"الاتحاد الوطني" يدعو "العمل الإسلامي"إلى لقاء حزبي
بادر حزب الاتحاد الوطني الأردني إلى دعوة الأحزاب والقوى السياسية إلى لقاء وطني لبناء توافق واسع حول قانون انتخاب يعبر عن إرادة القاعدة الشعبية الواسعة، وهو ما قبله حزب جبهة العمل الإسلامي.
وقال رئيس "الاتحاد الوطني" الكابتن محمد الخشمان، خلال مناظرة مع رئيس مجلس شورى حزب جبهة العمل الإسلامي م.علي أبو السكر حول قانون الانتخاب، إن "الحزب يدعو الأحزاب والقوى الوطنية الأردنية إلى لقاء، أو مؤتمر وطني بمقره، لوضع أسس لقانون انتخاب يحظى بتوافق حزبي – شعبي، ويكون قادرا على الانتقال بالديمقراطية الأردنية إلى مرحلة متقدمة".
وبين الخشمان، خلال المناظرة التي نظمتها فضائية جوسات وأدارتها د.رولا الحروب، أن "الفروق بين الأحزاب والقوى الوطنية لا تشكل عائقا لبلوغها قانون انتخاب توافقي وعصري، ويعبر عن إرادة الأغلبية الشعبية".
وفي المقابل، لاقت دعوة الخشمان ترحيب أبو السكر، الذي قال إن "جبهة العمل الإسلامي تجد في هذه الدعوة خطوة متقدمة لبناء توافق وطني حول قانون انتخاب، ينقذ الأحزاب من مآلات القانون الحالي، ويدعم مسيرة الإصلاح".
وزاد أبو السكر "جبهة العمل الإسلامي تقبل الدعوة، وستكون أول المشاركين فيها، التي من شأنها إيجاد بديل وطني، يحظى بالشرعية، لقانون الانتخاب، وهو ما تأمل أن يلاقي مشاركة واسعة من الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى".
ويبدي الحزبان تباينا حيال قانون الانتخاب، إذ يطالب "الاتحاد الوطني" بقانون يخصص 75% من مقاعد مجلس النواب للقائمة الوطنية المغلقة، تتوزع بالتساوي بين القوائم الثلاث الحاصلة على أعلى الأصوات، على أن تشمل القائمة مرشحين من مختلف مناطق المملكة وتضم كافة التنويعات الثقافية والقومية والدينية، فيما تنقسم 25% من المقاعد المتبقية بين 15% للمستقلين و10% لكوتا المرأة، تخصص للدوائر الفرعية، وتوزع وفق نظام خاص.
أما "العمل الإسلامي" فيطالب بقانون يقسم مقاعد المجلس بين 50% قائمة وطن، و50% للدوائر الفرعية، على أن يكون للناخب في الدائرة الفرعية عدد أصوات مساوي لعدد المقاعد المخصصة لها.
غير أن الحزبين يتفقان على رفض نظام الصوت الواحد، ويعتبرانه عامل تشتيت وتفتيت للإرادة الشعبية، وكذلك تبنى الطرفان مناوئة قانون الانتخاب الجديد، وكذلك رفض الاكتفاء بتعديل الفقرة هـ من المادة الثامنة للقانون.
واختلف المتناظران حيال مسألة المشاركة في الانتخابات المقبلة، فالخشمان رأى أن "الأصل هو المشاركة، ولكن يسبقها نضال واسع لتغيير قانون الانتخاب، وبناءه على أسس جديدة، تعبر عن توزيعات المجتمع وتنويعاته بشكل متوازن"، وهو ما خالفه أبو السكر بالقول إن "المشاركة في الانتخابات رهن قانون عصري ينهي نظام الصوت الواحد، ودون ذلك فالمقاطعة واجبة".
ورأى الخشمان أن تمسك "الاتحاد الوطني" بنظام انتخابي مختلف يأتي في سياق السعي إلى بناء "كتل برلمانية متماسكة ومستقرة، ترتقي بمجلس النواب إلى وسط برامجي، يكون قادرا على تشكيل حكومة برلمانية، وبما يمنع طرفا من التفرد بالعملية التشريعية والسلطة التنفيذية، ويصعب عملية الوصول إلى البرلمان لغير الأكفاء والقادرين وأصحاب الشرعية الشعبية الحقيقية".
وفي سؤال للجانبين، حول وجهة نظرهما إلى الحراك الشعبي الإصلاحي والية تعاملهما معه حال وصول أي منهما للسلطة، أجاب الخشمان أن "الحراكات الشعبية هي جزء أصيل من بنية المجتمع الأردني، وهي شريك وطني أساسي في أي عملية إصلاحية، وأغلبها ملتزم بالقانون والدستور، ومطالبها محقة، ونؤيدها، ونستثني من ذلك ما شذ من سلوك بعض أفرادها، دون أن يكون ذلك أصل أو نهج في مطالبتها".
وبين الخشمان أن "التعامل مع شذوذ بعض أفراد الحراكات يكون عبر القانون فقط، ولا يجوز بحال من الأحوال إخضاعهم للاعتقال السياسي أو الاعتداء الميداني، فالأردن دولة قانون، ولا يجوز تشويهها بسلوكيات فردية هنا وهناك".
واعتبر الخشمان أن "أية حكومة مقبلة لن تكون قادرة على إنقاذ المملكة من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون أن تكون حكومة ائتلاف حزبي برامجي، ينتجها برلمان حزبي حقيقي، ودون ذلك لن يستطيع احد الحفاظ على امن وأمان الوطن والمواطن".
وذات اتجاه ذهب أبو السكر، الذي رأى أن "الحراكات الشعبية جزء من العملية الإصلاحية في المملكة، وهي شريك في أي عملية سياسية مقبلة"، مبينا أن "أيا من الأحزاب لن يكون بمقدوره العمل دون بناء شراكات حزبية ووطنية مع القوى السياسية الأخرى".
واحتدم الحوار بين الجانبين لدي الحديث عن "القوى الخفية"، التي عرضت دورها د.رولا الحروب باستعراض مقال نشرته صحيفة الغد، إذ أصر أبو السكر على وجود هذه القوى، معتبرا أنها "تسير البلاد والعباد إلى مصائر غير تلك التي تريدها"، ومؤشرا أنها "أجهزة ومؤسسات وأفراد ترفض الإصلاح وتعيقه"، وهو ما رفضه الخشمان بالقول إن "نظرية المؤامرة لا تزال تسيطر إلى منهج التفكير، ولعل إطلاق تسمية كهذه يجنبنا الحوار الموضوعي المفضي إلى نتائج".
ورأى الخشمان أن "طبقة تشكلت في غفلة من الأردنيين، وشيدت مصالح لها، واستحوذت على السلطة والمال في البلاد، هي من تقف عائقا أمام الإصلاح الحقيقي والشامل، وباتت تشكل ضغطا هائلا على العملية الإصلاحية، وهي بمثابة قوى الشد العكسي، التي تستخدم كل الوسائل اليوم، بما في ذلك التضليل، للحفاظ على مكتسباتها"، معتبرا هذا التوصيف هو "الأدق والأكثر موضوعية".
وحول برامج الحزبين، قال الخشمان إن "الاتحاد الوطني يتبنى رؤية وأفكار واقعية لإنقاذ البلاد من الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، دون مبالغات، ويمكن لها – حال تطبيقها – الانتقال بالمملكة إلى مرحلة يتطلع إليها كل الأردنيين".
وبين الخشمان أن "فلسفة الاتحاد الوطني الإصلاحية تركز على برامج تعيد إنتاج طبقة وسطى عريضة ومتماسكة، عبر تضييق الطبقة الفقيرة، وتقييد نفوذ الطبقة الغنية، بما يمكن الوسطى من قيادة العملية الإصلاحية الشاملة، دون أن يعني ذلك تغيير النهج الاقتصادي، القائم على السوق الحر ذو المسؤولية الاجتماعية، والقادرة على بناء الاستقرار وإدامته".
وأشار الخشمان أن ذلك "لا يتحقق دون مؤسسة تشريعية، تعبر عن الإرادة الشعبية بشكل حقيقي، فالإصلاح يبدأ من القوانين الناظمة للعلاقة بين مكونات المجتمع"، لافتا إلى "مشكلة البطالة"، التي اعتبر أنها "قنبلة موقوتة قابلة للانفجار".
وإجابة على السؤال ذاته، قال أبو السكر إن "جبهة العمل الإسلامي تمتلك برامج وحلول للمشكلات التي تعترض المملكة، قادرة على إيجاد مخارج من الأزمات"، لكنه شدد أن الكرة في ملعب السلطة، فبدون قوانين إصلاحية حقيقية لا يمكن إيجاد معالجات للوضع القائم.