jo24_banner
jo24_banner

اطفال يعملون خلال العطلة الصيفية لمواجهة متطلبات الحياة

اطفال يعملون خلال العطلة الصيفية لمواجهة متطلبات الحياة
جو 24 : في الوقت الذي تجد فيه اسر في العطلة الصيفية فرصة لاثراء عقول اطفالها بالمعارف المختلفة والتقنيات الكومبيوترية وتعلّم لغات اجنبية ، هناك اسر ترسل ابناءها للعمل من اجل الحصول على دخل اضافي وربما وحيد يسهم في سد عجز مصروفات الاسرة امام متطلبات واعباء الحياة اليومية.

الطفل احمد 11 عاما الذي يعمل بائعا في احد محال بيع الخضار ويحصل على ثلاثة دنانير كأجر يومي , يقول ان والديه موظفان , وله اربعة اشقاء اكبرهم في السادسة عشرة من عمره يعمل في احد محلات النجارة ويعيشون في بيت مستأجر , اذ يعمل هو وشقيقه على مساعدة والديهما لمواجهة اعباء الحياة .

في حين يعمل الطفل سامر 12 عاما الذي يسهم في مساعدة اسرته الفقيرة ,على جر عربة خشبية في سوق الخضار بجبل الحسين مقابل اجر قيمته نصف دينار من كل زبون يرغب بوضع مشترياته في العربة ، ويقول انه احيانا يحصل على اكثر من عشرة دنانير في اليوم الواحد ، فيما تبلغ اجرة العربة دينارا واحدا عن كل ساعة .

وفي المنطقة الصناعية في بيادر وادي السير يوجد العديد من الاحداث يعملون في البناشر والميكانيك وغسيل السيارات ، حيث يقول الطفل سند 15 عاما انه يعمل مقابل اجر يتراوح بين 70 الى 120 دينارا شهريا , حسب ضغط العمل ، مبينا انه يعمل بعد انتهاء دوام المدرسة ، اما في ايام العطل فانه يعمل طيلة النهار .

ويضيف انه يساعد والدته في اعالة الاسرة ، وانه تعلم الصنعة واتقنها جيدا ، ويقول ان مستواه الدراسي متوسط ولا ينوي الدراسة بالجامعة لان هذه المهنة - بحسبه – مربحة اكثر .

وفي احد صالونات التجميل تعمل نهى 15 عاما على تنظيف الشعر الساقط على الارض جراء عمليات القص , وتعد القهوة او الشاي للزبائن مقابل 30 دينارا في الاسبوع , ومدة عمل من الساعة 11 صباحا حتى السابعة مساء , اذ تقول انها تعمل فقط في ايام العطل بهدف التسلية وتعلم المهنة اضافة الى توفير مبلغ من المال تشتري به ما تشاء .

ويكثر وجود الاطفال بين سن العاشرة و 16 عاما على الاشارات الضوئية يبيعون العلكة او الازهار او الالعاب البسيطة للاطفال ، وما ان تقف السيارات على الاشارة الحمراء الا وتجد العديد منهم ينتشرون حولها يتوسلون البيع بالحاح كبير يضطر فيه سائقون الى الشراء.

استاذ علم الاجتماع المشارك والمتخصص في قيم العمل الدكتور حسين محادين يقول ان انماط التنشئة التي يتشربها ابناؤنا بخصوص العمل داخل حدود الاسرة قاصرة عن اكسابهم مهارات التدرج في العمل ، وهي قائمة على التمييز الجندري من حيث التقسيم القصدي ارضاء لثقافة المجتمع الذكوري القائم على ان هناك اعمالا مخصصة للاناث واخرى للذكور.

ويضيف ان عملية الاعتمادية تبدأ مع مسارات هذا النوع من التنشئة لجعل الابناء الذكور غالبا اعتماديين على من هم اكبر منهم في توفير الانفاق وفي المصاريف النثرية البسيطة ، وجميعها دلالات تتراكم لتبني اتجاها بان تربيتنا في الاسرة تجاه العمل تقوم على طول مدة الاعالة بالنسبة للابناء .

ويقول : من هنا بدأ الاطفال او الشباب اليافعون يشعرون بان هذا النوع من التربية والتنشئة تجاه العمل لا يحقق لهم جزءا من احساسهم بانهم منتجون ، والدليل على ذلك انه يحصل على مصروفه من الاهل دون بذل الجهد بحكم نمط الاعالة المطول .

ويشير الى انه ومع ذلك بدأ يشعر الابن بان عليه ان يجرب وان يكتشف ما هو خارج حدود الاسرة وان ينوع بالاصدقاء والبيئة وان يفهم معنى العمل بالممارسة ، ولذلك يمكن ربط هذه التطلعات او الاتجاهات مع طول ساعات الفراغ غير المبررة لا تربويا ( العطلة ) ولا اسريا بحكم ارتباط الابوين باعمال خارج المنزل لفترة طويلة .

لذلك - يقول الدكتور محادين - يشعر الابن بنوع من الملل في علاقته مع التكنولوجيا ( وسائل الاتصال ) وفي علاقته مع المكان الضيق المتاح امامه في البيت , ما ادى الى محاولة بعض الابناء كسر الاعتياد والرغبة في العمل . وحول ايجابيات العمل بالنسبة للاطفال يضيف ان العمل في سن مبكر يعتبر بداية تبلور الهوية الفردية ، وبداية الاحتكاك المباشر مع سوق العمل ولو بشكل يسير , والاحساس بالقدرة على الانتاج رغم العناية الفائقة التي يحرص الابوان على تحقيقها لابنائهم غالبا .

وتحدث عن محاذير زج الابناء فجأة في سوق العمل ، مشيرا الى غياب الخبرة السابقة التي افتقدها الشاب او الفتاة في البيت والتي يفترض ان يكتسبها من هناك عن طريق تقسيم العمل وتحمل المسؤوليات بتدرج كي يكون قادرا على ولوج السوق والاندماج في المجتمع المحيط ,اضافة الى ان بيئة العمل بالنسبة لمن هم دون سن ال 18 ليست مضمونة النتائج .

ويعبر عن خشيته من ان يعاد استخدام الابناء بشكل مصاحب لعملهم في بعض البيئات خاصة البعيدة عن الانظار مثل الورش والمحاجر والتنقل بوسائط النقل مع صاحب العمل او العاملين حسب طبيعة العمل ، وكلها عوامل يمكن ان تعيد توجيه هؤلاء الابناء نحو سلوكات منحرفة او يمكن ان يعاد تدريبهم على اتجاهات سلبية توحي بان مجرد ذهابه الى العمل وهو في هذا السن يؤكد على غياب العدالة الاجتماعية ، في حين ان اقرانه من الميسورين ما هو بعيد عن مثل هذه الاجواء .

ويؤكد اننا امام مفصل مهم يؤشر الى قصور انماط التنشئة التي نكسبها لابنائنا بخصوص العمل مشيرا الى خطورة البيئة او المجتمع المفتوح الذي يصعب التنبؤ بصدقية تفهمه لمطالب الشباب الباحث عن عمل في هذه السن الحرجة , كما يؤكد ضرورة التمييز بين الأعمال المرئية في فضاءات مفتوحة وبين الأعمال التي يمكن ان تؤدى في اماكن بعيدة عن الانظار , اضافة الى وعي الابناء القبْلية , كلها عوامل يمكن ان تكون محصنة للشباب ، او تجعل الشاب يكتشف ضعفه وبالتالي يسهل اغواؤه .

وكان قانون العمل الاردني وتعديلاته رقم 8 لسنة 1996 تنبه لخطورة عمل الاحداث وابرز ذلك في عدد من مواده التي حظرت تشغيل الاحداث في مهن خطرة او مرهقة او مضرة ، اذ منعت المادة 73 منه تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور ,كما حظرت المادة 75 منه تشغيل الحدث اكثر من ست ساعات في اليوم الواحد على ان يعطى فترة للراحة لا تقل عن ساعة واحدة بعد عمل اربع ساعات متصلة ، وحظرت عمله كذلك بين الساعة الثامنة مساء والسادسة صباحا ، وفي الاعياد الدينية والعطل الرسمية وايام العطلة الاسبوعية .

وزارة العمل تواجه العديد من التحديات في تطبيق مواد القانون بحسب رئيسة قسم عمل الاطفال شيرين الطيب التي تشير الى عدم تعاون العديد من اصحاب العمل مع مفتشي الوزارة الذين يتجولون لمراقبة تطبيق القانون بشكل عام ، اضافة الى ان الكوادر غير كافية .

وتشير الى الاطار الوطني لمكافحة عمل الاطفال الذي يعتبر وثيقة عمل وطنية تحدد المسؤوليات والادوار لجميع الجهات المعنية ، واليات الاستجابة لحالات عمل الاطفال، من حيث التنسيق وتحويل الحالات بما يتناسب ونوع الخدمة الواجب تقديمها .

وتبين ان بعض أرباب العمل يشغل الأطفال لتدني أجورهم ، ناهيك عن التخلي عن الشروط والالتزامات المتعلقة بالتأمين الصحي والضمان الاجتماعي أو اي مطالب خاصة بتوفير ظروف وشروط عمل ملائمة.

الناطق الاعلامي لوزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط يقول ان جميع التوجهات في مجال القضاء على عمل الاطفال وردت في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر للسنوات 2013 – 2020 والخطة التنفيذية لتلك الاستراتيجية .

ويشير الى ان هذه الاستراتيجية اعتبرت موضوع القضاء على عمل الاطفال واحدا من اهدافها عن طريق مجموعة من الاليات , في مقدمتها مراجعة التشريعات وتطويرها وحماية الاطفال العاملين مبينا ان احدث دراسة اجريت على عمل الاطفال الاردنيين اوضحت ان عددهم تراوح بين 32 و 55 الفا .

ويقول ان دور الوزارة في مجال مكافحة عمل الاطفال يتركز على حماية الاطفال العاملين من خلال دراسة اوضاعهم فان كانوا فقراء فالامر يقضي بمساعدتهم من خلال صندوق المعونة الوطنية ، علاوة على قيام الوزارة مؤخرا باعتبار الاطفال العاملين محتاجين للحماية والرعاية وضمنت ذلك في تشريعات لهذه الغاية .

المجلس الوطني لشؤون الاسرة ارتأى وبالتعاون مع شركائه من وزارات العمل والتنمية الاجتماعية والتربية والتعليم، والعديد من المؤسسات الوطنية الحكومية وغير الحكومية, العمل على تطوير إطار وطني لمكافحة عمل الاطفال بمثابة وثيقة مرجعية وطنية، والذي تم إقراره من قبل مجلس الوزراء في الثالث والعشرين من اب 2011 .

ويعتبر الإطار آلية مؤسسية وطنية للتنسيق بين الشركاء وللعاملين في مجال عمل الأطفال، الذي يحدد الأدوار والمسؤوليات والإجراءات التي تناسب المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة بعمل الأطفال، وأسس التشبيك والتنسيق من خلال رسم آلية واضحة للاستقصاء والاستجابة ووضع الأسس لعملية المتابعة والتقييم للبرامج والخدمات المقدمة، التي من شأنها حماية الطفل من الوقوع في الاستغلال العمالي وضمان توفير خدمات ذات نوعية جيدة وشاملة.

واعد المجلس دليلا تدريبيا حول عمل الأطفال 2011 لتوعية الأهل بقضاياهم.

بترا- وفاء مطالقة
تابعو الأردن 24 على google news