انتشار الفساد: حلول تتطلب مشاركة مجتمعية فاعلة
الكابتن اسامة شقمان
جو 24 : قال تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون) البقرة (30).
الحمد لله الذي كرم الانسان، ومنحه نعمة العقل، وميزه عن غيره من المخلوقات؛ ليكون اهلا لمراده ..
عرفت المجتمعات البشرية الفساد في كل الأزمنة، ويمكننا القول انها غدت ظاهرة عالمية مستمرة، ولا يختلف اثنان على أن المجتمعات كافة في الشرق والغرب تحتوي على قدر معين من الفساد، ففي ظل تسارع الإنسان نحو النزعة المادية وتفشي الرغبة الجامحة في الحصول عليها بكافة السبل، انتشرت الكثير من الظواهر التي تتناقض مع مبادئنا وبرزت ظاهرة الفساد بأنواعها ؛الأخلاقي والمالي والإداري والتعليمي والثقافي حتى وصلنا الى الديني والعقائدي.
والفساد فى معاجم اللغة هو - فسد - ضد صَلُحَ فيقال فسد الشيء أى بطُلَ واضمحل ، هذا وللفساد معان عدة تختلف بحسب مواضعه وموقعه فى العبارات المستخدم بها ، مثل الجدب أو القحط كما فى قوله تعالى(ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون) الروم (41)
وان كان الامر لايحتاج إلى بحث مطول في التعاريف وتنقيب في المعاجم والموسوعات، فالفساد هو المعادل الموضوعي للظلم، وهو الطغيان والتجبر كما فى قوله تعالى ( للذين لا يريدون علواً فى الأرض ولا فساداً ) القصص (83) .. فالظلم وضع الشيء في غير موضعه، وصرف الحق لمن لا يستحق ومنعه من مستحقه..
ومع استشراء الفساد بانواعه وبمرور السنوات على انتشاره في المجتمعات اكتسبت هذه الظاهرة كثيرا من مظاهر الشرعية واعتاد الناس عليها الى ان تطور الامر في اتجاه غريب وعجيب رايناه في كلّ مناحي الحياة والذين ( عاثوا في الأرض فسادًا ) يكافؤون ويسرحون ويمرحون مع عبارات التبجيل والتقدير، وتنحني الرؤوس لهم احتراما.
الحديث عن الفساد اصبح ضمن اهتمام وشان الجميع، وتسمع في الكثير من الجلسات الإجتماعية والعائلية آراء مختلفة حوله، وبدأ الشخص العادي يدرك قبل غيره في ظل العيش في محيط ثورة المعلومات ان أكثر الشعارات التى تتردد في داخل الوطن هو شعار المطالبة بمحاسبة الفاسدين الذين نهبوا البلد وسرقوا مقدرات شعبه.
لانه اصبح اكثر من ذي قبل الآلة الأكثر فتكاً في المجتمع حيث باتا نلاحظ انتشار الفساد الأخلاقي والفساد المالي والإداري وصولاً إلى الفساد التعليمي والثقافي والديني والعقائدي, والفساد الحكومي الذي يشكل أحد أخطر أنواع الفساد حيث أن تأثير فساد السياسات والقرارات الحكومية الطائشة تحدث تأثيراً في كافة أطياف المجتمع فيغدو الغضب العنوان الأبرز للمواطن وتغدو الفرصة سانحة لتفشي أنواع الفساد الأخرى.
لاشك ان الحياة مليئة بالكثير من التجارب والدروس الكفيلة بتعليمنا الكيفية المناسبة لاعادة النظر بالامور المحيطه بنا, فالسير وفق وتيرة محددة ضمن قناعة معينة او حسب قناعات متعددة نمارسها ونطبقها في حياتنا تحتاج الى مراجعة فاحصة نقف فيها على مواضع الخلل مع تحكيم صوت العقل الذي نحن بحاجة اليه اكثر من اي وقت مضى وخاصة مع ارتفاع نبرة الحديث عن الفساد بكافه انواعه في ظل ما تتناقله وسائل الاعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي التي اصبحت زاخرة بأخبار قضايا الفساد المختلفة وباتت محط أنظار كافه اطياف المجتمع.
وما سبق ادى – للاسف - الى نزع هيبة الدولة, وتسبب الفساد الحكومي في تنمية الفساد المجتمعي داخل الوطن واوصل أوضاعنا الى حالة صعبة وقناعة وشعور عام بين اطياف المجتمع ان الفاسد هو ذاك الانسان القوي والمحمي وانه فوق الجميع..
في المقابل؛ هناك احاديث عن الفساد بانواعه قد تستند إلى إشاعات ولا تعتمد على بينات ووثائق وذلك في ظل غياب واضح وقناعة بوجود أدوات رقابية فاعلة، فإن الناس يلجأون إلى تحليل الظواهر رغم المحاولات التي تجري لإخفاءها إلا ان المؤشرات تبقى واضحة المعالم وتظهر بصيغ مختلفة في المجتمع وتتمثل في شيوع ظاهرة الغنى الفاحش والمفاجئ والمحسوبية في شَغلِ الوظائف والمناصب بدلاً من الجدارة والكفاءة والمهنية وغياب مبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظائف والاستغلال السيئ للوظيفة لتحقيق مصالح ذاتية على حساب مصالح الوطن وانعدام الشراكة بين المواطن والدولة وفق آلية المواطنة والديمقراطية، الأمر الذي يجعل سياسة الدولة غير ممثلة لأمال وتطلعات الشعب؛ وهذا يؤدي إلى خَلقِ نوعٍ من الشك في كل القرارات الحكومية لدى المواطنين.
ويعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالالة على تدني الرقابة الحكومية، وضعف تطبيق القانون، وغياب التشريعات.
وبقي ان نقول، ان الإصلاح السياسي هو المحور الاساسي للقضاء على الفساد من خلال التعليم و تكاتف الاسرة والمجتمع في نبذ الفئوية والفردية في مجال الوظيفة العامة، والبدء في تدريس القيم والأخلاقيات الوظيفية وتفعيل وتطبيق القانون من خلال تطوير النظم والتشريعات الحالية والعمل على ايجاد وثيقة إصلاح وطني شاملة يتعهد الجميع بالعمل بها وتفعيلها واتخاذ الخطوات اللازمة للتغيير المجتمعي الشامل.
وينبغي اعادة صياغة المناهج الدراسية والتركيز على بناء قيم المواطنة وتعميق معاني المساءلة والشفافية والنزاهة والعدالة والأمن المجتمعي وترسيخ مفهوم المجتمع المدني المحب الذي يرتكز على سبل تشجيع الإبداع والتنوير المعرفي المجتمعي من اجل رفد الذكاء المجتمعي.
إن الإصلاح يبدأ عندما يعزز التعليم فلسفة نقد المجتمع و السياسات العامة و تقديم الحلول المحلية المبدعة التي تشجع العمل التطوعي والريادة والخدمة العامة وتغليب المصلحة العامة على الخاصة والإحساس العميق بالمسؤولية.
الحمد لله الذي كرم الانسان، ومنحه نعمة العقل، وميزه عن غيره من المخلوقات؛ ليكون اهلا لمراده ..
عرفت المجتمعات البشرية الفساد في كل الأزمنة، ويمكننا القول انها غدت ظاهرة عالمية مستمرة، ولا يختلف اثنان على أن المجتمعات كافة في الشرق والغرب تحتوي على قدر معين من الفساد، ففي ظل تسارع الإنسان نحو النزعة المادية وتفشي الرغبة الجامحة في الحصول عليها بكافة السبل، انتشرت الكثير من الظواهر التي تتناقض مع مبادئنا وبرزت ظاهرة الفساد بأنواعها ؛الأخلاقي والمالي والإداري والتعليمي والثقافي حتى وصلنا الى الديني والعقائدي.
والفساد فى معاجم اللغة هو - فسد - ضد صَلُحَ فيقال فسد الشيء أى بطُلَ واضمحل ، هذا وللفساد معان عدة تختلف بحسب مواضعه وموقعه فى العبارات المستخدم بها ، مثل الجدب أو القحط كما فى قوله تعالى(ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون) الروم (41)
وان كان الامر لايحتاج إلى بحث مطول في التعاريف وتنقيب في المعاجم والموسوعات، فالفساد هو المعادل الموضوعي للظلم، وهو الطغيان والتجبر كما فى قوله تعالى ( للذين لا يريدون علواً فى الأرض ولا فساداً ) القصص (83) .. فالظلم وضع الشيء في غير موضعه، وصرف الحق لمن لا يستحق ومنعه من مستحقه..
ومع استشراء الفساد بانواعه وبمرور السنوات على انتشاره في المجتمعات اكتسبت هذه الظاهرة كثيرا من مظاهر الشرعية واعتاد الناس عليها الى ان تطور الامر في اتجاه غريب وعجيب رايناه في كلّ مناحي الحياة والذين ( عاثوا في الأرض فسادًا ) يكافؤون ويسرحون ويمرحون مع عبارات التبجيل والتقدير، وتنحني الرؤوس لهم احتراما.
الحديث عن الفساد اصبح ضمن اهتمام وشان الجميع، وتسمع في الكثير من الجلسات الإجتماعية والعائلية آراء مختلفة حوله، وبدأ الشخص العادي يدرك قبل غيره في ظل العيش في محيط ثورة المعلومات ان أكثر الشعارات التى تتردد في داخل الوطن هو شعار المطالبة بمحاسبة الفاسدين الذين نهبوا البلد وسرقوا مقدرات شعبه.
لانه اصبح اكثر من ذي قبل الآلة الأكثر فتكاً في المجتمع حيث باتا نلاحظ انتشار الفساد الأخلاقي والفساد المالي والإداري وصولاً إلى الفساد التعليمي والثقافي والديني والعقائدي, والفساد الحكومي الذي يشكل أحد أخطر أنواع الفساد حيث أن تأثير فساد السياسات والقرارات الحكومية الطائشة تحدث تأثيراً في كافة أطياف المجتمع فيغدو الغضب العنوان الأبرز للمواطن وتغدو الفرصة سانحة لتفشي أنواع الفساد الأخرى.
لاشك ان الحياة مليئة بالكثير من التجارب والدروس الكفيلة بتعليمنا الكيفية المناسبة لاعادة النظر بالامور المحيطه بنا, فالسير وفق وتيرة محددة ضمن قناعة معينة او حسب قناعات متعددة نمارسها ونطبقها في حياتنا تحتاج الى مراجعة فاحصة نقف فيها على مواضع الخلل مع تحكيم صوت العقل الذي نحن بحاجة اليه اكثر من اي وقت مضى وخاصة مع ارتفاع نبرة الحديث عن الفساد بكافه انواعه في ظل ما تتناقله وسائل الاعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي التي اصبحت زاخرة بأخبار قضايا الفساد المختلفة وباتت محط أنظار كافه اطياف المجتمع.
وما سبق ادى – للاسف - الى نزع هيبة الدولة, وتسبب الفساد الحكومي في تنمية الفساد المجتمعي داخل الوطن واوصل أوضاعنا الى حالة صعبة وقناعة وشعور عام بين اطياف المجتمع ان الفاسد هو ذاك الانسان القوي والمحمي وانه فوق الجميع..
في المقابل؛ هناك احاديث عن الفساد بانواعه قد تستند إلى إشاعات ولا تعتمد على بينات ووثائق وذلك في ظل غياب واضح وقناعة بوجود أدوات رقابية فاعلة، فإن الناس يلجأون إلى تحليل الظواهر رغم المحاولات التي تجري لإخفاءها إلا ان المؤشرات تبقى واضحة المعالم وتظهر بصيغ مختلفة في المجتمع وتتمثل في شيوع ظاهرة الغنى الفاحش والمفاجئ والمحسوبية في شَغلِ الوظائف والمناصب بدلاً من الجدارة والكفاءة والمهنية وغياب مبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظائف والاستغلال السيئ للوظيفة لتحقيق مصالح ذاتية على حساب مصالح الوطن وانعدام الشراكة بين المواطن والدولة وفق آلية المواطنة والديمقراطية، الأمر الذي يجعل سياسة الدولة غير ممثلة لأمال وتطلعات الشعب؛ وهذا يؤدي إلى خَلقِ نوعٍ من الشك في كل القرارات الحكومية لدى المواطنين.
ويعد ارتفاع مؤشر الفساد في أي مجتمع دالالة على تدني الرقابة الحكومية، وضعف تطبيق القانون، وغياب التشريعات.
وبقي ان نقول، ان الإصلاح السياسي هو المحور الاساسي للقضاء على الفساد من خلال التعليم و تكاتف الاسرة والمجتمع في نبذ الفئوية والفردية في مجال الوظيفة العامة، والبدء في تدريس القيم والأخلاقيات الوظيفية وتفعيل وتطبيق القانون من خلال تطوير النظم والتشريعات الحالية والعمل على ايجاد وثيقة إصلاح وطني شاملة يتعهد الجميع بالعمل بها وتفعيلها واتخاذ الخطوات اللازمة للتغيير المجتمعي الشامل.
وينبغي اعادة صياغة المناهج الدراسية والتركيز على بناء قيم المواطنة وتعميق معاني المساءلة والشفافية والنزاهة والعدالة والأمن المجتمعي وترسيخ مفهوم المجتمع المدني المحب الذي يرتكز على سبل تشجيع الإبداع والتنوير المعرفي المجتمعي من اجل رفد الذكاء المجتمعي.
إن الإصلاح يبدأ عندما يعزز التعليم فلسفة نقد المجتمع و السياسات العامة و تقديم الحلول المحلية المبدعة التي تشجع العمل التطوعي والريادة والخدمة العامة وتغليب المصلحة العامة على الخاصة والإحساس العميق بالمسؤولية.