إسرائيل ستنهزم إذا خاضت حرباً ضد جبهات عربية
اعترف قادة في الجيش الإسرائيلي بأن نتائج الحرب، التي قد تخوضها إسرائيل في المستقبل المنظور، لن تكن في مصلحتها، وقلل القادة أعينهم ما حاول وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الترويج له خلال الآونة الأخيرة، عندما قال إن الجيش الإسرائيلي يُعد من أقوى جيوش المنطقة من بغداد العراقية وحتى طرابلس الليبية.
واعتبر القادة الإسرائيليون أن تصريحات باراك ربما تتعلق بسلاح الجو والتكنولوجيا المتطورة، التي تعتمد عليها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إلا أن ذلك لا ينسحب على أداء العديد من الأسلحة في الجيش الإسرائيلي، وفي طليعتها سلاح البرية والمدرعات على وجه الخصوص.
حرب وشيكة ضد الجبهات العربية
الملحق الأسبوعي لصحيفة هاآرتس العبرية، نقل في تقرير مطول جانباً كبيراً من إشكالية الحرب الإسرائيلية الوشيكة ضد أي من الجبهات العربية، مشيراً على لسان الصحافي الإسرائيلي البارز "عاموس هارئيل" إلى أن نتائج الحرب التي يدور الحديث عنها ستكون كارثية بالنسبة إلى إسرائيل، خاصة أن كمّ ونوع التدريبات التي يتلقاها جنود سلاح البرية والمدرعات، لا يكفي لمجابهة جيشاً نظامياً على أية جبهة معادية، ولن يختلف الحال كثيراً إذا كررت إسرائيل سيناريو حرب لبنان الثانية، أمام "ميليشيات" حزب الله المسلحة.
عناصر من جنود الجيش الإسرائيلي
اللواء احتياط "يشي بار" قائد إحدى كتائب الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، والمسؤول عن تعبئة هيئة الأركان، كشف من جانبه عن المشاكل التي تواجه جيش بلاده، وتجعله عاجزاً عن التعاطي مع الحرب الوشيكة، مشيراً في حديث خاص لملحق صحيفة هاآرتس العبرية، إلى أن الجيش الإسرائيلي يفتقد مبالغ مادية كبيرة من أجل اجراء التدريبات الدورية في صفوف الجنود، خاصة أن معظم الموارد المالية المخصصة لتدريب سلاح البرية، تذهب في معظمها إلى تمويل المشروعات طويلة المدى، في وقت ينبغي أن تكون الأولوية في الميزانيات العسكرية مخصصة لتدريب الجنود.
وفي حديثه مع الصحيفة العبرية قال بار: "لم تتبق أية أموال لإجراء التدريبات العسكرية في صفوف الجنود، لا توجد أموال لشراء حتى ورق التواليت "المراحيض"، وكانت نتيجة ذلك واضحة خلال حرب لبنان الثانية عام 2006، حيث زجّت القيادة العسكرية بالجنود في هذه الحرب، دون تلقي الحد الأدنى من التدريبات العسكرية اللازمة في ميدان القتال، فكان من المفترض على سبيل المثال أن يتلقى سائق الدبابة في الخدمة الإلزامية 4 ساعات تدريب يومياً على قيادة الدبابة".
قصور عسكري في حرب لبنان الثانية
واعتبر القائد العسكري الإسرائيلي المخضرم في الخدمة على جبهة إسرائيل الشمالية، أن ما جرى من قصور عسكري في حرب لبنان الثانية، يمكن وصفه بالخيانة العظمى للجيش الإسرائيلي. وأضاف: "حاول قادة الجيش الإسرائيلي بعد حرب لبنان الثانية إعادة تأهيل الجنود وكل فروع الجيش، إلا أننا في الحقيقة لم نصل إلى نقطة متوازنة واضحة، فإذا ما نزلنا ساحة أية معركة، سنعود إلى مستوى أداء جنود الجيش نفسه في حرب لبنان الثانية عام 2006".
في هذا السياق تشير معلومات الصحيفة العبرية إلى أن ميزانية التدريبات السنوية في سلاح البرية الإسرائيلي تبلغ 1.4 مليار شيكل، يخصص 460 مليون شيكل منها لتدريب قوات الاحتياط، وخلال عامي 2007 و2008، خصص الجيش الإسرائيلي كميات ضخمة من الوسائل القتالية والذخيرة للتدريبات، إلا أن ميزانية التدريب عينها توقفت، كما طالب قادة الجيش الإسرائيلي في العام الحالي بتقليص الميزانية المخصصة للتدريب بما قيمته 30 مليون شيكل، وتم إلغاء تدريب فرقة كاملة من الجيش، إضافة إلى تقليص ملحوظ في حجم تدريبات الوحدات العسكرية، التي لا تقع على جدول الأولويات.
من جانبه أوضح ضابط كبير في منظومة الاحتياط، الكيفية التي تبدو عليها تدريبات سلاح المدرعات في الجيش الإسرائيلي، وقال: "التدريبات تجري بالطريقة نفسها التي كانت تجري وفقها منذ ثلاث أو أربع سنوات، واقتصرت التدريبات في مرحلة لاحقة على القادة فقط من دون الجنود".
مقارنة غير موضوعية بين الماضي والحاضر
تشير معلومات عسكرية موثقة إلى أنه في أعقاب الصدمة التي أصيب بها الجيش الإسرائيلي في حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973، ضاعف الجيش الإسرائيلي إلى درجة كبيرة حجم منظومة سلاح البرية، وعزز من تدريبات الاحتياط، وكان تدريب كتيبة المدرعات الواحدة يستمر ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في العام الواحد.
وأمام هذا المستوى بات من الصعب المقارنة بين الوضع الذي بات عليه مستوى تدريبات الجيش الإسرائيلي اليوم، فالأمر لا يقتصر فقط على مسألة ميزانية التدريب، وإنما يطال القيود التي يفرضها قانون الاحتياط على عدد الأيام، التي من الضروري أن يجري فيها الجنود تدريباتهم العسكرية سنوياً، كما إن هذه القيود ترتبط بعلاقة المجتمع الإسرائيلي مع جهاز الاحتياط في الوقت الراهن.
ففي حين تم تقليص نسبة جنود الاحتياط، بداية من تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن، بات من الصعب، بل من المستحيل، إعادة العجلة إلى الوراء، وبات من الصعب استدعاء جنود الاحتياط 50 أو 60 يوماً كل عام، من دون أن يكون هناك كم زاخر من الشكاوى والسخط.
ووفق القائد العسكري الإسرائيلي "يشي بار" مر الجيش الإسرائيلي بفترة مفقودة من عمره التدريبي، وهي الفترة ما بين 2000 وحتى 2006، فخلال هذه الفترة لم يتلق جنود الجيش، سواء النظاميين أو الاحتياط، أية تدريبات، وركز جل القادة اهتمامهم في مكافحة الانتفاضة الثانية، ولم يعاني من ذلك جنود الاحتياط فقط، وإنما بات الجنود النظاميون فاقدي الخبرة والكفاءة في التعامل مع أية حروب تقليدية، واقتصرت خبرتهم على فضّ المظاهرات واعتقال المطلوبين أمنياً.
أما الثقب الأسود الكبير فتمثل في فقدان المعلومات خلال السنوات القليلة الماضية، ورغم أن اداء الجيش شهد تحسناً وتطوراً في المجال التقني والتكنولوجي، إلا أن مستواه تضاءل عند الحديث عن الأداء القتالي في ميادين الحرب، وذلك قياساً بالعقدين أو العقود الثلاثة الماضية.
أمام هذا المستوى، كان هناك العديد من الاقتراحات التي أوصى بتفعيلها ضباط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، وكان في طليعة هذه التوجيهات: مضاعفة فصول التدريب المركزية للكتائب العسكرية من أسبوع إلى أسبوعين في العام الواحد، وإضافة تدريب بحجم ضئيل، وقيادة شبكة متشعبة من التدريبات اليومية للتخصصات المتنوعة في وحدات الجيش الإسرائيلي المختلفة.
في سياق حديث لصحيفة هاآرتس، قال ضابط كبير في سلاح البرية الإسرائيلي: "إن الوضع القتالي في كتائب الدوريات العسكرية والوحدات الخاصة أكثر تطوراً من نظيره في كتائب الجيش الإسرائيلي الأخرى، إذ إن التدريبات ترفع من المستوى القتالي في كتائب الوحدات الخاصة، إلا أن كتائب المدرعات لا تتلقى تدريباً سوى مرة واحدة كل عامين، ولعل ذلك يعود إلى ارتفاع تكلفة التدريبات بسبب ارتفاع أسعار الذخيرة والوقود".
ونفى الضابط الإسرائيلي تقليص ميزانيات التدريب في سلاح المدرعات، معللاً ذلك بأنها منخفضة من الأساس، وأن أي مساس زائد بها سيصل بإسرائيل إلى تجاوز الخط الأحمر في إعداد وتأهيل القوى البشرية في الجيش. وأضاف: "الحلول المقترحة للتعاطي مع إشكالية التدريب، تجعلنا نتطلع إلى توسيع نطاق التدريبات العسكرية للكوادر المتخصصة، وتقليص الفجوات التدريبية بين أسلحة الجيش، وللأسف الشديد لا نستطيع تجاوز هذه التطلعات التقليدية في جيوش العالم". ايلاف