الدفاع المدني: نيشان على صدر الوطن، و عماد شامخ من أعمدة أمنه
ملاك العكور- نعمة تحولت إلى نقمة.. هذا أقل ما يمكن أن يقال عن الكوارث التي تسببت بها سوء البنى التحتية والفوقية بعد أول شتوة انتظرناها بفارغ الصبر.
ورغم أن الأمطار من الظواهر الطبيعية التي يتكرر حدوثها في كل عام ومكان ولا حيز جغرافي لها، إلا ان اثارها قد تكون مدمرة في بعض الاحيان والشواهد كثيرة على ساعة مطر قتلت العشرات لسوء في شبكات التصريف.. الأمطار في اليومين الماضيين لم ترقَ بعد إلى درجة الطوفان، ولا حتى اغراق الشوارع، إلا أن فيضان مجاري الصرف الصحي و سوء التصريف تكفل بذلك وكشف عن حجم التقصير الذي وقع في التعاطي مع هذه الأحوال الطبيعية التي أسفرت عن الكثير من الضحايا الأبرياء وممتلكاتهم، وتعطلت حركة السير في المدن.
و لم يلمع في تلك المعاناة سوى اسم الدفاع المدني بدءاً من اسداء النصائح والارشادات التوعوية وتعميمها من خلال وسائل الإعلام المختلفة بهدف رفع الوعي الوقائي والثقافة الوقائية لدى المواطن قبل دخول موسم الشتاء، مروراً بعمليات الانقاذ والاسعاف واطفاء الحرائق الناججمة عن حوادث المدافئ، من خلال مراكزها المنتشرة في أرجاء المملكة، انتهاءً بفتح الطرق و معالجة الآثار الناتجة عن سوء الأحوال الجوية في هذا الفصل على مدار الساعة.
رجال تجلى حبهم للوطن بفعل بينٍ، فساعة الضيق يوقد الحب في قلوبهم و يتحدون به عظام الصعاب، فلما عمّ الممكلة ذلك الغيث الهني، و غارت سيوله على وديانه و هضابه، كالأمواج العاتية، أثبتوا معنى الشجاعة و الاخلاص في العمل، و كانوا أسرع من سناء البرق و أمتان السحاب، فلا يوجد للتواني بينهم مكان، ففضلهم بعد الله علينا في انقاذ الأرواح بعزمهم الذي لا ينثني و ارادتهم التي لا تنكسر.
فضربوا أروع مثال في السرعة و دقة العمل، فقد دأب جهاز الدفاع المدني على أن يكون قادراً على التعامل مع أي حادث بفاعلية وكفاءة وجاهزية وآلية واضحة وراسخة، سواء وجد الشخص المسؤول بعينه أم لم يوجد.
جددت كوادر المديرية العامة للدفاع المدني طوال نهار امس الاثنين التأكيد على فاعلية عملهم وجودة ادائهم، يعملون كآلة واحدة بايقاع منتظم، في حين أثبتت آلات المؤسسات الأخرى تفككها؛ فكل قطعة منها تعمل على حدا، وكل منها مرتبط برأس و ينهار الجسم حال غياب ذلك الرأس.
بالأمس، اكتشف الأردنيون جميعا مدى الترهل والفشل الذي عانت منه طواقم عمل البلديات المختلفة وامانة عمان الكبرى، وسوء الادارة وحرص أصحاب القرار على ايجاد اعذار وتبريرات غير مقبولة وصلت حد قول احدهم "لا تحاسبوني على اخطاء سلفي".. نسي ذلك "الأمين" ان العاصمة غرقت في عهده مرتين..
كوادر الدفاع المدني، كانوا رجالا صدقوا ما عاهدوا عليه، وأثبتوا أن حب الوطن ليس مجرد حكاية، أو كلمات و قصائد تنظم و تقال في أعذب أسلوب، حب الوطن مبدأ، إخلاص و غاية، تبصره العيون و تنبض به القلوب، و تجلى أصيل ذلك الحب في قلوب رجال الدفاع المدني و سما به احساسهم، حبهم الذي لم تنطق به شفة قصيدة و لا تغنت به من قبل الأوزان، عانقوا به الوطن و انعكست نسائمه أفعالا.
