jo24_banner
jo24_banner

تواطؤ الحكام العرب ثمن بقائهم على كراسي الحكم

علي السنيد
جو 24 :
أكاد اجزم ان عشرات الالاف، وربما مئات الالاف من العرب كانوا سيهبون منذ اللحظات الاولى للعدوان على غزة لنجدة اخوانهم الفلسطينيين، وكانت ستفيض بهم الارض بما رحبت، وكذا البقاع والشوارع، ولزحف الجسم الشعبي العربي لملاقاة المحاصرين تحت القصف، وما كانوا ليتركونهم وحيدين في مواجهة همجية العدوان الصهيوني، وكأن العرب لا كرامة لهم، ولا مشاعر ولا احاسيس كباقي البشر، ولا تتحرك دماؤهم ، وكأنها ماء، وكأنهم باتوا متجردين من عروبتهم، ومن نخوتهم، ومن دوافع الشرف التي بنيت عليها الشخصية العربية، ولكأنهم متنصلين من واجباتهم الدينية والقومية في نهاية المطاف.

وذلك لم يكن لينجح لولا هذه الحدود العربية التي تحيط بفلسطين احاطة السوار بالمعصم، وكأنها اربطة تقدمها رهينة للصهاينة، وتمنع جحافل العرب من الوصول اليها، ويقوم عليها حكام امناء للغرب يحسنون حراسة الحدود، وهم مستعدون ليحصروا واجبات كافة الاجهزة الامنية في بلادهم في هذه الغاية.
وما كانت لتنقطع قوافل المجاهدين طوال هذه السنيين لولا تواطؤ الحكام، ولولا الحدود، وهي التي تفصل فلسطين عن بقية الجسد العربي.

وبذلك احكم الصهاينة قبضتهم على فلسطين، فلا الحكام تحركهم مسؤولياتهم الدينية والقومية والتاريخية، ولا الشعوب قادرة على كسر حاجز الحصار القسري الذي يفصلها عن فلسطين، وقد صمم ليشكل حاجز الحماية الاول للصهاينة.

وأكاد اجزم ان اجيالا عربية كانت ستعبر الى فلسطين لمعانقة مقدساتها، ولاستنقاذها من ايدي الصهاينة، وتخليص شعبها العربي من براثن الاحتلال، ولما ترك الفلسطينيون – الذين هم قبلة القلب العربي، ومصدر اجماع العرب- يواجهون كل هذه الاشكال المركزة من التنكيل الذي يصل حد الابادة ويتركون يواجهون التهجير، والقتل والقصف ، ويؤول الكثير منهم الى المنافي والشتات، وتبقى اجيال من الفلسطينيين تحت طائلة التقتيل والتهجير.

وماذا لو لم تكن هذه الحدود قائمة، وهذه الانظمة لم تبتلى بها المنطقة فهل كان العرب سيصمتون على همجية العدوان الصهيوني على اخوانهم في فلسطين، ومن لم تحركه مشاعره الدينية والقومية ازاء الدم الفلسطيني المسفوح، وقد اوجع ضمير الانسانية، وربما ان الملايين كانت ستزحف من كل الجهات في انتفاضة عربية واحدة لتنال شرف الشهادة على ثرى فلسطين، وهذا الثرى العربي المضمخ بملايين الشهداء العرب شاهد على التضحية والفداء.

الا ان الواقع العربي المر هو ان هذه الانظمة تشكل حاجز الوقاية الاول للعدو الصهيوني وتعتقل الشعوب، ومن من العرب يفكر في نصرة اخوانه في فلسطين، او يحاول ان يستجيب لنداء الجهاد المقدس فسيكون مصيره الملاحقة الامنية والجلب والاعتقال، وكأنه مجرم ويقدم الى محكمة امن الدولة بتهمة القيام باعمال ارهابية، ويتم ايقاع اقسى العقوبات بحقه، وباداء هذا الدور المعيب، والمتناقض مع الواجبات الدينية للمسلم يحافظ الحكام العرب على عروشهم ويضمنون وصول المساعدات الخارجية التي جعلت الدول العربية مأجورة، والتي يشترط لتقديمها لهم سنويا الحفاظ على امن اسرائيل، وهكذا تم توظيف الدول العربية لبقاء اسرائيل، ولتتواصل معاناة الشعب الفلسطيني التي قاربت على القرن، وتم اخراج الشعوب العربية من دائرة الصراع على اعز بقاعهم واكثرها قداسة، وعزل الفلسطينيون، وجرى تركهم وحيدين في مواجهة اعتى آلة البطش الصهيونية.

والشارع العربي ليس بوسعه اليوم سوى ان يشكل الضغوط على الحكام من خلال تجدد حراكه عبر المسيرات والمظاهرات كي تتغير مواقف هذه الانظمة المتخاذلة، وعلى امل ان يلجأ هؤلاء الحكام الى اوباما ضارعين للضغط على الصهاينة لوقف عدوانهم، وبذلك تتخذ اقل الخطوات لمناصرة الاخوة الفلسطينيين في الحرب الضروس التي تشن عليهم في غزة، والتي ربما تأتي في اطار اجراءات الاقليم العربي في مواجهة الاسلام السياسي حيث اسقطت التجربة في مصر، وتم سن قوانين مكافحة الارهاب لالحاق الاخوان المسلمين في خانة الجماعات الارهابية، وتم حظر التنظيم في اكثر من بلد عربي، وهاهي غزة تتعرض لحرب ابادة ربما تباركها بعض الانظمة العربية للخلاص من حماس التي هي فرع من الاخوان المسلمين، وقد تكون هذه الحرب مطلوبة لدى بعض الحكام العرب بغض النظر عن ضحاياها من الاطفال والنساء والشيوخ، ومن عرضت أشلاؤهم على الشاشات بما يدين ضمير العالم الصامت.

ان الصلاحيات التي يمكن لها ان تتعامل مع الحدث الكبير اليوم موجودة في ايدي الحكام، والذين لو امتلكوا ذرة عروبة لكانوا هبوا بانفسهم لتحرير الارض المقدسة منذ زمن، ولتخليص الشعب الفلسطيني من عذاباته، ولما رضوا على انفسهم تدنيس كرامة الامة التي يحكمونها، او على الاقل تركوا الشعوب وشأنها تقوم بالواجب، وذلك بدلا من ان يحموا الحدود، وربما ان من يفكر باجتيازها سيتلقى رصاصة بظهره من قبل دولته قبل رصاص الاحتلال.

ولا مناص من ان يتحرك الشارع كي يشعر هؤلاء الحكام بالخوف على كراسيهم بفعل الداخل المضطرب، ويوازنون بين اثار تبعيتهم للخارج، وامكانية ان تتحرك الفوضى في بلدانهم، وربما يجدون عذرا يقدمونه لأسيادهم في الغرب في حال اتخاذهم موقفا لصالح غزة، ولو بالحد الادنى.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير