jo24_banner
jo24_banner

تدمير صورة مجلس النواب في سبيل رفع اسهم سمير الرفاعي

علي السنيد
جو 24 : أثار قانون التقاعد المدني - كما هو متوقع- حساسية الشعب الاردني بكافة اطيافه في قراه ومحافظاته، وتشكلت ممانعة قاسية له في الشارع، واسفر عن تكشف حالة من العداء الشديد باتت تتنامى في الاوساط الشعبية ضد مجلس النواب، وقد خرج الاردنيون عن طورهم في طريقة نقدهم المقذع للنائب الذي بات بمثابة العدو للشعب، وتبدى في حجم الشتائم التي لحقت بالمجلس، وبما يشي بأن الشعب الاردني بات يضيق بالنواب، وربما مرحبا بحل المجلس، وقد تم تدمير هذا العنوان العريض للديمقراطية، وقد احدث المجلس – بسبب التدخلات على عمله- انفصالا حادا في مساره عن الارادة الشعبية، ولم يعد قادرا عن ان يجسدها، وهو الشكل الابرز للهامش الديموقراطي في البلد، والنواب الاصل فيهم انهم وكلاء الشعب الدستوريين، ومحامي القواعد الشعبية التي افرزتهم، ويرتقون في النظم الديمقراطية الى انهم صناع السياسات، والحكومات التي تتولد في البرلمانات، والسلطة الحديثة منبثقة بالضرورة عن صندوق الاقتراع، ولم تعد سلطة التعيين تملك الشرعية، والركن النيابي هو التجسيد الحي للارادة الشعبية.

وفي الاردن ينص الدستور عن ان مجلس النواب هو الشريك الدستوري للملك، وهو يمثل الارادة الشعبية في النظام السياسي المقسم بين الملك والاردنيين، ويتولاه الملك بالتعيين لجانب من السلطات، والشعب يعبر عن نفسه من خلال آلية الانتخاب. والاصل ان النائب هو اخو الشعب، وحصنه الحصين، ومحاميه، والمجسد لارادته، والاقرب الى وجدانه، والركن الذي يلجأ اليه المظلوم، وهو يسعى في قضايا الناس ليلا نهارا، يحمل همومهم الى كافة مؤسسات الدولة، ويوظف وقته وجهده في خدمة اغراضهم، وربما يكد ويشقى وهو يتابع قضايا القاعدة الانتخابية، وينصر اهله، ويوظف قدراته التي اتاحها الدستور في خدمتهم، ويكون مكتبه مفتوحا لهم، وهاتفه يبقيه على تواصل معهم، ولسانه ناطقا بقضاياهم، والمحقق لمصالحهم، وهو فوق ذلك يشرع، ويراقب عملية الحكم. ولا يوجد سلطة في كل النظام السياسي اقرب للشعب من النائب الذي هو صوت الشعب والمعبر عن مصالحه وقضاياه العادلة.

وتحظى مكانة النائب واحترامه في النظام السياسي باجلال شعبي على غرار الديمقراطيات، ولا يكون النائب عامل استفزاز شعبي، وحيث يمثل سقوط مكانته بمثابة انتقاص خطير من هيبة الشعب ومكانته.

ولكن السيناريو اعد بعناية، وكان يهدف في الصميم الى اسقاط عنوان التمثيل الرئيسي للشعب للاضرار بالتوجهات الشعبية المطالبة بالاصلاح والديمقراطية، وقد نفذته الحكومة التي حاصرت النائب باحكام، وكفت يده عن الخدمة العامة، وجعلته قاصرا عن التمثيل، وافضى سيل التدخلات على عمل مجلس النواب الى ابعاده عن نبض الشارع، وكانت قاصمة الظهر بتعمد تركه بطريقة بشعة في مواجهة حالة الغضبة الشعبية على خلفية قانون التقاعد المدني بما يصل حد الغدر، وقد تم التوافق عليه مسبقا مع الفصر، وكانت ورقة الاقتراح التي قدمت في مجلس الامة - بغض النظر عن موقفي الشخصي منها - توافقية بين القصر والمجلسين. الا ان السيناريو اعد بعناية لاخراج الوجه السياسي الاكثر رفضا لدى الشعب الاردني، والذي تسبب بتفجر الربيع الاردني، وهو رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي بطلا يقف الى جانب الشعب، ويتخذ المواقف الشعبية وينحاز الى المصلحة العامة، ويأتي الموقف الملكي انتصار لهذا الانحياز، ويقدم مجلس الشعب قربانا لاعادة تلميع وصيانة صورة رئيس الوزراء السابق الذي لفت الانتباه اليه بكثرة الموائد العامة التي يدعى اليها، وباتت تقام على شرفه في المحافظات، وكأنها تأتي في سياق ايهام الاردنيين بانه الشخصية العامة التي تملك ثقلا شعبيا ، وبما يفضي لاعادة الطلب منه تشكيل الحكومة الاردنية القادمة دون ممانعة شعبية.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير