتلة ولا مفهوما موحدا للأمن القومي" ولذلك وجب أن نبدأ بالتأسيس لهذا.
ويرى الدكتور عزمي بشارة أن في منظور علاقات العرب بالولايات المتحدة أربع حالات ممكنة: فالبعض (أنظمة ونخب) يدعو إلى التقارب مع الولايات المتحدة ويسعى لذلك ويجد في محاربة الإرهاب إطارا لهذا التقارب، والبعض الآخر يناصب الولايات المتحدة العداء، والفئة الثالثة تطالب أميركا بالتدخل لتطبيق الديمقراطية في الوطن العربي، أما الحالة الرابعة فهي لمن يقولون إن لأميركا مصالح في المنطقة وهي عند العرب وليست عند إسرائيل، في حين أن أصحاب هذا المنظور نفسهم يعدّون "خطاب المصالح" خطابًا إمبرياليًّا".
وخلص إلى أن هناك لبسا كبيرا وفوضى في تحديدنا لهويتنا كعرب ومصالحنا وأمننا القومي، ويجب أن نبدأ بهذا الأمر قبل الحديث عن حوار مع الآخر.
وقال الدكتور عزمي بشارة إن الولايات المتحدة الأميركية عُدّت في موقع العدو عبر التطورات المفصلية الثلاثة التي مر بها العالم العربي بداية بنشأة الحركات القومية، ثم الحركة الوطنية الفلسطينية، وصولا إلى ظهور حركات الإسلام السياسي. وأضاف أن هذا الجانب هو المتعلق بالولايات المتحدة في علاقاتها مع العرب، إذ عليها أن تجيب عن سؤال: لماذا عُدّت الولايات المتحدة الأميركية في التمفصلات الرئيسة الثلاثة في موقع العدو؟ ولماذا لم تتصرف تجاهها بعقلانية بل تصرفت دوما من منطلق المصالح الإسرائيلية؟ وعلى الولايات المتحدة أن تطرحه على نفسها وتجيب عنه سواء كان ذلك وحدها أو في إطار حوار مع العرب.
وأوضح بشارة أن إدارة أوباما وفي توافق واضح مع توجهات الرأي العام الأميركي، اتّخذت نهج "الواقعية السياسة" تجاه الديمقراطية في العالم وتخلت عن فكرة نقل الديمقراطية على ظهر الدبابة مثلما حاولت أن تفعل في العراق. وها هي الديمقراطية جاءت في النطاق العربي من دون تدخل أميركي فتأثرت الولايات المتحدة وتفاجأت، والحالة المصرية خير دليل على ذلك، إذ إن رأي الأغلبية في إدارة أوباما كان يدعم مبارك في بداية الثورة، كما أن هذه الإدارة رفضت بعد يوليو 2013 وصف ما وقع بالانقلاب على الرغم من كونه انقلابا صريحا وواضحًا ويقترب في تطوراته الأخيرة من "الفاشية" على مستوى الخطاب على الأقل. وكذلك الحال في الموقف المتردد من النظام السوري ورفض دعم الثورة ومنع من يريد فعل ذلك، ثم تتحسر الولايات المتحدة الآن على توسع "داعش". وخلص في هذا الشأن إلى أن "لا أحد يحل لأمة مشكلتها إن لم تحلها بنفسها،... فلا يحل التدخل الأجنبي مشاكلنا". وتابع يقول "طالب العرب الولايات المتحدة أحيانا بالتدخل ثم انتقدوها بعد أن تدخّلت، مثلما هي الحال في العراق"، مردفا بالقول "المشكلة تكمن أولا في أسئلة أساسية تتعلق بنا، يجب أن نحلها نحن".
وأكد المدير العام للمركز العربي في ختام كلمته أن التحولات التي أحدثتها الثورات العربية وما تبعها أوجدت الآن قاعدة لنقاش هادئ ورزين مع الولايات المتحدة الأمريكية وعنها في آن واحد، يكون فيه للباحثين والأكاديميين مجال أوسع من السياسيين للإسهام في فهم أفضل لعلاقات العرب بالولايات المتحدة ولما يمكن أن تكون عليه.
الرأي العام العربي سلبي تجاه أميركا بسبب سياستها الخارجية
قدّم الدكتور محمد المصري مدير برنامج الرأي العامّ العربي في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في إطار جلسات اليوم الأول من المؤتمر عرضا عن نتائج "المؤشر العربي 2014" وخصوصا ما تعلق بالمحور الذي تناول اتجاهات الرأي العامّ في المنطقة العربية نحو الولايات المتحدة الأميركية.
وقال إن النتائج بينت أنّ أغلبية الرأي العام العربي تحمل موقفًا سلبيًا تجاه الولايات المتحدة، إذ أفاد نصف الرأي العام العربي أنهم يحملون وجهة نظر سلبية أو سلبية إلى حدٍ ما تجاه الولايات المتحدة، مقابل 26% أفادوا أنّ نظرتهم هي إيجابية أو إيجابية إلى حدٍ ما، في حين قال ربع المستجيبين إنّ ليس لديهم نظرة إيجابية أو سلبية أو إنهم "رفضوا الإجابة. وتتركز الاتجاهات الإيجابية تجاه الولايات المتحدة الأميركية في السعودية والكويت ولبنان وتونس، فيما كانت أكثر البلدان التي عبر المستجيبون فيها عن آراء سلبية هي فلسطين ومصر والعراق واليمن والأردن.
وأوضح أن معظم إجابات المواطنين تعكس أنّ نظرتهم السلبية تجاه الولايات المتحدة هي نتيجة لعدم قبول سياستها الخارجية في المنطقة، وتعدّ القضية الفلسطينية ومساندة الولايات المتحدة لإسرائيل الركن الأساسي لهذه النظرة السلبية. في حين، أفادت نسبة ضئيلة من المستجيبين أنّ نظرتهم السلبية هي نتيجة لاختلافات ثقافية أو دينية بين العرب والأميركيين أو نتيجة لصراعٍ ثقافي أو حضاري يمثلون نسبة محدودة جدًا؛ إذ إنّ 2% من مجمل المستجيبين قالوا إنّ الولايات المتحدة تحارب الإسلام والمسلمين. وركز أقل من 1% على اختلافات ثقافية وقيمية.
وقد أظهرت النتائج أنّ الرأي العام العربي بمجمله غير مقتنع بأنّ الولايات المتحدة تدعم التحوّل الديمقراطي في البلدان العربية، أو أنها تحمي حقوق الإنسان، أو أنّ المسلمين في الولايات المتحدة يتمتعون بجميع الحقوق التي يتمتع بها الأميركيون. ومع ذلك، فإنّ نسبة الذين يوافقون على أنّ الولايات المتحدة تقوم بهذه القضايا تزيد على ثلث المستجيبين، وهي نسبة جديرة بالملاحظة. وأغلبية الرأي العام في المنطقة العربية غير مقتنعة بأنّ الولايات المتحدة تساهم في تعزيز أمن المنطقة العربية واستقرارها. ويرى ثلثا المواطنين في المنطقة العربية أنّ الولايات المتحدة تهدف إلى فرض أجندتها على الدول الأخرى من خلال المساعدات التي تقدمها لتلك الدول.
وأوضح الدكتور المصري أن تقييم السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة هو تقييم سلبي بمجمله؛ إذ أفاد ما نسبتهم 13% من المستجيبين أنّ تلك السياسة إيجابية، فيما كانت نسبة الذين أفادوا أنها إيجابية إلى حدٍ ما 24%، أما الذين وصفوها بالسلبية فكانت 49%.
ومن بين النتائج المهمة بشأن هذه النقطة أن الرأي العامّ العربي السلبي نحو السياسة الخارجية الأميركية لا يحمّل هذه السياسة الخارجية للّوبي الصهيوني مثلما تشيع بعض المنابر الإعلامية، إذ ترى أغلبية المواطنين أنّ هناك أربعة أركان مسؤولة عن صناعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة وهي: الرئيس (22% من إجابات المستجيبين)، والكونغرس (20%)، واللوبي الصهيوني (15%)، ووزارة الخارجية (12%). ويرى الرأي العام العربي أنّ دور الرأي العام والإعلام الأميركيين هو دور هامشي في صناعة السياسة الخارجية الأميركية.
في المقابل أظهرت نتائج المؤشر العربي أن أكثرية المواطنين العرب لديهم نظرة "إيجابية" (43%) أو "لا إيجابية ولا سلبية" (25%) تجاه الشعب الأميركي بغض النظر عن السياسة الخارجية الأميركية.
واختتم مدير برنامج الرأي العام العربي في المركز عرضه بالتأكيد على أن يتغير الرأي العام العربي السلبي تجاه الولايات المتحدة غير ممكن ما لم تغير سياساتها الخارجية نحو المنطقة العربية.
ويذكر أن المُؤشر العربيّ هو استطلاع سنويّ ينفِّذه المركز العربيّ للأبحاث في البلدان العربيّة التي يُتاح فيها تنفيذ الاستطلاع؛ وذلك بهدف الوقوف على اتّجاهات الرّأي العامّ العربيّ نحو مجموعةٍ من المواضيع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة. وقد شمل استطلاع المؤشّر العربيّ للعام 2014 خلال الفترة كانون الثاني/ يناير - أيار/ مايو 2014 عينة حجمها 26372 مستجيبًا موزعين على 14 بلدًا من بلدان المنطقة العربيّة.
عشر جلسات و3 أيام لبحث أوجه علاقات العرب بأميركا
يستمر مؤتمر "العرب والولايات المتحدة الأميركية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة (رؤية أكاديمية)" الذي افتتح اليوم طوال ثلاثة أيام، وتحاول جلسات المؤتمر تفكيك هذه العلاقة المركبة، وتعرُّف أوجهها المختلفة، مع أخذ التحولات التي طرأت عليها، منذ أن بدأ احتكاك العرب بالولايات المتحدة الأميركية قبل نحو قرنين. وقد شمل برنامج اليوم الأول جلسة أولى بعنوان: "الجلسة الأولى: الإسراتيجية الأميركية في المنطقة العربية: كيف بدأت؟ وإلى أين وصلت؟"، تلاها عرض عن نتائج المؤشر العربي 2014، وبعد ذلك تطرقت الجلسة الثانية لموضوع "العرب والولايات المتحدة: الصور النمطية المتبادلة"، وخصصت الجلسة الثالثة لموضوع: "الأمن والطاقة في العالقات الخليجية-الأميركية"، وكان موضوع الجلسة الرابعة "مستقبل العالقات الخليجية-الأميركية".
كشف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات خلال اليوم الأول من مؤتمر "العرب والولايات المتحدة الأميركية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة (رؤية أكاديمية)" الذي يعقده المركز في الدوحة، عن بعض نتائج المؤشر العربي لعام 2014، التي قال الدكتور محمد المصري مدير برنامج الرأي العام العربي في المركز إنها تشير إلى أنّ أغلبية الرأي العام العربي تحمل موقفًا سلبيًا تجاه الولايات المتحدة، إذ أفاد نصف الرأي العام العربي أنهم يحملون وجهة نظر سلبية أو سلبية إلى حدٍ ما تجاه الولايات المتحدة، مقابل 26% أفادوا أنّ نظرتهم هي إيجابية أو إيجابية إلى حدٍ ما، مشيرا إلى أن سبب النظرة السلبية بحسب الرأي العام هو السياسة الخارجية الأميركية.
وأكد الدكتور عزمي بشارة في كلمة افتتاحية للمؤتمر على أنّ طرح علاقات العرب وأميركا للبحث يجب أن ينطلق أولا في مسعى تحديد العرب لهويتهم ومصالحهم وأمنهم القومي أولا قبل الشروع في محاورة الآخر، وشدد على أن العرب يجب أن يصنعوا الحل لمشاكلهم بأنفسهم ولا ينتظروا حلا خارجيا من أميركا أو غيرها.
علينا أن نحدد من "نحن" قبل أن نحاور "الآخر"
انطلقت أعمال المؤتمر بكلمة افتتاحية للمدير العامّ للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدكتور عزمي بشارة، وأشار في البداية إلى أن مؤتمر "العرب والولايات المتحدة" يدخل ضمن سلسلة المؤتمرات التي دأب المركز على تنظيمها في إطار فهم علاقات العرب بالقوى الكبرى والجوار الإقليمي فقد سبق أن نظّم مؤتمرات "العرب وإيران" و"العرب وتركيا" و"العرب والقرن الأفريقي".
وفي هذا الصدد شدّد الدكتور عزمي بشارة على أن الهدف الرئيس لهذه المؤتمرات المتسلسلة هو "فهم أنفسنا كعرب قبل فهم غيرنا أو علاقاتنا مع الآخر،.... من خلال حوارنا مع الآخر نبلور هويتنا ومفهومنا للمصالح القومية العربية وللأمن العربي المشترك". وأضاف قائلًا: "في الحقيقة لا يوجد شيء اسمه: العرب وأميركا، لأنه إذا كانت أميركا دولة لها مصالحها الواضحة ومفهومها لأمنها القومين فإننا لا نجد مصالح محددة للعرب ككتلة ولا مفهوما موحدا للأمن القومي" ولذلك وجب أن نبدأ بالتأسيس لهذا.
ويرى الدكتور عزمي بشارة أن في منظور علاقات العرب بالولايات المتحدة أربع حالات ممكنة: فالبعض (أنظمة ونخب) يدعو إلى التقارب مع الولايات المتحدة ويسعى لذلك ويجد في محاربة الإرهاب إطارا لهذا التقارب، والبعض الآخر يناصب الولايات المتحدة العداء، والفئة الثالثة تطالب أميركا بالتدخل لتطبيق الديمقراطية في الوطن العربي، أما الحالة الرابعة فهي لمن يقولون إن لأميركا مصالح في المنطقة وهي عند العرب وليست عند إسرائيل، في حين أن أصحاب هذا المنظور نفسهم يعدّون "خطاب المصالح" خطابًا إمبرياليًّا".
وخلص إلى أن هناك لبسا كبيرا وفوضى في تحديدنا لهويتنا كعرب ومصالحنا وأمننا القومي، ويجب أن نبدأ بهذا الأمر قبل الحديث عن حوار مع الآخر.
وقال الدكتور عزمي بشارة إن الولايات المتحدة الأميركية عُدّت في موقع العدو عبر التطورات المفصلية الثلاثة التي مر بها العالم العربي بداية بنشأة الحركات القومية، ثم الحركة الوطنية الفلسطينية، وصولا إلى ظهور حركات الإسلام السياسي. وأضاف أن هذا الجانب هو المتعلق بالولايات المتحدة في علاقاتها مع العرب، إذ عليها أن تجيب عن سؤال: لماذا عُدّت الولايات المتحدة الأميركية في التمفصلات الرئيسة الثلاثة في موقع العدو؟ ولماذا لم تتصرف تجاهها بعقلانية بل تصرفت دوما من منطلق المصالح الإسرائيلية؟ وعلى الولايات المتحدة أن تطرحه على نفسها وتجيب عنه سواء كان ذلك وحدها أو في إطار حوار مع العرب.
وأوضح بشارة أن إدارة أوباما وفي توافق واضح مع توجهات الرأي العام الأميركي، اتّخذت نهج "الواقعية السياسة" تجاه الديمقراطية في العالم وتخلت عن فكرة نقل الديمقراطية على ظهر الدبابة مثلما حاولت أن تفعل في العراق. وها هي الديمقراطية جاءت في النطاق العربي من دون تدخل أميركي فتأثرت الولايات المتحدة وتفاجأت، والحالة المصرية خير دليل على ذلك، إذ إن رأي الأغلبية في إدارة أوباما كان يدعم مبارك في بداية الثورة، كما أن هذه الإدارة رفضت بعد يوليو 2013 وصف ما وقع بالانقلاب على الرغم من كونه انقلابا صريحا وواضحًا ويقترب في تطوراته الأخيرة من "الفاشية" على مستوى الخطاب على الأقل. وكذلك الحال في الموقف المتردد من النظام السوري ورفض دعم الثورة ومنع من يريد فعل ذلك، ثم تتحسر الولايات المتحدة الآن على توسع "داعش". وخلص في هذا الشأن إلى أن "لا أحد يحل لأمة مشكلتها إن لم تحلها بنفسها،... فلا يحل التدخل الأجنبي مشاكلنا". وتابع يقول "طالب العرب الولايات المتحدة أحيانا بالتدخل ثم انتقدوها بعد أن تدخّلت، مثلما هي الحال في العراق"، مردفا بالقول "المشكلة تكمن أولا في أسئلة أساسية تتعلق بنا، يجب أن نحلها نحن".
وأكد المدير العام للمركز العربي في ختام كلمته أن التحولات التي أحدثتها الثورات العربية وما تبعها أوجدت الآن قاعدة لنقاش هادئ ورزين مع الولايات المتحدة الأمريكية وعنها في آن واحد، يكون فيه للباحثين والأكاديميين مجال أوسع من السياسيين للإسهام في فهم أفضل لعلاقات العرب بالولايات المتحدة ولما يمكن أن تكون عليه.
الرأي العام العربي سلبي تجاه أميركا بسبب سياستها الخارجية
قدّم الدكتور محمد المصري مدير برنامج الرأي العامّ العربي في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في إطار جلسات اليوم الأول من المؤتمر عرضا عن نتائج "المؤشر العربي 2014" وخصوصا ما تعلق بالمحور الذي تناول اتجاهات الرأي العامّ في المنطقة العربية نحو الولايات المتحدة الأميركية.
وقال إن النتائج بينت أنّ أغلبية الرأي العام العربي تحمل موقفًا سلبيًا تجاه الولايات المتحدة، إذ أفاد نصف الرأي العام العربي أنهم يحملون وجهة نظر سلبية أو سلبية إلى حدٍ ما تجاه الولايات المتحدة، مقابل 26% أفادوا أنّ نظرتهم هي إيجابية أو إيجابية إلى حدٍ ما، في حين قال ربع المستجيبين إنّ ليس لديهم نظرة إيجابية أو سلبية أو إنهم "رفضوا الإجابة. وتتركز الاتجاهات الإيجابية تجاه الولايات المتحدة الأميركية في السعودية والكويت ولبنان وتونس، فيما كانت أكثر البلدان التي عبر المستجيبون فيها عن آراء سلبية هي فلسطين ومصر والعراق واليمن والأردن.
وأوضح أن معظم إجابات المواطنين تعكس أنّ نظرتهم السلبية تجاه الولايات المتحدة هي نتيجة لعدم قبول سياستها الخارجية في المنطقة، وتعدّ القضية الفلسطينية ومساندة الولايات المتحدة لإسرائيل الركن الأساسي لهذه النظرة السلبية. في حين، أفادت نسبة ضئيلة من المستجيبين أنّ نظرتهم السلبية هي نتيجة لاختلافات ثقافية أو دينية بين العرب والأميركيين أو نتيجة لصراعٍ ثقافي أو حضاري يمثلون نسبة محدودة جدًا؛ إذ إنّ 2% من مجمل المستجيبين قالوا إنّ الولايات المتحدة تحارب الإسلام والمسلمين. وركز أقل من 1% على اختلافات ثقافية وقيمية.
وقد أظهرت النتائج أنّ الرأي العام العربي بمجمله غير مقتنع بأنّ الولايات المتحدة تدعم التحوّل الديمقراطي في البلدان العربية، أو أنها تحمي حقوق الإنسان، أو أنّ المسلمين في الولايات المتحدة يتمتعون بجميع الحقوق التي يتمتع بها الأميركيون. ومع ذلك، فإنّ نسبة الذين يوافقون على أنّ الولايات المتحدة تقوم بهذه القضايا تزيد على ثلث المستجيبين، وهي نسبة جديرة بالملاحظة. وأغلبية الرأي العام في المنطقة العربية غير مقتنعة بأنّ الولايات المتحدة تساهم في تعزيز أمن المنطقة العربية واستقرارها. ويرى ثلثا المواطنين في المنطقة العربية أنّ الولايات المتحدة تهدف إلى فرض أجندتها على الدول الأخرى من خلال المساعدات التي تقدمها لتلك الدول.
وأوضح الدكتور المصري أن تقييم السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة هو تقييم سلبي بمجمله؛ إذ أفاد ما نسبتهم 13% من المستجيبين أنّ تلك السياسة إيجابية، فيما كانت نسبة الذين أفادوا أنها إيجابية إلى حدٍ ما 24%، أما الذين وصفوها بالسلبية فكانت 49%.
ومن بين النتائج المهمة بشأن هذه النقطة أن الرأي العامّ العربي السلبي نحو السياسة الخارجية الأميركية لا يحمّل هذه السياسة الخارجية للّوبي الصهيوني مثلما تشيع بعض المنابر الإعلامية، إذ ترى أغلبية المواطنين أنّ هناك أربعة أركان مسؤولة عن صناعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة وهي: الرئيس (22% من إجابات المستجيبين)، والكونغرس (20%)، واللوبي الصهيوني (15%)، ووزارة الخارجية (12%). ويرى الرأي العام العربي أنّ دور الرأي العام والإعلام الأميركيين هو دور هامشي في صناعة السياسة الخارجية الأميركية.
في المقابل أظهرت نتائج المؤشر العربي أن أكثرية المواطنين العرب لديهم نظرة "إيجابية" (43%) أو "لا إيجابية ولا سلبية" (25%) تجاه الشعب الأميركي بغض النظر عن السياسة الخارجية الأميركية.
واختتم مدير برنامج الرأي العام العربي في المركز عرضه بالتأكيد على أن يتغير الرأي العام العربي السلبي تجاه الولايات المتحدة غير ممكن ما لم تغير سياساتها الخارجية نحو المنطقة العربية.
ويذكر أن المُؤشر العربيّ هو استطلاع سنويّ ينفِّذه المركز العربيّ للأبحاث في البلدان العربيّة التي يُتاح فيها تنفيذ الاستطلاع؛ وذلك بهدف الوقوف على اتّجاهات الرّأي العامّ العربيّ نحو مجموعةٍ من المواضيع الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة. وقد شمل استطلاع المؤشّر العربيّ للعام 2014 خلال الفترة كانون الثاني/ يناير - أيار/ مايو 2014 عينة حجمها 26372 مستجيبًا موزعين على 14 بلدًا من بلدان المنطقة العربيّة.
عشر جلسات و3 أيام لبحث أوجه علاقات العرب بأميركا
يستمر مؤتمر "العرب والولايات المتحدة الأميركية: المصالح والمخاوف والاهتمامات في بيئة متغيرة (رؤية أكاديمية)" الذي افتتح اليوم طوال ثلاثة أيام، وتحاول جلسات المؤتمر تفكيك هذه العلاقة المركبة، وتعرُّف أوجهها المختلفة، مع أخذ التحولات التي طرأت عليها، منذ أن بدأ احتكاك العرب بالولايات المتحدة الأميركية قبل نحو قرنين. وقد شمل برنامج اليوم الأول جلسة أولى بعنوان: "الجلسة الأولى: الإسراتيجية الأميركية في المنطقة العربية: كيف بدأت؟ وإلى أين وصلت؟"، تلاها عرض عن نتائج المؤشر العربي 2014، وبعد ذلك تطرقت الجلسة الثانية لموضوع "العرب والولايات المتحدة: الصور النمطية المتبادلة"، وخصصت الجلسة الثالثة لموضوع: "الأمن والطاقة في العالقات الخليجية-الأميركية"، وكان موضوع الجلسة الرابعة "مستقبل العالقات الخليجية-الأميركية".