jo24_banner
jo24_banner

عذرا يا عيد الفطر..

الكابتن اسامة شقمان
جو 24 : يا اهلنا في فلسطين.. يا أهلنا في قطاع غزة، نعتذر منكم باننا لا نملك الا الدعاء لكم وانتم تقاومون ابشع واطول احتلال عرفه التاريخ، ونقول لكم: نحن معكم بقلوبنا وعقولنا وأقلامنا وبينما انتم تحت الحصار والنار ومن وسط الاشلاء والدماء نحن معكم عبر صفحات التواصل الاجتماعي ونحن جالسين في بيوتنا وفي المطاعم والمقاهي!

فالصبر.. الصبر يا أهلنا فالحرب عليكم لم تعد قضيتنا الأولى كما كنا ندعي طوال العقود الماضيه، فقد اصبح عدونا هو في الأصولية الإسلامية المتشددة التي اكتشفت لدينا.. نعتذر منكم فشغلنا إشاعة الفكر التكفيري والمذهبي الى ان تحولنا الى أمة تنتج الارهاب وتصدره ونسينا قوله تعال في سورة البقرة {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس} حتى غاب عنا ان الله سبحانه وتعالى بعث فينا سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام بالدين الوسط، السمح يهدي به من يشاء إلى صراط مستقيم..

كما اعتمدنا على منهجية تفكير أججت فينا مشاعر الانتقام ورسخت النظرة السوداوية لكل من حولنا، ومما لا شك فيه أن الديانات السماوية عموما تسعى إلى تطهير نفسها مما تعلقت بها من شعوذات وما تسرب إليها من أفكار وثنية وأساطير وشرائع عقائدية ورؤى تكفيرية بفعل العابثين ولكننا قصرنا في مد جسور التواصل مع الحضارة الجديدة والتكنولوجيا الى ان انتشر الفكر التكفيري الذي أعادنا قرونا الى الوراء عوضا عن ان نكرّس انفسنا للموعظة الحسنة عدنا الى إشهار السيوف ونسينا فقه الاختلاف.

ان الاختلاف سنة الهية، وعلى الناس ان يتجاوزوا خلافاتهم عبر تحكيم العقل والحوار وليس بالبطش والقتل، فلقد غاب عنا ان العدو الصهيوني يريد تفتيت الامة وضرب أبنائها عبر ايجاد تناقضات بين المذاهب الاسلامية وعبر ايجاد نزعه تتستر بالدين وتروج الفهم الخاطئ في اطار تحويل الدين الى ايديولوجيا تجيز للمجموعات التكفيرية اقامة الحد على من لا يعتقد بافكارهم.

لقد انتشر الهدر الفكري والربط بين التقدمية والحرية وتم عقد مقارنات زائفة بين الحضارة الأوروبية وبين تخلُّف المسلمين وطريقة التزامِهم بدينهم، والطعن في الثوابت ونشر الشبهات والتزوير في القصص التاريخية ورفض الثقافة المتقدمة والتكنولوجيا المتطورة بنقل روايات لا تمتُّ لمنهج علمي صحيح ويعتقدون انهم بهذا التخلف سوف نسود العالم، عالم اليوم، وان الغرب سينهار مع حضارته المادية، وسيحكم الإسلام العالم.

إن ما يحدث الآن خاصة في البلاد التي بدأت فيها ما يسمى الربيع العربي حيث هذه الشعوب التي تحركت، وحرّكت الشارع العربي كانت عفوية التكوين, وإن لم تكن عفوية القرار لأن الفكر الذي نشكو منه هو وليد ظروف الحكم الظالم والقمع الدائم على مر السنين، فإذا ما أصبح الحكم ديمقراطيًا، وانفتحت الطريق أمام الشعوب العربية تصبح المهمه الاصعب في تغيير الفكر لترتقى بالشخصية العربية.

ما سُمي بالربيع العربي او ثورة التغيير في الفكر العربي توجهت نحو تفجير البنية التحتية التقليدية ولم تساعد إلا في الإبقاء على التخلف، ودعم التأخر الاجتماعي أمام عجلة التقدم، وما حصل لم يُغيّر ما كان منتظراً تغييره، بل فرض شكلا آخر للصراع، وأوجد محاور مختلفة له، كما ان المجتمعات العربية التي تعرضت لهذه الثورة كان لديها قوى عميقة تمثلت أكثر ما تمثلت بالمجموعات التكفيرية والمذهبية ذات البنية التقليدية التى تعيش في احلام الماضي إلى جانب قوة التدخل الخارجي التي أصبحت مع التغير الذي وقع قوة متنفذه.

وثورة التغيير هذه كسرت حاجز الخوف، وانتصرت ذاتياً على هزيمةٍ نفسيةٍ عاشتها المجتمعات العربية طوال القرن الماضي, كونها دفعت الى فعل تغيير جذري في الفكر العربي، وهو رفض حالة الخنوع التي غطّت وجوه جيل الآباء, فكان ما حملته من معاني التغيير ما يبشّر ببناء واقع آخر، مغاير ومختلف على مستويات الحياة والفكر، وخصوصاً ذلك الذي ينبغي أن يصدر عن هذا الفكر من رؤية استراتيجية جديدة لبناء المستقبل والخروج من حالة التخلف الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
منذ عشرات السنين وحكام الامة العربية يتحدثون عن اصلاح مناهج التعليم وتطوير وتحسين الخدمات الصحية والبلدية والقضاء على الفساد بكافة اشكاله وتمكين المرأة، ويدعون الى التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري والامني والاعلامي، ولكن هذا الامر لم يتعدى "شعارات تخديرية" نحو الشعوب إذ نسمع جعجعة ولا نرى فعلاً.
الفكر يؤثر على الثقافة ويتأثر بها, فاذا كانت هناك انماط ثقافية محددة في المجتمع تعمل على تجسيد احد مظاهر التخلف فإن معالجتها اسرع وافضل عبر طريق الفكر، فالفكر يخضع للقيود التي تخضع لها الثقافة، واذا فشل الفكر في تحقيق التنمية التنموية المطلوبة فالعيب يكون في الفكر اكثر منه في الثقافة..
والفكر العربي الديني لم يتمكن حتى الآن من معالجة مسألة الجمود في الاجتهاد, كما ان الفكر العربي السياسي الاقتصادي والاجتماعي ما زال تائها وحائرا ينتقل من مشروع الى اخر, وعوضا عن ادراك عمق وشدة المأساة التي تحدث على الارض العربية فما زلت الشعوب تركن الى اساطير واحاديث الماضي، وقد ساهمت الفضائيات العربية والمفكرون والمحللون السياسيون العرب في تكوين وتدعيم هذه الانطباعات والتصورات لدى هذه الشعوب.
وبالعودة الى اهلنا في فلسطين، وفي قطاع غزة إذ لا يمكن أبداً إنكار صمودهم البطولي ، فمن كان يظن ان شعبنا المحصور المقهور يبدع في قهر آلة الخراب والدمار والموت, على الرغم من هول التضحيات في صفوفهم، وتدمير بيوتهم , ان قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود والتصدي للاعتداءات الإسرائيلية في مواجهة التفوّق التكنولوجي الإسرائيلي، جاءت لتثبت صحة خيار المقاومة في الدفاع المشروع عن النفس امام هذ المحتل والمغتصب للارض، وهذا ما توضحه الإنجازات التي تحققت على أرض الواقع، حيث وقف الكيان الاسرائيلي عاجزا امام صمود المقاومة التي افشلت قدراته الحربيه التكنولوجية، قال تعالى: (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدار بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) الحشر.

كل عام وانتم بخير يا اهلنا، ونعتذر منكم حيث لا نملك الا الدعاء لكم, يا شعبنا في ارض الاسراء والمعراج انتم في طليعة أمتكم في مواجهة الصهيونية, يا شعب الجبارين , قال تعالى في قصة موسى لدخول الارض المقدسة لما تقاعس قومه عن تنفيذ امر الله (ان فيها قوماً جبارين) ..
يا أهلنا في غزة وفي كافة انحاء فلسطين, ياشعب التصدي والإرادة الصلبة, انها بداية انهيارهم فاصبروا، ان النصر ليس بعيداً ان ظللتم على وقفتكم ووحدتكم, وصبركم هو الصوت الذي يوقظ النائمين..
اللهم ارحم الشهداء, اللهم انصر شعب فلسطين على اليهود، اللهم اجعل لاهل فلسطين النصره والعزة والغلبة اللهم اشفي جرحاهم واطلق اسر اسراهم واسكنهم فسيح جنانك, اللهم انصر آهلنا بفلسطين عامه وبغزه خاصه, اللهم تقبل شهداءهم وجراحهم وتضحياتهم، اللهم انصرهم بنصرك وعزهم بعزك وأكرمهم بكرمك يا عزيز يا قدير يا أكرم الأكرمين , يا رب اصلح احوالنا يا أرحم الراحمين.

كل عام وانتم بخير, و حسبي الله ونعم الوكيل.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير