اهلا زول
هم هكذا تعودت جباههم على مصارعة الشمس طوال النهار ..وتعودت قلوبهم على تغذية قلوب المحيطين بهم بالحب والإخاء....هم هكذا وفي كل مرة ازورهم فيها اكتشفهم من جديد ...نعم انهم أشقاؤنا السودانيين ..أصحاب الوجوه السمراء والقلوب البيضاء المعطرة بالحب والصفاء.. اقولها وبكل صدق .... رغم صعوبة المكان وحرارة الجو الا ان اهل المكان وصناع الزمان يهونون عليك التعب والعناء بابتسامتهم اللامعة كشروق الشمس ومحياهم العربي الاصيل ......
فالهموم هنالك تستقر على سكوت ... ..فسبحان من خلق الدنيا وزينتها وبهرجها ..وجعل فيها الاسود والابيض من الايام .. والشقي والسعيد والغني والفقير من البشر ... هي الدنيا هكذا ..ولكن ما زال عليها ما يستحق الحياة ...
من قلب الخرطوم وحيث حبات الرمل تتطاير صوب عينيك اين ما اتجهت ..ويضيق الافق امامك وتخر حائرا لا تعرف من اين انت .. ...فدقيقة يتحول بك الطقس من حر الى مطر وبعدها هواء يكاد ان يقتلع الشجر ... وبعدها يعود الحال الى الاصل حيث الحر وما ادراك ما الحر!!!!!
هنا مهجع الصابرين على الحياة شعب جعل من قساوة الحياة وسادة ينام عليها في اي مكان .....نعم انه الحر الشديد الذي ينال منك حتى داخل مسكنك ويعشعش داخل احشائك .. ..دون إستئذان....
أقولها وما زلت مبتسما لان قدري ان اعيش لكي أكتشف الاماكن وما بين السطور وكيف تعيش الشعوب ..... شعوب نهبت خيراتها واستبيحت مقدراتها واصبح حالها كحال اهل الكهف تقلبهم الايام والسنين وهم في مكانهم جاثمين...وعلى اوجاعهم صابرين ......
.من هنا من قلب السودان الرافض لكل قساوة الحياة ..لكم احبتي الف سلام ومساؤكم سكر بطعم الوطن الجميل ...نعم اقول كما قال محمود درويش ...
.على هذه الأرض ما يستحق الحياة:
ولكن ماذا بعد من عذاب السنين
وماذا بعد من رائحة الخبزِ..الاربدي... وبزوغ فجر جديد.....
لن اكون منصفا في حقهم اكثر مما قاله شيخ الرحالين ابن بطوطة عن أهل السودان: حيث قال .. «فمن أفعالهم الحسنة قلة الظلم، فهم أبعد الناس عنه، وسلطانهم لا يسامح أحدا في شيء منه، ومنها شمول الأمن في بلادهم، فلا يخاف المسافر فيها ولا المقيم من سارق ولا غاصب، ومنها عدم تعرضهم لمن يموت في بلادهم، ولا يمدون أيديهم عليه حتى لو كان من القناطير المقنطرة، وهم يعتنون بالقرآن، وقد دخلت على القاضي في يوم العيد، ووجدت أولاده مقيدين، فقلت له: ألا تسرحهم؟! فقال: لا أفعل حتى يحفظوا القرآن