لا وقت لـ"كرت أصفر".. 342 مدرسة توجيهي لم ينجح فيها احد!
ملاك العكور - تمتلك الدول ثروات متنوعة كالنفط أو الذهب أو ثروة حيوانية أو غيرها، لكننا في الأردن حتى المياه الموجودة قد لا تكفينا، ثروتنا الوحيدة عقولنا، هي بمثابة النفط للبلد.
حتى أنه خبز بعض الأسر التي "تجوع" في سبيل تدريس أبنائها فالتعليم هو الضمانة الوحيدة لهم في بلد لا يملك أي ثروة أخرى يوزع ريعها على أبنائه.
وزارة التربية والتعليم الحلقة الأولى في السلسة التعليمية بدأ دورها في العقد الأخير يتراجع بشكل ملحوظ، ما أدى إلى ترهل المنظومة التعليمة برمتها، فما عادت مخرجاتها تلك التي يمكن أن يعول عليها البلد.
مبادرات كثيرة طفت على سطح العملية التعليمية كان هدفها "المعلن" النهوض بالتعليم والطلبة والمعلمين والوصول إلى دولة يشار لها بالبنان في حقل التعليم، لكن يبدو أن الهدف الحقيقي لم يكن يقترب من ذلك المعلن أبدا..!
وهو ما كشفته تصريحات وزير التربية والتعليم د. محمد ذنيبات السابقة بوجود نحو نحو 100 ألف طالب على مقاعد الدراسة الابتدائية لا يستطيعون 'قراءة' الحروف العربية أو الانجليزية فكشف بذلك زيف كل المبادرات وأشار إلى كارثة تعليمية حقيقة يجب ان يتداركها.
وقد انتقد النائب مصطفى الرواشدة في تصريح سابق لـJO24 قلة اهتمام الوزارة بالمراحل التعليمية الدنيا للطلبة مقارنة بالمراحل العليا، مشيراً إلى أن ذلك يؤدي لتراجع في مهارات الطالب المكتسبة من قراءة وكتابة واجراء العمليات الحسابية.
الجديد في الأمر كان ما كشفته الوزير ذنيبات خلال اعلان نتائج الثانوية العامة عن وجود 342 مدرسة لم ينجح منها أحد! الرقم كبير بلا شك، ويضاعف من ثقل المسؤولية على كافة أطراف العملية التربوية والتعليمية.. من حكومة ووزارة ونقابة معلمين وأولياء أمور..
أستاذ الإدارة التربوية د. محمد عاشور أشار إلى وجود عدة أسباب ساهمت في تدني مستوى الطلبة، فوصول الطالب إلى هذا العمر و هو لا يجيد القراءة و الكتابة هو نتيجة تراكمات، فقلة متابعة أولياء الأمور منذ البداية للمستوى التعليمي لأبنائهم من أهم أسباب تراجع المستوى التعليمي لهم.
إضافة إلى وجود أعداد كبيرة من الطلبة داخل الغرفة الصفية الواحدة مما يقلل من فرصة الطلبة في المشاركة و يزيد من صعوبة تعرف المعلم على قدراتهم ومكامن الضعف حتى يتنسنى معالحتها.
واضاف عاشور، أن صعوبة المناهج وزخمها تقلل من رغبة الطالب بالدراسة في ظل وجود وسائل التكنولوجيا الحديثة التي ساهمت بدورها بابتعاد الطلبة عن الدراسة.
وأكد عاشور على ضرورة إعادة نظام العقوبات الذي من شأنه ردع المعلم والطالب، فغياب محاسبة المعلمين من قِبل وزارة التربية والتعليم وإلغاء عقوبات الطلبة أدى إلى تراجع المنظومة التعليمية برمتها.
المسؤولية مشتركة وليست ملقاة على عاتق الوزارة وحدها. صحيح ان سياسات وزراء التربية السابقين ومشاريعهم التعليمية الفاشلة لم يكن لأحد فيها غير الحكومة ذنب، وان المبادرات القائمة على "كرت أصفر" أو "الادراك" وغيرها لا ذنب لأحد فيها غير صناع القرار، إلا ان اصلاح الخلل الذي تسبب فيه أصحاب المبادرات اولئك مسؤولية وطنية يتحملها الجميع، فالوطن هو أكبر المتضررين.
عضو نقابة المعلمين عبير الأخرس بيّنت أن افتقار الجوانب العملية في التعليم ساهم كثيراً في تدني مستوى الطلبة وقلل من انجذابهم للدراسة والمدرسة وأصبحت وسائل التكنولوجيا الحديثة أكثر جذباً.
وأشارت الأخرس إلى أن نتائج التوجيهي الأخيرة تمثل المستوى الحقيقي للطلبة بعد أن تم ضبط عملية الامتحانات و تشديد المراقبة و منع الغش.
وأضافت الأخرس أن مناهج وزارة التربية في جميع المراحل تفوق قدراتهم و لا تراعي الفروق الفردية بينهم، مقترحة أن يتم تقييم الطالب في أكثر مرحلة لتؤهله لدخول الجامعة و ليس فقط التوجيهي الذي أصبح يشكل عبئاً نفسياً على الآباء قبل الأبناء.
التعليم مهنة لها قداستها، و القائم عليها صاحب رسالة يستشعر عظمتها، يستصغر كل عقبة لآداءها على أكمل وجه و لا يألُ جهداً في تطويرها.. ذلك ما يبدو ان الوزير ذنيبات على وعي تامّ به، لكن لا بدّ له من اكمال عمله والتركيز على رفع كفاءة ناتج العملية التعليمية.