jo24_banner
jo24_banner

خطيئة الإرادة المستلبة في حضرة الموت.. الموقف الرسمي أنموذجاً !!

خطيئة الإرادة المستلبة في حضرة الموت.. الموقف الرسمي أنموذجاً !!
جو 24 : كتب تامر خرمه- السيادة: مفردة يلوكها صنّاع القرار الرسمي العربي على منابر الإعلام، بعد إفراغها تماماً من كلّ ما يتّصل بدلالتها.
سيادة الدولة: مصطلح حفظ البعض تناغم الحروف والأصوات التي تشير إليه، دون وعي جوهره المتمثّل بالقدرة على امتلاك القرار وفقاً للمصلحة الوطنيّة والقوميّة العليا.
السيادة الوطنيّة: مفهوم لا يعي الكثير ممّن يتشدّقون بترديده أنّه لا يمكن أن يعني الانسياق وراء موقف سياسي ذاتيّ يتناقض بالمطلق مع الإرادة الشعبيّة ومصير الوطن والمواطن.
أمّا الوهم فهو ظاهرة تتجلّى في عدد لا نهائي من التعاريف، منها: الاعتقاد بأن القضيّة الفلسطينيّة تنحصر ضمن الحدود التي رسمها الشقيّان سايكس وبيكو، والعجز عن إدراك جدليّة العلاقة التاريخيّة بين بعديّ الواقع الفلسطيني- الأردني، ونتيجة استيهام مستقبل الأردن بمعزل عن القضيّة.
وأخيراً يمكن تعريف التصريحات الإعلاميّة بأنّها تتابع كلمات ينبغي أن تعكس موقفاً مسؤولاً مدركاً لآفاق الواقع السياسي وأبعاده وفقاً لمحدّدات الظرف المحلّي في إطاره الإقليمي، وليس وفقاً لنزوات زعيم انقلاب أحكم قبضته على رقاب شعب شقيق، وارتمى في أحضان العم سام لفرض سلطة ما أنزل بها الشعب من سلطان.
الموقف الرسمي الأردني الذي يفترض به أن يعبّر عن المصلحة الوطنيّة، تجلّى في أحلك الظروف عبر تصريحات د. محمد المومني، وزير الإعلام لجريدة الدستور. تصريحات يمكن تلخيصها بأن "الحكومة الأردنيّة لن تدخل في أيّ تفاعلات سياسية تبعدها عن تحقيق الهدف الأساسي"، مثمّناً مبادرة الفريق عبد الفتّاح السيسي المنسجمة تماماً مع المصلحة "الاسرائيليّة" المتناقضة -بحكم طبيعة الصراع- مع وجود الشعب العربي، سواء فلسطين او الأردن أو مصر أو جزر القمر.
بكامل هزالته تداعى الموقف الرسمي عبر هذه التصريحات المهينة لمشاعر وإرادة الشارع الأردني، الذي أعلن -عبر سلسلة تظاهرات واعتصامات- تأييده الكامل غير المشروط للمقاومة الفلسطينيّة، منذ بدء العدوان الإجرامي على غزّة. الهدف الأساسي الوحيد الذي يؤمن به الشعب الأردني هو تحرير فلسطين، وعلى وزير الإعلام وغيره أن يدركوا هذه المسألة في حال أرادوا تمثيل هذا الشعب. والدليل الذي يمكن الاكتفاء بتقديمه عبر هذه السطور هو: كايد مفلح العبيدات.
الجريمة الصهيونيّة المستمرّة منذ نكبة العرب في العام 1948، باتت تستفزّ الناس من أقاصي الأرض إلى مغاربها، حتّى في العاصمة الأميركيّة واشنطن خرج الناس -ومنهم اليهود- مندّدين بالجريمة الصهيونيّة وبمحاولات الإعلام الغربي للمساواة بين الجلاّد والضحيّة كما فعل السيسي عبر "مبادرته" المستفزّة.
عندما يقرّر زعيم الانقلاب اللعب بأوراق الاسترضاءات الدوليّة لكسب الدعم الغربي في حربة الثأريّة ضدّ حركة المقاومة الإسلاميّة حماس، وليس ضدَ الأخوان المسلمين فحسب، يمكن فهم دوافع موقفه السياسي وفقاً لمنطق المصلحة الشخصيّة وهوس الزعامة فقط. ولكن ما الذي يدفع الأردن الرسمي إلى الانسياق وراء هذا الموقف الذي يرفضه الشعب الأردني من أقصى شمال الدولة إلى آخر منزل في جنوبها ؟!
من فرض على وزير الإعلام الإدلاء بأيّة تصريحات تتناقض مع مبدأ السيادة ومصلحة الدولة الأردنيّة التي لا يمكن تحقيقها في ظلّ وجود الاحتلال الصهيوني التوسّعي غرب النهر وهيمنته الاقتصاديّة شرقه ؟
العرّاب السياسي الأبيض قد ينام ليلته سعيداً بتصريحات البعض التي تنسجم مع المصلحة الخارجيّة على حساب المصلحة الوطنيّة العليا، ولكن هل نسي جلاوزة التصريحات الإعلاميّة وجود شعب يمتلك الإرادة والطموح الوجوديّ على تراب الأردن ؟!
أمّا رئيس الوزراء د. عبد الله النسور، فلا يراه المواطن ولا يسمعه إلاّ عند استقبال موجة جديدة لغلاء الأسعار، في حين ينأى بنفسه عن كافّة وسائل الإعلام في هذا الظرف الصعب، الذي يستوجب استمرار المقاومة الفلسطينيّة ضدّ الجرائم الصهيونيّة وسياساتها التوسّعيّة، خاصّة وأن هذه القاعدة العسكريّة التي اتّفق على تسميتها بـ "اسرائيل" تقترف الجرائم في فلسطين في ذات الوقت الذي تنظر فيه بحدقة أطماعها إلى ما بعد نهر الأردن.
استفزاز الشارع الأردني في هذه المرحلة العصيبة، عبر صمت الرئيس وتصريحات وزير إعلامه، لا يمكن وصفه إلاّ بكلمات قد تقود ناشرها وقارءها إلى محكمة أمن الدولة، التي بات وجودها مفارقة تستفز الضحك والبكاء في آن، فأمن الدولة مفهوم يفرض النظر قبل أيّ مكان آخر إلى غزّة والقدس وحيفا.
وعودة على الموقف الرسمي المصريّ المتواطئ تماماً مع جرائم الاحتلال، تجدر الإشارة إلى أن اتّهام الرئيس السابق محمد مرسي –رغم كلّ أخطائه- بالتخابر مع حماس، يمنح الرجل وساماً يعرّي قيادة المؤسّسة العسكريّة المصريّة من كلّ مسوّغات الشرعيّة. لقد حصل هذا بالأمس القريب. أمّا اليوم فقد أساء زعيم الانقلاب لتاريخ الجيش المصري العظيم عبر هذه "المبادرة" التي تهدف لإنقاذ الاحتلال وتجميل صورته عبر مساواته المبتذلة بالمقاومة. هذه الإساءة جاءت بعد أيّام معدودة من إهداء حركة حماس عمليّة العاشر من رمضان لشهداء الجيش المصري في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973.
خلال الانتفاضة الأولى، حفظنا وردّدنا أغنية ثوريّة ورد فيها: "قوّة تستعرض بالشاشة وصفّت في التخزين". اليوم ومع الأسف نشهد واقعاً أشدّ مرارة، فالقوّة العسكريّة في مصر وسوريّة التي اكتفت عبر السنوات الماضية بالاستعراض أمام الكاميرات قبل العودة إلى المخازن، باتت تستعرض جرائمها على أشلاء شعبها. والمفارقة البشعة أن يخرج وزير إعلام أردني بتصريحات تنساق وراء رموز هذه الجريمة، المنساقة بدورها وراء أجندة العدوّ الصهيوني !!

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير