jo24_banner
jo24_banner

دم الأردنيين حرام يا أمين عمان

دم الأردنيين حرام يا أمين عمان
جو 24 : تامر خرمه- قديما، كان بعض ولاة الأمصار يمشون بين الجند مرحاً، وكأنّهم يخرقون الأرض أو يبلغون الجبال طولا، يضربون ما شاؤوا من رقاب الناس، ويتاح لهم استباحة البلاد وأهلها بمقدار قربهم من السلطان الذي "يهتّون" بسيف رضاه.

وفي عبارته الشهيرة، التي قال فيها: "إن للشيطان طيفاً، وإن للسلطان سيفاً"، لخّص الحجّاج بن يوسف الثقفي العلاقة الطرديّة بين القرب من الحاكم، وصلاحيّة قطف الرؤوس، حتّى زرعت الأيّام حجّاجاّ صغيراً في نفس كلّ طامح لخطب ودّ الرضا السلطانيّ.

وعلى مرّ العصور، نشأت دول القانون والنظم الأكثر تعقيداً، لتبدأ الظاهرة "الحجّاجيّة" بالانقراض، غير أن ابن الثقفيّ نسي على ما يبدو نسخة مصغّرة منه في نفوس بعض عشّاق المناصب، من أمثال أمين عمان عقل بلتاجي، الذي يظن أن نيله لرضا المرجعيّة العليا يخوّله حرق الساحة الهاشميّة بالغاز!

الدلال الذي تحظى به يا أمين عمّان لا يجعل منك مطلق الإرادة والمشيئة، والنزوع إلى "الهتّ" بسيف السلطان كان زمان. وبصراحة "غيرك كان أشطر"، فقد مرّ على عمّان كثيرون ممّن ظنّوا أنّهم أصحاب امتيازات خارقة، ولسان حالهم اعتاد أن يقول: "يا أرض اشتدّي"، ولكنّهم اختفوا من المشهد السياسي بجرّة قلم، لتشطبهم المدينة تماماً من ذاكرتها.

ما هي "الكارثة" التي اقترفها سوق الجمعة حتّى ينزل به كلّ هذا السخط ؟! أربعة إصابات بين العاملين في السوق وقوّات الدرك، وحالات اختناق تعرّض لها الأطفال والمسنّون إثر استنشاق غاز السموم.. "ميمعة" اجتاحت العاصمة عمّان في استعراض بلتاجي لقواه.. هل كان منظر السوق مؤذيا بما فيه الكفاية لمشاعر عمارات الحريري، حتّى يستحقّ أصحابه كلّ هذا التنكيل ؟!!

ربّما "جرح" منظر السوق مشاعر أصحاب الأيدي الناعمة من سكّان عمّان الغربيّة، وهدّد أحاسيسهم المرهفة كونه جاثم على تخوم جنّتهم.. فهو ليس كسوق "جارا" الذي يجود بالاستبرق والسندس و"الأنتيك" و"الفشخرة-تيك" و"الناس الجنتلمان". ولكن ألم يكن من الممكن تغيير اسم سوق الجمعة إلى شيء من قبيل "فرايدي مول" كيّ يلائم ذوق أهل "الغربيّة" ؟!

في كلّ دول العالم، تفتتح الأسواق الشعبيّة في عطل نهايات الأسبوع، ويتوافد إليها الناس من مختلف الطبقات الاقتصاديّة، ولا يهمّ مكان تواجد هذه الأسواق بين ناطحات السحاب أو معالم "راقية"، ولكن يبدو أن أهالي "الغربيّة" أكثر نعومة وحساسيّة من العامّة في "سانت ميشيل" أو غيرها من مناطق باريس العاديّة، فلا يمكنهم احتمال تواجد مثل هذا "المول" الشعبي على حدود أبراجهم العاجيّة. لذا "اضطرّ" بلتاجي إلى إزالة السوق تماماً، وعدم الاكتفاء بتنظيمه وتطويره بما يخدم الجميع !!

وكأن مشاكل العاصمة عمّان أصبحت مجرّد ذكرى، ولم يبق أمام الأمين سوى "مشكلة" سوق الجمعة ! فعقل بلتاجي أنجز (ما شاء الله، ما شاء الله) الباص السريع، والقطار الأسرع، الذي يربط العاصمة بما حولها، وتمكّن الرجل (سبحان العاطي) من بناء شبكة مواصلات تنقل المواطن حيث يشاء، قبل أن يصل الملك سليمان عرش بلقيس بومضة جنّ.

وكأنّ المواطن لا يغطس في ترعة المجاري كلّما عبر شوارع العاصمة "المزيّنة" بأكوام القمامة عوضاً عن خطوط المشاة. حقّاً قضى بلتاجي على كلّ التجاوزات فيما يتعلّق بالتراخيص التجاريّة وتقدير المسقّفات، فلا تكاد تجد محطّة محروقات واحدة، أو ملهى صاخب، بين المنازل السكنيّة.. انتهى عصر الفوضى، ولم يبق أمامنا سوى التخلّص من البسطات، التي تعبّر عن وجود ظاهرة "غريبة" تدعى بالفقر !

احرقوهم بما تيسّر من قنابل الغاز، فهؤلاء بشر من نوع مختلف، كيف يتواجدون في المناطق الحريريّة.. بل سيكون أفضل لو تمّ اجتثاث عمّان الشرقيّة عن بكرة أبيها. لم لا تقومون بترحيل هؤلاء العامّة إلى جزيرة نائية ؟ أو على الأقلّ يمكنكم بناء سور عزل "أبارتهايد" يبعدهم عن "الجنس الغربي" المخلوق من طينة "سوبر".. أوليس هذا أوحي إليك يا أمين عمان ؟ فأنت لا تنزل سخطك عن هوى !!

الفقراء باقون يا عقل بلتاجي، والتطاول ببنيان المشاريع "الاستثماريّة" في العبدلي وغيرها لا يطمس حقيقة البؤس، ولا يتستّر على فشل الأمانة الذريع في القيام بأبسط واجباتها. البنية التحتيّة المهترئة أحقّ بالاهتمام من التصدّي لبسطات الجمعة يا والي "الأمانة".
تابعو الأردن 24 على google news