فيديو - فخّ الانجرار المُعارِض للسلوك الأسدي
جو 24 : ارتقى فيديو كليب "لبلادي" للأختين فايا وريحان يونان، من الفُقر المضموني الى التمظهر البطولي، لِما تلاه من نقاشٍ مُكرَّر. بعضٌ أحبّ المقطع، وابتهج لجُملٍ فيه تلمع بخطاب "السلام" في مرحلةٍ تخطَّت الأسفل. وتراءى لبعضٍ آخر بوقاً رسمياً فَرَض توظيف الصوت وحُسن المظهر لأغراض دعائية تبرِّئ بطش النظام لمجرّد عدم الإشارة إليه. تَجمَع الأختان المقيمتان في السويد منذ عام 2003، مقاطع من أغنياتٍ مطروحة، مُضافاً إليها المُستهلَك من الكلام الرنّان المُناهِض للحرب، المُنظِّر لفتنتها، كأنّ بين المُخاطِب والمُخاطَب، مسافة. صفَّق معجبون للأختين، وأشادوا بمبادرتهما تصدير رؤية مُتبصِّرة في زمن التنكيل والسحل. لم يحمل فحوى الأغنية إشارةً مباشرة الى تأييدٍ أسدي ومباركةً صريحة لأيديولوجية البعث. بيد أنّ أطرافاً تؤيد المعارضة وتتبنّى نهجها، أضفت على العمل حجماً إذ راحت تهاجمه مقوِّضةً "صوت السلام" في منطقه. يطرح جهوز الهجوم سؤالاً عن فارقٍ ما بين سلوكٍ نظامي ينسف رافضيه ويُجهِز عليهم قتلاً وتشريداً وإهانةً، وآخر مُعارِض مستعد لـ"محاربة" كلّ صوتٍ ليس صوته.
الكليب متجاوزاً العادي
تولّد التجاوزات قليلة الاستناد الى قوامٍ عقلي استحضار سؤالٍ عما آلت إليه المعارضة السورية فكرياً بعد نحوٍ من أربع سنواتٍ على الثورة، ومدى تحلّيها برحابة صدرٍ تفرض التمهُّل قبل إفلات المشاعر. المسألة أعمق من كليبٍ يتضارب في شأنه التقويم النقدي، بين مُعجَبٍ برسالته ورافضٍ المغالاة في الوعظ والبساطة. يخدم نقاش الهشّ من الأعمال في إعلائه وجعله ذا قيمة، ويفرض الإفراط في تداوله عبر وسائل التواصل تصييره شأناً. أمكن بنصٍ مقتضب إنهاء مسألة الكليب: لعلّه تركيب جُملٍ على سوء الحال، أشبَه بسباق تلامذة على الفوز بمباراة شعارات. ليس خلْقاً تجميع مقاطع موسيقية غنّتها فيروز، وصبِّها ضمن عملٍ خاص، وإنما ما يُشبه ملء الفراغات وتجميل العادي. وللشابتين حضورٌ جمالي وسماتُ أناقة، أوشكا على شدّ الانتباه الى سوى الرسالة. أحمر الشفاه ساطعٌ يستدعي إعجاباً، ولون العينين لا يستأذن. بعدها، لا كلام كثيراً يُضاف.
غريزية السلوك والموقف، وردّ فايا
لكنّ بعض المعارضين راقه الظهور مُستنفِراً. صنع شيئاً مما كاد أن يقترب من اللاشيء في الفن المحض. تذرَّع المهاجمون بمجاهرة الشابتين في تأييد الأسد، ونسبوا إليهما صوراً توثِّق إعادة انتخابه مع شارة النصر. نحو أربع سنواتٍ من الحراك ضد القمع، وكأنّ بالمعارضين يراوحون مكانهم. يعامِلون خصومهم بشيء من الديكتاتورية الأسدية. ليس من واردٍ أيّ دفاعٍ عن المؤيدين نظاماً يسِم شعبه بالإرهاب ويتمادى بإحراقه. شأنه لا يُضاهَى في الوحشية والتهميش وصوغ الخطاب المُتنكِّر للموتى، فما قد يحوج بعض المعارضين الى استعارة بعض خطاه في الشتم والرفض والأحادية؟ أيّ حدثٍ يستدعي إحراجاً لبُنى يُفتَرض أنها مُتعقِّلة تستوعب العامة المنحازة الى الغريزي في السلوك والموقف؟ يهدر المعارِض المتغاضي عن وظيفته التغييريه، وقتاً في الردّ على كليبٍ عابر. للشابتين الادعاء بالحضّ على السلام، ولهما التلطي خلف وجه ملائكي إذعاناً لضرورات البروباغندا، فما الحال وقد فرضتا استجرار بعض المعارضين الى الفخ، والزج البائس في الخانة المرفوضة؟ نسأل فايا يونان، رداً على ما يجري. لماذا لم تأتِ بإشارة الى آلة القتل الأسدية، وكيف تتلقّف الإدانة السياسية؟ تقول إنّ "العمل واضح له أن يتكلّم على الإنسان والأوطان". تتأسف لـ"بعض محاولات تشويه هدفنا، بيد أنها لم تنجح إذ أنّ العمل وصل الى الأطراف والشرائح، ولقي نجاحاً ليس مُتوقَّعاً". وماذا عن تصنيفكما ضمن أبواق النظام؟ "لا ردّ"، تقول. "عملنا إنسانيّ يتكلَّم على نفسه".
"تصحُّر الثقافة السياسية"
كيف لم يستطع بعض المعارضين الحفاظ على موقع المُنتفح القابل للأخذ والردّ؟ نحمل الى الباحث المعارض سلام كواكبي أسئلة عما قد يوصَف مجازياً بـ"المنطق التكفيري"، وما يكرِّسه بعض المعارضين من سوء اعرافٍ بحق الآخر في الرأي. يجزم بأنّ "الدعوة الى السلام محمودة، وأحدٌ لا يرفضها، بيد أنّ الخطاب الكامن في الكليب عُرضَةٌ للتحليل والنقد". لا يساوي هجوماً ساذجاً ناجماً عن "تصحُّر الثقافة السياسية"، بآخر عميق قوامه التحليل المنطقي. يُعطي الفنان الحق بنشر السلام، شريطة عدم التنصُّل من تحديد المسؤولية. ذلك أنّ الشابتين استبعدتا طرفاً أساسياً في استمرار القتل "لا يحمل رسالة تصالح وسلام"، واصفاً الحال بـ"حوار الطرشان". وُجهة النقد المُعارِض، وفق قوله، تحليل السياق، لا الاستهداف الشخصي. يُقارِب تحوُّل بعض الفنانين أدواتٍ لترويج "صورةٍ غير صادقة"، مستدركاً بالقول لو أنّ النظام مَلَك توفير الحماية لمواطنيه، لأمكن تصديق رسائل السلام المُغنّاة. يُنهي بأنّ تحليل الخطاب فعلٌ نقدي ينسحب على بركان العالم العربي برمّته، منه سوريا. هناك حيث كلّ عملٍ حمَّال أوجه يصعِّبُ البقاء على الحياد.
الكليب متجاوزاً العادي
تولّد التجاوزات قليلة الاستناد الى قوامٍ عقلي استحضار سؤالٍ عما آلت إليه المعارضة السورية فكرياً بعد نحوٍ من أربع سنواتٍ على الثورة، ومدى تحلّيها برحابة صدرٍ تفرض التمهُّل قبل إفلات المشاعر. المسألة أعمق من كليبٍ يتضارب في شأنه التقويم النقدي، بين مُعجَبٍ برسالته ورافضٍ المغالاة في الوعظ والبساطة. يخدم نقاش الهشّ من الأعمال في إعلائه وجعله ذا قيمة، ويفرض الإفراط في تداوله عبر وسائل التواصل تصييره شأناً. أمكن بنصٍ مقتضب إنهاء مسألة الكليب: لعلّه تركيب جُملٍ على سوء الحال، أشبَه بسباق تلامذة على الفوز بمباراة شعارات. ليس خلْقاً تجميع مقاطع موسيقية غنّتها فيروز، وصبِّها ضمن عملٍ خاص، وإنما ما يُشبه ملء الفراغات وتجميل العادي. وللشابتين حضورٌ جمالي وسماتُ أناقة، أوشكا على شدّ الانتباه الى سوى الرسالة. أحمر الشفاه ساطعٌ يستدعي إعجاباً، ولون العينين لا يستأذن. بعدها، لا كلام كثيراً يُضاف.
غريزية السلوك والموقف، وردّ فايا
لكنّ بعض المعارضين راقه الظهور مُستنفِراً. صنع شيئاً مما كاد أن يقترب من اللاشيء في الفن المحض. تذرَّع المهاجمون بمجاهرة الشابتين في تأييد الأسد، ونسبوا إليهما صوراً توثِّق إعادة انتخابه مع شارة النصر. نحو أربع سنواتٍ من الحراك ضد القمع، وكأنّ بالمعارضين يراوحون مكانهم. يعامِلون خصومهم بشيء من الديكتاتورية الأسدية. ليس من واردٍ أيّ دفاعٍ عن المؤيدين نظاماً يسِم شعبه بالإرهاب ويتمادى بإحراقه. شأنه لا يُضاهَى في الوحشية والتهميش وصوغ الخطاب المُتنكِّر للموتى، فما قد يحوج بعض المعارضين الى استعارة بعض خطاه في الشتم والرفض والأحادية؟ أيّ حدثٍ يستدعي إحراجاً لبُنى يُفتَرض أنها مُتعقِّلة تستوعب العامة المنحازة الى الغريزي في السلوك والموقف؟ يهدر المعارِض المتغاضي عن وظيفته التغييريه، وقتاً في الردّ على كليبٍ عابر. للشابتين الادعاء بالحضّ على السلام، ولهما التلطي خلف وجه ملائكي إذعاناً لضرورات البروباغندا، فما الحال وقد فرضتا استجرار بعض المعارضين الى الفخ، والزج البائس في الخانة المرفوضة؟ نسأل فايا يونان، رداً على ما يجري. لماذا لم تأتِ بإشارة الى آلة القتل الأسدية، وكيف تتلقّف الإدانة السياسية؟ تقول إنّ "العمل واضح له أن يتكلّم على الإنسان والأوطان". تتأسف لـ"بعض محاولات تشويه هدفنا، بيد أنها لم تنجح إذ أنّ العمل وصل الى الأطراف والشرائح، ولقي نجاحاً ليس مُتوقَّعاً". وماذا عن تصنيفكما ضمن أبواق النظام؟ "لا ردّ"، تقول. "عملنا إنسانيّ يتكلَّم على نفسه".
"تصحُّر الثقافة السياسية"
كيف لم يستطع بعض المعارضين الحفاظ على موقع المُنتفح القابل للأخذ والردّ؟ نحمل الى الباحث المعارض سلام كواكبي أسئلة عما قد يوصَف مجازياً بـ"المنطق التكفيري"، وما يكرِّسه بعض المعارضين من سوء اعرافٍ بحق الآخر في الرأي. يجزم بأنّ "الدعوة الى السلام محمودة، وأحدٌ لا يرفضها، بيد أنّ الخطاب الكامن في الكليب عُرضَةٌ للتحليل والنقد". لا يساوي هجوماً ساذجاً ناجماً عن "تصحُّر الثقافة السياسية"، بآخر عميق قوامه التحليل المنطقي. يُعطي الفنان الحق بنشر السلام، شريطة عدم التنصُّل من تحديد المسؤولية. ذلك أنّ الشابتين استبعدتا طرفاً أساسياً في استمرار القتل "لا يحمل رسالة تصالح وسلام"، واصفاً الحال بـ"حوار الطرشان". وُجهة النقد المُعارِض، وفق قوله، تحليل السياق، لا الاستهداف الشخصي. يُقارِب تحوُّل بعض الفنانين أدواتٍ لترويج "صورةٍ غير صادقة"، مستدركاً بالقول لو أنّ النظام مَلَك توفير الحماية لمواطنيه، لأمكن تصديق رسائل السلام المُغنّاة. يُنهي بأنّ تحليل الخطاب فعلٌ نقدي ينسحب على بركان العالم العربي برمّته، منه سوريا. هناك حيث كلّ عملٍ حمَّال أوجه يصعِّبُ البقاء على الحياد.