المركز العربي يصدر كتاب "فلاحو سوريا"
جو 24 : صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "فلاحو سوريا: أبناءُ وجهائهم الريفيين الأقل شأنًا وسياساتهم" (704 صفحة من القطع الكبير)، للمؤرخ والباحث الراحل حنا بطاطو (1926-2000)، ويعتبر الكتاب مساهمة تحليلية مركزية لطبيعة السلطة السياسية القائمة في سورية، عن طريق العودة إلى الجذور التاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للفئات المشكّلة لها. بما يشمل تسليط الضوء على الجوانب العقائدية والمذهبية لتلك الفئات.
في هذا الكتاب نجح حنا بطاطو في رسم لوحة شاملة لطبيعة النظام السوري وتركيبته وسياساته، وتناول ذلك كله من جوانب وزوايا غير مسبوقة في الدراسات التي تناولت تاريخ سورية الحديث أو نظام الأسد على وجه الخصوص.
يأتي الكتاب في خمسة وعشرين فصلا، موزعة على أربعة أقسام، إضافة إلى ملحق وقائمة بالمصادر. قدّم بطاطو في القسم الأول (4 فصول) "ظروف الفلاحين الاجتماعية والاقتصادية"، عرضا للشروط الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين بما في ذلك التمايزات في ما بينهم من حيث العقيدة الدينية والملكية والخلفية التاريخية والارتباط بالأرض والاستعداد للقتال، وغير ذلك من التمايزات التي كان لها شأن في تشكيل وعي الفلاحين وسياستهم.
ويطرح المؤلف في القسم الثاني (6 فصول) "أنماط الوعي والتنظيم والسلوك السياسي الفلاحي قبل البعث" عرضا لأنماط وعي الفلاحين وتنظيمهم وسلوكهم السياسي قبل تسلم حزب البعث السلطة في عام 1963، فيعرض الأشكال المبكرة من التنظيم الحرفي للفلاحين، والأفكار الصوفية والمذهبية التي سادت بينهم، وثوراتهم وتمرداتهم على الحكم العثماني وفي فترة الانتداب الفرنسي، ومن ثم أشكال الوعي والتنظيم الحديثة، ويعرض تجربة الحزب العربي الاشتراكي بزعامة أكرم الحوراني بوصفه أول حزب فلاحي حديث منظم، وتجربة الشيوعيين والبعثيين.
وفي القسم الثالث (3 فصول) "البعثيّة في جوانبها الريفية والفلاحية"، ينصبّ الاهتمام على الجوانب الريفية والفلاحية في عقيدة حزب البعث وسياساته، بما في ذلك الأصول الريفية لكثيرين ممن انضموا إليه، وأصبحوا قادته في ما بعد، ويبين انقسام التجربة التاريخية لحزب البعث إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى من البدايات حتى تسلم البعث السلطة في عام 1963، وتمتد بعض خصائصها حتى عام 1966. والمرحلة الثانية، وهي مرحلة انتقالية تمتد بين حركة 23 شباط/فبراير 1966 واستيلاء حافظ الأسد على السلطة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، وتعود بعض خصائص هذه المرحلة إلى عام 1963. أما المرحلة الثالثة فتبدأ باستيلاء حافظ الأسد على السلطة. ويبيّن بطاطو الاختلافات العميقة بين هذه المراحل، ليستنتج أن بعث حافظ الأسد يختلف تماما عن بعث المرحلتين الأولى والثانية، وهو اختلاف يصل إلى حد التناقض أحيانا.
أما الجزء الأكبر من الكتاب، القسم الرابع (12 فصلا) "حافظ الأسد أول حاكم لسورية من أصول فلاحية"، فيتناول مرحلة حافظ الأسد، الذي يعتبره المؤلف أول حاكم لسورية من أصل فلاحي. وفيه يعرض للنظام الذي بناه الأسد ومراحله وأزماته والشخصيات والأجهزة السياسية والعسكرية التي شكلت ركائزه وسياسته الداخلية والإقليمية والدولية. ويحلل بنيته الطائفية والعشائرية والمناطقية، ومستويات السلطة، في السياسة العامة للنظام.
يعتبر هذا الكتاب ذا فائدة جمّة للمعنيين بدراسة النظام الذي بناه حافظ الأسد، وتعتبر العودة إليه مشتملة المراجع والمصادر التي أوردها، ضرورية ولا بد منها لمن يبغي فهم هذا النظام المتميز بطبيعته وبنيته عن غيره من الأنظمة، مهما حمل من عناصر التشابه معها.
في هذا الكتاب واصل حنا بطاطو العمل على نهجه البحثي الذي امتاز به في أبحاثه عن العراق، تلك التي حققت له حضورا وشهرة واسعة في الأوساط الأكاديمية، ويتابع في هذا الكتاب المنهجية نفسها التي اتبعها في كتابه الشهير "الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق"، وذلك من خلال العودة إلى الجذور التاريخية والاجتماعية والسياسية للفئات المشكلة للسلطة السياسية، مع الانشغال بالجوانب العقدية والمذهبية لها.
يضاف إلى ذلك عدم اكتفاء بطاطو بالمصادر المكتوبة والموثقة من كتب وصحف وتقارير وغيرها، بل يذهب أبعد من ذلك، ليلتقي الأشخاص الفعليين الذين كان لهم شأن في الحوادث التي يتناولها، أو الذين كانوا شهودا عليها، أو متأثرين بها، كلقائه فلاحين عاديين ليجمع شهاداتهم في المسائل التي يتناولها، التاريخية منها أو الحديثة التي تؤثر فيهم تأثيرا مباشرا. ثم يعمد إلى مقاطعة المعلومات والروايات المختلفة عن الحوادث لتكوين صورة متكاملة معقدة عن واقع هو ذاته معقد. ويذهب أحيانا إلى مقابلة الأشخاص الذين يرد ذكرهم في مصادر معينة ليطرح عليهم الآراء المختلفة ويقف على رأيهم فيها، ما اقتضى منه كثيرا من السفر في سورية وفي خارجها.
وحنّا بطاطو باحث وأكاديمي بارز، فلسطيني الأصل أميركي الجنسية، شُغل بالتأريخ والبحث الاجتماعي السياسي لعدد من بلدان الشرق الأوسط، خصوصا بالتركيبة الاجتماعية والحركات الثورية في تلك البلدان. ولد في القدس في عام 1926، وعاش فيها حتى عام 1948 حين هاجر إلى الولايات المتحدة، وهناك درس في مدرسة إدموند ويلش في جامعة جورج تاون. وفي عام 1960 حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفرد، وكانت أطروحته بعنوان "الشيخ والفلاح في العراق 1917 - 1958". بعد ذلك انتقل إلى بيروت وعمل أستاذا في الجامعة الأميركية بين عامي 1962 و1982. ثم عاد إلى الولايات المتحدة، ودرّس في جامعة جورج تاون حتى عام 1994. وتوفي في الولايات المتحدة سنة 2000.
في عام 1992، حصل بطاطو على إجازة تفرغ علمي من جامعة جورج تاون للقيام بدراسة عن الفلاحين في سورية ودورهم في السياسة. وقد نشرت الدراسة في عام 1999 باللغة الإنجليزية تحت عنوان "فلاحو سورية: أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأنا وسياساتهم". وهذه النسخة العربية من الكتاب هي إصدار جديد للمركز العربي ضمن سلسلة ترجمان، التي تعنى بتعريف قادة الرأي والنخب التربوية والسياسية والاقتصادية العربية، بالإضافة إلى القارئ المختص وغير المختص، بالإنتاج الفكري الجديد والمهم خارج العالم العربي.
في هذا الكتاب نجح حنا بطاطو في رسم لوحة شاملة لطبيعة النظام السوري وتركيبته وسياساته، وتناول ذلك كله من جوانب وزوايا غير مسبوقة في الدراسات التي تناولت تاريخ سورية الحديث أو نظام الأسد على وجه الخصوص.
يأتي الكتاب في خمسة وعشرين فصلا، موزعة على أربعة أقسام، إضافة إلى ملحق وقائمة بالمصادر. قدّم بطاطو في القسم الأول (4 فصول) "ظروف الفلاحين الاجتماعية والاقتصادية"، عرضا للشروط الاجتماعية والاقتصادية للفلاحين بما في ذلك التمايزات في ما بينهم من حيث العقيدة الدينية والملكية والخلفية التاريخية والارتباط بالأرض والاستعداد للقتال، وغير ذلك من التمايزات التي كان لها شأن في تشكيل وعي الفلاحين وسياستهم.
ويطرح المؤلف في القسم الثاني (6 فصول) "أنماط الوعي والتنظيم والسلوك السياسي الفلاحي قبل البعث" عرضا لأنماط وعي الفلاحين وتنظيمهم وسلوكهم السياسي قبل تسلم حزب البعث السلطة في عام 1963، فيعرض الأشكال المبكرة من التنظيم الحرفي للفلاحين، والأفكار الصوفية والمذهبية التي سادت بينهم، وثوراتهم وتمرداتهم على الحكم العثماني وفي فترة الانتداب الفرنسي، ومن ثم أشكال الوعي والتنظيم الحديثة، ويعرض تجربة الحزب العربي الاشتراكي بزعامة أكرم الحوراني بوصفه أول حزب فلاحي حديث منظم، وتجربة الشيوعيين والبعثيين.
وفي القسم الثالث (3 فصول) "البعثيّة في جوانبها الريفية والفلاحية"، ينصبّ الاهتمام على الجوانب الريفية والفلاحية في عقيدة حزب البعث وسياساته، بما في ذلك الأصول الريفية لكثيرين ممن انضموا إليه، وأصبحوا قادته في ما بعد، ويبين انقسام التجربة التاريخية لحزب البعث إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى من البدايات حتى تسلم البعث السلطة في عام 1963، وتمتد بعض خصائصها حتى عام 1966. والمرحلة الثانية، وهي مرحلة انتقالية تمتد بين حركة 23 شباط/فبراير 1966 واستيلاء حافظ الأسد على السلطة في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1970، وتعود بعض خصائص هذه المرحلة إلى عام 1963. أما المرحلة الثالثة فتبدأ باستيلاء حافظ الأسد على السلطة. ويبيّن بطاطو الاختلافات العميقة بين هذه المراحل، ليستنتج أن بعث حافظ الأسد يختلف تماما عن بعث المرحلتين الأولى والثانية، وهو اختلاف يصل إلى حد التناقض أحيانا.
أما الجزء الأكبر من الكتاب، القسم الرابع (12 فصلا) "حافظ الأسد أول حاكم لسورية من أصول فلاحية"، فيتناول مرحلة حافظ الأسد، الذي يعتبره المؤلف أول حاكم لسورية من أصل فلاحي. وفيه يعرض للنظام الذي بناه الأسد ومراحله وأزماته والشخصيات والأجهزة السياسية والعسكرية التي شكلت ركائزه وسياسته الداخلية والإقليمية والدولية. ويحلل بنيته الطائفية والعشائرية والمناطقية، ومستويات السلطة، في السياسة العامة للنظام.
يعتبر هذا الكتاب ذا فائدة جمّة للمعنيين بدراسة النظام الذي بناه حافظ الأسد، وتعتبر العودة إليه مشتملة المراجع والمصادر التي أوردها، ضرورية ولا بد منها لمن يبغي فهم هذا النظام المتميز بطبيعته وبنيته عن غيره من الأنظمة، مهما حمل من عناصر التشابه معها.
في هذا الكتاب واصل حنا بطاطو العمل على نهجه البحثي الذي امتاز به في أبحاثه عن العراق، تلك التي حققت له حضورا وشهرة واسعة في الأوساط الأكاديمية، ويتابع في هذا الكتاب المنهجية نفسها التي اتبعها في كتابه الشهير "الطبقات الاجتماعية القديمة والحركات الثورية في العراق"، وذلك من خلال العودة إلى الجذور التاريخية والاجتماعية والسياسية للفئات المشكلة للسلطة السياسية، مع الانشغال بالجوانب العقدية والمذهبية لها.
يضاف إلى ذلك عدم اكتفاء بطاطو بالمصادر المكتوبة والموثقة من كتب وصحف وتقارير وغيرها، بل يذهب أبعد من ذلك، ليلتقي الأشخاص الفعليين الذين كان لهم شأن في الحوادث التي يتناولها، أو الذين كانوا شهودا عليها، أو متأثرين بها، كلقائه فلاحين عاديين ليجمع شهاداتهم في المسائل التي يتناولها، التاريخية منها أو الحديثة التي تؤثر فيهم تأثيرا مباشرا. ثم يعمد إلى مقاطعة المعلومات والروايات المختلفة عن الحوادث لتكوين صورة متكاملة معقدة عن واقع هو ذاته معقد. ويذهب أحيانا إلى مقابلة الأشخاص الذين يرد ذكرهم في مصادر معينة ليطرح عليهم الآراء المختلفة ويقف على رأيهم فيها، ما اقتضى منه كثيرا من السفر في سورية وفي خارجها.
وحنّا بطاطو باحث وأكاديمي بارز، فلسطيني الأصل أميركي الجنسية، شُغل بالتأريخ والبحث الاجتماعي السياسي لعدد من بلدان الشرق الأوسط، خصوصا بالتركيبة الاجتماعية والحركات الثورية في تلك البلدان. ولد في القدس في عام 1926، وعاش فيها حتى عام 1948 حين هاجر إلى الولايات المتحدة، وهناك درس في مدرسة إدموند ويلش في جامعة جورج تاون. وفي عام 1960 حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفرد، وكانت أطروحته بعنوان "الشيخ والفلاح في العراق 1917 - 1958". بعد ذلك انتقل إلى بيروت وعمل أستاذا في الجامعة الأميركية بين عامي 1962 و1982. ثم عاد إلى الولايات المتحدة، ودرّس في جامعة جورج تاون حتى عام 1994. وتوفي في الولايات المتحدة سنة 2000.
في عام 1992، حصل بطاطو على إجازة تفرغ علمي من جامعة جورج تاون للقيام بدراسة عن الفلاحين في سورية ودورهم في السياسة. وقد نشرت الدراسة في عام 1999 باللغة الإنجليزية تحت عنوان "فلاحو سورية: أبناء وجهائهم الريفيين الأقل شأنا وسياساتهم". وهذه النسخة العربية من الكتاب هي إصدار جديد للمركز العربي ضمن سلسلة ترجمان، التي تعنى بتعريف قادة الرأي والنخب التربوية والسياسية والاقتصادية العربية، بالإضافة إلى القارئ المختص وغير المختص، بالإنتاج الفكري الجديد والمهم خارج العالم العربي.