البنوك أحكمت حلقتها.. إدفع يا "صابر" !!
جو 24 : تامر خرمه- عندما ترتفع الأرباح في أيّ قطاع، تتحسّن نوعيّة الخدمة.. أليس كذلك ؟
معادلة بسيطة لا تستوجب الكثير من "التفلسف" أو التحليل، هكذا يبدو لك الأمر من الوهلة الأولى.. ولكن عليك إعادة النظر في هذه المعادلة في حال أردت اختبارها في دولة كالأردن.
دعنا نأخذ على سبيل المثال قطاع البنوك، الذي يعبّر عن وحشيّة رأس المال المالي، فالأرقام تقول أن 13 بنكا حقّقت قفزة في أرباحها بنسبة 10.5% مقارنة بالعالم الماضي، لتبلغ قيمة هذه الأرباح 636 مليون دينار "فقط".
"وين الملايين" قد يتساءل أحدهم عندما تصفعه الفجوة بين الأرباح المحلّقة وضنك الوضع الاقتصادي، وهل رفدت هذه الأرباح خزينة الدولة بذات القدر الذي أسهم فيه المواطن عبر تسديد ما تيسّر من ضرائب ؟! طبعاً سيضحك عليك الجميع في حال نطقت بمثل هذا السؤال.. ولكن لنعد إلى نوعيّة الخدمة التي "طوّرتها" البنوك بعد هذه القفزة الربحيّة.
تعقيدات لا تنتهي، يضعك البنك في دائرتها كلّما رغبت في إجراء معاملة ما، حتى تكاد تختنق.. فوائد تتسابق في ارتفاعها لتبلغ عنان السماء.. وأخيرا وليس آخرا رسوم يتمّ اقتطاعها من راتبك المتواضع شهريّا، هذه الرسوم –كالفوائد- بارتفاع يتناسب طرديّا مع ارتفاع الأرباح التي يحقّقها "بنكك".
للحصول على الخدمة الحسنة عليك أن تكون من كبار المستثمرين، فعندها تفتح لك أبواب الجنّة، وتنال من التسهيلات ما يعجز خيالك عن الوصول إليه، حتى أنّك لا تحتاج إلى تقديم ضمانات مقنعة.. هنا يجري الأمر على نقيض ما اعتاده العميل "العادي".
التسهيلات غير المدروسة يحصل عليها "الكبار" بصرف النظر عن النتائج، فحتّى لو أفلس البنك مثلا، من سيكترث لضياع أموال "صغار" العملاء ؟!
ولكن تخيّل العكس يرعاك الله.. لو تأخّر مواطن "عادي" في تسديد مستحقّات قرض ما، "يا خراب بيته" !! إذا أفلس البنك وأخبرك أن وديعتك "طارت" وأنّك "بحّ" لا تملك أيّ شيء، فعليك التسليم بأمر الواقع والرضا باختبار ربّ العالمين لقوّة إيمانك، ولكن أن تضع نفسك في الطرف الآخر من المعادلة، وتبلغ محصّل الديون بعجزك عن تسديد ما عليك، عندها ستحتاج إلى بيع سروالك والعمل لساعات إضافيّة أمام المسجد الحسيني.
قد يقول أحدهم أن هذه حالة استثنائيّة قلّما تحدث.. طيّب لندع هذا المثال جانباً ونعد إلى الوضع "الطبيعي"، أنت تريد الحصول على قرض بنكيّ لشراء منزل أو سيّارة مثلا، ولكنّك بالطبع لست من "كبار العملاء" راقب حجم التعقيدات التي تلزمك بها إدارة البنك قبل منحك حفنة الدنانير، وانظر إلى تحليق سعر الفائدة الذي يتحدّى كلّ قوانين المنطق والجاذبيّة.
وفي النهاية أنت ملزم بالتعامل مع البنوك، فمنها تحصّل راتبك الشهري لقاء عملك في القطاع الخاص أو ما تبقّى من القطاع العام، وبما أن ثلاثة أرباع هذا الراتب تذهب لتسديد ضرائب وفواتير الدولة، فالدين هو سبيلك الوحد للبقاء، وبعد حصولك على القرض يمكنك التمتّع بسواد ليلك !
البنوك.. الدولة.. القطاع الخاص.. دائرة أحكمت حلقاتها حول المواطن "الصابر" الذي لا يعرف أين المفرّ.. البنك يربح.. وأنت تدفع.. الدولة تخسر.. وأنت أيضا تدفع.. ادفع بالتي هي أحسن، وتجمّل بالصبر يا "صابر".
معادلة بسيطة لا تستوجب الكثير من "التفلسف" أو التحليل، هكذا يبدو لك الأمر من الوهلة الأولى.. ولكن عليك إعادة النظر في هذه المعادلة في حال أردت اختبارها في دولة كالأردن.
دعنا نأخذ على سبيل المثال قطاع البنوك، الذي يعبّر عن وحشيّة رأس المال المالي، فالأرقام تقول أن 13 بنكا حقّقت قفزة في أرباحها بنسبة 10.5% مقارنة بالعالم الماضي، لتبلغ قيمة هذه الأرباح 636 مليون دينار "فقط".
"وين الملايين" قد يتساءل أحدهم عندما تصفعه الفجوة بين الأرباح المحلّقة وضنك الوضع الاقتصادي، وهل رفدت هذه الأرباح خزينة الدولة بذات القدر الذي أسهم فيه المواطن عبر تسديد ما تيسّر من ضرائب ؟! طبعاً سيضحك عليك الجميع في حال نطقت بمثل هذا السؤال.. ولكن لنعد إلى نوعيّة الخدمة التي "طوّرتها" البنوك بعد هذه القفزة الربحيّة.
تعقيدات لا تنتهي، يضعك البنك في دائرتها كلّما رغبت في إجراء معاملة ما، حتى تكاد تختنق.. فوائد تتسابق في ارتفاعها لتبلغ عنان السماء.. وأخيرا وليس آخرا رسوم يتمّ اقتطاعها من راتبك المتواضع شهريّا، هذه الرسوم –كالفوائد- بارتفاع يتناسب طرديّا مع ارتفاع الأرباح التي يحقّقها "بنكك".
للحصول على الخدمة الحسنة عليك أن تكون من كبار المستثمرين، فعندها تفتح لك أبواب الجنّة، وتنال من التسهيلات ما يعجز خيالك عن الوصول إليه، حتى أنّك لا تحتاج إلى تقديم ضمانات مقنعة.. هنا يجري الأمر على نقيض ما اعتاده العميل "العادي".
التسهيلات غير المدروسة يحصل عليها "الكبار" بصرف النظر عن النتائج، فحتّى لو أفلس البنك مثلا، من سيكترث لضياع أموال "صغار" العملاء ؟!
ولكن تخيّل العكس يرعاك الله.. لو تأخّر مواطن "عادي" في تسديد مستحقّات قرض ما، "يا خراب بيته" !! إذا أفلس البنك وأخبرك أن وديعتك "طارت" وأنّك "بحّ" لا تملك أيّ شيء، فعليك التسليم بأمر الواقع والرضا باختبار ربّ العالمين لقوّة إيمانك، ولكن أن تضع نفسك في الطرف الآخر من المعادلة، وتبلغ محصّل الديون بعجزك عن تسديد ما عليك، عندها ستحتاج إلى بيع سروالك والعمل لساعات إضافيّة أمام المسجد الحسيني.
قد يقول أحدهم أن هذه حالة استثنائيّة قلّما تحدث.. طيّب لندع هذا المثال جانباً ونعد إلى الوضع "الطبيعي"، أنت تريد الحصول على قرض بنكيّ لشراء منزل أو سيّارة مثلا، ولكنّك بالطبع لست من "كبار العملاء" راقب حجم التعقيدات التي تلزمك بها إدارة البنك قبل منحك حفنة الدنانير، وانظر إلى تحليق سعر الفائدة الذي يتحدّى كلّ قوانين المنطق والجاذبيّة.
وفي النهاية أنت ملزم بالتعامل مع البنوك، فمنها تحصّل راتبك الشهري لقاء عملك في القطاع الخاص أو ما تبقّى من القطاع العام، وبما أن ثلاثة أرباع هذا الراتب تذهب لتسديد ضرائب وفواتير الدولة، فالدين هو سبيلك الوحد للبقاء، وبعد حصولك على القرض يمكنك التمتّع بسواد ليلك !
البنوك.. الدولة.. القطاع الخاص.. دائرة أحكمت حلقاتها حول المواطن "الصابر" الذي لا يعرف أين المفرّ.. البنك يربح.. وأنت تدفع.. الدولة تخسر.. وأنت أيضا تدفع.. ادفع بالتي هي أحسن، وتجمّل بالصبر يا "صابر".