تقرير: الأردن يهدد اللاجئين الفلسطينيين بترحيلهم إلى سوريا قسريا
جو 24 : قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن السلطات الأردنية قامت بإعادة بعض الفلسطينيين إلى سوريا بعد أن فروا منها مؤخراً، وهددت آخرين بالترحيل. كما قامت السلطات منذ أبريل/نيسان 2012 باعتقال فلسطينيين هاربين من سوريا بشكل تعسفي في مركز للاجئين دون أن توفر لهم أي خيارات لإطلاق سراحهم سوى العودة من حيث جاؤوا. يتعين على السلطات الأردنية معاملة جميع الفلسطينيين الفارين من سوريا بحثًا عن اللجوء في الأردن بمثل معاملة طالبي اللجوء السوريين الذين يُسمح لهم بالبقاء والتنقل بكل حرية داخل الأردن بعد أن يخضعوا لاختبار أمني وبعد عثورهم على ضامن.
وفي منتصف يونيو/حزيران، التقت هيومن رايتس ووتش في الأردن بـ 12 فلسطينيًا، ومنهم نساء وأطفال. ومثلما هو الحال بالنسبة للسوريين، دخل هؤلاء الفلسطينيون الأردن دون المرور بمركز حدودي رسمي، ولكن، وخلافًا للسوريين، خضع الفلسطينيون للاعتقال لشهور دون أن تتوفر لهم فرصة لإطلاق سراحهم. وقال ثلاثة رجال من هؤلاء إنهم أرغموا وإخوتهم على العودة إلى سوريا، بينما قال ستة آخرون، وكان لثلاثة منهم عائلات وأطفال صغار، إنه تم اقتيادهم إلى الحدود مع سوريا وهناك هُددوا بالترحيل، رغم أنهم تمكنوا في نهاية المطاف من البقاء في الأردن.
وقال جيري سمسون، باحث أول في شؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "يُحسب للأردن أنه سمح لعشرات الآلاف من السوريين بعبور الحدود بشكل غير قانوني والتنقل بحرية، ولكنه عامل الفلسطينيين الفارين لنفس الأسباب بطريقة مختلفة تمامًا. إن جميع الفارين من سوريا، سوريين كانوا أو فلسطينيين، لهم الحق في طلب اللجوء إلى الأردن، والتنقل داخله بحرية، ويجب أن لا يُجبروا على العودة إلى منطقة الحرب".
ومنذ أبريل/نيسان، قامت السلطات الأردنية باعتقال الفلسطينيين الذين دخلوا الأردن دون المرور بنقطة حدودية رسمية، ولم تطلق سراحهم. ولكن هذه السياسة لم تُطبق على آلاف السوريين الذين قدموا إلى هناك بنفس الكيفية.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الفلسطينيين الوافدين على الأردن جاؤوا إلى هناك في نفس الظروف التي فرّ منها السوريون، ولذلك يجب أن لا يتعرضوا إلى التهديد بالترحيل إلى المكان الذي جاءوا منه. كما يجب ألا يتعرض أي شخص للاعتقال إلا لأسباب قانونية واضحة، ولمدة زمنية محددة، بعد القيام بالمراجعة القضائية اللازمة. وكما هو الحال بالنسبة للاجئين السوريين، قال فلسطينيون فارون من سوريا التقت بهم هيومن رايتس ووتش في الأردن إنهم فروا بسبب العنف وانعدام الأمن بشكل عام في المناطق التي كانوا يسكنونها.
وفي رده على أسئلة حول إعادة ترحيل الفلسطينيين إلى سوريا أو تهديدهم بالقيام بذلك، قال الدكتور سعد الوادي المناصير، الأمين العام لوزارة الداخلية لـ هيومن رايتس ووتش إن الأردن لم "يقم بإعادة أي فلسطيني إلى سوريا" وأنه "لا توجد تهديدات بإعادتهم إلى هناك". كما قال إنه "لم يتم اعتماد أي "سياسة دخول" حتى يتم الحديث عن إعادتهم إلى حيث جاؤوا"، وأن الأردن "كان فقط يمنع الفلسطينيين الذين لا يحملون وثائق من الدخول"، وهو ما يعني أن جميع الفلسطينيين دون وثائق ثبوتية مُنعوا من دخول الأردن.
وقدم فلسطينيون رواية مناقضة لهذه التصريحات، وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنه تم ترحيلهم من داخل الأراضي الأردنية. كما قال تسعة معتقلين فلسطينيين لـ هيومن رايتس ووتش، وكانوا قد تعرضوا للترحيل، إنهم يعرفون أشخاصا من أقاربهم تعرضوا للترحيل أيضا، أو تم اقتيادهم وعائلاتهم من طرف قوات الأمن العسكري الأردني إلى الحدود مع سوريا، وهناك طلبت منهم القوات تحت تهديد السلاح عبور الحدود، ولكنها بعد ذلك تراجعت عن ذلك بعد أن توسلت العائلات الفلسطينية ألا تعود إلى سوريا. وقال آخرون إنهم تحدثوا عبر الهاتف مع أقارب وأصدقاء لهم في سوريا قالوا لهم إنهم يعرفون فلسطينيين قام الأمن الأردني بإرجاعهم على الحدود مع سوريا دون أن يقدم أسبابا لذلك.
ورغم أن الأردن لم يوقع على اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، إلا أنه مُلزم بموجب القانون العرفي الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يمنع الدول من إعادة أي شخص إلى دولة تكون فيها حياته وحريته مهددتان، أو يواجه فيها تهديدًا جديًا بالتعرض إلى التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على الأردن أن يُوسع سياسته الحالية التي تمنح "الضيوف" السوريين حماية مؤقتة بحكم الأمر الواقع لتشمل الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين هربوا من النزاع الدائر هناك.
وعملا بالقانون العرفي الدولي، يجب أن لا يتم ترحيل طالبي اللجوء بشكل قسري إلى الأماكن التي يزعمون أنهم قد يتعرضون فيها إلى الاضطهاد إلا بعد فحص صحة هذه المزاعم في إجراء عادل يقوض صحتها. كما يجب النظر في جميع مطالب اللجوء بغض النظر عما إذا كان صاحب المطلب يحمل أو لا يحمل وثائق سفر وهوية سارية المفعول.
وقال جيري سمسون: "لا توجد أي أعذار لترحيل أشخاص إلى أماكن قد تكون فيها حياتهم معرضة للخطر، ولذلك يتعين على السلطات إصدار أوامر واضحة لضباط الأمن على الحدود بتوفير الحماية لأي شخص يعبر الحدود من سوريا بحثًا عن اللجوء في الأردن".
الفلسطينيون الذين يدخلون الأردن بطريقة غير قانونية مهددون بالإعادة القسرية
تُبرز اللقاءات الأخيرة مع السوريين والفلسطينيين أن الغالبية العظمى من الوافدين الجدد عبروا الحدود ليلا بمساعدة الجيش السوري الحر؛ لأن حرس الحدود السوري في نقطة العبور الوحيدة التي يسيطر عليها، معبر نصيب ـ جابر قرب مدينة الرمثا الأردنية، يقوم بإعادة الوافدين على الحدود إلى داخل سوريا بأعداد كبيرة. وقال بعض السوريين إنهم دفعوا رشاوى لحرس الحدود قيمتها ثلاثين ألف ليرة سورية (470 دولار أمريكي) على العائلة الواحدة، ليُسمح لهم بالعبور. وقالت بعض النسوة إنهن عبرن مع أطفالهن دون مشاكل.
وفي ليلة 17 مارس/آذار 2012، قام أحد الفلسطينيين باجتياز الحدود نحو الأردن فتم اقتياده مباشرة إلى مراكز الأمن العسكري الأردني على الحدود وإجباره على العودة إلى سوريا، وتعرض إلى التهديد بالترحيل للمرة الثالثة، ثم سُمح له بالبقاء في الأردن. وقال هذا الفلسطيني لـ هيومن رايتس ووتش:
أعلموني أنه لا يمكنني البقاء في الأردن ورفضوا تبرير ذلك. اقتادوني بالسيارة إلى الأسلاك الشائكة التي عبرتها وأجبروني بقوة السلاح على العبور نحو سوريا. مشيت مسافة 15 متراً في الأراضي السورية، ثم عدت إليهم مباشرة وكانوا يشاهدونني. اقتادوني مجددًا إلى ثكنتهم وقاموا باستجوابي. وعند منتصف الليل أخذوني إلى نفس المكان، وتكررت نفس القصة. أعادوني إلى ثكنتهم مرة أخرى، وبقيت هناك حتى الصباح. وبعد ذلك اقتادوني إلى الحدود مرة ثالثة ولكنهم هذه المرة سمعوا إطلاق نار غير بعيد فأخذتهم الرأفة بي وأخذوني إلى مركز اللاجئين في البشابشة.
كما قال فلسطيني آخر، عمره 20 سنة، وكان قد تجاوز الحدود في الخامسة صباحا من يوم 25 مارس/آذار مع زوجته وطفلين يبلغان من العمر سنتان وثلاث سنوات، بمساعدة الجيش السوري الحر:
بعد العبور، قامت قوات الأمن العسكري الأردنية باعتقالنا يومًا كاملا، إلى حدود منتصف الليل. أخبرتهم أن لي سبعة إخوة وثلاث أخوات يعيشون في عمان [العاصمة الأردنية]. ولكنهم أخبرونا أننا لا نستطيع البقاء في الأردن دون أن يقدموا لنا أسبابا، وأنه يتعين علينا العودة إلى سوريا. اقتادونا إلى المكان الذي عبرنا منه الحدود، وكنا نسمع إطلاق النار على الجانب الآخر من الحدود، فاستلقيت مع أطفالي أمام السيارة وقلنا لهم إننا لن نعبر الحدود إلى سوريا، وفقدت زوجتي الوعي. وبعد ذلك، ودون أن يقدموا أي تفسير، حملونا مجددًا في السيارة واقتادونا إلى مركز اللاجئين في البشابشة.
الاعتقال التعسفي للفلسطينيين الفارين من سوريا
إلى حدود 25 يونيو/حزيران، تم تسجيل قرابة 27 ألف طلب لجوء سوري في الأردن منذ مارس/آذار 2011. ولا يشمل هذا الرقم مئات الفلسطينيين الذين فروا من سوريا وتم تسجيلهم أو تلقوا مساعدة غير رسمية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).
ومنذ بداية النزاع في سوريا، قام الأردن باعتقال جميع طالبي اللجوء بشكل مؤقت، سواء كانوا مواطنين سوريين أو فلسطينيين مقيمين في سوريا، بعد أن عبروا الحدود دون المرور من المعبر الحدودي الرسمي الوحيد الذي يربط البلدين. ولكن الأردن يسمح للمواطنين السوريين بمغادرة مركز الاحتجاز مباشرة بعد أن يتم تحديد هويتهم، والخضوع لاختبار أمني، وتوفر مواطن أردني يضمنهم. ويتعهد الضامن برعاية هؤلاء الأشخاص في الأردن والتعاون مع السلطات إذا واجهوا مشاكل.
ويتم إطلاق سراح أغلب المعتقلين من طالبي اللجوء السوريين في غضون أيام، وخاصة من مركز البشابشة الحدودي الذي تقوم فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتسجيل أغلب السوريين الفارين من العنف الدائر في بلدهم، ومن هناك يتم نقل هؤلاء الأشخاص إلى البلدات والقرى الأخرى. وبلغ معدل السوريين الذين تقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتسجيلهم في مركز البشابشة في يونيو/حزيران حوالي 150 شخصًا بشكل يومي.
ونقل بضع مئات السوريين الذين لم يعثروا على من يضمنهم إلى مراكز احتجاز مؤقتة، مثل "سايبر سيتي" أو ملعب الرمثا، حيث ينتظرون لمدة أسابيع، وأحيانًا أشهر، حتى يجدوا من يضمنهم. ويوجد الآن حوالي 750 شخصاً في مركز البشابشة و750 آخرين في سايبر سيتي وملعب الرمثا.
كما تم إطلاق سراح الفلسطينيين القادمين من سوريا والذين لهم أقارب في الأردن إلى وقت غير بعيد اعتمادًا على سياسة الضامن. ولكن في منتصف أبريل/نيسان، بدأت السلطات في إقصاء الفلسطينيين من هذه السياسة دون أن تقديم أي أسباب.
ومنذ ذلك الوقت، تم احتجاز جميع الفلسطينيين الذين عبروا الحدود نحو الأردن دون المرور بالمركز الحدودي الرسمي إلى "سايبر سيتي"، وهو اسم لمجمع مترامي الأطراف لشركات التكنولوجيا قرب مدينة الرمثا. ويتم إيواء السوريين الذين لم يجدوا ضامنًا فيهم والفلسطينيين، في شقق كان يستعملها في الماضي العمال الأجانب في هذه الشركات. وإلى حدود 25 يونيو/حزيران، كان يعيش في هذه الشقق المكتظة 347 مواطنًا سوريًا و140 فلسطينيًا من سوريا، ويتلقون مساعدة من وكالات الغوث الدولية، بما في ذلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
ويُسمح لساكني هذه الشقق بالتحرك في ذلك المكان دون مغادرته، ويوجد مركز للشرطة يبعد حوالي 30 متراً عن المدخل الأمامي يقوم بحراستهم.
وتُعرّف المبادئ التوجيهية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين احتجاز طالبي اللجوء على أنه حبس داخل مكان ضيق ومحدد، بما في ذلك السجون والمخيمات المغلقة وأماكن الاحتجاز ومناطق العبور في المطارات، حيث تكون حرية الحركة مقيدة بشكل كبير، وحيث تكون الفرصة الوحيدة لمغادرة ذلك المكان هي مغادرة الأراضي بشكل نهائي. إن الطريقة التي يتم بها احتجاز الفلسطينيين في سايبر سيتي، دون أن تتوفر لهم فرصة لإطلاق سراحهم، تتطابق مع تعريف مفهوم الاحتجاز كما تقدمه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وقال فلسطينيون في سايبر سيتي لـ هيومن رايتس ووتش إن آخر فلسطيني قدم إلى هنا في أواخر يونيو/حزيران.
وتحدثت فلسطينية تبلغ من العمر 29 سنة عن تسبب تغيير السياسة تجاه الفلسطينيين في انقسام عائلاتها:
جئت إلى هنا يوم 22 أبريل/نيسان مع أخواتي، وواحد من إخوتي، وأمي، وابن أخي البالغ من العمر شهرين اثنين. وكان أبي وأختي قد عبرا الحدود منذ أغسطس/آب السنة الماضية، ثم أطلق سراحهما عندما وجدا من يضمنهما. ولكن بقية العائلة جاءت إلى هنا بعد أن قرروا عدم إطلاق سراح الفلسطينيين، وها نحن الآن عالقون هنا. وفي نفس الوقت، يعيش أبي وأختي في منزل لنا في مكان غير بعيد من هنا، وكان أبي قد امتلك هذا المنزل منذ السبعينات.
وشرح الدكتور سعد المناصير، أمين عام وزارة الداخلية، سياسة إطلاق سراح السوريين واحتجاز الفلسطينيين لـ هيومن رايتس ووتش بأن الفلسطينيين لم يكونوا عرضة للعنف في سوريا. وأضاف أن عدم ترحيل 140 فلسطينيا في سايبر سيتي "هو عمل إنساني"، ولكنه لم يتمكن من تبرير تغيير الأردن لسياسته في منتصف أبريل/نيسان بحرمان جميع الفلسطينيين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية من التنقل بحرية داخل الأردن.
ظروف الفلسطينيين في سوريا
في 28 يونيو/حزيران، تحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف مع فلسطينيين في سوريا. وقال هؤلاء الفلسطينيون إن قوات الأمن السورية تقوم باعتقال مئات الأشخاص، بمن فيهم فلسطينيين، في مخيم اليرموك في ضواحي دمشق الذي يعيش فيه مائتي ألف فلسطيني. وتوجد حول مخيم اليرموك أحياء شهدت اضطرابات مثل أحياء الحجر الأسود والقدم والميدان والتضامن والزاهرة. والتحق بعض الفلسطينيين بالاحتجاجات المناوئة للحكومة في مخيم اليرموك الذي اندلعت فيه اشتباكات بين قوات الجيش السوري الحر والجيش السوري.
كما قال هؤلاء الأشخاص إن آلاف الفلسطينيين فروا مؤخرًا من مدينة حمص وضواحيها بسبب العنف الدائر هناك، وكذلك من درعا بسبب القصف المكثف، وجاؤوا جميعًا يبحثون عن ملجأ في اليرموك.
كما ذكرت تقارير أن القصف المدفعي الذي شنته القوات الحكومية على مدينة درعا في 26 يونيو/حزيران تسبب في مقتل أربعة فلسطينيين وجرح 15 آخرين.
وقال جيري سمسون: "يقول فلسطينيو سوريا إنهم فروا من منازلهم بسبب القتال وانعدام الأمن، وخوفًا من الاعتقال، وهم لا يختلفون في ذلك مع اللاجئين السوريين. ولكن المعاملة التي ينتهجها الأردن تجاه طالبي اللجوء السوريين والفلسطينيين تبدو قائمة على تمييز بسبب الأصل القومي، وليست معاملة تعتمد على أدلة موضوعية تثبت أن الفلسطينيين أقل عرضة للخطر من السوريين".
القانون الدولي المتعلق باحتجاز طالبي اللجوء
يمنع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الاعتقال التعسفي، وينص على أنه "لا يجوز حرمان احد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون". كما ينص العهد على حق كل من يتعرض للاعتقال في عرض أسباب اعتقاله أمام القضاء، الذي يتعين عليه الحكم بإطلاق سراح الشخص المحتجز إذا كان الاحتجاز غير قانوني.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحظر أي تمييز بسبب الأصل القومي، وهو ما يعني أن التمييز في معاملة السوريين والفلسطينيين يجب أن يكون مبررًا بشكل واضح، وذلك ما فشلت السلطات الأردنية في إثباته.
كما قالت هيومن رايتس ووتش إنه إذا كانت لدى السلطات الأردنية مخاوف من أن الفلسطينيين الفارين من سوريا يُشكلون تهديدًا لأمنها الوطني، فيتعين عليها العمل بالقانون الدولي وتقديم تبريرات فردية تثبت ضرورة كل عملية احتجاز على حدة، بما يتفق مع القانون الأردني وبما يسمح لخضوعها للمراجعة القضائية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على مجموعة كاملة من الأشخاص على أنهم يشكلون تهديدًا ما.
وقال جيري سمسون: "يتعين على الأردن السماح لجميع طالبي اللجوء الفارين من العنف في سوريا بدخول أراضيه والبقاء فيها ولو بشكل مؤقت. كما يجب استقبال هؤلاء الأشخاص دون تمييز بينهم بناءً على أصلهم القومي، ودون تهديدهم بالاعتقال التعسفي والإعادة القسرية".
وفي منتصف يونيو/حزيران، التقت هيومن رايتس ووتش في الأردن بـ 12 فلسطينيًا، ومنهم نساء وأطفال. ومثلما هو الحال بالنسبة للسوريين، دخل هؤلاء الفلسطينيون الأردن دون المرور بمركز حدودي رسمي، ولكن، وخلافًا للسوريين، خضع الفلسطينيون للاعتقال لشهور دون أن تتوفر لهم فرصة لإطلاق سراحهم. وقال ثلاثة رجال من هؤلاء إنهم أرغموا وإخوتهم على العودة إلى سوريا، بينما قال ستة آخرون، وكان لثلاثة منهم عائلات وأطفال صغار، إنه تم اقتيادهم إلى الحدود مع سوريا وهناك هُددوا بالترحيل، رغم أنهم تمكنوا في نهاية المطاف من البقاء في الأردن.
وقال جيري سمسون، باحث أول في شؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "يُحسب للأردن أنه سمح لعشرات الآلاف من السوريين بعبور الحدود بشكل غير قانوني والتنقل بحرية، ولكنه عامل الفلسطينيين الفارين لنفس الأسباب بطريقة مختلفة تمامًا. إن جميع الفارين من سوريا، سوريين كانوا أو فلسطينيين، لهم الحق في طلب اللجوء إلى الأردن، والتنقل داخله بحرية، ويجب أن لا يُجبروا على العودة إلى منطقة الحرب".
ومنذ أبريل/نيسان، قامت السلطات الأردنية باعتقال الفلسطينيين الذين دخلوا الأردن دون المرور بنقطة حدودية رسمية، ولم تطلق سراحهم. ولكن هذه السياسة لم تُطبق على آلاف السوريين الذين قدموا إلى هناك بنفس الكيفية.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن الفلسطينيين الوافدين على الأردن جاؤوا إلى هناك في نفس الظروف التي فرّ منها السوريون، ولذلك يجب أن لا يتعرضوا إلى التهديد بالترحيل إلى المكان الذي جاءوا منه. كما يجب ألا يتعرض أي شخص للاعتقال إلا لأسباب قانونية واضحة، ولمدة زمنية محددة، بعد القيام بالمراجعة القضائية اللازمة. وكما هو الحال بالنسبة للاجئين السوريين، قال فلسطينيون فارون من سوريا التقت بهم هيومن رايتس ووتش في الأردن إنهم فروا بسبب العنف وانعدام الأمن بشكل عام في المناطق التي كانوا يسكنونها.
وفي رده على أسئلة حول إعادة ترحيل الفلسطينيين إلى سوريا أو تهديدهم بالقيام بذلك، قال الدكتور سعد الوادي المناصير، الأمين العام لوزارة الداخلية لـ هيومن رايتس ووتش إن الأردن لم "يقم بإعادة أي فلسطيني إلى سوريا" وأنه "لا توجد تهديدات بإعادتهم إلى هناك". كما قال إنه "لم يتم اعتماد أي "سياسة دخول" حتى يتم الحديث عن إعادتهم إلى حيث جاؤوا"، وأن الأردن "كان فقط يمنع الفلسطينيين الذين لا يحملون وثائق من الدخول"، وهو ما يعني أن جميع الفلسطينيين دون وثائق ثبوتية مُنعوا من دخول الأردن.
وقدم فلسطينيون رواية مناقضة لهذه التصريحات، وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنه تم ترحيلهم من داخل الأراضي الأردنية. كما قال تسعة معتقلين فلسطينيين لـ هيومن رايتس ووتش، وكانوا قد تعرضوا للترحيل، إنهم يعرفون أشخاصا من أقاربهم تعرضوا للترحيل أيضا، أو تم اقتيادهم وعائلاتهم من طرف قوات الأمن العسكري الأردني إلى الحدود مع سوريا، وهناك طلبت منهم القوات تحت تهديد السلاح عبور الحدود، ولكنها بعد ذلك تراجعت عن ذلك بعد أن توسلت العائلات الفلسطينية ألا تعود إلى سوريا. وقال آخرون إنهم تحدثوا عبر الهاتف مع أقارب وأصدقاء لهم في سوريا قالوا لهم إنهم يعرفون فلسطينيين قام الأمن الأردني بإرجاعهم على الحدود مع سوريا دون أن يقدم أسبابا لذلك.
ورغم أن الأردن لم يوقع على اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، إلا أنه مُلزم بموجب القانون العرفي الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الإنسان باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يمنع الدول من إعادة أي شخص إلى دولة تكون فيها حياته وحريته مهددتان، أو يواجه فيها تهديدًا جديًا بالتعرض إلى التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على الأردن أن يُوسع سياسته الحالية التي تمنح "الضيوف" السوريين حماية مؤقتة بحكم الأمر الواقع لتشمل الفلسطينيين المقيمين في سوريا الذين هربوا من النزاع الدائر هناك.
وعملا بالقانون العرفي الدولي، يجب أن لا يتم ترحيل طالبي اللجوء بشكل قسري إلى الأماكن التي يزعمون أنهم قد يتعرضون فيها إلى الاضطهاد إلا بعد فحص صحة هذه المزاعم في إجراء عادل يقوض صحتها. كما يجب النظر في جميع مطالب اللجوء بغض النظر عما إذا كان صاحب المطلب يحمل أو لا يحمل وثائق سفر وهوية سارية المفعول.
وقال جيري سمسون: "لا توجد أي أعذار لترحيل أشخاص إلى أماكن قد تكون فيها حياتهم معرضة للخطر، ولذلك يتعين على السلطات إصدار أوامر واضحة لضباط الأمن على الحدود بتوفير الحماية لأي شخص يعبر الحدود من سوريا بحثًا عن اللجوء في الأردن".
الفلسطينيون الذين يدخلون الأردن بطريقة غير قانونية مهددون بالإعادة القسرية
تُبرز اللقاءات الأخيرة مع السوريين والفلسطينيين أن الغالبية العظمى من الوافدين الجدد عبروا الحدود ليلا بمساعدة الجيش السوري الحر؛ لأن حرس الحدود السوري في نقطة العبور الوحيدة التي يسيطر عليها، معبر نصيب ـ جابر قرب مدينة الرمثا الأردنية، يقوم بإعادة الوافدين على الحدود إلى داخل سوريا بأعداد كبيرة. وقال بعض السوريين إنهم دفعوا رشاوى لحرس الحدود قيمتها ثلاثين ألف ليرة سورية (470 دولار أمريكي) على العائلة الواحدة، ليُسمح لهم بالعبور. وقالت بعض النسوة إنهن عبرن مع أطفالهن دون مشاكل.
وفي ليلة 17 مارس/آذار 2012، قام أحد الفلسطينيين باجتياز الحدود نحو الأردن فتم اقتياده مباشرة إلى مراكز الأمن العسكري الأردني على الحدود وإجباره على العودة إلى سوريا، وتعرض إلى التهديد بالترحيل للمرة الثالثة، ثم سُمح له بالبقاء في الأردن. وقال هذا الفلسطيني لـ هيومن رايتس ووتش:
أعلموني أنه لا يمكنني البقاء في الأردن ورفضوا تبرير ذلك. اقتادوني بالسيارة إلى الأسلاك الشائكة التي عبرتها وأجبروني بقوة السلاح على العبور نحو سوريا. مشيت مسافة 15 متراً في الأراضي السورية، ثم عدت إليهم مباشرة وكانوا يشاهدونني. اقتادوني مجددًا إلى ثكنتهم وقاموا باستجوابي. وعند منتصف الليل أخذوني إلى نفس المكان، وتكررت نفس القصة. أعادوني إلى ثكنتهم مرة أخرى، وبقيت هناك حتى الصباح. وبعد ذلك اقتادوني إلى الحدود مرة ثالثة ولكنهم هذه المرة سمعوا إطلاق نار غير بعيد فأخذتهم الرأفة بي وأخذوني إلى مركز اللاجئين في البشابشة.
كما قال فلسطيني آخر، عمره 20 سنة، وكان قد تجاوز الحدود في الخامسة صباحا من يوم 25 مارس/آذار مع زوجته وطفلين يبلغان من العمر سنتان وثلاث سنوات، بمساعدة الجيش السوري الحر:
بعد العبور، قامت قوات الأمن العسكري الأردنية باعتقالنا يومًا كاملا، إلى حدود منتصف الليل. أخبرتهم أن لي سبعة إخوة وثلاث أخوات يعيشون في عمان [العاصمة الأردنية]. ولكنهم أخبرونا أننا لا نستطيع البقاء في الأردن دون أن يقدموا لنا أسبابا، وأنه يتعين علينا العودة إلى سوريا. اقتادونا إلى المكان الذي عبرنا منه الحدود، وكنا نسمع إطلاق النار على الجانب الآخر من الحدود، فاستلقيت مع أطفالي أمام السيارة وقلنا لهم إننا لن نعبر الحدود إلى سوريا، وفقدت زوجتي الوعي. وبعد ذلك، ودون أن يقدموا أي تفسير، حملونا مجددًا في السيارة واقتادونا إلى مركز اللاجئين في البشابشة.
الاعتقال التعسفي للفلسطينيين الفارين من سوريا
إلى حدود 25 يونيو/حزيران، تم تسجيل قرابة 27 ألف طلب لجوء سوري في الأردن منذ مارس/آذار 2011. ولا يشمل هذا الرقم مئات الفلسطينيين الذين فروا من سوريا وتم تسجيلهم أو تلقوا مساعدة غير رسمية من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).
ومنذ بداية النزاع في سوريا، قام الأردن باعتقال جميع طالبي اللجوء بشكل مؤقت، سواء كانوا مواطنين سوريين أو فلسطينيين مقيمين في سوريا، بعد أن عبروا الحدود دون المرور من المعبر الحدودي الرسمي الوحيد الذي يربط البلدين. ولكن الأردن يسمح للمواطنين السوريين بمغادرة مركز الاحتجاز مباشرة بعد أن يتم تحديد هويتهم، والخضوع لاختبار أمني، وتوفر مواطن أردني يضمنهم. ويتعهد الضامن برعاية هؤلاء الأشخاص في الأردن والتعاون مع السلطات إذا واجهوا مشاكل.
ويتم إطلاق سراح أغلب المعتقلين من طالبي اللجوء السوريين في غضون أيام، وخاصة من مركز البشابشة الحدودي الذي تقوم فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتسجيل أغلب السوريين الفارين من العنف الدائر في بلدهم، ومن هناك يتم نقل هؤلاء الأشخاص إلى البلدات والقرى الأخرى. وبلغ معدل السوريين الذين تقوم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتسجيلهم في مركز البشابشة في يونيو/حزيران حوالي 150 شخصًا بشكل يومي.
ونقل بضع مئات السوريين الذين لم يعثروا على من يضمنهم إلى مراكز احتجاز مؤقتة، مثل "سايبر سيتي" أو ملعب الرمثا، حيث ينتظرون لمدة أسابيع، وأحيانًا أشهر، حتى يجدوا من يضمنهم. ويوجد الآن حوالي 750 شخصاً في مركز البشابشة و750 آخرين في سايبر سيتي وملعب الرمثا.
كما تم إطلاق سراح الفلسطينيين القادمين من سوريا والذين لهم أقارب في الأردن إلى وقت غير بعيد اعتمادًا على سياسة الضامن. ولكن في منتصف أبريل/نيسان، بدأت السلطات في إقصاء الفلسطينيين من هذه السياسة دون أن تقديم أي أسباب.
ومنذ ذلك الوقت، تم احتجاز جميع الفلسطينيين الذين عبروا الحدود نحو الأردن دون المرور بالمركز الحدودي الرسمي إلى "سايبر سيتي"، وهو اسم لمجمع مترامي الأطراف لشركات التكنولوجيا قرب مدينة الرمثا. ويتم إيواء السوريين الذين لم يجدوا ضامنًا فيهم والفلسطينيين، في شقق كان يستعملها في الماضي العمال الأجانب في هذه الشركات. وإلى حدود 25 يونيو/حزيران، كان يعيش في هذه الشقق المكتظة 347 مواطنًا سوريًا و140 فلسطينيًا من سوريا، ويتلقون مساعدة من وكالات الغوث الدولية، بما في ذلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
ويُسمح لساكني هذه الشقق بالتحرك في ذلك المكان دون مغادرته، ويوجد مركز للشرطة يبعد حوالي 30 متراً عن المدخل الأمامي يقوم بحراستهم.
وتُعرّف المبادئ التوجيهية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين احتجاز طالبي اللجوء على أنه حبس داخل مكان ضيق ومحدد، بما في ذلك السجون والمخيمات المغلقة وأماكن الاحتجاز ومناطق العبور في المطارات، حيث تكون حرية الحركة مقيدة بشكل كبير، وحيث تكون الفرصة الوحيدة لمغادرة ذلك المكان هي مغادرة الأراضي بشكل نهائي. إن الطريقة التي يتم بها احتجاز الفلسطينيين في سايبر سيتي، دون أن تتوفر لهم فرصة لإطلاق سراحهم، تتطابق مع تعريف مفهوم الاحتجاز كما تقدمه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وقال فلسطينيون في سايبر سيتي لـ هيومن رايتس ووتش إن آخر فلسطيني قدم إلى هنا في أواخر يونيو/حزيران.
وتحدثت فلسطينية تبلغ من العمر 29 سنة عن تسبب تغيير السياسة تجاه الفلسطينيين في انقسام عائلاتها:
جئت إلى هنا يوم 22 أبريل/نيسان مع أخواتي، وواحد من إخوتي، وأمي، وابن أخي البالغ من العمر شهرين اثنين. وكان أبي وأختي قد عبرا الحدود منذ أغسطس/آب السنة الماضية، ثم أطلق سراحهما عندما وجدا من يضمنهما. ولكن بقية العائلة جاءت إلى هنا بعد أن قرروا عدم إطلاق سراح الفلسطينيين، وها نحن الآن عالقون هنا. وفي نفس الوقت، يعيش أبي وأختي في منزل لنا في مكان غير بعيد من هنا، وكان أبي قد امتلك هذا المنزل منذ السبعينات.
وشرح الدكتور سعد المناصير، أمين عام وزارة الداخلية، سياسة إطلاق سراح السوريين واحتجاز الفلسطينيين لـ هيومن رايتس ووتش بأن الفلسطينيين لم يكونوا عرضة للعنف في سوريا. وأضاف أن عدم ترحيل 140 فلسطينيا في سايبر سيتي "هو عمل إنساني"، ولكنه لم يتمكن من تبرير تغيير الأردن لسياسته في منتصف أبريل/نيسان بحرمان جميع الفلسطينيين الذين دخلوا بطريقة غير شرعية من التنقل بحرية داخل الأردن.
ظروف الفلسطينيين في سوريا
في 28 يونيو/حزيران، تحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف مع فلسطينيين في سوريا. وقال هؤلاء الفلسطينيون إن قوات الأمن السورية تقوم باعتقال مئات الأشخاص، بمن فيهم فلسطينيين، في مخيم اليرموك في ضواحي دمشق الذي يعيش فيه مائتي ألف فلسطيني. وتوجد حول مخيم اليرموك أحياء شهدت اضطرابات مثل أحياء الحجر الأسود والقدم والميدان والتضامن والزاهرة. والتحق بعض الفلسطينيين بالاحتجاجات المناوئة للحكومة في مخيم اليرموك الذي اندلعت فيه اشتباكات بين قوات الجيش السوري الحر والجيش السوري.
كما قال هؤلاء الأشخاص إن آلاف الفلسطينيين فروا مؤخرًا من مدينة حمص وضواحيها بسبب العنف الدائر هناك، وكذلك من درعا بسبب القصف المكثف، وجاؤوا جميعًا يبحثون عن ملجأ في اليرموك.
كما ذكرت تقارير أن القصف المدفعي الذي شنته القوات الحكومية على مدينة درعا في 26 يونيو/حزيران تسبب في مقتل أربعة فلسطينيين وجرح 15 آخرين.
وقال جيري سمسون: "يقول فلسطينيو سوريا إنهم فروا من منازلهم بسبب القتال وانعدام الأمن، وخوفًا من الاعتقال، وهم لا يختلفون في ذلك مع اللاجئين السوريين. ولكن المعاملة التي ينتهجها الأردن تجاه طالبي اللجوء السوريين والفلسطينيين تبدو قائمة على تمييز بسبب الأصل القومي، وليست معاملة تعتمد على أدلة موضوعية تثبت أن الفلسطينيين أقل عرضة للخطر من السوريين".
القانون الدولي المتعلق باحتجاز طالبي اللجوء
يمنع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الاعتقال التعسفي، وينص على أنه "لا يجوز حرمان احد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون". كما ينص العهد على حق كل من يتعرض للاعتقال في عرض أسباب اعتقاله أمام القضاء، الذي يتعين عليه الحكم بإطلاق سراح الشخص المحتجز إذا كان الاحتجاز غير قانوني.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحظر أي تمييز بسبب الأصل القومي، وهو ما يعني أن التمييز في معاملة السوريين والفلسطينيين يجب أن يكون مبررًا بشكل واضح، وذلك ما فشلت السلطات الأردنية في إثباته.
كما قالت هيومن رايتس ووتش إنه إذا كانت لدى السلطات الأردنية مخاوف من أن الفلسطينيين الفارين من سوريا يُشكلون تهديدًا لأمنها الوطني، فيتعين عليها العمل بالقانون الدولي وتقديم تبريرات فردية تثبت ضرورة كل عملية احتجاز على حدة، بما يتفق مع القانون الأردني وبما يسمح لخضوعها للمراجعة القضائية. ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحكم على مجموعة كاملة من الأشخاص على أنهم يشكلون تهديدًا ما.
وقال جيري سمسون: "يتعين على الأردن السماح لجميع طالبي اللجوء الفارين من العنف في سوريا بدخول أراضيه والبقاء فيها ولو بشكل مؤقت. كما يجب استقبال هؤلاء الأشخاص دون تمييز بينهم بناءً على أصلهم القومي، ودون تهديدهم بالاعتقال التعسفي والإعادة القسرية".