jo24_banner
jo24_banner

ايهاب يذرف الدموع على غزة وهو في سرير العناية الحثيثة

ايهاب يذرف الدموع على غزة وهو في سرير العناية الحثيثة
جو 24 : في حين قضى معظم اقرانه طفولتهم في اللعب واللهو والتمتع باكتشاف تفاصيل الحياة ساقه قدره ليمضي منذ نعومة أظفاره ما يزيد على 14 عاما أسير سرير في قسم العناية الحثيثة بمدينة الحسين الطبية، منها سنتان في احد المستشفيات السعودية ...وضاعت معها سنون هي الاجمل بحياة أي انسان.

ايهاب زكي شتيوي شاءت الاقدار أن يكون ضحية حادث سقوط من مرتفع في العام 2000 ، حين كان يقيم مع عائلته في المملكة العربية السعودية، نتج عنه إصابته بشلل رباعي تسبب له بكسر في الفقرات العنقية، حيث ادخل في احد المستشفيات هناك قبل ان يحول الى قسم العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية ولا يزال فيه.

يبلغ ايهاب من العمر الان الثالثة والعشرين عاما، وكما فاتته سنون من عمر الطفولة الاجمل والاطيب فاتته كذلك سنون من عمر الشباب المشرق، الا أنه وبحسب المحيطين به من الكادر الطبي متسلح بالايمان بالله، مؤمنا بالقضاء والقدر.

منذ ما يزيد على ثلاثة عشر عاما لم يغادر ايهاب قسم العناية الحثيثة بسبب طبيعة مرضه الذي يعتمد بشكل شبه تام على جهاز التنفس الاصطناعي غير ان وضعه العام باستثناء ذلك مستقر.

دخل ايهاب بحالة من الصمت العميق المطبق بعد سؤاله ان كان يعلم ان هناك اشقاء غزيين يتلقون العلاج معه بعد تعرضهم للاصابة جراء العدوان الاسرائيلي الوحشي المتواصل على وطنهم الغالي فلسطين ...هم يشاركونه غرفة العناية الحثيثة.

منذ ان سمع بوجودهم ورآهم بعيينه لم تغادر وجهه علامات التأثر والحزن الشديدين الذي ارتسمت عليه كآبة سوداء ولم يتمالك نفسه من التعبير عن مخزون المشاعر والأحاسيس الحزينة فذرفت عيناه دموعا حارة حيال ما يجري للاهل هناك والذين يتابع اخبارهم بصورة مستمرة من خلال شاشة التلفاز الموجود خصيصا له بجانب سريره، حيث يشاهد الصهاينة يرقصون طربا وفرحا على اوجاع اهلنا هناك في غزة ونجيع دماء الشهداء الطاهر يروي ارض فلسطين المقدسة. لم يخف ايهاب مشاعر الحزن والاسى حيال عدم استطاعته رؤية اشقائه الفلسطينيين المصابين الذين يجاورونه والاطمئنان عليهم وهو اسير السرير في العناية الحثيثة ... لكن لسان حاله يقول هذا حالي لا يخفى على احد. ايهاب الذي يحرص على الصيام واداء فريضة الصلاة متسلح بالايمان بالله والايمان بالقضاء والقدر في سرائه وضرائه وشدته وأن الله يأجر المؤمن على كل مصيبة مهما صغرت وانه كلما عَظُمَ المصاب والبلاء عظم الأجر والثواب ولكنه ورغم ذلك شامخ صامد صابر يستمد عزيمته وإصراره من رحم معاناته ودعم اهله واصدقائه خاصة كوادر قسم العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية ولكنه وبذات الوقت لا ينكر تعطشه للحرية باذن الله من هذا السرير الذي لازمه طويلا.

ايهاب يرجو ان يكشف الطب علاجا يحرره من حاجته الدائمة لجهاز التنفس الاصطناعي، ليرقد في حجر امه الذي حرم منه طويلا، ولم يخف امنية حياته باداء فريضة الحج رغم اداركه صعوبة ذلك جراء لما هو فيه. ويؤكد الكادر الطبي والتمريضي بمستشفى مدينة الحسين الطبية في حديث لوكالة الانباء الاردنية (بترا) اليوم أن كثيرا من الاصحاء لا يتمتعون كما يتمتع به ايهاب بروح من الايمان والايجابية والتفاؤل والامل.

ويضيفون أن هذا الشاب رغم شلله الكامل الا انه يتمتع بذكاء حاد لم يجدوا معه صعوبة في التواصل معه، وأصبح كل من في قسم العناية يعدونه أخا وصديقا لهم ومكونا اساسا من القسم، وكأنه احد اعضاء الكادر يبادلونه الحديث، ويخبرهم بما استجد معه يوميا في أثناء غياب بعضهم بحسب طبيعة مناوباتهم، والمواقف في القسم، وبعضها بحسبهم يثير الابتسام واحيانا الضحك.

ويقول رئيس قسم العناية الحثيثة في مدينة الحسين الطبية العقيد الطبيب حسين الشعلان انه تم زرع جهاز خاص لايهاب لتنظيم عمل الحجاب الحاجز لتقليل اعتماده على جهاز التنفس الاصطناعي ولكن التجاوب كان جزئيا ما يبقيه بحاجة ماسة الى جهاز التنفس الاصطناعي وتحت اشراف طبي متخصص ومتواصل.

ويضيف الطبيب الشعلان ان كوادر الخدمات الطبية الملكية سواء الطبية اوالتمريضية اوالمعالجين التنفسيين اوالفيزيائيين يعدون ايهاب اخا وصديقا لهم قبل ان يكون مريضا فهو محط اهتمامهم وتقديرهم واعجابهم جميعا.

بترا
تابعو الأردن 24 على google news