2024-11-27 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

مقومات القدرة السورية وبداية الخسارة الجدية

حمادة فراعنة
جو 24 : « إن ما حدث كان مفاجئاً ، وهذا يكشف بالتأكيد بعض التصدعات في النظام السوري ، ولكنني أعتقد أننا يجب ألا نتسرع في الاستنتاج « بهذه الكلمات لخص جلالة الملك موقف عمّان وحصيلة التقييم الأردني للوضع السوري ، كما أوردها جلالته في مقابلته مع سي . إن . إن . عبر برنامج « غرفة الحدث « قبل أيام قليلة ، فالرغبة شيء، والوقائع الحسية شيئاً آخر ، لأن النظام في دمشق ما زال يملك مجموعة من الأوراق ، تمده بأسباب القوة والثبات والأستمرارية ، صمد بسببها طوال أزمة الحراكات الشعبية منذ أن انفجرت في أذار من العام الماضي 2011 ، ولا تزال في أوج إستمراريتها حتى يومنا هذا .

لقد إعتمدت دمشق على ثلاثة عوامل تملكها ، لمواجهة ثورة الربيع العربي بطبعتها السورية ، دفعت الفريق الحاكم كي يختار الحل الأمني العسكري ، كخيار أول ، لمعالجة الاحتجاجات المعارضة لإرث سنوات طويلة من تحكم الفرد والعائلة والطائفة والحزب الواحد .

المعالجة الأمنية لم تخل ُ من معالجات سياسية ومدنية ، شملت تعديل الدستور ، وإلغاء المادة الثامنة التي أعطت حزب البعث ميزة « قيادة المجتمع والدولة « ، وإجراء إنتخابات برلمانية وبلدية وتشكيل حكومة بمشاركة بعض رموز المعارضة المدجنة ، ولكنها جاءت متأخرة ، ولم تترك بصماتها في تغيير المعادلة الداخلية وتوسيع قاعدة المشاركة الجدية وصولاً لإرساء معايير التعددية والديمقراطية وصناديق الاقتراع المفقودة ، بمعنى أوضح لم تكن المعالجات ولا الاصلاحات التي تمت وبادر إليها الرئيس كافية لإسكات أصوات المعارضة وحراكاتها .

وفي مواجهتها للمعارضة إعتمدت دمشق وراهنت على العوامل الثلاثة التالية :

أولاً : على قوة المؤسسة العسكرية والأمنية ، وتماسكها ، وديمومة ولائها للنظام ولرئيسه ، خاصة وأن الأنقسامات التي حدثت بين صفوفه قبل الموجة الأخيرة ، كانت هامشية ، ولم تؤثر على صلب المؤسسة العسكرية وتماسكها .

ثانياً :على توفر عوامل إقليمية مساندة يقف في طليعتها إيران وحزب الله وجزء من النظام العراقي ، وفروا لها روافع داعمة مادية ومعنوية ، وإحساس بالثقة ، لمواجهة خصوم إقليميين ودوليين ، يقفون داعمين إعلامياً ومالياً وسياسيا ، لقوى المعارضة المدنية والعسكرية على السواء .

ثالثاً : على المظلة الروسية الصينية ، التي حالت دون إصدار قرار من مجلس الأمن ، يسمح بالتدخل العسكري ، علناً ومباشرة ، كما حصل في تجربتي العراق وليبيا ، وخلاصة الموقف الروسي أن واشنطن خطفت العراق وليبيا في غفلة من اليقظة الروسية ، ولذلك فإن موسكو ومعها بكين لن تسمحا بتكرار ما جرى في العراق وليبيا ، كي يتكرر في سوريا ، مما وفر للنظام مصدراً قوياً للتصرف بمعزل عن القلق أو الرضوخ للضغوط ، أو الاستجابة للإملاءات ، الأميركية الأوروبية الخليجية .

ولكن على الرغم من إمتلاك دمشق لهذه العوامل الثلاثة الداخلية والأقليمية والدولية ، فقد فشلت في إخماد قوى المعارضة ، أو في إسكات صوت الحراكات أو ردعها ، او تقليص تمددها ، وسواء لدى النظام أو لدى المعارضة ، فالعامل الذاتي هو الأساس ، فإذا توفرت عوامل الإسناد للنظام من إيران وحزب الله وجزء من النظام العراقي ، فإن عوامل الإسناد لقوى المعارضة وللاحتجاجات وللحراكات المدنية والعسكرية ، من قبل الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا والمنظومة الخليجية عبر الضخ الأعلامي والمالي والعسكري والسياسي ، لا تقل أهمية وقوة وتنوعاً عن تلك التي يتلقاها النظام من حلفائه في المنطقة وعلى المستوى الدولي ، وهذا كله ترك أثره وبصماته الداخلية الملموسة ، وأدى إلى توسيع شبكة المعارضة وتوفير الروافع لها ، كي تتمكن ليس فقط من مواصلة نشاطها ، بل كي تكسب إنحيازات نوعية جديدة لصفوفها .

لقد كان هروب طيار الميغ إلى الأردن ، وتبعته سلسلة من عمليات الهروب لكبار الضباط ، والسفير السوري في بغداد هو فاتحة جدية ، ومؤشرات أولية ، على مأزق النظام ، وتصدع لدى مؤسسته العسكرية والأمنية والمدنية والدبلوماسية والحزبية ، وتلاها عملية تفجير مبنى الأمن القومي ، وسقوط رموز عسكرية قوية وبارزة ، بمستوى وزير الدفاع ونائبه ومستشار الرئيس العسكري ومسؤول الأمن القومي ، ليدلل على أن الضربات الموجعة ، وصلت إلى داخل البيت المغلق والمحصن .

فقدان آصف شوكت ، كواحد من ثلاثة أشخاص يقودون المؤسسة العسكرية هم الرئيس بشار وشقيقه ماهر وثالثهم آصف شوكت ، يعكس مدى الخسارة التي مني بها النظام نتيجة هذه العملية التفجيرية ، وبهذا الوضع ، يكون الوضع في سوريا في غاية الحرج ومربكاً ، ووصل إلى درجة لم يعد فيها ممكناً التوصل إلى حلول سياسية واقعية ، على غرار ما حصل في اليمن ، وأن التجربة الليبية هي المرشحة للتكرار ، بكل ما تحمل من خراب لسوريا ، وتدمير للجيش ، وفكفكة للجغرافيا والديمغرافيا السورية ، أسوة ، بل وقد يكون أسوأ مما حصل في العراق من حروب وتطهير طائفي متبادل .

الضربة التي تلقتها « خلية الأزمة « الأمنية ، انعكست مباشرة على الموقف الروسي الذي أعلنته وكالة انترفاكس الروسية الرسمية نقلاً عن مصدر عسكري ودبلوماسي رسمي بقولها « قررت روسيا إرجاء تسليم شحنة المروحيات القتالية إلى سورية حتى عودة الوضع الطبيعي إلى البلاد « وقيّم المصدر الروسي الذي نقلته الإنترفاكس « بأن قرار إرجاء تسليم المروحيات الى سوريا مرتبط بتدهور الوضع العسكري والسياسي في البلاد ، وبالاعتداء الإرهابي الذي قتل وجرح فيه عدد كبير من القادة العسكريين ، وزيادة الأعمال العسكرية للمعارضة « وعليه قررت السلطات الروسية أنها في هذه الظروف « لا تستطيع ضمان تسلم المروحيات بكل أمان « وأن سورية ستتسلم هذه المروحيات وأنظمة الدفاعات الجوية « بعد عودة الوضع إلى طبيعته « .

ضربة خلية الأزمة ، تلتها ضربة أخرى معنوية ومادية من قبل روسيا ، فمتى ستكون الضربة اللاحقة ضد النظام السوري وممن ؟؟.
عن الرأي
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير