jo24_banner
jo24_banner

قناة ثالثة يا دولة الرئيس؟! أصلح خراب "التلفزيون" أولا!

قناة ثالثة يا دولة الرئيس؟! أصلح خراب التلفزيون أولا!
جو 24 : كتب - محرر الشؤون المحلية - كان التلفزيون الأردني على مدار السنوات السابقة محطّ نقد لكثير من المواطنين والمراقبين والمهتمين بالشأن الإعلامي، فتعالت الأصوات مرارا لغاية انقاذ التلفزيون الرسمي واصلاح شأنه ليكون قادرا على المنافسة والمحافظة على ما تبقى من مشاهدين هم في معظمهم من الرسميين أو الذين اعتادوا متابعة نشرة أخبار الثامنة على مدى عشرات السنين ولم يستطيعوا التخلص من تلك "العادة".

ولمّا استمر تعالي الأصوات المؤكدة على أهمية وضرورة الإعلام في بناء الوطن، وتواصلت المطالبات بانقاذ الإعلام الرسمي من التدهور في مستواه، بدأت حكومات مختلفة بمحاولة اظهار انها تدرك أهمية ذلك الأمر وتعمل لأجله، لكن يبدو ان السلطات والنفوذ التي تملكها بعض الجهات في الدولة كانت أقوى من كل الحكومات.

أخيرا، وقبل يومين فقط، كان قرار حكومة د. عبدالله النسور بفتح قناة تلفزيونية ثالثة إلى جانب "المحطة الأولى والرياضية"، يُفترض انها ستكون مخصصة لكل البرامج إلا الأفلام والمسلسلات وأفلام الكرتون، وسيتركز عملها على البرامج والنشرات الإخبارية.. مشروع بلا شك يعتبر مغامرة في ظلّ ظروف نعلمها جميعا حول مستوى وآلية عمل مؤسسة التلفزيون الأردني؛ فالتغطية مجزوءة ومنتقاة للأحداث والرأي المطلوب هو رأي الحكومة فقط، والقدرة على انتاج عمل سياسي او اقتصادي او اجتماعي جاذب للمشاهدين غير موجودة في ظلّ وجود "BlackList" لضيوف تمنع بعض الجهات اطلالتهم على الناس، اضافة لتغييب الرأي الاخر قصدا عن الشاشة.

لا يمكن تخيل ان الحكومات والادارات المتعاقبة كلها على مؤسسة الاذاعة والتلفزيون، والتي لم تنجح بالارتقاء في المنتج ولم تتمكن من تسيير عمله بالشكل المرجو حتى هجره الأردنيون، يمكنها فعلا تسيير قناة جديدة ثالثة، فتجربتنا ما زالت ماثلة أمامنا ويمكن رؤيتها في القناة الأولى التي لم تنجح ادارتها بعمل برامج جماهيرية يمكن ان تستعيد بها جمهورها العريض، فقد كانت واحدة من أوائل وأنجح المحطات التلفزيونية التي تم انشاؤها في الوطن العربي، وكانت تتمتع بميزات فنية عالية -سابقا- فهي من أوائل المحطات التي أدخلت "الألوان" في صورتها وبثها، كما كان لها الفضل باكتشاف عدد كبير من نجوم الفنّ من خلال انتاج واخراج عدد كبير من البرامج التمثيلية المميزة.

ربما كان الأولى بالحكومة بدلا من اقرار فتح قناة ثالثة ان تعمل على تطوير عمل التلفزيون الأردني الحالي اداريا وبالتالي فنّيا وبرامجيا، فالقناة الأردنية الأولى والرياضية احدى قنوات قليلة في العالم ما زالت تستخدم نظام بث "أنالوج" وليس "ديجيتال" الأمر الذي يتسبب بانخفاض جودة الصورة مهما طوّرنا من معداتنا وأسلوب عملنا. كما اننا بحاجة ماسة لتغيير رؤية مؤسسة الاذاعة والتلفزيون كلها وكفّ الأيدي عنها حتى تتمكن من الانفتاح على الجميع دون وجود الـ"BlackList" إياها.

في ظل محدودية امكانات التلفزيون الأردني، والمخصصات الحكومية المهدورة بشكل كامل، وصرف الملايين هنا وهناك دون تقديم خدمة للمشاهدين، وحديث طويل عن تجاوزات تشهدها مؤسسة التلفزيون، تأتي الحكومة التي تدعي سعيها "لتوفير كل قرش" بشدّ الأحزمة ووقف التعيينات ورفع الأسعار واستحداث الرسوم لتقرر انشاء قناة تلفزيونية ثالثة.. لا شك ان هذه القرارات والمشاريع المشابهة هي السبب بارتفاع عجز الميزانية رغم ارتفاع المداخيل والضرائب.

الأمر الاخر اللافت بخصوص القناة الثالثة وبحسب قرار مجلس الوزراء، كان استحداث جهاز وهيكل اداري خاص لهذه القناة، وتعيين موظفين خاصين من خارج مؤسسة الاذاعة والتلفزيون فيها، والحديث اليوم عن مدير سبق ان جربته المؤسسة ولم يحقق نجاحا في عمله، وهو ما يشير الى نتائج التجربة التي يبدو انها رغبة للرئيس عبدالله النسور.

لا يمكن تخيّل ان الحكومة أو ادارة مؤسسة الاذاعة والتلفزيون قادرة على الارتقاء بقناة ثالثة في ظل عدم مقدرتها على اصلاح الأولى، وليس من المنطق ان يبدأ المرء مشروعا اضافيا بناء على مشروع خاسر.

لو كانت الحكومة تسعى حقا للارتقاء بالاعلام وتفعيل دوره، فالسبيل لذلك سهل وبسيط، ولا يحتاج للتوسع في عدد القنوات والمنابر الخاصة بها، انما برفع يدها عن المؤسسات الصحفية والاعلامية..
تابعو الأردن 24 على google news