jo24_banner
jo24_banner

تقرير: التضييق على الأحزاب السياسية بين نفي حكومي و واقع يؤكد صحته

تقرير: التضييق على الأحزاب السياسية بين نفي حكومي و واقع يؤكد صحته
جو 24 :

إعداد غاندي ابو شرار- رغم وجود نص دستوري صريح بضمان حق الأردنيين في الاجتماع ( المادة 16 الفقرة 1-2) , و رغم إجراء ثلاث تعديلات متتالية و خلال اقل من عقد من الزمن على قانون الأحزاب السياسية في الاردن لمواكبة تطلعات الاحزاب السياسية و تسهيل مشاركتها و تواجدها داخل الأردن , إلا ان بعض التصرفات الحكومية تتنافى و ما يدعو إليه الدستور الاردني في بعض جوانبه بل و يتنافى و ما ذهب إليه المشرع الأردني من تعديلاته التي طالت قانون الاحزاب نفسه خصوصا في المادة (24) منه التي نصت على حق الأحزاب في استخدام المؤسسات العامة لعقد الاجتماعات و الانشطة المصرح بها من قبل القانون .

و هذا ما كشف عنه مؤخرا حزب جبهة العمل الاسلامي قبل و اثناء عقده لمؤتمره الصحفي الذي عقده في مقره الرئيسي يوم الاربعاء الموافق لتاريخ 18/06/2014 , من تعرضه للتضييق و المنع من تنظيم مؤتمره العام الرابع في بعض المراكز العامة.

السبيل للتنمية الحزبية حاور المعنيين و المختصين بالعمل الحزبي من امناء عاميين لبعض الأحزاب السياسية و مسئوليين حكوميين لاستيضاح أراء جميع الأطراف ( السياسية و الحزبية و القانونية ) حول موضوع المنع و التضييق , لتوضيح الأمور للقراء.

بداية التضييق:

استعرض الحزب خلال مؤتمره الصحفي الذي عقده امام وسائل الاعلام يوم الاربعاء الموافق لتاريخ 18/06/2014 المشهد الكامل لتفاصيل المنع الذي تعرض له , مستعرضا اياها بالتاريخ و بتحديد الاشخاص و المسميات و الجهات التي لجأ اليها الحزب منذ أكثر من اربعين يوم , حيث اشار الى انه طلب خلال محادثة هاتفية مع امين عمان الكبرى السيد عقل بلتاجي جرت قبل شهر و نصف حول طلب الحزب , اعقبه طلب رسمي موثق يحمل رقم ( 10 ك / م / م 170 / 3190 ) لعقد المؤتمر في قاعة مركز الحسين للمؤتمرات يوم 14 أو 21 من شهر حزيران و وعد امين عمان بداية بالمساعدة و بتسهيل امور الحجز , الا ان الحزب فوجىء بجواب من امانة عمان الكبرى يقضي بتطبيق قرار رجعي صادر عنها قبل عام و نصف من تاريخه يمنع فيه استضافة اية انشطة حزبية .

ثم اوضح الحزب انه تقدم بعد ذلك بكتاب رسمي اخر الى المركز الثقافي الملكي لحجز احدى القاعات الشاغرة لديه في التواريخ المحددة سابقا , و حصل الحزب على رد المركز الثقافي الملكي الذي يفيد بعدم وجود شواغر خلال شهري حزيران و تموز .

بعدها استعرض الحزب الاجراءات التي اتخذها لاحقا و التي تمثلت بالاتصال مع رئيسي مجلسي الاعيان و النواب و مع دولة رئيس الحكومة لوضعهم في صورة الأمر و الاحتجاج الى التضييق الحاصل , و الطلب منهم بضرورة التدخل لمعالجة الامر .

و استعرض الحزب - في اشارة الى مدى المنع الذي يلاحق اجتماعه انه و بعد الاعتذار المفاجىء لادارة فندق زمزم عن استضافة مؤتمر الحزب - قد صدر تعميماً منسوب لجهات مطلعة صادر عمم على جميع الفنادق بضرورة حصولها على موافقة امنية مسبقة قبل عقد اي نشاط حزبي خصوصا ليوم 21/06/2014.

الرواية الرسمية :

حاولنا بداية أن نتواصل مع معالي وزير التنمية السياسية للوقوف على رأي الوزارة من إتهامات حزب جبهة العمل الاسلامي للحكومة بانها تمارس التضييق و المنع المقصود , فرد علينا سكرتير الوزير معتذرا بانشغال الوزير في اجتماع هام , واعدا ايانا بالاتصال و ابلاغنا حالما ينتهي الوزير من إجتماعه , دون ان يحدث ذلك , و في وقت لاحق استطعنا تتبع تصريحات الوزير حول الموضوع عندما صرح لإحدى الوكالات الاعلامية المحلية بان الوزارة لا تملك حلا لمشكلة عدم وجود قاعة لعقد مؤتمر حزب جبهة العمل الإسلامي دون التطرق الى موضوع التضييق او المنع او مسئولية الوزارة عن تسهيل العمل الحزبي .

امانة عمان الكبرى على لسان رئيس قسم الانشطة فيها السيد " أمي ابو دلو " و في اتصال هاتفي معه صرح بانه لم يتلقى اي طلب من قبل حزب جبهة العمل الاسلامي لعقد المؤتمر نافيا ان يكون قسمه قد استقبل الطلب و رد عليه بالرفض .

من جهته صرح الناطق الرسمي باسم المركز الثقافي الملكي في اتصال هاتفي معه انه استقبل بالفعل طلبا من حزب جبهة العمل الاسلامي و ان الرد كان بعدم وجود ايام شاغرة للحجز في الاوقات التي طلب حزب جبهة العمل الاسلامي عقد مؤتمره فيها و هو 14-21/6/2014 اي ان جميع القاعات محجوزة خلال شهري حزيران و تموز .

رأي الأحزاب السياسية :

امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي حمزة منصور وصف المنع و التضييق الذي تعرض له حزبه بانه غير قانوني و مخالف للدستور و لقانون الاحزاب , مصمما على عقد الحزب لمؤتمره العام حتى و لو كان في الساحات العامة و هو ما كشف عنه خلال مؤتمره الصحفي الذي اعلن فيه عن مكان الاجتماع المقرر للمؤتمر الرابع للحزب و في ذات الموعد المقرر يوم السبت الموافق لتاريخ 21/06/2014 .

و طالب الامين العام للحزب جميع القوى السياسية و الحزبية في ردها على سؤال حول دور الاحزاب السياسية التي يتأمله الحزب في مثل هذه المواقف , فكان الرد ان العمل الاسلامي وجد تضامنا معه من قبل عدد من الاحزاب السياسية.

امين عام الحزب الشيوعي الاردني الاستاذ منير حمارنة قال انه مع تطبيق قانون الاحزاب الاردني الذي يسمح للأحزاب بعقد إجتماعاتها في اي وقت و زمان و مكان تريده طالما تعمل وفق القانون و ان حزبه يعارض اي شكل من اشكال التدخل الحكومي سواء كان المباشر ام غير المباشر في شئون الاحزاب , لا فتا النظر الى ان غياب دور وزارة التنمية السياسية عن التدخل لصالح الاحزاب السياسية و الوقوف الى جانبها ليؤكد تبعيتها للسياسة الحكومية حتى و لو خالفت التنمية السياسية الحقيقية .

أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الاردني الدكتور سعيد ذياب اتهم الحكومة بقيادة عملية الردة عن الاصلاح السياسي و ان الحكومة ما زالت تعتنق منهجية الشد العكسي و يعكس نظرة الحكم للعمل الحزبي المرتبطة بالعداء و التي تقف عائقا امام تنمية اي عمل حزبي في الاردن , داعيا الاحزاب السياسية للتمسك بمشروعها الاصلاحي الذي بداته و بالتطاتف لمواجهة اي تدخل حكومي يعيق مسيرتها .

فاروق العبادي من حزب الجبهة الاردنية الموحدة و عضو المجلس الوطني قال بان الاجراء الذي اتخذته الحكومة بالتدخل و التضييق ضد حزب جبهة العمل الاسلامي ينم عن عادة غير مستغربة لدى الحكومة في الفترة الاخيرة نتيجة خشيتها من تصاعد التيارات الاسلامية , واصفا دور وزارة التنمية السياسية بالاسم الذي لا ينطبق على مسمى مرجو منها , داعيا الاحزاب السياسية في الاردن الى الانكفاء على ذاتها لالاصح كيانها المؤسسي و ليكون لها قدر و شان لتتمكن من اخذ حيز لها على الساحة السياسية المحلية .

امين عام حزب البعث العربي الاشتراكي الاستاذ محمد اكرم الحمصي صف الاجراء الحكومي الاخير ضد حزب جبهة العمل الاسلامي انه اجراء غير ديمقراطي و غير مقبول واصفا ذلك العمل بالخطا الكبير , متهما قوى الشد العكسي بالتأثير و التدخل في الحياة الحزبية و التي تعمل بخلاف رؤى جلالة الملك و دعواته لحياة حزبية منفتحة , و اتهم الحمصي وزارة التنمية السياسية بالتبعية المفرطة للحكومة , حتى و ان خالفت تبعيتها ابسط قواعد التنمية السياسية و الحزبية الحقيقية .

الامين العام الاول لحزب الشعب الديمقراطي الاردني ( حشد ) الاستاذة عبلة ابو علبة صرحت انها ليست مع التضييق و التدخل الحكومي باي حال من الاحوال في شئون الاحزاب السياسية سواء كان في اجتماعاتها او في الية عملها طالما تعمل و تلتزم بالقانون و اشارت الى ان الاجراء الحكومي الاخير يعد مناسبة جيدة للحديث عن ضرورة تحصين قانون الاحزاب ليحمي الاحزاب من اي تدخل او ممانعة غير قانونية , مبدية في نفس الوقت قلقلها و دعوتها لجميع الاحزاب السياسية من الحذر و اليقظة لقانون الاحزاب ليكون ضمانة حرية العمل الحزبي في الاردن .

امين عام حزب التجميع الوطني الاردني ( تواد ) محمد العبادي صرح بان سياسة المنع و التضييق التي مارستها الدوائر الحكومية ضد عقد مؤتمر حزب جبهة العمل الاسلامي يعتبر مخالف للدستور الاردني و للقوانين , خصوصا قانون الاحزاب .متهما وزارة التنمية السياسية بالتقصير لعدم انحيازها لحق الاحزاب السياسية بالاجتماع , واصفا اياها بالوزارة التي لا شان لها بالتنمية السياسية الحقيقية لا من بعيد و لا من قريب , مبديا ان الغاية من انشائها كان و ما زال كبرواز ديمقراطي لوجود تنمية سياسية .

و دعا العبادي الاحزاب السياسية الى ضرورة الاتحاد فيما بينها لحماية نفسها من الاختراق و التدخل الحكومي .

امين عام الحزب الوطني الدستوري الدكتور احمد الشناق حذر من المناكفات السياسية التي قد تضر بالوطن داعيا الحكومة الى احتضان الاحزاب السياسية طالما تعمل ضمن الدستور و القانون و الى تسهيل عمل الاحزاب و نشر افاق التنمية الحزبية .

مضيفا ان الاحزاب السياسية ينبغي لها ان تكون معارضة للحكومة و هذا لا يعتبر خروجا عن الاجماع حول مصلحة الوطن كونها تمثل عملية تناقل سلمي للسلطة التنفيذية , مختتما قوله بامله في ان يخرج قانون الاحزاب المعدل للمرة الرابعة من بين يدي نواب الامة بصيغة اكثر ديمقراطية و مرونة و يساهم في تنمية العمل الحزبي .

و اختتم الدكتور الشناق مداخلته بان وزارة التنمية السياسية ملامة و مقصرة لعدم انحيازها لمصلحة الاحزاب السياسية التي تعمل ضمن القانون لان واجبها يحتم عليها ذلك .

الرأي القانوني :

و لبيان الرأي القانوني حول الاجراءات الحكومية التي تعرض لها حزب جبهة العمل الاسلامي و مدى قانونيتها , اتصلنا بالاستاذ محمد المومني , محام مستقل , حول ذلك , فاشار ابتداءً الى حق الاحزاب السياسية الاردنية كافة و على اختلاف برامجها و افكارها و طالما تعمل وفق القانون و الانظمة المرعية , فغن لها الحق في الاجتماع في اي مؤسسة عامة او خاصة ترغب بها حتى و ان توفر اكثر من بديل , استنادا الى نص الدستور الاردني الذي اباح حرية الاجتماع و فسره قانون الاحزاب الاردني بالحق في استعمال المؤسسات العامة لعقد الاجتماعات . و بذلك تكون حجج المنع التي عبرت عنها المؤسسات المذكورة غير قانونية ولا يجوز الاعتداد بها , ما لم تكن القاعات محجوزة كاملة بالفعل كما صرح الناطق الرسمي باسم المركز الثقافي الملكي .

و من ناحية ثانية فان الاجراءات التي سارت من خلالها اجراءات التضييق تعتبر غير قانونية و باطلة و بامكان حزب جبهة العمل الاسلامي رفع قضية على الجهات التي لم تسمح له باستعمال مرافقها .

و بالنسبة للقرار الذي اعلنت عنه امانة عمان كمبرر لعدم السماح لحزب جبهة العمل الاسلامي بعقد مؤتمره في مركز الحسين الثقافي و القاضي بعدم السماح لاي حزب سياسي بممارسة الانشطة و اقامة الفعاليات فيه فهو و ان كان اجراء صحيح الا انه يناقض الدستور الاردني و قانون الاحزاب و بالتالي لا يجوز تطبيقه و تقديمه على قوانين اعلى منه.

و اختتم المومني مداخلته بالقول ان الاحزاب السياسية و اذا ما ارادت ان تستثمر هذه الواقعة لصالحها و تحمي نفسها قانونيا لمنع اي تدخل او تضييق او منع عليها , فانه بامكانها التضامن فيما بينها و المطالبة مجتمعة باحالة القضية الى محكمة العدل العليا للمطالبة لوقف التدخل الحكومي في شئون الاحزاب و ان سكوتها سيشجع الدوائر الحكومية مستقبلا على التدخل في شئونها و سلب ارادتها و قرارها الداخلي.

* ملاحظة: تم اعداد هذا التقرير قبل ان يعقد حزب العمل الإسلامي مؤتمره العام.

تابعو الأردن 24 على google news