الاحتلال يرهب أطفال فلسطين بالاعتقال
باتت ظاهرة اعتقال الأطفال الفلسطينيين أمرا مقلقا للفلسطينيين، خاصة بعد ارتفاع وتيرتها وما يصاحبها من عمليات اقتحام لعشرات الآليات العسكرية ومئات الجنود المدججين بالأسلحة والكلاب البوليسية بهدف اعتقال طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره.
وتظهر إحصاءات فلسطينية أن إسرائيل تعتقل في سجونها أكثر من 250 طفلا أعمارهم تقل عن 18 عاما، وأن 50 منهم اعتقلتهم في شهر مايو/أيار الماضي، كما تعتقل المئات من الأطفال الأسرى ممن تجاوزوا سن الـ18 داخل المعتقل.
وتؤكد مؤسسات حقوقية وأخرى تعنى بشؤون الأسرى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمارس التعذيب بحق الأطفال الأسرى منذ لحظة اعتقالهم، مرورا بعملية التحقيق وانتهاء بالمعاملة السيئة في السجن واحتجازهم مع معتقلين جنائيين إسرائيليين والاعتداء عليهم.
وما واجهه الطفل الأسير إيهاب مشعل (16 عاما) من بلدة عزون شمال الضفة الغربية يثبت صلف الاحتلال وقساوته في معاملة الأطفال الأسرى.
فقد قضت محكمة الاحتلال قبل بضعة أيام بسجن الطفل إيهاب مشعل ثماني سنوات وغرمته بدفع نحو ثلاثة آلاف دولار بعد أن اتهمته هو وثلاثين طفلا من أبناء بلدته بالاعتداء على جيش الاحتلال ومستوطنيه.
إرهاب الاعتقال
ووصف مهنا مشعل والد الطفل إيهاب عملية الاعتقال قائلا إن اللحظات الأولى للاعتقال واكبتها عملية قمع وإرهاب واعتداء على نجله، حيث داهم مائة جندي مدججين بالأسلحة والكلاب البوليسية المنزل بعد أن خلعوا أبوابه "ومن ثم اقتادوا طفلي وهو مكبل ومعصوب العينين".
وأضاف أنه اعتقل مع نجله إلا أن سلطات الاحتلال احتجزت كلا منهم على حدة، وقامت بالتحقيق مع إيهاب لعشر ساعات متواصلة وأجبرت والده على التوقيع على أنه حضر عملية التحقيق "وهو ما لم يحصل".
ويدل هذا، حسب المحامي خالد قزمار رئيس الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فرع فلسطين، على أن الاحتلال لا يوفر ضمانات تحقيق أو حتى محاكمة عادلة للأطفال الأسرى، وأنه يمارس بحقهم عمليات ممنهجة.
ويتضح ذلك -حسب قزمار- من الأماكن التي يعتقل فيها الأطفال والأعداد الضخمة من المعتقلين كما يجري بمدينة القدس، إضافة إلى مناطق "المقاومة الشعبية" كتلك المحاذية للمستوطنات أو لجدار الفصل.
صمت دولي
وتهدف إسرائيل من وراء ذلك لتعقيد حياة الأطفال نفسيا واجتماعيا، والتأثير عليهم مستقبليا ونفسيا ودفعهم بالتالي للهجرة القسرية، وقال إن المحكمة الإسرائيلية تشترط على معظم أطفال القدس المعتقلين الإبعاد مقابل الإفراج.
ورغم أن إسرائيل وقعت على اتفاقية حقوق الطفل الدولية التي هي واجبة التطبيق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنها في الحقيقة لا تطبقها.
ويضيف قزمار أن مساعيهم في حظر اعتقال الأطفال وعدم التعرض لهم بالتعذيب أثناء الاعتقال والتحقيق "لا نتائج لها، بما فيها الجهود التي بحثت على المستوى الدولي وهيئات الأمم المتحدة المختلفة".
واستدل على ذلك بأن وزارة الخارجية البريطانية تبنت نتائج تقرير نفذه حقوقيون ومحامون بريطانيون تؤكد أن إسرائيل تمارس سياسة التعذيب بحق الأطفال الأسرى مما يتناقض مع المعايير الدولية "ورغم ذلك لا يوجد أي تحرك دولي".
لا استجابة
وفي الوقت الذي يرنو فيه الفلسطينيون إلى المؤسسات الحقوقية الدولية لتشد من عضدهم، يقتصر دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر -حسب نادية دبسي الناطقة الإعلامية باسمها- على حث سلطات الاحتلال على تطبيق القوانين الدولية وإعطاء الحقوق للأطفال المعتقلين "إذا ما شعروا فعلا أنه يتم انتهاكها"، مبينة أن عملهم "غير معلن".
بينما أكد وكيل وزارة الأسرى زياد أبو عين أنهم لا يتقاعسون عن الدفاع عن الأسرى الأطفال، وأن لديهم في الوزارة دائرة قانونية مختصة بمتابعة ملفاتهم.
وقال إنهم يفضحون ممارسات الاحتلال بحق الأطفال الأسرى في المحافل الدولية، موضحا أن إسرائيل تلقت برقيات من الدول والمؤسسات الأجنبية الحقوقية والإنسانية لوقف انتهاكاتها بحق الأطفال، إلا أنها لم تستجب، وهو ما حدا بهم لدعوة تلك الدول لاتخاذ إجراءات عقابية بحقها. الجزيرة