المجالي: لا يمكن تحقيق الإصلاح في ظل تحكم مراكز القوى بصناعة القرار
قال أمين عام حزب الجبهة الأردنية الموحدة امجد المجالي "إن إيجاد أي حل للأزمة يجب أن يبدأ أولا بالاعتراف بوجودها، فالاعتراف هو جزء من الحل، والواقع أننا في الأردن نواجه أزمات أهمها وأكبرها هي أزمة حكم ناجمة عن عوامل كثيرة تشريعية وسياسية واقتصادية واجتماعية".
وأضاف في جلسة حوارية عقدها مركز الشفافية ان الأزمة التشريعية تتمثل في التراجع الكبير في منظومة قوانين الحريات العامة في ظل قانوني الانتخابات التي اجريت بموجبها انتخابات 2007و 2010 استنادا إلى نظام الصوت الواحد، حيث تم التلاعب بنتائج تلك الانتخابات في كلتا المرتين، لافراز مجلسين نيابيين اتسما بضعف أدائهما التشريعي والرقابي.
ونوه إلى ان البرلمان عمد إلى تبرئة كل المسؤولين الذين وردت أسمائهم في لجان التحقيق بالفساد، بالإضافة إلى تمرير قانون انتخاب لا يرقى إلى درجة طموحات الأغلبية الساحقة من الشعب الأردني، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على مصداقية السلطة التشريعية.
وأشار المجالي تفاقم الأزمة السياسية "التي أفرزتها مراكز القوى التي تقف حائلاً أمام أي تحديث وتطوير يؤثر بشكل أو بآخر على مساحة نفوذهم، ومن هذه القوى هي قوى الشد العكسي التي امتهنت النفاق كنهج لها, والتي لا يعنيها في هذا الوطن سوى الحفاظ على مكاسبها ومكانتها والحصول على الألقاب والمال وذلك على حساب الجندي والفلاح والمواطن العادي".
وتابع: "كما ان هنالك مؤسسة قوية متنفذة كانت وما زالت تقوم بدور ايجابي في الوطن، غير أن هذه المؤسسة وبدلاً من أن تكتفي بدورها المهني أخذت توسع من سلطاتها لتسيطر على المؤسسات الحكومية وتملي إرادتها عليها، وكان نتاج هذا التوجه تهميش الحكومات، حيث اثر هذا على ولاية الحكومة فيما يتعلق بالشأنين الداخلي والخارجي، ولهذا شددت بعض الحكومات على المطالبة بالالتزام بالمادة 45/1 من الدستور التي تنص على أن الولاية العامة في الشأنين الداخلي والخارجي هي لمجلس الوزراء".
وزاد: "أما مركز القوة الثالث فهو عبارة عن مجموعة أطلق عليها تسمية مجموعة الليبراليين الجدد، وهي مجموعة هبطت علينا من السماء ونشرت عناصرها في كل المؤسسات.. مجموعة تحمل أجندات غريبة وغير وطنية وخطيرة تسعى من خلالها إلى إضعاف الوطن الأردني من الداخل بآليات مختلفة، من أهمها تهميش الحكومات وتفكيك مؤسسات الدولة ومحاولة التعامل مع الدولة كما نتعامل مع شركة وتحويل الكيان السياسي الأردني إلى كيان اقتصادي، ما يؤكد إن وراء الأكمة ما ورائها ويوحي بأن مهمة الفريق الليبرالي هي تحويل الدولة الأردنية إلى منطقة حرة يتم في إطارها تذويب الهوية الأردنية والهوية الفلسطينية، وغيرهما من الهويات في خدمة واضحة لمصالح بعض الدول الكبرى وأطماع إسرائيل في المنطقة".
واوضح المجالي: "لم يكتف هذا الفريق بالشأن السياسي وحسب فقد سيطر على المال والاقتصاد وتبنى سياسات اقتصادية لا تنسجم والصالح العام كان من أهمها التوسع في الإنفاق العام لتقفز الموازنة إلى ما يتجاوز الـ 6.5 مليار دينار بعد أن لم تكن تتجاوز الـ 2.5 مليار عام ،2004 ،كما اعتمدت سياسية الاستثمار بغرض الاستثمار وسياسة اقتصاد السوق المنفلت وسياسة الخصخصة التي لا سقف لها والتي تم في إطارها بيع حصص كبيرة في الشركات الإستراتيجية إلى الشركات الأجنبية مع بيع الأصول واعتماد سياسات ضريبية مخالفة للدستور تم في إطارها تخفيض ضريبة الدخل على الكبار بحجة إيجاد المناخ الملائم للاستثمار وتحميل عبء الجباية على المواطن خاصة في إطار قانون المبيعات".
ولفت إلى أن هذه السياسات ولدت عجزاً كبيراً في الموازنة تجاوز الـ 3 مليار دينار ومديونية داخلية وخارجية تجاوزت الـ 19 مليار دولار، إن لم تكن أكثر، وكان حصيلة هذه الأوضاع حالة الاحتقان التي كان من أهم إفرازاتها الحراك الشعبي.
وأضاف: "كما أفرزت هذه السياسات أزمات اخرى يواجهها النظام السياسي تتمثل في أزمة ثقة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية ,وأزمة تمثيل ,وأزمة فقدان التعددية السياسية المتوازنة, وانفراد تيار حزبي واحد بالساحة ,ناهيك عن أزمة الفساد وملفاته الكثيرة والكبيرة والتي كان من أهمها ملف الكازينو".
وتابع: "لقد ارتبط هذا الملف بقضية فساد ومخالفات كبرى من أهمها الشرط الجزائي الذي يفرض على جانب واحد فقط -وهو الحكومة- مبلغ مليار دينار في حالة إخلالها بالعقد، وتضمن مخالفات دستورية أخرى، حيث ان أي عقد يرتب على خزينة الدولة أية التزامات مالية هو بحاجة إلى إقرار من السلطة التشريعية بشقيها، وهذا لم يحصل".
وزاد: "كما تضمنت قضية الكازينو مساساً بالسيادة الوطنية، بحيث اعتمدت الاتفاقية قانوني ويلز وانجلترا في حالة الخلاف بين الموقعين على العقد بدلا من أن تعتمد قوانيننا الوطنية وقضائنا الذي نعتز فيه".
ونوه المجالي إلى ملف برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي، "الذي ارتبط بأكبر ملفات الفساد، إذ تم العبث في أغلب موازنة هذا البرنامج والتي بلغت 357 مليون دينار، وتحاول الآن بعض جهات الفساد الضغط على ديوان المحاسبة كي يتم التعامل مع هذا الملف كأمر صرف، ما يعني أن تحويل المبالغ إلى المسؤولين في هذا البرنامج قد تم من قبل مجلس الوزراء، والواقع أن المشكلة تلت أمر الصرف إلى التصرف العبثي بأموال الوطن، والتي كان من ضمنها دعم جمعية تعنى بالقطط، وذلك رغم الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطن، وللأسف فقد تم تقييم البرنامج من قبل نفس الشركة التي خططت له".
وقال: "لا أريد أن ادخل في تفاصيل بيع ميناء العقبة الذي تم بيعة بأقل بكثير من قيمته الحقيقية مما يؤكد أن البيع هو قصة فساد كبيرة".
وحول الإعصار المالي العالمي ومدى تأثيره على الوضع الاقتصادي والمالي في الأردن، أشار المجالي إلى أن "الإعصار المالي العالمي كان له تأثير محدود على الأردن"، لافتا في ذات السياق إلى أن "الأزمة الاقتصادية في الأردن استبقت الإعصار بسنوات، وان اغلب أزمتنا الاقتصادية والمالية مرتبطة بالسياسات التي اعتمدها الفريق الاقتصادي والمالي وحالة الفساد التي استنزفت موجودات الخزينة ومقدرات الوطن".
واكد المجالي أن الحل يبدأ بإحالة ملفات الفساد وأقطابها إلى محاكمات حازمة لدى قضائنا النزيه في ظل قانون جديد تحت عنوان من أين لك هذا؟؟ على أن يكون له أثر رجعي، وان يتم استرداد المال العام، إضافة إلى اعتماد سياسات اقتصادية مختلفة عن نهج الفريق الاقتصادي العابر للحكومات.
وختم بقوله انه "لا يمكن إجراء إصلاحات طالما أن مراكز القوى مازالت تتحكم بمفاصل صنع القرار وان الحل يكمن في تشكيل حكومة إنقاذ وطن".