مؤتمر باريس: زوال الأسد حتمي
أكد المشاركون في مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" -المنعقد في باريس بمشاركة نحو مائة دولة وغياب الصين وروسيا- حتمية زوال نظام الرئيس السوري بشار الأسد وضرورة اتخاذ تدابير بموجب الفصل السابع لحماية المدنيين، بينما طالبت المعارضة السورية المؤتمر باتخاذ قرار بإقامة ممرات آمنة ومناطق حظر جوي.
وفي كلمته الافتتاحية للمؤتمر قال الرئيس الفرنسي إن الأزمة في سوريا باتت تشكل تهديدا للسلام والأمن في العالم. ودعا فرنسوا هولاند المؤتمر إلى تبنّي خمسة التزامات بشأن الوضع في سوريا، وتمنى أن يقوم اجتماع باريس بتسريع البحث عن حل سياسي.
وتتمثل الالتزامات -وفق هولاند- أولا برفض كل أشكال الإفلات من العقاب للجرائم المرتكبة في سوريا ورفعها للعدالة الدولية، وثانيا تطبيق عقوبات اقتصادية ومالية على النظام السوري بشكل حقيقي وفعال، وثالثا تعزيز الدعم للمعارضة الديمقراطية عبر توفير كل الوسائل خاصة وسائل الاتصال، ورابعا تنظيم مساعدة إنسانية فعالة لدعم الشعب السوري، وخامسا الوعد بأن المجتمع الدولي سيساعد الشعب السوري على إعادة إعمار بلده.
كما توجه الرئيس الفرنسي إلى الذين لم يحضروا مؤتمر باريس في إشارة إلى روسيا والصين ولمن يدعمون نظام الأسد على اعتبار أنه يسمح بتجنب الفوضى، بالقول إن الإبقاء على هذا النظام سيؤدي إلى الفوضى وستؤثر على مصالحهم. واعتبر أنّ سقوط نظام الأسد لا مفرّ منه.
من جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن تأسيس باريس لصندوق للطوارئ لمساعدة الشعب السوري داعيا الدول الصديقة للشعب السوري إلى المشاركة فيه. كما دعا فابيوس إلى محاسبة المسؤولين عن "الفظائع" التي ترتكب ضد الشعب السوري. وأكد ضرورة التواصل مع المحكمة الجنائية الدولية في هذه الصدد.
"دفع الثمن"
من ناحيتها دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في كلمتها أمام المؤتمر للرجوع إلى مجلس الأمن لإصدار قرار بشأن العملية الانتقالية في سوريا وفق الفصل السابع.
كما دعت كل دولة مشاركة في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري أن توضّح لروسيا والصين بأنهما ستدفعان ثمنا لإعاقتهما حصول تقدّم في سوريا ودعمهما لنظام الأسد.
أما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ فدعا مؤتمر أصدقاء الشعب السوري للاستمرار في فرض العقوبات وحرمان النظام السوري من المصادر التي يستخدمها لتمويل عمليات قتل السوريين.
وأعلن دعم بريطانيا لصدور قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يشمل بيان جنيف ويعيد الدعوة لتشكيل جهاز انتقالي للسلطة في سوريا، وأعرب عن أمله أن تسمع روسيا والصين صوت الدول المجتمعة في باريس.
سرعة التعامل
ودعا وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى التعامل مع الوضع في سوريا بسرعة حتى لا يستغل النظام السوري الوقت لمزيد من عمليات القتل -حسب قوله- كما دعا إلى ممارسة مزيد من الضغط على النظام السوري وعلى من يدعمونه.
وجدد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله الدعوة لإيجاد حل للأزمة السورية في أسرع وقت ممكن يقوم على أساس سلمي وديمقراطي من أجل سوريا، وألا يكون للأسد أي دور في عملية الانتقال، مشيراً إلى أن عملية الانتقال السياسي في سوريا هي عملية طويلة، ويجب أن تترافق مع عملية انتقال اقتصادي. وطالب بالعمل على استصدار قرار تحت الفصل السابع.
من جانبها دعت مسؤولة العلاقات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إلى تشديد العقوبات على سوريا. ودعت إلى ضرورة تأمين وصول المساعدات إلى المحتاجين في سوريا.
"تصحيح المسار"
بدوره طالب رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني المؤتمر بعدم إصدار بيانات دون نتيجة، مؤكدا أن المطلوب هو وقفة وتصحيح للمسار بالنسبة للموضوع السوري.
وعبر عن استعداد قطر للمساهمة بكل ما يساعد، وطالب المجتمع الدولي بتضافر الجهود للتوصل إلى حل خارج مجلس الأمن إذا استمر الوضع على حاله. وقال في كلمته أمام مؤتمر باريس إنه بالإمكان فعل المزيد خارج مجلس الأمن، مستشهدا بأن المجتمع الدولي سبق له القيام بذلك.
وأكد حمد بن جاسم أن الشعب السوري قال كلمته في رفضه لبقاء النظام الحالي. واعتبر أن أي مسؤول حريص على بلده يجب أن يتنازل عن سلطته، متسائلاً لمصلحة من يجري تدمير سوريا؟
أما نائب وزير الخارجية السعودية عبد العزيز بن عبد الله فطالب بإحالة القضية إلى مجلس الأمن من جديد، وإلزام النظام السوري بالالتزام بخطة المبعوث الدولي العربي المشترك كوفي أنان بموجب الفصل السابع.
من جانبه قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إن اجتماع باريس يجب ألا يتخلف عن الدعم الحقيقي والعملي للشعب السوري. واعتبر أن اجتماع اليوم يجب أن يخلص إلى الاتفاق على خطوات محددة تلتزم بموجبها الدول المشاركة بالعمل على تنفيذ خطة أنان.
ومن المقرر أن يعقد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري القادم في الرباط حيث دعا وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني الجميع للمشاركة في المؤتمر المقبل بالعاصمة المغربية. وسبق مؤتمر باريس مؤتمران لأصدقاء الشعب السوري استضافتهما كل من تونس وإسطنبول.
مطالب المعارضة
واستمع المؤتمر لكلمة من رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا الذي طالب المجتمع الدولي باتخاذ تدابير ضد النظام السوري تحت الفصل السابع لحماية المدنيين والحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين. كما طالب بفرض حظر جوي وفتح ممرات إنسانية آمنة.
وقال إن أي حل للمسألة السورية لا بد أن يبدأ برحيل الأسد، مشيرا إلى أن النظام ينهار ويفقد السيطرة على الأرض.
كما استمع الحضور لكلمة مسجلة من الناشطة في لجان التنسيق المحلية في سوريا رزان زيتونة التي دعت إلى ممارسة كافة أشكال الضغط على النظام وحماية الشعب السوري من العنف الدائر، محذرة من أن الشعب السوري يخسر الثقة بالمجتمع الدولي إذا فشل المؤتمر.
من جانبه دعا الناشط خالد أبو صلاح من مدينة حمص في كلمة أمام المؤتمر إلى فرض حظر جوي ودعم الثوار بالسلاح، وأكد أن الحل العسكري فرض على الثوار ولم يكونوا يريدونه. الجزيرة