2024-12-24 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

600 ألف معاق في الأردن عام 2014

600 ألف معاق في الأردن عام 2014
جو 24 :

تحقيق : فاتن عبيدات - الساعة الثانية ظهرا ، وقع على أرضية باص المدرسة ، يخرج الزبد من فمه ، أصيب بنوبة صرع ،هلع يصيب أقرانه الطلاب ، وخوف يكسو وجوههم ...

تهرع المعلمة لتهدئتهم ، لكن بعضهم لا يتوقف عن الصراخ ، تبدو المعلمة مرتبكة فبعض الأطفال ما يزالون يبكون ، تدير المعلمة ظهرها للجميع ولا تأبه بنداءاتهم ،وتجري الإسعافات الأولية وتنقله إلى أحد المستشفيات الحكومية.

أنه الطالب الأصم « أحمد أبو جلغيف « «يعاني من مرض الصرع ،ومعاناته ليس سوى صورة لمعاناة مئات الطلاب من الصم والبكم في مناطق محافظات المملكة البعيدة عن عمان لقلة المدارس الخاصة بتعليم الصم هناك ،وهو ما يضطر بعضهم للسفر يوميا قرابة 220 كلم ذهابا وايابا رغم أن عددا منهم مصاب بأمراض عديدة بينها «الكلى ،الشلل الدماغي ،زيادة الشحنات الكهربائية ، وأمراض القلب «. فيما يوجد بينهم أطفال لا يتجاوز عمرهم خمس سنوات.

وتشير الاحصاءات الرسمية للصم أن عددهم في البلاد 30 ألف أصم وفقا للتقديرات العالمية بحسب حسين أبو فراش مدير الدراسات والتخطيط المؤسسي للمجلس الأعلى للاشخاص المعاقين .
واللافت أن وزارة التربية والتعليم أنشأت لهم فقط عشر مدارس في مناطق ( عمان ،ماركا ،الرصيفة ،الزرقاء ،اربد ،الكورة ،مادبا ،الطفيلة ،الكرك ،العقبة) ،بينما باقي مناطق المملكة تغيب عنها هذه المدارس ،ويتعلم فيها 800 طالب فقط بحسب مدير إدارة التربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم الدكتور فريد الخطيب ،وهو ما يعني أن قرابة 29 ألف محرمون من التعليم وقد يكون من بينهم صم كبار السن لم يتلقوا التعليم في صغرهم ،بينما يقدر عدد الطلاب الصم في المدارس الخاصة 200 طالب .

والغريب أنه ليس هناك أية دراسات أو إحصاءات عن مصير ما تبقى من المحرومين من التعليم من طائفة الصم ما يعني بقاء نسبة كبيرة منهم دون تأهيل للاندماج في المجتمع لافتقادهم التدريب والتعليم في مراكز خاصة بالصم فيضطر أهاليهم لإدخالهم مراكز شاملة خاصة بالمعاقين ،مما يحرمهم من برامج خاصة بتعليمهم ويضطرون لقضاء ما تبقى من حياتهم كمعاقين

« بلال « فتى في الثانية عشرة من عمره يعاني فقدان السمع والنطق حرم من التعليم والتأهيل منذ الصغر لغياب مدارس الصم في محافظة المفرق حيث يسكن .

والدته زكية عبد الرحمن فقدت الأمل في أن يجد ابنها جهة تتولى رعايته وتعليمه واعداده لمستقبل سيواجهه قريبا دون علم أو عمل أو حتى وسيلة للتواصل مع من حوله .
وتقول « لم تقبل أي مدرسة حكومية ببلال لأنه أصم كما لا توجد مدرسة للصم في المفرق، وكان الحل الوحيد أن ألحقه بمركز حكومي للمعاقين في المدينة ذاتها لا تتوافر فيها وسائل التدريس والتأهيل والتدريب الخاصة بالصم».
مشكلات الصم تتجاوز عادة عدم توافر المدارس في محافظات عدة إلى غياب التخصص في المدارس الموجودة . ويوضح مدير عام مركز رشا للتربية الخاصة الدكتور إسماعيل عبد القادر بأن «القصور في متابعة شؤون المعاقين عموما تتقاسمه وزارة التنمية الاجتماعية والمجلس الاعلى للمعوقين والتربية والتعليم «.
ويشير إلى « عدم وجود المدارس المؤهلة والمجهزة للتعامل مع الطلبة الصم ، وغياب التخصص وضعف التدريب والتأهيل للمعلمين لمعالجة ومتابعة حالات الاعاقة المتنوعة ،و صعوبات المناهج وغياب المتابعة لعملية الدمج مع الأطفال العاديين « .
وبحسبه فإن « وزارة التنمية لا تتبنى الا ذوي الاعاقات الشديدة التي يستحيل علاجها ،وهي : الاعاقات العقلية الشديدة, التأخر اللغوي ,و فقدان السمع بشكل كامل

«جولات يومية لساعات»
وبسبب عدم وجود مدارس خاصة في غالبية مناطق المحافظات حتى أن المدارس الموجودة في بعض المحافظات بعيدة جدا عن مساكن الأطفال الصم ، وهو ما يضطرهم لقطع مسافات طويلة للوصول إلى المدارس في عمان والعودة إلى مناطقهم .
«حسن وزياد وبيان ابو غليون «ثلاثة اشقاء صم من أسرة تتكون من 5 ذكور وثلاث اناث يسكنون في نزهة سحاب التي تبعد عن مدرستهم في عمان 110 كلم .
«كاتبة التحقيق «رافقت الأشقاء الثلاثة في طريق عودتهم من المدرسة إلى البيت ،فاستغرقت الرحلة قرابة ساعة ونصف ، وتقول والدتهم أم حسن « رحلتهم ذهابا وإيابا ثلاث ساعات ،ينطلقون في السادسة صباحا ويعودون الرابعة عصرا , التعب ينال منهم ، يدخلون المنزل مرهقين وينامون مباشرة استعدادا لليوم التالي«.
عائلة الصم الثلاثة تعيش ظروفا قاسية فالأب اقعده المرض والعائلة بأفرادها العشرة تعيش على معونة تبلغ 160 دينارا ،ومع ذلك فهم ككل البشر لديهم أحلام لكن أحلامهم بسيطة .وتقول الأم أن «ولدها زياد في السابعة عشرة من عمره وحلمه امتلاك جهاز حاسوب ليستعين به في تعليمه «.
مشكلة الطلاب الصم أن الجهات الرسمية شبه غائبة عن معاناتهم ، فبعضهم قد يتخلص من اعاقته السمعية لو زرعت له قوقعة أو اقتنى سماعات منذ الصغر . وتقول أم حسن «أدعو الله أن يمتلك ابنائي سماعات غير مرئية لما يعانونه من احراج في سن الشباب « .وتتابع «أتمنى أن يتوفر عمل لحسن وزياد يتناسب مع قدراتهم الادراكية لاعانة الاسرة على مشاق الحياة ودفع للعوز» .
بيان ذات الثلاثة عشرة ربيعا لديها «بقايا سمعية « ،قالت «لكاتبة التحقيق «»أذهب الى المدرسة دون مصروف ،امي لا تمتلك المال ،وأنا واخوتي تعودنا ذلك ،و احيانا كثيرة تقوم المعلمات بشراء « سندويشات « لجميع الطلاب» .
بعد المسافة عن المدارس في عمان هو السبب الرئيس لامتناع بعض الأهالي عن الحاق ابنائهم بها ، فالرحلات المدرسية اليومية تستغرق ساعات لطلبة صغار يعانون أيضا أمراضا أخرى تضاعف معاناتهم .

«بحاجة لصيانة وترميم»
خلال الزيارة لمدارس الامل الثانوية المختلطة للصم والبكم في عمان والتي تخضع لنظام وزارة التربية والتعليم منذ عام 2002 وتضم 133 طالبا من الصف السابع ،وحتى الاول ثانوي ،رصدت «كاتبة التحقيق « كثيرا من الصفوف غير المؤهلة لتعليم للصم وحاجتها للصيانة والترميم» . ويقول أحد الإداريين أن « سقف احدى مدارس المحافظات انهار نظرا لقدم المباني وعدم أهليتها كصفوف دراسية .»
وخلال زيارة «كاتبة التحقيق «لعائلات طلبة مدارس الامل التي تسكن منطقة الفيصلية – الموقر بمرافقة المرشدة الاجتماعية تمام الطراونة ،قالت الطراونة إن «رحلة الطلبة من هذه المنطقة الى المدرسة في عمان والمرور بمنازل الطلبة تستغرق 5 ساعات ذهابا وايابا يوميا ويقطعون مسافة 110 كم في الذهاب مثلها في العودة «.
الصعوبات والمشاق في حياة هؤلاء الطلبة لا تقف عند فقدان السمع والنطق لكن العديد منهم يعانون أمراضا مزمنة أخرى . وتقول الطراونة « أحد طالب عمره 14 عاما يحتاج لغسل منتظم للكلى ولا يزال في الصف الثاني الابتدائي لالتحاقه متأخرا بالمدرسة».
وتضيف أن «طالبا آخر في العاشرة من عمره لا يزال في الصف الثاني أيضا ،وضع الأطباء في جسده « برابيش « ولا يستطيع قضاء حاجته بصورة طبيعية ويتطلب استبدال «الحفاضات له وتغيير ملابسه .
وتبين أن «بعض الطلاب يصاب بنوبات صرع ما يستدعي القيام بالاسعافات الاولية لهم بانفسنا خلال جولة الباص وتهدئة بقية الطلاب لحين استدعاء الاسعاف او الاتصال بالأهل» .
وتشير إلى أن بعض الطلبة في المدرسة يعانون من أمراض القلب والشلل الدماغي والشحنات الكهربائية الزائدة بالاضافة الى فقدان السمع والنطق.
ولدى الاستفسار من عاملين في هذه المدارس علمنا عدم وجود طبيب أو ممرض متخصص في التعامل مع الحالات المماثلة داخل المدرسة ويقتصر الامر على توفير سرير واسعافات أولية أسوة بالمدارس العادية.
في الموقر أم خالد وهي أم لثمانية أبناء خمسة منهم صم يعاني ثلاثة منهم مرض الصرع والرابع يعاني مرض القلب والخامس يعاني زيادة في الشحنات الكهربائية ،ومع ذلك تعيش الأسرة بأكملها ضنك العيش لعدم قدرتها لسد حاجتها من راتب معونة 160 دينارا .
تقول ام خالد «تستغرق رحلة أبنائي اليومية خمس ساعات ما يسبب لهم الارهاق الشديد ،وحاولت دمجهم في المدارس العادية في منطقة الفيصيلية , لكن للاسف لا متابعة من المدرسة لحالته أو للحالات المماثلة مما يصعب من امكانية متابعته للدراسة في منطقتنا».

« زيادة عدد الحافلات»
ويقول مدير ادارة التربية الخاصة في وزارة التربية والتعليم الدكتور فريد الخطيب توفر الوزارة أسطول نقل حديث لنقل الطلبة ، نحتاج احيانا لزيادة عدد الحافلات لارتفاع اعداد الطلبة .
ويضيف أنه في المناطق التي لا يوجد فيها مدارس للصم فإن الوزارة تفتح صفوفا لهم في المدارس العادية ، لكن مشاهدات «كاتبة التحقيق « أثبتت أنه لا وجود لصفوف خاصة بالصم في عدد من المدارس الحكومية.
وتؤكد مديرة مدرسة الأمل ريما شديفات على ضرورة انشاء مدارس خاصة بالصم في جميع المحافظات وبالذات لطلاب المرحلة الالزامية التي لا يوجد في بعضها مدرسة للصم حتى اليوم مثل جرش ومعان والمفرق .

«المراكز خاصة»
وتختلف المراكز الخاصة عن الحكومية بتجهيزاتها وبعدد الطلبة في الغرف الصفية ، لتختلف بالطبع الخدمة المقدمة للطالب الأصم الفقير عن مثيله الثري ،فالغرف الصفية في مركز رشا الخاص مزودة جميعها بكاميرات مراقبة ويوجد طالب واحد في كل صف .
الدكتورة خولة الزبن خبيرة في النطق والتربية الخاصة ونائب مدير المركز فسرت ذلك للتباين في أعمار الاطفال حيث تتراوح من 3- 10 سنوات , ما يستدعي توفير البيئة التعليمية والتربوية المناسبة لكل مرحلة عمرية خاصة مع وجود حالات متعددة من الاعاقة السمعية والتأخر اللغوي .
وتقول الزبن أن بعض الحالات التي تصلنا تكون قابلة للعلاج بعمليات زراعة القوقعة الا أن غياب الوعي لدى بعض الاهالي لطبيعة الاعاقة التي يعاني منها ابناؤهم يحول دون تلقيهم العلاج ومنهم من يستمر في حياته يعاني فقدان السمع رغم أن علاجه كان ممكنا.
تولين تبلغ من العمر خمس سنوات واحدة من بين عشرين طالبا تقريبا انتظموا في صفوف مركز رشا وجميعهم اجروا جراحة زراعة القوقعة فتمكنوا من الاستغناء عن السماعات باستعادتهم القدرة على النطق والسمع .
وتقول تولين والفرحة تعلو وجهها البريء « أستطيع الآن تلاوة القرآن الكريم وقراءة الأناشيد « وأخذت تتلو سورة الناس بكل وضوح وثقة».
نسبة كبيرة من الاطفال تخرجوا من المركز واندمجوا في مدارس تابعة لمديرية التعليم الخاص وحصلوا على معدلات عالية منهم «ليان فضالة «في الصف الثاني حصلت على معدل 98 ,و شهد أيضا اندمجت في احدى المدارس وحصلت على معدل 94 للصف الثاني الابتدائي وكذلك محمد الحاصل على معدل 95 .

«ضعف التأهيل»
في الوقت الذي يحظى فيه طلبة الصم «الأغنياء «بالرعاية والمتابعة وصولا للاندماج المجتمعي في المراكز والمدارس الخاصة، يواجه الطلبة في مدارس حكومية عقبات كثيرة تحول دون متابعة عملية الاندماج في الصفوف بل ترفض العديد من المدارس التحاق هؤلاء الطلبة في صفوفها من الأصل .
معلمة في احدى مدارس الصم والبكم التابعة لوزاراة التربية والتعليم « فضلت عدم ذكر اسمها تنبه لتردي أوضاع التعليم للصم والبكم , مؤكدة ان واقع التعليم لذوي الاعاقات السمعية مؤلم ويحتاج الى كثير من الاهتمام والمتابعة .
وتشير إلى وجود عدد محدود من ذوي الاختصاص بين أعضاء هيئة التدريس . وتوضح أن التخصص في الجامعات عام وهو تربية خاصة ويشمل جميع الاعاقات فهيئة التدريس في هذه الحالة على علم بسيط بلغة الاشارة اما الغالبية العظمى من هيئة التدريس من دارسي التخصصات العادية غير مؤهلة للتعامل مع هذه الفئة من الطلاب .
وتقول «كنت أشرح الدرس للطلبة عموما فيقوم بعض الطلبة ممن لديهم اعاقات سمعية بسيطة ممن يستوعبون الدرس بالشرح لبقية لطلاب بطريقتهم الخاصة وانا بدوري أتعلم هذه الطرق منهم» .
وتضيف إن «الوضع القائم وغياب الوسائل التعليمية الخاصة يجبر على الاعتماد على الطلبة من ذوي الاعاقات السمعية البسيطة كوسيلة التواصل بين المعلم والاعاقة السمعية المتوسطة والشديدة». وتؤكد أن «بعض المعلمات طلبن الانتقال غير مرة لعدم قدرتهن على التواصل مع الطلاب لكن وزارة التربية ترفض «.
وتوضح أن «المراكز المتخصصة للإعاقات السمعية متاحة للطلاب من الأسر ذات الدخل المالي المرتفع , بينما يعاني كثير من طلاب مدارس الصم الحكومية مشكلات مالية واجتماعية وحتى صحية كبيرة تؤثر في العملية التعليمية» .
ريما شديفات تؤكد أن المشكلة في معظم المدارس تتمثل في قلة الكفاءات والمتخصصين في مجال تعليم وتدريب الصم لغياب التخصص بالاصل في الجامعات» .ومن خلال رصد لاداء الطلبة لدينا نسبة لا تتجاوز 1% كل عام تجتاز امتحان الثانوية العامة .
ومن وجهة نظرها فإن المفارقة تتمثل في أن الحكومة الاردنية تنفق مبالغ باهظة جداً لتدريس طالب أصم فتصل كلفة الطالب الواحد سبعة آلاف دينار سنوياً فضلا عن الاعفاء من الرسوم الجامعية بنسبة 90% وتوفير الجامعة لمترجمين وتكاليف اخرى من كتب ومصروف شخصي ،غير أن النتيجة النهائية تتمثل في أن الطالب الاصم يتخرج لا يعرف القراءة والكتابة باللغة العربية .

«معيقات الدمج للطلبة»
في مراحل متقدمة من عملية التأهيل والتدريب للطفل الاصم بعد زراعة القوقعة تبدأ مرحلة أخرى من عملية الدمج مع المجتمع والتي يكون فيها الطفل قادرا على النطق بالتدريب الخاص , وهنا يأتي دور وزارة التربية والتعليم التي يلتحق هؤلاء الطلبة في صفوف مدارسها .
وتعتبر الدكتورة خولة الزبن أن النسبة الأعظم من المدارس في المملكة ان لم يكن جميعها غير مؤهلة لاستقبال الطلبة الصم بعد زراعة القوقعة ، فالطفل يدخل اليها أصما ويتخرج دون تعلم النطق مستمرا بالتخاطب بلغة الإشارة .
ويرجع ذلك بحسب الدكتورة الى محدودية الدعم المالي للكثير من المدارس وعدم توفر مدربين ذوي اختصاص للتعامل مع هؤلاء الطلبة وغياب وسائل التعليم الخاصة بهم , وعدم التمييز في طبيعة الحالة التي تتفاوت من طالب لآخر وقد تتطلب فصل هذه الحالات عن بعضها في الصفوف
وحول الية الدمج المتبعة لدمج الطلاب في المدارس الخاصة توضح الدكتورة الزبن أن معظم هؤلاء الطلبة من المتفوقين يتم تأهيلهم بالمركز ومتابعتهم لاحقا في المدارس ثلاثة أيام اسبوعيا .
بالمقابل تقر مديرة مدرسة الأمل الحكومية ريما شديفات فان عملية دمج الطلبة الصم مع الطلبة العاديين في المدارس عموما غير ناجحة , لعدم تهيئة البيئة المناسبة للدمج وغياب الرقابة والمتابعة في المدارس لينتهي الأمر بتسرب وهروب الطلبة .

«صعوبة المناهج»
ومن أكثر العقبات التي تواجه الطلبة الصم عدم وجود المناهج المتخصصة لهم والتأخر في تعديلها يطيل معاناة الطلاب وفق اراء عاملين بالقطاع , بالاضافة لعدم تخريج الجامعات لمتخصصين في تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة حسب نوع الاعاقة .
تقول شديفات أن المناهج بحاجة للتعديل ليتناسب مع «المصلح الاشاري» لتسهيل ايصال المعلومات , ونأمل ان تتم حوسبة المناهج البصرية اسوة بالطلبة العاديين .
وتضيف : أن البنية المدرسية غير مناسبة للطلبة الصم ولا تراعي نفسية وحاجات الطالب الاصم سواء من بناء او مقاعد , ملاعب , اجهزة حاسوب ومكتبة ...
وتوضح شديفات حتى اليوم لم تعتمد وزارة التربية والتعليم القاموس العربي الاشاري الموحد لغايات توحيد لغة الاشارة بين الاعاقات السمعية , وتقول «يجب ان يطبق القاموس ويصبح المرتكز الوحيد للصم فاختلاف البيئة بين الاعاقات السمعية تجعل لكل فئة من هذه الفئات اشارة خاصة بها فتغير الاشارة قد يغير المعنى بالكامل مما يؤثر على صلب العملية التعليمية , يجب توحيد المرجع بين جميع معلمي مدارس الصم في المملكة من خلال القاموس الاشاري «
ميسم بدر خبيرة لغة اشارة من الاتحاد العربي للصم في الجامعة العربية تقول عدد المترجمين للغة الاشارة في الاردن غير كاف , حتى الموجودين ليس لديهم المهارة او الخبرة الكافية لايصال المعلومة للاصم واغلبهم لا يستطيع ايصال المعلومة للاصم كاملة , للذلك يلجأون للتعبير عن ادراكهم باجتهادات متعددة .
وتضيف أنه بالامكان تأهيل الطلبة الصم وصولا بهم للاعتماد على أنفسهم من خلال تجهيز مكتبة للصم من عمر 3 سنوات بطريقة خاصة فيها معدات بصرية وسمعية بمتابعة مشرفين وخبراء , وتهيئة غرف صفية تتناسب مع قدراتهم الادراكية .
ويفضل ان يكون المعلم للطلبة الصم اصما أيضا لتقوية التواصل بين الطرفين مع وجود مترجم مساعد عند الضرورة , مع أهمية القدرة على قراءة الشفاه مع الاشارة فيصبح استيعاب الطالب اقوى وفهمه للغة العربية وادراكه للاشياء اسرع واعتماده على المترجم اقل .
ويقول الدكتور فريد الخطيب : يدرس الطلبة الملتحقون في برنامج التربية الخاصة بالجامعات الأردنية مواد عامة في التخصص بمعناه الواسع .
ويوضح الخطيب أن المناهج المقررة على الطلبة ذوي الإعاقات السمعية هي ذات المناهج الرسمية المقررة على الطلبة العاديين ، إلا أن الوزارة ارتأت بأن هناك مفردات ومفاهيم يصعب على الطالب الأصم إدراكها كما يدركها الطالب العادي ، فشكلت فريقاً فنياً من المتخصصين بالمناهج لوضع تعديلات مقترحة بما يلبي احتياجات الطلبة ، وتوقع إعادة طباعة المناهج الجديدة العام الدراسي القادم.
وعرض الخطيب لمشكلة احجام كثير من المعلمين من العمل مع فئات التربية الخاصة عموماً ، ولمواجهة المشكلة يتم توفير حوافز لهم للمحافظة على بقائهم للعمل مع هذه الفئة ، بالاضافة إلى التدريب الدائم لهم على آليات العمل والتدريس والتواصل مع الطلبة ،اضافة الى عقد دورات تدريبية في جميع التخصصات .
ويشير لرصد الوزارة لمخصصات مالية تسمح بإعطاء سلف لمديري المدارس لشراء الوسائل التعليمية التي تسهل عملية تنفيذ المنهاج , فضلا عن رصد مخصصات سنوية لتوفير السماعات الطلبة والمعينات السمعية وأجهزة الحاسوب في جميع مدارس الصم .
ويضيف : عملت الوزارة بناء على رغبة ملحة من أهالي الطلبة وأبنائهم على التوسع في تقديم الخدمات التعليمية للصم من صف رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة منذ العام 2000 , قبل ذلك كانت الدراسة متاحة للصف السادس الابتدائي ثم يتحول الى التدريب المهني خارج الوزارة .
وحول المطالبات بتوحيد لغة الاشارة قال يجري حالياً وبالتنسيق مع المجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوقين ومن خلال عقد دورات تدريبية للعمل بالقاموس العربي الموحد والإشارة الأردنية .

«المجلس الأعلى »
حسين ابو فراش مدير الدراسات والتخطيط المؤسسي للمجلس الاعلى للاشخاص المعاقين قال ان معرفة حجم الاعاقة في الاردن وتحديد نسبة انتشارها لا تزال من القضايا غير المتفق عليها , حيث تشير بيانات دائرة الاحصاءات العامة لعام 2004 الى ان نسبة الاعاقة عامة في المملكة تبلغ 1,23% ..
وتشير أن فئة الاردنيين من ذوي الاعاقة بلغ عددهم 60,364 بنسبة 1,18 % اما فئة الاردنيين وغير الاردنيين فبلغ 62,986 بنسبة 1,23 % .
ويضيف ابو فراش نتوقع أن تصل نسبة الاعاقة في الأردن عام 2014 إلى 600 ألف معاق من جميع فئات الاعاقة استنادا على مسوحات تعتمد أحدث الأساليب العالمية (مجموعة واشنطن ) ،لافتا الى أن الاحصائيات الحالية لعدد المعاقين غير دقيقة ،ويقول أجرينا مسحا في الرويشد والظليل وعجلون فكانت النسبة 5 % .
ويشدد على ان النسبة المتوقعة للأردن هي ضمن النسب التي تقدرها منظمة الصحة العالمية في العالم كله وهي 10 % من سكان كل دولة .
ويعلل انخفاض النسبة الحالية إلى 2% مرده لاستخدام اساليب تقليدية في المسوحات . ويشير إلى أنه أطلقنا النظام الوطني لبيانات الاشخاص ذوي الاعاقة بالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية عام 2011 بهدف حصر بيانات الاشخاص ذوي الاعاقة وخصائصهم .
وتابع : في عام 2013 سيكون هناك مسح ميداني تجريبي اولي لمعرفة عدد المعاقين في الاردن وسيتم تدريب كوادر لتطبيق مجموعة واشنطن لاحصاءات الاعاقة وبناء على تلك القوائم سيكون التعداد في عام 2014 جاهزا وتكون النسب متوافقة مع النسب العالمية التي توضح ان نسبة الاعاقة 10% .
في المقابل يؤكد تقرير البنك الدولي حول الاعاقات في دول المنطقة ( الشرق الاوسط وشمال افريقيا ) ان نسبة الاشخاص ذوي الاعاقة في الاردن تصل في ادنى تقدير الى ( 4-5%) من عدد السكان اي ما يعادل (300) الف شخص من ذوي الاعاقة .
وختاما ،إذا كانت التوقعات تشير إلى إمكانية وصول عدد الاعاقات في الأردن عام 2014 إلى 600 ألف معاق ، فالسؤال الملح ،ما هي استعدادات الجانب الرسمي والمدني لتقليل هذه الأرقام المتوقعة في العام المذكور وما بعده .الراي

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير