jo24_banner
jo24_banner

الليبيون ينتخبون اليوم للمرة الأولى منذ نصف قرن

الليبيون ينتخبون اليوم للمرة الأولى منذ نصف قرن
جو 24 :

عمر العساف - هذه المرة الاولى في ليبيا ينتخب من هم دون الستين من العمر، هذا اذا اعتبرت الانتخابات التي اجريت اواسط الستينات، في العهد الملكي السابق لحكم القذافي، نزيهة وشفافة.


ويقترع اليوم نحو مليونين وثمانمئة الف ناخب لاختيار مئتي عضو للمؤتمر الوطني العام، من اربعة آلاف مرشح، في خطوة حقيقية اولى للشروع في التجربة الديموقراطية في بلد رزح 43 عاما تحت حكم استبدادي، ونجح في اطاحته بثورة بذلت لها ارواح الآلاف من الثوار والمدنيين.


لا احد في ليبيا قادر على التكهن بنتائج انتخابات اليوم، أكان ناخبا ام من المرشحين. الشيء الوحيد المتفق عليه، هو ان خريطة التنافس غير واضحة، وان احدا لا يستطيع التنبؤ بالنتائج.


ويعزو مراقبون واعلاميون ذلك الى امور، ابرزها: ان التنافس غير مقصور على الاحزاب وحدها، ذلك ان حصة "الكيانات السياسية" هي 40 في المئة فقط (80 من اصل 200 مقعد). بينما يتنافس المستقلون (الفرديون) على المقاعد الـ 120 الاخرى، وان لم يخل الامر من ترشح حزبيين فرديا وخارج القائمة النسبية.


كذلك، فان حداثة عهد جميع هذه الاحزاب وتشابه برامجها الى درجة كبيرة، تجعل من اللعب على الناخب التمييز بينها وتفضيل واحد منها على الآخر.


كما ان انعدام الخبرة في الانتخابات لا تفسح في المجال للناخبين والمرشحين لادارة العملية (واللعبة) الانتخابيتين لحسم الأمور وتوضيح الصورة.


وقال الباحث القانوني طارق النيهوم لـ"النهار" ان هناك جهلا واسعا بمجمل الثقافة الانتخابية، نتيجة التركة الثقيلة من التجهيل وفرض الأمية السياسية التي خلّفها نظام معمر القذافي مدى اربعة عقود.
وذكّر بأن مجرد الاستماع الى هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" او مشاهدة شبكة "سي ان ان" الاميركية للتلفزيون كان يعد جريمة و"تبعية للاستعمار والامبريالية" ويحاسب عليه الناس. ولفت الى ان مفاهيم مثل: الانتخاب والترشيح والدعاية الانتخابية والقائمة النسبية ونظام الغالبية، وحتى مفهوم الاحزاب، هي جديدة على الليبيين، وغير واضحة بالدرجة الكافية بعد.


وهو يعتقد ان ارتفاع عدد المرشحين (نحو 4000) قد يساهم في تفتيت اصوات الناخبين، على رغم انه قد يساهم في توسيع حجم الاقبال على الاقتراع.


وحدها جماعة "الاخوان المسلمين"، التي تعتبر الاكثر تنظيما بين مختلف الكيانات السياسية، بحكم وجودها التنظيمي سابقا، وان يكن هذا، في رأي كثيرين، لا يشكل ميزة نسبية كبيرة، لبروز احزاب تقترب كثيرا من فكر "الاخوان" في مجتمع، التدّين صفة بارزة جدا فيه.
غير ان "الاخوان" اجتهدوا بصورة واضحة لتحسين وضعهم الانتخابي، واستعانوا بخبرات "اخوانية" اردنية في التدرب على تنظيم الحملات الانتخابية والاعداد الجيد لمختلف مراحلها.

الخطوات الميدانية

على الارض، توقفت منذ فجر الجمعة الدعاية الانتخابية، ودخل الجميع مرحلة "الصمت الانتخابي" بموجب قانون الانتخاب وتعليمات المفوضية العليا للانتخابات، لمنح الناخبين الفرصة الكافية لتقرير من ينتخبون بروية.


واعدت المفوضية، بالتعاون مع "المجلس الوطني الانتقالي"، خطتها الامنية لتأمين العملية الانتخابية (الاقتراع والفرز واعلان النتائج). اذ اعلن المجلس الخميس حال الطوارئ الى حين الانتهاء من اعلان النتائج، فيما وزعت وزارة الداخلية نحو 40 الفا من رجال الأمن على مراكز الاقتراع، وعززتها وزارة الدفاع بـ 13 الفا من افراد الجيش للدعم. وتوافد على المدن الليبية مراقبون من الامم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الافريقية وعدد من الهيئات والمنظمات غير الحكومية الدولية المتخصصة والمعنية بمراقبة شفافية الانتخابات ونزاهتها، الى جانب مثيلاتها من منظمات المجتمع المدني المحلية.


كما تقاطر اعلاميون وصحافيون من وسائل الاعلام العربية والعالمية لتغطية الانتخابات.

تركيز على بنغازي

وتحظى مدينة بنغازي في شمال شرق البلاد باهتمام خاص، لكونها مفجرة الثورة على النظام السابق من جهة، ولبروز مخاوف لدى سكان المدينة والدولة من امكان لجوء دعاة الفيديرالية الى تخريب العملية الانتخابية.


ولا يخفي مدير اذاعة "المنارة" المحلية في بنغازي محمد لطيوش، في تصريح لـ"النهار"، "جدية" هذه المخاوف. وهو يقول عن هذه الجماعة، التي يقودها احمد صبيح السنوسي، وهو من الاسرة الملكية التي حكمت البلاد قبل مجيء القذافي، على قلة مؤيديها وبروز تيار عريض في بنغازي ضدها، ان اشكالية انتشار السلاح بعد الثورة تعظم المخاوف من ان يسعى هؤلاء إلى تعطيلها، خصوصا انهم اعلنوا انهم ضد هذه الانتخابات.


وقد اعتدوا اكثر من مرة على مركز المفوضية في المدينة اخيرا، مما دعا "المجلس الوطني الانتقالي" الى التحذير من التعرض للانتخابات تحت طائلة الرد القاسي.


الى ذلك، يلفت لطيوش الى ان بنغازي، على رغم هيمنة القبلية في ارجاء البلاد واحتمال ان يكون لها تأثير في التصويت، قد حيدت القبلية الى حد بعيد في انتخابات المجلس المحلي الاخيرة، في نيسان، وانتخب سكانها "الاصلح والانظف". وهذا الامر حدث بنسب متفاوتة في اكثر من مدينة.
فهل تتكرر العملية، وتثبت بنغازي، وغيرها من المدن، انحيازها الى خيار الدولة المدنية الحديثة؟
وقد اقدم مسلحون من انصار الفيديرالية على اقفال مرافئ نفطية، فأججوا المخاوف المتفشية من هشاشة الوضع الامني. فقد توجه عدد منهم مساء الخميس الى مرافئ السدرة ورأس لانوف والهروج والبريقة على طول الساحل الشرقي للبلاد، ليطلبوا من المسؤولين المعنيين فيها بطريقة ودية وقف عملياتها، كما افاد هؤلاء. (النهار)

تابعو الأردن 24 على google news