قراءة في بيان الأمن والناطق الرسمي باسم الحكومة: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس!
جو 24 : كتب: د موسى برهومة
تصر أجهزة الحكومة والأمن، في كل حادثة ومنعطف، على تزوير الحقائق وتشويهها، ظنا منها أنها بهذه الطريقة تبرر أخطاءها، وتستطيع أن تحجب الحقيقة بغربال تضليلها.
وأخطر ما في الأمر ليس استمرار الكذب، بل دفع الناس إلى فقدان الثقة بخطاب تلك المؤسسات المبني على التزييف والتشويه والفبركات.
بيان الأمن العام زعم أن سبب فضّ اعتصام الدوار الرابع المطالب بالإفراج عن معتقلي أحرار الطفيلة كان "بعد أن تجاوز منظمو الاعتصام القانون، من خلال تعطيل حركة السير في مكان حيوي يؤثرعلى سير الحياة الطبيعية للمواطنين، كما قاموا بالتلفظ بألفاظ نابية تجرح مشاعر المارة وتخدش الحياء العام ، إضافة إلى قيامهم بشتم وتحقير رجال الأمن العام والدرك والأجهزة الأمنية الذين تواجدوا أصلاً لحمايتهم".
كما ادعى البيان "أنه تم ضبط عدد من الأشخاص المشاركين في الاعتصام ممن أثاروا الفوضى وأخلوا بالأمن والنظام وجرى اصطحابهم إلى مديرية الشرطة المختصة لمباشرة التحقيق معهم وإحالة المتجاوزين منهم للقضاء".
وتستطيع "في المرصاد" التي تواجد مراسلوها في المكان منذ بداية الاعتصام حتى ما بعد فضه بقوة لا مثيل لها ومن دون أي مسوغ، أن تؤكد أن الاعتصام:
أولا: لم يعطل السير على الإطلاق، وكانت حركة المرور طبيعية وعادية وبلا أي معوقات.
ثانيا: لم يتلفظ المشاركون بأي عبارات نابية تجاه المارة أو رجال الأمن، فليس من عادة هؤلاء الناشطين، وجُلهم من قادة المجتمع ورموز حركته الوطنية أن يتلفظوا بعبارات خارجة عن المطالب السياسية.
ثالثا: لم يثر أحد من المشاركين في الاعتصام أي فوضى، بل كانوا منظمين ويسعون إلى إيصال رسالتهم السياسية بشكل حضاري وسلمي.
رابعا: الذين أخلّوا بالأمن هم الدرك أنفسهم الذين هاجموا المعتصمين بوحشية، وكانوا يحاولون إلحاق أكبر قدر من الأذى بهم، واعتقال أكبر عدد منهم من دون أي مسوغ.
خامسا: يقول البيان "جرى اصطحاب المعتقلين.." وكأنهم ذاهبون إلى نزهة أو سهرة!! والصحيح أنه جرى ضربهم والتدعيس عليهم، وإهانتهم وتوثيقهم وتوسيعهم ضربا وأذى قبل أن يصلوا إلى صناديق الاحتجاز المعدة مسبقا لهم. وهذا ما وثقته كاميرات الإعلاميين.
سادسا: الاعتصام كان سلميا، واستمرارا للاعتصامات التي خرجت في المملكة منذ خمسة عشر شهرا.
وبعد ساعات من تصريح الأمن العام المليء بالأغاليط خرج علينا وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة راكان المجالي بتصريح امتلأ باتهامات غير مبررة، حيث تحدث عن أن "تغليب الغرائز والعواطف والانفعالات لا يخدم أية مصلحة وطنية، بل يسيء الى كل ما هو مشروع في مطالب الحراكات الشعبية المطلبية منها والسياسية".
فماذا يعني ذلك، وما علاقة الغرائز في الموضوع. أم أن الوزير يريد أن يصفّ كلاما في الهواء، وحسب؟!!
المجالي قال إن "التجاوزات والعبارات اللفظية التي حدثت، في شعارات وهتافات البعض امام رئاسة الوزراء "تتجاوز الأعراف والأصول واللياقات المألوفة في الحراكات الأردنية، التي تلقى الاحترام والحماية من كل مؤسسات الدولة الأردنية جميعها". فما هي تلك الشعارات؟
لعل ما وصل الوزير من تقارير أمنية غير دقيقة هو ما دفعه إلى هذا التصريح المتسرع، فذريعة أن المعتصمين طالبوا بـ"إسقاط النظام" غير صحيحة أبدا، وهذا ليس من ضمن أجندة الحراك الشعبي والسياسي، بل كان الشعار مرتبطا بشكل شرطيّ في حال لحق أبناء الأردن الضيم والظلم والعدوان، ولعل وزير الإعلام (الأديب المثقف والصحافي العريق) يعرف بأدوات الشرط جيدا، لكنّ أدوات الشرطة غلبت أدوات اللغة!!
ومن المهم أن يعلم الوزير أن الاعتصام لم يخرج، كما زعم في تصريحه، عن حدود اللياقة ولم تتم فيه "إطلاق عبارات وألفاظ خارجة عن الأدب". ومن الضروري أن يُنصح الوزير بالتثبّت من مصادره جيدا.
يتحدث المجالي عن "تأزيم المشهد الأردني" فمن الذي يفعل ذلك: الحراك أم أجهزة الحكم؟
ومن الذي يدفع "بعض الحراكات للخروج عن مساراتها الطبيعية واهدافها المشروعة": الحراك أم أجهزة الحكم؟
ومن الذي يحارب "حرية تعبير الناس عن آرائهم ومطالبهم بالطرق السلمية والحضارية المشروعة": الحراك أم أجهزة الحكم؟
كان أوْلى ببيان المجالي ومن قبله بيان الأمن العام أن يعتذرا عن "الجريمة" المخجلة التي ارتكبتها قوات الدرك بحق المعتصمين السلميين واعتقال ما يربو على ثلاثين منهم. ولكنّ يبدو أن سكب الزيت على النار قد أصبح الممارسة المفضلة لدى السلطة، من دون قراءة عميقة لتجارب بلدان استخدمت الحل الأمني، فحاق بها ما حاق..
رحم الله العقل الاستراتيجي للدولة!!
تصر أجهزة الحكومة والأمن، في كل حادثة ومنعطف، على تزوير الحقائق وتشويهها، ظنا منها أنها بهذه الطريقة تبرر أخطاءها، وتستطيع أن تحجب الحقيقة بغربال تضليلها.
وأخطر ما في الأمر ليس استمرار الكذب، بل دفع الناس إلى فقدان الثقة بخطاب تلك المؤسسات المبني على التزييف والتشويه والفبركات.
بيان الأمن العام زعم أن سبب فضّ اعتصام الدوار الرابع المطالب بالإفراج عن معتقلي أحرار الطفيلة كان "بعد أن تجاوز منظمو الاعتصام القانون، من خلال تعطيل حركة السير في مكان حيوي يؤثرعلى سير الحياة الطبيعية للمواطنين، كما قاموا بالتلفظ بألفاظ نابية تجرح مشاعر المارة وتخدش الحياء العام ، إضافة إلى قيامهم بشتم وتحقير رجال الأمن العام والدرك والأجهزة الأمنية الذين تواجدوا أصلاً لحمايتهم".
كما ادعى البيان "أنه تم ضبط عدد من الأشخاص المشاركين في الاعتصام ممن أثاروا الفوضى وأخلوا بالأمن والنظام وجرى اصطحابهم إلى مديرية الشرطة المختصة لمباشرة التحقيق معهم وإحالة المتجاوزين منهم للقضاء".
وتستطيع "في المرصاد" التي تواجد مراسلوها في المكان منذ بداية الاعتصام حتى ما بعد فضه بقوة لا مثيل لها ومن دون أي مسوغ، أن تؤكد أن الاعتصام:
أولا: لم يعطل السير على الإطلاق، وكانت حركة المرور طبيعية وعادية وبلا أي معوقات.
ثانيا: لم يتلفظ المشاركون بأي عبارات نابية تجاه المارة أو رجال الأمن، فليس من عادة هؤلاء الناشطين، وجُلهم من قادة المجتمع ورموز حركته الوطنية أن يتلفظوا بعبارات خارجة عن المطالب السياسية.
ثالثا: لم يثر أحد من المشاركين في الاعتصام أي فوضى، بل كانوا منظمين ويسعون إلى إيصال رسالتهم السياسية بشكل حضاري وسلمي.
رابعا: الذين أخلّوا بالأمن هم الدرك أنفسهم الذين هاجموا المعتصمين بوحشية، وكانوا يحاولون إلحاق أكبر قدر من الأذى بهم، واعتقال أكبر عدد منهم من دون أي مسوغ.
خامسا: يقول البيان "جرى اصطحاب المعتقلين.." وكأنهم ذاهبون إلى نزهة أو سهرة!! والصحيح أنه جرى ضربهم والتدعيس عليهم، وإهانتهم وتوثيقهم وتوسيعهم ضربا وأذى قبل أن يصلوا إلى صناديق الاحتجاز المعدة مسبقا لهم. وهذا ما وثقته كاميرات الإعلاميين.
سادسا: الاعتصام كان سلميا، واستمرارا للاعتصامات التي خرجت في المملكة منذ خمسة عشر شهرا.
وبعد ساعات من تصريح الأمن العام المليء بالأغاليط خرج علينا وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة راكان المجالي بتصريح امتلأ باتهامات غير مبررة، حيث تحدث عن أن "تغليب الغرائز والعواطف والانفعالات لا يخدم أية مصلحة وطنية، بل يسيء الى كل ما هو مشروع في مطالب الحراكات الشعبية المطلبية منها والسياسية".
فماذا يعني ذلك، وما علاقة الغرائز في الموضوع. أم أن الوزير يريد أن يصفّ كلاما في الهواء، وحسب؟!!
المجالي قال إن "التجاوزات والعبارات اللفظية التي حدثت، في شعارات وهتافات البعض امام رئاسة الوزراء "تتجاوز الأعراف والأصول واللياقات المألوفة في الحراكات الأردنية، التي تلقى الاحترام والحماية من كل مؤسسات الدولة الأردنية جميعها". فما هي تلك الشعارات؟
لعل ما وصل الوزير من تقارير أمنية غير دقيقة هو ما دفعه إلى هذا التصريح المتسرع، فذريعة أن المعتصمين طالبوا بـ"إسقاط النظام" غير صحيحة أبدا، وهذا ليس من ضمن أجندة الحراك الشعبي والسياسي، بل كان الشعار مرتبطا بشكل شرطيّ في حال لحق أبناء الأردن الضيم والظلم والعدوان، ولعل وزير الإعلام (الأديب المثقف والصحافي العريق) يعرف بأدوات الشرط جيدا، لكنّ أدوات الشرطة غلبت أدوات اللغة!!
ومن المهم أن يعلم الوزير أن الاعتصام لم يخرج، كما زعم في تصريحه، عن حدود اللياقة ولم تتم فيه "إطلاق عبارات وألفاظ خارجة عن الأدب". ومن الضروري أن يُنصح الوزير بالتثبّت من مصادره جيدا.
يتحدث المجالي عن "تأزيم المشهد الأردني" فمن الذي يفعل ذلك: الحراك أم أجهزة الحكم؟
ومن الذي يدفع "بعض الحراكات للخروج عن مساراتها الطبيعية واهدافها المشروعة": الحراك أم أجهزة الحكم؟
ومن الذي يحارب "حرية تعبير الناس عن آرائهم ومطالبهم بالطرق السلمية والحضارية المشروعة": الحراك أم أجهزة الحكم؟
كان أوْلى ببيان المجالي ومن قبله بيان الأمن العام أن يعتذرا عن "الجريمة" المخجلة التي ارتكبتها قوات الدرك بحق المعتصمين السلميين واعتقال ما يربو على ثلاثين منهم. ولكنّ يبدو أن سكب الزيت على النار قد أصبح الممارسة المفضلة لدى السلطة، من دون قراءة عميقة لتجارب بلدان استخدمت الحل الأمني، فحاق بها ما حاق..
رحم الله العقل الاستراتيجي للدولة!!