غزة.. حرب على الأرض وأخرى بمواقع التواصل
على وقع الحرب العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، تدور حرب أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، وكما أن الوضع في المعركة على الأرض غير متكافئ، تبدو أدوات الحرب الإلكترونية على الشاكلة نفسها.
وقد أغلقت إدارة موقع "فيسبوك" خلال الحرب الحالية على قطاع غزة حسابات الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سامي أبو زهري، وعضوي المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق وعزت الرشق، دون إنذار مسبق أو إعلان من إدارة موقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا عالميا.
إغلاق صفحات
لكن القياديين الثلاثة أنشؤوا صفحات جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، وعادوا لنشر الأخبار ومواقف الحركة وتعليقاتهم السياسية عليها، وحاز ذلك متابعة عشرات الآلاف من العرب المتعطشين لأخبار المقاومة التي تخوض حربا طاحنة ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وشملت عملية الإغلاق التي انتهجتها شركة فيسبوك عدة صفحات تعنى بنشر الأخبار القادمة من قطاع غزة، ومنها أخبار لوكالات محلية في القطاع، الأمر الذي اعتبره ملاحظون "حربا" على المقاومة وإعلامها من قبل فيسبوك.
ولم يكن الوضع على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" أفضل حالا، فقد أغلق الموقع حساب "إعلام القسام" الذي ينشر أخبار كتائب عز الدين القسام والذي نشط بشكل كبير خلال الحرب الحالية على القطاع، وشكل مصدرا لمعلومات وسائل الإعلام والمتابعين في العالم العربي.
لكن "إعلام القسام" عاد بعد ساعتين فقط من إغلاق حسابه السابق على تويتر، وحقق خلال 36 ساعة فقط من إطلاق حسابه الجديد متابعة أكثر من خمسين ألف شخص.
وانسحبت المعالجة نفسها على فيديوهات نشرها إعلام المقاومة ونشطاء على موقع "يوتيوب" الذي قام بحذف عدد منها، فيما ترك فيديوهات أخرى نشرها الجيش الإسرائيلي وصحفيون إسرائيليون تروج للرواية الإسرائيلية بشأن الحرب على غزة.
وقد مثل ذلك صورة أخرى لازدواجية المعايير التي تتبعها إدارات هذه المواقع التي تقول في التعريف بها إن أسباب حذف الحسابات والصفحات أو سحب مزايا من إداراتها يعود لأسباب منها نشر العنف والكراهية وأسباب أخرى عديدة.
سلوك مختلف
وقامت إدارات هذه المواقع بتطبيق معاييرها على المواقع الفلسطينية لكنها تغاضت تماما عن حالات التحريض على القتل التي حفلت بها صفحات قيادات الحكومة والجيش الإسرائيليين.
فصفحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تنشر أخبارا ومعلومات تحض على قتل الفلسطينيين وتبرر قتل المدنيين في قطاع غزة.
والصورة الأوضح للانحياز تظهر في صفحة الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الموجهة للجمهور العربي.
فأدرعي لا ينفك عن نشر الفيديوهات والصور التي تحض على القتل أو تبرره، ولم يدفع ذلك إدارة الموقع إلى اتخاذ أي إجراء تجاه الصفحة التي تحظى بعلامة الموثوقية بما يجعلها عصية على الاختراق.
ويرى مدير البرامج في شركة هورايزون خالد حلاوة أنه مع كل أزمة تواجهها الأمة العربية والإسلامية تظهر تحديات في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي وآخرها الأحداث التي تدور اليوم في قطاع غزة.
وقال حلاوة للجزيرة نت إن الأسباب المعلنة من قبل هذه الشركات لإغلاق أي صفحة على مواقعها تشمل انتحال الشخصيات وانتهاك العلامات التجارية وخصوصية الأفراد والمؤسسات والعنف والتهديدات وحقوق الملكية الفكرية والاستخدام غير الشرعي.
غير أن حلاوة يرى أن هذه الشركات تتحيز في الكثير من الأحيان لطرف ضد آخر، مشيرا إلى أن شركة تويتر أقدمت على إغلاق صفحة المقاومة الإسلامية (حماس) في الأيام الأولى من الأحداث، كما قامت شركة فيسبوك بإغلاق العديد من الصفحات التي تنقل الأحداث في غزة، هذا بالإضافة لقيام يوتيوب بشطب الكثير من الفيديوهات تظهر واقع الأحداث.
وبرأي حلاوة فإن الحل لهذه المشكلة المزمنة هو إطلاق شبكات تواصل اجتماعية عربية إسلامية، ودعمها من قبل مستثمرين عرب مسلمين لتكون المنبر الحر لكل عربي ومسلم لعرض المحتوى الذي يرغب بدون أي حجب أو إقصاء، وفق تعبيره.
يذكر أن مشروعا تقوم به شركة عربية حاليا يعمل على إطلاق أول موقع تواصل اجتماعي عربي ليشكل صوتا للعرب.
المصدر : الجزيرة-محمد النجار