فهلا من جهنم قد فررنا؟؟؟؟
لئن كان قدرنا ونصيبنا هذا العام ونحن على ابواب شهر الصيام أن ننال من الشمس وحرارتها الشيء الكثير،ففي دول الخليج مثلا يعد الناس في الصيف عدتهم للهروب منها ومن سمومها ، واهل الفكر والدين يعتبرونها ايام تدبر و تأمل واعتبار نجدها في عجيب صنع الله الذي أتقن كل شيء ، وكل شيء عنده بمقدار.
إن في اشتداد الحر وسخونة الأجواء دليل على ربوبية الله سبحانه وتعالى ، وشاهد على حكمته وحسن تدبيره فهو الذي يقلب الأيام والشهور ، وهو الذي يطوي الأعوام والدهور ، هو الواحد الأحد الفرد الصمد سبحانه وبحمده .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ثم تأمل هذه الحكمة البالغة في الحر والبرد وقيام الحيوان والنبات عليها ، وفكر في دخول أحدهما على الآخر ، بالتدرج والمهلة حتى يبلغ نهايته ، ولو دخل عليه مفاجأة لأضر ذلك بالأبدان وأهلكها وبالنبات ، ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان لما كان ذلك ، وفي كلام له آخر رحمه الله يقول: ثم تأمل بعد ذلك أحوال هذه الشمس في انخفاضها وارتفاعها لإقامة هذه الأزمنة والفصول وما فيها من المصالح والحكم ، إذ لو كان الزمان كله فصلاً واحداً لفاتت مصالح الفصول الباقية فيه ... الخ رحمه الله .
أيها المسلمون : من أين يأتينا الحر ؟ وما مصدر هذه الأجواء الساخنة التي نكتوي بها في هذه الأيام ؟.
إذا كان هذا الحر الشديد الذي يعيقنا عن كثير من الأشياء في مثل هذة الايام ، ويهرب منه الناس وحتى الحيوانات في شتى الاتجاهات إنما هو نفس أذن لجهنم أن تتنفس به ، فكيف بجهنم نفسها، فكيف بمن يعذب فيها ، وكيف حال من هو خالد فيها ؟ نسأل الله العافية والسلامة .
لئن كنت اليوم تتقي الحر ولهيب الشمس بأجهزة التكييف ، والماء البارد ، والسفر إلى المصائف فبأي شيء ستتقي حر جهنم ، وشدة الوقوف ودنو الشمس في عرصات الحساب ؟
تفر من الهجير وتتقيه *** فهلا من جهنم قد فررتا
ولست تطيق أهونها عذابا *** ولو كنت الحديد بها لذبتا
ولا تنكر فإن الأمر جد *** وليس كما حسبت ولا ظننتا