من هي "شبكة خراسان" التي ضربها التحالف؟
قال الجيش الأميركي، في بيان عن الضربات الجارية في سوريا ضد تنظيم "الدولة الإسلامية"، إن الغارات أدت إلى إلحاق أضرار كبيرة بمواقع "داعش" في مناطق الرقة وديرالزور والحسكة والبوكمال، غير أن الأهم كان الإعلان عن استهداف "شبكة خرسان" التي كشف النقاب عنها وما تحاول القيام به من عمليات ضد الغرب.
وأشار البيان إلى أن الضربات الصاروخية نُفذت عبر سفن حربية أميركية في البحر الأحمر وشمال الخليج، إلى جانب الغارات التي نفذتها طائرات تعمل ضمن القيادة الأميركية الوسطى. وأضاف: "في سياق منفصل، تحركت الولايات المتحدة لإجهاض هجوم كان قيد الإعداد ضد مصالحها والمصالح الغربية عبر شبكة مرتبطة بتنظيم القاعدة تسمى في بعض الأحيان بشبكة خرسان، كانت اتخذت من سوريا ملجأ آمنا لها".
وأضاف البيان أن الشبكة كانت تعمل على "اختبار عبوات ناسفة ومتفجرات وتطوير خطط لهجمات خارجية"، مشددا على أن الولايات المتحدة نفذت بمفردها العملية ضد الشبكة التي أكد البيان أن واشنطن استهدفتها بثمان ضربات عسكرية غرب حلب، ضربت معسكرات تدريب تابعة لها ومراكز للقيادة والسيطرة وصنع المتفجرات والذخائر.
"شبكة خرسان" وأسرارها
بدأ الحديث عن "شبكة خرسان" قبل أيام فقط، من خلال تصريخ مدير جهاز الأمن القومي الأميركي جيمس كلابر الذي أشار إلى أن الشبكة العاملة في سوريا والعراق قد تمثل "تهديدا إضافيا" للأمن الأميركي، وذلك في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لقادة الاستخبارات.
ويعتقد أن الشبكة من تأسيس وقيادة رجل كويتي الجنسية يدعى محسن الفضلي، ويبلغ من العمر 33 سنة، وهو مرتبط منذ فترة مراهقته بتنظيم "القاعدة"، ما سمح له بامتلاك سنوات طويلة من الخبرة الأمنية رغم صغر سنه. أما الهدف الرئيسي للشبكة فهو البحث عن طرق جديدة لاستهداف وضرب الولايات المتحدة وأوروبا.
وقال مصدر أمني في الشرق الأوسط لـ"سي أن أن"، إن الفضلي، وصل إلى سوريا في أبريل 2013، وبدأ يعمل مع "جبهة النصرة" في سوريا، وبعد تسعة أشهر من ذلك الارتباط بينهما بدأت المصادر الأمنية الأميركية تشعر بالقلق من إمكان وجود مخططات لدى الجبهة لاستهداف أميركا.
ولكن بعد ذلك بفترة، أنهت "جبهة النصرة" العلاقة مع الفضلي، وتقول المصادر التي تحدثت لـ"سي أن أن" طالبة عدم ذكر اسمها، إن الجبهة قد تكون قد ارتابت من الفضلي، معتبرة أن لديه ارتباطات مع إيران التي كان ينشط فيها بصفته ممثلا عن التنظيم لديها، أما خططه لاستهداف أميركا فقد كشفها أحد حراسه، والملقب بـ"أبو راما" والذي كان وقع أخيراً في قبضة عناصر تابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وبحسب المصادر، فإن الفضلي كان يحاول استغلال النجاح الذي سجلته داعش في تجنيد العناصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تكرار التجربة وتجنيد عناصر غربية يمكن تدريبها وإعادة إرسالها إلى الغرب من أجل شن عمليات إرهابية، وعاونه على ذلك أحد الوجوه البارزة في الشبكة السعودي عبدالرحمن الجهني الذي وصل معه إلى سوريا، برفقة عدد من العناصر الرفيعة المستوى من "القاعدة" من أجل التحضير لهجمات ضد الغرب.
وتقول المصادر إن الجهني يحتل بدوره منصبا مهما في "القاعدة"، وكان يتولى إدارة شبكة التواصل النقل الخاصة بالتنظيم قبل أن يصبح في وقت لاحق مسؤولا عن جهاز الأمن في القاعدة المكلف بمكافحة التجسس، ووضعت السعودية الجهني على قائمة المطلوبين الـ47 لديها، في حين وضعت الفضلي على قائمة الـ36.
ويقول موقع "السكينة" الذي أسسته السلطات السعودية لمواجهة فكر تنظيم "القاعدة" المتشدد، إن الجهني قد يكون من بين الذين قصدوا أفغانستان والعراق للقتال، وأصدرت منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) في حقه "نشرة حمراء" وهو ينتمي إلى أسرة تقطن المدينة المنورة في السعودية وتضم ثمانية أشقاء، وسبق له أن عمل في السلك العسكري في منطقة تبوك، وكان متزوجاً قبل أن تخلعه زوجته عام 2011، ولديه طفلة.
قلق من ارتباط "شبكة خرسان" بالجزيرة العربية
وتشعر المصادر الأميركية بالقلق حيال إمكان أن يكون بعض عناصر شبكة خرسان قد تلقوا تدريبات على يد إبرهيم العسيري، العقل المدبر لتنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، والذي كاد أن يسقط لمرتين طائرات غربية باستخدام متفجرات غير اعتيادية صممها بنفسه.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي مايك روجرز لـ"سي أن أن"، إن "شبكة خرسان" هي "مجموعة متقدمة من ناشطي القاعدة في الجزيرة العربية" قصدت سوريا من أجل التحضير لعمليات تتضمن إسقاط طائرات مدنية.
ولفت روجرز إلى أن الفضلي عمل في مجال تمويل الهجمات الانتحارية لمصلحة "القاعدة"، وتورط في تمويل هجوم على ناقلة النفط "أم في لامبرغ" في للبحر الأحمر عام 2002، قبالة مدينة تعز اليمنية، كما خطط لهجوم على فندق بالعاصمة اليمنية صنعاء، كان مقصدا لمسؤولين أميركيين.
وحارب الفضلي خلال سنوات المراهقة إلى جانب حركة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" في أفغانستان، ويعتقد أنه كان من بين "قلة مختارة" من عناصر التنظيم الذين علموا مسبقا بهجمات 11 أيلول، ووضعته الولايات المتحدة على قوائم الإرهاب عام 2005، وصدر في حقه حكم غيابي في السعودية.
واختفى الفضلي سنوات عن أعين المخابرات الدولية قبل أن يعود فيظهر في إيران ليصبح الشخصية الأبرز لتنظيم "القاعدة" في إيران ويتولى لاحقا مهمة إرسال عناصر للقتال بسوريا عبر تركيا، مستغلا علاقته بعدد من المتمولين الكويتيين، كما أثبت خبرته الكبيرة في نقل الناشطين عبر من باكستان إلى أوروبا وأميركا الشمالية وسوريا عبر إيران وتركيا.
ولم يتضح سبب مغادرة الفضلي لإيران العام الماضي، ولكن فترة مغادرته تزامنت مع مغادرة شخصيات أخرى على صلة بـ"القاعدة" للأراضي الإيرانية، على رأسها صهر بن لادن، سليمان أبوغيث، في خطوة قد لا تكون حصلت طوعيا من تلك الشخصيات.
(CNN)