غزة.. حين يتنفس الصبح على أنسام أرواح الشهداء
ملاك العكور - "ما للعروبة تبدو مثل أرملةٍ.. أليس في كتب التاريخ أفراح"، غزة اليوم تبدو كأرملة تخلى عنها الأحبة، لكنها قابعة في قلوب الطاهرين، ساكنة في زوايا الطيبين، ينتظرون معها تباشير يوم زاهر يعلن لحظة الانعتاق...
فصوت صلاح الدين في أعماقها ينادي، و صوت مؤذن الأقصى يهيب بنا أغيثوني وأغيثوا غزة، و آلاف من الأسرى ينادون إلى قبلة الدين، إلى حرب تدك الظلم و تزهق الأرواح.
كل يوم يتنفس الصبح على أنسام أرواح الشهداء الطاهرة، الذين توضأت وجوههم بأطيب ثرى على عتبة الأنبياء، فقد ارتقى حتى فجر الخميس اليوم الثامن عشر للعدوان 718 شهيداً من أطفال ونساء وكبار سن، وإصابة 4290 مواطنا آخرين بجراح مختلفة.
فقد صعدت قوات الاحتلال عدوانها على قطاع غزة أمس، استهدفت عدة مناطق خانيونس و جباليا و دير بلح بالطائرات و الصواريخ، مرتكبة مجازر أخرى أودت بحياة العشرات من المدنيين.
من جهة أخرى، أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، ا عن مواصلة قصف المدن والمستوطنات والمواقع الصهيونية بالصواريخ والقذائف، و استمرار التصدي لمحاولات التوغل الصهيونية على حدود قطاع غزة.
و خاضت السرايا فجراً اشتباكات عنيفة جداً مع القوة الصهيونية الخاصة المتقدمة في خزاعة واستخدمت خلال العملية الاسلحة المتوسطة والثقيلة وقذائف الهاون.
الأمر الذي أجبر سكان المستوطنات على ترك مستوطناتهم، حسب ما ذكر تقرير إسرائيلي الأربعاء، أن 70% من سكان القرى التعاونية الإسرائيلية (الكيبوتسات) الواقعة بمحاذاة الشريط الحدودي مع قطاع غزة غادروا منازلهم، في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحت تهديد صواريخ المقاومة.
ونقل موقع "والا" العبري عن رئيس كيبوتس "كيرم شالوم"، "إيلان ريغف" قوله: "إن أكثر من 70% من سكان الكيبوتسات المحاذية للجدار الحدودي مع القطاع "ليسوا موجودين في بيوتهم، ومعظمهم سافروا إلى منطقتي الوسط والشمال".
لم تصح الحكومة الاسرائيلية من صدمة إلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتهم إلى
تل أبيب، حتى أظهر خبراء ضربة أخرى هزت اقتصادهم، فقد وصل سوق الإعلانات في القنوات الاسرائيلية حد الانهيار في ظل العدوان على غزة.
فحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الاسرائيلية أن الهبوط في سوق الاعلانات بلغ 90%، وهذا الانخفاض شكل مصدر قلق وخسارة كبيرة لمكاتب الإعلانات وأصحاب القنوات التجارية مثل القناة الثانية والعاشرة وقناة (i24)، وبتقدير عاملين في مجال الدعاية والإعلان من الممكن أن يتطور الأمر لكارثة أكبر.
ويعتبر خبراء سوق الإعلانات هذا الشهر "ضائعا" ولم يعد بالإمكان إنقاذه، فبسبب العدوان لم تجرؤ أي شركة على الاستثمار بالإعلانات، وجميع الشركات متضررى من هذا الوضع، فالشركات المنتجة ستخسر العديد من الزبائن بسبب تراجع القوة الشرائية وبسبب عدم الإعلان، فيما قنوات التلفزيون تصرف أموالًا طائلة لتغطية العدوان دون مقابل من الإعلانات أو شحها يؤدي لخسائر فادحة، فيما مكاتب الإعلانات وصفت بالعاطلة عن العمل.
باتت حكومة الاحتلال تبحث عن مخرج من المأزق الذي أوقعت نفسها فيه من خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ووقف الخسائر الذي مني بها جيش الاحتلال بقتل خيرة جنوده وأفضل قادته على يد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
صحيفة "هآرتس" العبرية تقول "إن إسرائيل باتت بالفعل تبحث عن طريقة للخروج من هذا المأزق الذي لم تتمكن حتى اللحظة من حسم نتائجه لصالحها، أو حتى ترجيح الكفة لجانبها، ووفقا للصحيفة فإن أحد الخيارات المطروحة هو سيناريو شبيه بسيناريو الخروج من عدوان عام 2006.
وبحسب "هآرتس"، تهدف إسرائيل بمساعدة حلفائها إلى "تحويل التوازن الميداني القائم" إلى انتصار سياسي، حيث تتداول الحكومة الإسرائيلية نسخ سيناريو وقف عدوان عام 2006 بصيغة فلسطينية، بحيث يتم استصدار قرار من مجلس الأمن يضمن تحقيق الأهداف التي عجزت حكومة الاحتلال وجيشها عن تحقيقها بالقوة العسكرية.
وقال تقرير للصحيفة إنه "بعد أسبوعين من الحرب، وقف إطلاق النار لا يبدو في الأفق، والجهود الدبلومسية التي تشارك بها الولايات المتحدة، مصر، قطر، تركيا والنرويج، الأمين العام للامم المتحدة، وعدد من الدول الأوروبية لم تفض إلى صيغة لإنهاء الحرب، بل العكس هو الصحيح، فـ"كثرة الطباخين أفسدت الطبخة".
من جانبه، جدد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، في مؤتمر صحفي عقده أمس في العاصمة القطرية الدوحة، تأكيده على أن المقاومة في غزة لن توقف إطلاق النار قبل الموافقة على شروطها.
وخاطب مشعل القيادة الإسرائيلية، قائلا: "كم تنتظرون أن نقتل من الجنود المعتدين حتى يُرفع الحصار، وكم جنديا تريدون أن نأسر حتى يخرج أسرانا من السجون".
و أضاف مشعل "إن المطلوب الآن تنفيذ مطالب المقاومة ثم تحديد ساعة الصفر للتهدئة،و لن نقبل أي مبادرة لا ترفع الحصار عن شعبنا ولا تليق بتضحياته وبطولاته".