ذعر في مصر بسبب ارتكاب جرائم قتل باسم "الأمر بالمعروف"
أثار ما يسمى بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" عاصفة من الخوف والذعر الممزوج بالغضب بين المصريين، لاسيما بعد ارتكاب حوادث قتل باسمها، كان آخرها مقتل شاب بطريقة بشعة أثناء سيره مع خطيبته في مدينة السويس، وبينما يلقي البعض باللائمة على التيار السلفي في مصر، تتبرأ قياداته منها، ويلقي نشطاء ثوريون بالمسؤولية عن تلك الأفعال على ما وصفوه بـ"جهاز أمن الدولة المنحل"، وجماعات البلطجية الذين ينتشرون في مصر من أجل إثارة الذعر بين المصريين، في أعقاب نجاح الثورة بانتخاب رئيس من غير المنتمين الى النظام السابق.
مقتل شاب أمام خطيبته
تعرض شاب جامعي يدعى أحمد حسين للقتل على أيدي ثلاثة رجال ملتحين يعتقد أنهم ينتمون إلى ما يعرف بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، ووفقاً لرواية أسرته فإن حسين الذي يدرس السنة الثالثة في كلية الهندسة كان يقف مع خطيبته بجوار موقف سيارات الأجرة الرئيسي في مدينة السويس، بانتظار سيارة، اقترب منه ثلاثة رجال ملتحين ويرتدون جلاليب بيضاء، وسألوه عن هويته وهوية الفتاة، ولما قال لهم إنها خطيبته، ودلل على صدق كلامه بارتداء كل منهما "دبلة الخطوبة"، نهره أحدهم، طالباً منه الإنصراف، والإبتعاد عنها، وعدم العودة لهذا الفعل مرة أخرى، إلا أنه اشتبك معهم لفظياً، ما أدى إلى تطور الأمر إلى حد أن طعنه أحدهم بسكين في الفخذ، وتسبب في قطع شريان في ساقه، فأصيب بنزيف حاد، ونقل إلى المستشفى، ولفظ أنفاسه الأخيرة متأثراً بجراحه.
الأمر بالمعروف تعلن مسؤوليتها
ووفقاً لما في ورد في محضر الشرطة الذي حمل رقم 2577جنح السويس، فإن التحريات لم تتوصل حتى الآن للجناة، الذين ارتكبوا جريمتهم في 28 حزيران (يونيو) الماضي، فيما أعلنت ما يسمى بـ"هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، مسؤوليتها عن الجريمة، وذلك في بيان لها على صفحتها على موقع الفايسبوك حمل رقم 10، وقالت: "أثناء قيام اثنين من أعضاء جماعة الأمر بالمعروف يستقلان دراجة نارية، بتفقد قطاع بورتوفيق، فجرًا، لاحظا وجود الشاب والذي كان يقف على جانب الطريق بجوار موقف الأجرة. وعند سؤال الشاب عن سبب وجوده مع الفتاة في ساعة متأخرة وعلاقتها به، أكد أنها خطيبته، وعندما طلبا منه دليلاً على وجود علاقة شرعية بينهما، أشار إلى خاتم فضة في يده اليمنى، ولم يشفع الخاتم لدى أعضاء الهيئة والذين رأوا ضرورة إقامة الحد الشرعي وهو ضربه بعصا "ضربة خفيفة"، والتأكيد عليه بعدم تكرار ارتكاب الواقعة مرة أخرى، إلا أن الطالب ويدعى أحمد حسين عيد، رفض الأسلوب الذي تعاملوا معه به، والذي تسبب في إحراجه أمام فتاته. وأضافت الهيئة في بيانها: " قام الطالب بسب الأعضاء اعتراضًا منه، كما انتقد ارتداءهم الزي الإسلامي "الجلباب القصير"، وهو ما دفع أحدهم بإخراج صاعقة كهربائية من جيبه، في محاولة منه لردع ثورة الشاب، إلا أنه فشل واستمر في ثورته، وهو ما دفع آخر منهم إلى إخراج سكين كان يحمله بغرض الدفاع عن نفسه، وقام بطعنه طعنة خفيفة في قدمه اليمنى. وأعربت الهيئة عن أسفها لسماع خبر وفاة الشاب، وأعلنت أنها سوف تفتح تحقيقاً داخلياً مع العضو الذي ارتكب الواقعة، مع تفتيش أعضائها تفتيشًا ذاتيًا للتأكد من عدم حملهم أي أسلحة قبل الخروج في أية مهمة".
حزب النور يتبرّأ
تبرّأ حزب النور السلفي من الجماعة ومن الواقعة، وقال يسري حماد القيادي في الحزب لـ"إيلاف" إن الحزب والدعوة السلفية يتبرأن من هذه الجريمة، مشيراً إلى أن هذا الفعل ليس من شيم أتباع الدعوة السلفية، الذين يتخذون من قوله سبحانه وتعالى "ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلْهم بالتي هي أحسن، إن ربك أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن إهتدى"، مشيراً إلى أن الحزب لا يعلم شيئاً عن تلك الواقعة، ودعا الشرطة إلى ضرورة تكثيف جهودها من أجل التوصل إلى الجناة في أسرع وقت درءاً للفتنة، لبيان إن كان الجناة من المحسوبين على أي تيار أم من فلول النظام السابق الذين يريدون إثارة الفوضى في البلاد.
وتبنى وجهة النظر نفسها نادر بكار المتحدث باسم الحزب في تدوينة له على موقع توتير، وقال: "بالنسبة للأخ الذي نحسبه شهيدًا وقتل غدرًا في السويس فقد شارك إخواني من الحزب هناك في الجنازة رسميًا، ونطالب قطعًا بتطبيق القصاص العادل". وأضاف أنه يجب على الشرطة أن تكثف تحرياتها للقبض على الجناة، وتابع: "أما نحن فلم نكن يومًا قضاة على الناس، بل اسمنا الذي لا نزال نشرف به هو "الدعوة"، فنحن دعاة نبصر فقط بالحق ولا ننصب أنفسنا على الناس قضاة".
المخابرات وأمن الدولة
فيما اتهمت الناشطة الثورية نوارة نجم المخابرات وجهاز أمن الدولة المنحل بالوقوف وراء الحادثة وغيرها من حوادث استهداف النساء المتبرجات بالشوارع بهدف ضرب الثورة، وتجربة الرئيس محمد مرسي، وقالت: "ياجماعة هيئة الأمر بالمعروق والنهي عن المنكر دي اللي عاملها وأسسها وأعضاؤها مخابرات ومش مصدقيني اسألوا المحامين اللي دعبسوا وراهم، وهدفها الإنقلاب على مرسي". وكتبت اسم أحد المحامين ويدعى أحمد حلمي، وأضافت: "اسألوه اذا كانت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دول بجد ولا مخابرات عسكرية".
ويرى النائب في مجلس الشعب المنحل ممدوح إسماعيل أن جماعة الأمر بالمعروف من اختراع أمن الدولة المنحل، وقال إن بقراءته للبيان الذي يوزع باسم الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، وفيه تبيان لواقعة قتل شاب السويس، تأكد له من كل حرف أنه نفس أسلوب أمن الدولة الإجرامي التلفيقي القديم. ودعا رئيس الجمهورية إلى تطهير الداخلية، وقال: "بالله عليك يارئيس الجمهورية إلحق مصر من جهاز أمن الدولة، لابد أن تضع يدك على هذا الجهاز الخطير الذي خرب مصر، فلم يحاكم منهم أحد حتى الآن ومازالوا يعبثون بأمن الناس فسيدمرون البلد حقداً على ضياع مملكتهم وزعيمهم الأكبر العادلي".
الشرطة لم تتوصل للجناة
فيما قال مصدر أمني لـ"إيلاف" إنه من المبكر الحكم على ما إذا كان الجناة من التابعين للجماعات الإسلامية أم ممن يقال عنهم من الفلول، وأضاف أن التحريات حول الجريمة مازالت جارية، مشيراً إلى أن المعلومة الواضحة حتى الآن هي أن ثلاثة أشخاص ملتحين هم من قتلوا الشاب، ولم يتم التوصل إلى هويتهم، مشيراً إلى أن أسرة الشاب لم توجه إتهامات إلى جهة أو أشخاص محددين، وحذر من انتشار الشائعات وإستباق نتائج التحقيقات، وقال إن الشرطة سوف تتوصل إلى الجناة في أسرع وقت، نظراً لما تمثله الجريمة من خطر على أمن الدولة، وتهدد بفتنة في مصر.
(ايلاف)