2024-09-02 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

عقدة "الرجل الأبيض" في اجتماع وزراء الخارجيّة

عقدة الرجل الأبيض في اجتماع وزراء الخارجيّة
جو 24 : تامر خرمه- مقتل صحافيّ أمريكي على يد تنظيم "داعش" حرّك ضمائر لم يحرّكها استشهاد أكثر من 191 ألف شهيد سوريّ منذ بدء الأزمة، وعشرات آلاف العراقيّين، فالرجل الأبيض يحظى لدى النظام الرسمي العربي بحظوة أكبر من أن يتمنّاها أيّ مواطن !

الآن فقط، وإثر غضبة العمّ سام، استنفر الأردن، والسعوديّة، ومصر، وقطر، والإمارات، لمناقشة سبل التوصّل إلى حلّ سياسي للأزمة السوريّة، من خلال تجاوز الاجتماعات البروتوكوليّة غير المجدية إلى اجتماع يسكن القلق كلّ تفاصيل دوافعه.

أوّلا، أين كانت هذه الدول طوال السنوات الثلاث الماضية، وما الذي فعلته لمنع تسلّل "داعش" واخواتها من مختلف الدول العربيّة إلى سوريّة ؟ وكيف تصدّت لنظام الأسد حين أمعن في قتل شعبه ؟ وما هي الجهات التي قام البعض بتمويلها لحرف مسار الثورة ؟!

أسئلة لا مجال لطرحها كلّها، ولكن هل بدأ النظام الرسمي العربي يستشعر الخطر بعد أن تراوح بين تجاهل دوّامة الدم في سوريّة، وبين إغداق ما يسفك المزيد من الدم ؟! نتمّنى ألاّ يكون الأوان قد فات على ذلك.

وما الذي جدّ الآن غير الموقف الأمريكي ؟ مؤسف كيف يتحرّك صنّاع القرار في المنطقة العربيّة بحسب رياح واشنطن فقط، دون أن يكون لها أيّ حضور حقيقيّ ناجم عن إرادة عربيّة تدافع عن مصالح شعبها.

ليس جديد علينا الانسياق وراء اليانكيز، لكن الفاجعة هذه المرّة في غاية القبح. صحافيّ واحد يحرّك من لم يحركهم استشهاد مئات الآلاف !! ولكن ما هي النتيجة التي يتوقّعها البترودولار ونظام السيسي والأردن الرسمي من اجتماع وزراء الخارجيّة الذي تقرّر الآن ؟

الحلّ السياسي للأزمة السوريّة لا يمكن تحقيقه بذات العقليّة التي تجاهلت أو عمّقت الأزمة. أمّا استشعار الخطر الآن والتخوّف من انعكاسات هذه الأزمة على المنطقة بأسرها، فهو ما لن تستطيع هذه الأنظمة مواجهته بسبب طبيعتها وتركيبتها. البيت الأبيض أصدر قراره، ولكن من يملك القدرة على التنفيذ عليه أن يكون على الأقلّ قد تخطّى اختبارات أقل تعقيداً، كالخروج من أزمته السياسيّة الداخليّة مثلاً.

الخطر الحقيقي لا يقتصر على ما يدور خارج حدود الدول الداعية لاجتماع وزراء خارجيّتها، بل يتمثّل بالنتائج المنطقيّة المتوقّعة للاستبداد الذي تمارسه بعض الأنظمة بحقّ شعوبها. النظر إلى الساحة الداخليّة لأيّة دولة سيكون أكثر فائدة لها من اقتصار النظر إلى ما وراء الحدود. أليست هذه أبجديّات في علم السياسة ؟

ولنفترض جدلاً أنّه لا يوجد ما يهدّد استقرار أيّ من هذه الدول سوى انعكاسات الأزمة السوريّة، ولنخصّ الأردن في حديثنا هنا. رغم هذه النظرة الافتراضيّة، هل حقّاً يمتلك وزير الخارجيّة ناصر جودة –الذي فشل في كثير من الاختبارات- القدرة على التصدّي للخطر القادم ممّا وراء الحدود.. مجرّد تساؤل.

وزارة الخارجيّة عجزت عن الاضطلاع بدور –أو حتّى تبنّي موقف- يليق بالأردن وبعلاقته التاريخيّة بفلسطين منذ بدء العدوان الصهيوني العنصري على شعبنا في غزّة، فهل ستنجح اليوم بالإسهام في وضع "حلّ سياسي" للأزمة السوريّة ؟!

سنقدّر للنظام الرسمي العربي موقفه لو امتلك الجرأة الكافية لإعلان دوافع هذا الاجتماع صراحة، ولكن -بالعربي- اتركوا الدم السوري بعيداً عن هذه اللعبة، دون التحدّث حول دوافع وهميّة حرّكت ضمائر البعض، كالحرص على سوريّة وشعبها، وما إلى ذلك من عبارات لم تعد تعبّر عن معانيها.
تابعو الأردن 24 على google news