ماذا وراء غزة ؟
د. يعقوب ناصر الدين
جو 24 : في الظاهر لاشيء تغير ، الضارب هو الضارب ، والمضروب هو المضروب ، جولة وراء جولة كل عام أو عامين ، من القصف الجوي على غزة ، يتبعه غزو بري ، ودائما هنالك أسباب تقدمها إسرائيل لنفسها وللعالم ، ومبررات لسقوط آلاف الشهداء والجرحى ، ومعظمهم مدنيون يتحولون إلى مجرد أرقام ، وصور ومشاهد تلفزيونية فظيعة ، تثير حفيظة منظمات حقوق الإنسان دون أن تفعل شيئا ، وشفقة الهيئات الإنسانية والخيرية ، التي تبعث المعونات الطبية والغذائية وتستحث التبرعات العينية والمادية .
أما الاتصالات السياسية فهي الجزء المهم في هذه المعادلة ، لأنها هي التي تؤدي إلى وقف القتال ، بناء على مبادرة ما ، يكون المحرك الرئيسي لها هو الحجم الهائل من الضحايا والدمار ، حيث أنشودة الوضع الإنساني تستجلب الأغنيات والقصائد وبيانات الشجب والتنديد ، فالقتال لم يحسم ولا لمرة واحدة بناء على معطيات عسكرية !
ماذا وراء غزة هذه المرة ؟ والقصد من السؤال ليس التلميح إلى مؤامرة ، وإنما التفكير في الظروف التي تعيشها المنطقة ، حيث الجغرافيا السياسية تتغير بصورة عشوائية ، والمقارنة ليست صعبة بين الحدود كما هي على " الأطلس " وبينها على أرض الواقع، وهنا نحن نشير إلى دول رئيسة في هذه المنطقة من العالم ، نشير إلى العراق وسوريا ومصر ولبنان ، وكلها دول كانت ولا تزال في صميم الصراع العربي الإسرائيلي ، رغم كل التحولات والتطورات التي تعيشها حاليا .
في هذه المرة لا يمكن النظر إلى الحرب بتوقيتها وشكلها ومضمونها بأنها حلقة إضافية من حلقات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ولا أرى أي وجاهة في الآراء التي تتحدث عن التواطؤ ، أوالمؤامرة ، ولكنني أرى أن بعض الذين يتصرفون دائما على أنهم لا يخطئون الحسابات ، قد ارتكبوا خطأ فادحا من أول يوم ، فكيف يتصور " من يتصور" أن تفتيت البلاد العربية ، وقتل شعوبها على هذا النحو من الإجرام ، من شأنه أن يحفظ أمن إسرائيل ومصالح الغرب ؟ !
العالم الغربي كان حاضرا بصورة مباشرة في كل ما جرى ويجري على خارطة ما سمي بالربيع العربي ، وإذا كان الاعتقاد بأن الوقت كان مناسبا لضرب غزة بهذه القسوة ، فالحسابات لم تكن دقيقة ، فقد أدى ذلك إلى جعل غزة جزءا من الحالة الأكبر ، ولم يعد ممكنا للعامل الإنساني أن يكون عاملا مهما هذه المرة ، فالطرف الأكثر خسارة من الناحية البشرية والمادية ، يرفض القبول بوقف إطلاق النار وفقا لشروط المعتدي ، وكان هذه المرة أكثر قدرة على ايقاع الخسائر وضرب مناطق استراتيجية في اسرائيل !
الجانب الإسرائيلي يفهم حتما معنى ذلك ، حتى لو لم يعترف بأن حساباته كانت غير صحيحة هذه المرة ، الآن اللعبة كبرت ، واللاعبون يتحركون في عدة اتجاهات دفعة واحدة ، فجزء منها تصارع بين قوى دولية وإقليمية ، وآخر إعادة تشكيل للخارطة الجيوسياسية، وهي عملية تتساوى فيها احتمالات الحرب والسلام في هذه المنطقة التي أصبحت فيها إسرائيل أشبه بأي من دولها ، مهما قيل عن تميزها من حيث القوة العسكرية والمساندة الخارجية ، فمعايير القوة تغيرت ، وشروط اللعبة تغيرت ، وسيكون وراء غزة ما وراءها .
yacoub@meuco.jo
أما الاتصالات السياسية فهي الجزء المهم في هذه المعادلة ، لأنها هي التي تؤدي إلى وقف القتال ، بناء على مبادرة ما ، يكون المحرك الرئيسي لها هو الحجم الهائل من الضحايا والدمار ، حيث أنشودة الوضع الإنساني تستجلب الأغنيات والقصائد وبيانات الشجب والتنديد ، فالقتال لم يحسم ولا لمرة واحدة بناء على معطيات عسكرية !
ماذا وراء غزة هذه المرة ؟ والقصد من السؤال ليس التلميح إلى مؤامرة ، وإنما التفكير في الظروف التي تعيشها المنطقة ، حيث الجغرافيا السياسية تتغير بصورة عشوائية ، والمقارنة ليست صعبة بين الحدود كما هي على " الأطلس " وبينها على أرض الواقع، وهنا نحن نشير إلى دول رئيسة في هذه المنطقة من العالم ، نشير إلى العراق وسوريا ومصر ولبنان ، وكلها دول كانت ولا تزال في صميم الصراع العربي الإسرائيلي ، رغم كل التحولات والتطورات التي تعيشها حاليا .
في هذه المرة لا يمكن النظر إلى الحرب بتوقيتها وشكلها ومضمونها بأنها حلقة إضافية من حلقات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ولا أرى أي وجاهة في الآراء التي تتحدث عن التواطؤ ، أوالمؤامرة ، ولكنني أرى أن بعض الذين يتصرفون دائما على أنهم لا يخطئون الحسابات ، قد ارتكبوا خطأ فادحا من أول يوم ، فكيف يتصور " من يتصور" أن تفتيت البلاد العربية ، وقتل شعوبها على هذا النحو من الإجرام ، من شأنه أن يحفظ أمن إسرائيل ومصالح الغرب ؟ !
العالم الغربي كان حاضرا بصورة مباشرة في كل ما جرى ويجري على خارطة ما سمي بالربيع العربي ، وإذا كان الاعتقاد بأن الوقت كان مناسبا لضرب غزة بهذه القسوة ، فالحسابات لم تكن دقيقة ، فقد أدى ذلك إلى جعل غزة جزءا من الحالة الأكبر ، ولم يعد ممكنا للعامل الإنساني أن يكون عاملا مهما هذه المرة ، فالطرف الأكثر خسارة من الناحية البشرية والمادية ، يرفض القبول بوقف إطلاق النار وفقا لشروط المعتدي ، وكان هذه المرة أكثر قدرة على ايقاع الخسائر وضرب مناطق استراتيجية في اسرائيل !
الجانب الإسرائيلي يفهم حتما معنى ذلك ، حتى لو لم يعترف بأن حساباته كانت غير صحيحة هذه المرة ، الآن اللعبة كبرت ، واللاعبون يتحركون في عدة اتجاهات دفعة واحدة ، فجزء منها تصارع بين قوى دولية وإقليمية ، وآخر إعادة تشكيل للخارطة الجيوسياسية، وهي عملية تتساوى فيها احتمالات الحرب والسلام في هذه المنطقة التي أصبحت فيها إسرائيل أشبه بأي من دولها ، مهما قيل عن تميزها من حيث القوة العسكرية والمساندة الخارجية ، فمعايير القوة تغيرت ، وشروط اللعبة تغيرت ، وسيكون وراء غزة ما وراءها .
yacoub@meuco.jo